Alef Logo
يوميات
              

بينَ ليلةٍ وضحاها؟

تمام هنيدي

خاص ألف

2012-11-01

وشوم

يبدو من الأصح أن نقول: بينَ ظلمٍ وثورة، بينَ استبدادٍ وثورة، بينَ إجرامٍ وثورة..
وكل هذا لم يكن حتماً بينَ ليلةٍ وضحاها، كلّ هذا استهلكَ أكثرَ من أربعينَ عاماً، واليوم يخرجُ من يقول: بينَ ليلةٍ وضحاها !
السّوريّ على مدى أربعينَ عاماً وأكثر لم يقرأ، لم يحظَ بثقافةٍ تؤهّلهُ أن يعرفَ معنى الثورة. حتى المفكّرينَ أصحاب المواقف الملتبسة من الثّورة (لا من النظام) لم يكُن للسوريّ أن يقرأهم في مراحلَ كثيرة، لأن خشيةَ السّلطةِ من الفكرةِ على الورق كانت كبيرة، بل أنها على ما يبدو كانت أكبر من خشيتها من جيناتِ الكرامة التي لا تحتاجُ إلى الكثيرِ من التبحّر ليكتشفها المرء، خاصّةً إذا كانَ سوريّاً..!
***
بينَ ليلةٍ وضحاها، جملةٌ استخدمها الكثيرونَ منذُ بدايةِ الثورة السّوريّة، طفَت على السّطح شريحة واسعة من السوريين لتقول: درعا وحرية؟؟ دوما وحرية؟؟ داريا وحرية؟؟ بانياس وحريّة؟؟ إلى آخر المدن والمناطق والبلدات السورية المنتفضة..
ويوماً بعد يوم بدأت هذه الشريحة من المثقفين بمراجعة حساباتها (المصلحية) فمنهم من صمتَ ومنهم من انقلبَ ومنهم من اختفى من الكادر، ثمّ وبعدَ حينٍ، بدأت بعضُ الأصوات تخرج لتنتقدَ أخطاءَ الثورة السورية ومخاطرها (يّذكرُ في إحدى الوثائق الواردة في مذكرات "سلطان باشا الأطرش" القائد العام للثورة السورية الكبرى، أنّه طالبَ الثوّار بإعادةِ الأشياء التي سرقها هؤلاء من الغوطة الشرقية) ومع هذا لم يشوّه تاريخ الثورةِ السورية آنذاك، ولم يتّهمه أحدٌ بما ينالهُ ثوّار هذه الأيام من شتائم على أخطاء الثورة، يتناسى البعض كل هذا (مع إيماننا بأحقية الانتقاد) ويتباكونَ على أخطاءِ الثورة! وكأنّهم في البدايةِ كانوا منخرطينَ في صفوفها ثمّ انكفأوا عنها لكثرة أخطائها !! ويبدأ البكاء على الثورة التي سُرقت من (أيدينا) ولهذه الـــ نا، حكايات لا بدّ أن تُروى يوماً.. ثورتُك؟
السوريّ المنتفض لن يقفَ طويلاً أمام هذه الـــ نا، فمنذُ البدايةِ وهو يقدّم دون حسابٍ للنتائج أو للمستحق. الثائرُ الذي يصرّ على مواجهةِ الموت لم يكن ينتظرُ لقباً، لم يقرأ عن الاستغلال، لم يعرف الرأسمالية ولا كيفَ تستغل عرقَ الشعوب (لعنها الله)، لكنّهُ وبسجيّة منقطعةِ النظير علوّاً، وبجيناتِ الكرامةِ نفسها، عرفَ كيفَ يقدّم وكيفَ يثورُ على المستغل والمجرم والديكتاتور والظالم والمستبد، ويموتُ لتحيا شريحة واسعة تنعم بفضاءٍ أكثرَ حريّة، يؤهلها أن تكتبَ نظريّاتها في الثورة..!
ثورتُك؟ ألم تقل: درعا وحريّة؟؟!! الآن أصبحت ثورتك؟ ألم يكن أهل دوما "لبّاسين الشّحّاطات" كما وصفتهم؟ (للعلم فقط، الثورة السورية الكبرى كانَ اسمُها: ثورة مرقعين العبي)
للأسف يا صديقي أنّ الثورة تأكل أبناءها، منذ البدايةِ، وحينَ ساقَ الغباءُ النظام إلى الاعتقاد بأنّ الثورة ثورة جياع، تساءلت: كيفَ يُمكنُكَ أن تأخذَ علاوةً على راتبِك الشهريّ بسبب مظاهرتين أو ثلاث قام بها أناسٌ اتّهمتهم أنّهم رعاع؟!
ومع ذلك ستأكلُ الثورة أبناءها لتحيا أنت، ولتنظّرَ لثوراتٍ ورقية ربما لا يقرأها أحد.
ستأكلُ أبناءها، وستحظى بحياةٍ أفضل كثيراً من التي عشتها في ظلّ قامعِ الرعاع، وستحظى بكرامةٍ لا تستحقها، وستكذبُ على أولادِك وتحدثهم عن زمنِ الثورة، وقد تتبوأ منصباً يليقُ بك، وتكونُ من مسؤولي دولةِ الثورة، وستلفّق تاريخاً عن الثورةِ التي قمتَ بها، ولكن يجبُ أن تفكّر جيّداً مع نفسِك، وتتأكّدَ، أنّه بينما أنتَ تقومُ بكلّ هذا سيكونُ هناك، في الأماكنِ الأميّة من يحضّرُ لثورةٍ عليك...
بينَ ليلةٍ وضحاها.
****************************************************


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

لو أنّهُ لم يكن كذلك..

19-حزيران-2013

من يوميّات "القذائف المشمسة"

19-شباط-2013

وصايا..

06-كانون الأول-2012

في مراحلِ اتّضاح المصير.

29-تشرين الثاني-2012

نون النّسوة....

22-تشرين الثاني-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow