الكثير من قصص الحب في الثورة السورية لا نعرف عنها شيئاً!
خاص ألف
2012-11-12
لا حمام زاجل في السماء.. هناك طائرات قاتلة.
قلبها عصفور صغير مكسّر الأجنحة، المسافات بعيدة والبلاد مقطّعة الأوصال، الموت وحده حرّ طليق. فرّت عائلتها من ديرالزور المحاصرة من أشهر، المدينة التي دمّر المُغتصب المُحتلّ أكثر من نصفها، غادرت "زهرة" مدينتها التي تركها أكثر من نصف سكانها، وتركت قلبها المٌقسّم هناك!العناوين بقايا بيوت تلتمّ أحجارها على بعضها، المقابر ترتدي زينة الحدائق والشهداء ورود بشريّة تنتظر ختام الربيع لتتفتّح.
لا أخبار عن حبيبها، كل يوم كانت تبحث عن اسمه في لوائح شهداء المدينة، لم يمنعها ترحالها المضنيّ بين المدن والقرى عن التفكير به، كلّما أتاح لها القلق القاتل فرصة لكي تتنفّس. الاتصالات مقطوعة عن المدينة المحاصرة، لم يكتف القاتل بتدمير كل شيء، البيوت على أصحابها، قطع الطرق على الهاربين من موته الرجيم! قنص أيّ إنسان يتحرّك في المدينة، زاد على ذلك بقطع جميع الاتصالات الهاتفيّة عنها، حتى لم يعد أحد في المدينة قادراً على الاطمئنان عن أهله في حيّ مجاور، ناهيك عن من هرب إلى مدينة أخرى. لم تترك "زهرة" وسيلة لم تحاولها لمعرفة أخبار من تحب، رغم الحصار المضروب على المدينة وعلى قلبها، كانت تتقصّى وتسأل بلا فائدة، مازالت هي وقلبها يسألان عنه ويسألاندون توقّف. استشهد الكثير من العشّاق في الثورة ولميعرف أحد بقصصهم ولا بمعاناتهم، في هذه الكارثة الإنسانيّة التي قلّ مثيلها، لا زاجل يحمل رسائل قلوبهم والسماء مطوّبة لطائرات الموت الأسديّة.
عصافير البيوت التي غادر أهلها.
لم يكن فُكاهة ذلك الفيديو الذي نشره أحد ناشطي الثورة من مدينة دير الزور على اليوتوب، الفيديو حمل عنوان: "دير الزور.. حوار رائع مع الطيور"، الكاميرا تصوّر مجموعة من العصافير تزقزق في الأقفاص، الأقفاص في الشارع والناشط يسجل حواراً مع الطيور. الفيدو يختصر مأساة العصافير البيتوتيّة التي بقيت حبيسة في أقفاصها، دون أن يكون هناك من يعتني بها، بعد أن غادر أصحابُها المدينة أو قُتلوا فيها، لم يكن الفيديو يحتوي مأساة هذه الطيور المسالمة فقط، بل كان تعبيراً حقيقيّاً عن معاناة السوريين عامة، وعن المدينة التي هجرها أغلب سكّانها. من الأسئلة العديدة التي طرحها الناشط على الطيور، سؤال هام: "طرح المجلس الوطني مبادرة لتوحيد المعارضة، ما هي مطالبكم من هذه المعارضة؟ وأيّة رسالة التي توجّهونها إليها أيتّها العصافير؟" كنّا نتمنّى من المجلس الوطني وبقيّة المعارضين أن يفهموا محتوى الرسائل التي وجّهتها إليهم مراراً العصافير التي تعبت من أقفاصها،الأطفال المسجّلين على لوائح الموت، والذين لم تعد تتّسعهم خيام دول الجوار، الأمّهات اللواتي نشفت دموعهن، آلاف الشهداء الذين يتقلّبون في حفر مجهولة، ما تبقّى من البيوت، كان عليهم أن يفهموا كل هذه الرسائل الدامية، قبل اليوم ودون ضغوط من أحد.
للحريّة أجنحة، وللسماء زرقة، والأقفاص لا تعيش طويلاً في ذاكرة الطيور.
قال طفل في العاشرة:
أبي مزروع في الأرض هناك
أمّي جناح مهيض في الليل
وفي الصباح
دمعة مخنوقة في العيون
لا خيمة تستر بكاءها
الطعام حُصّة عصفور صغير
والماء ابن غيمة عابرة.
**
نريد خبزاً يا الله
قال أطفال يفترشون العراء
خيمة أريد
قالت طفلة
يأكل نصف كلامها البكاء
بيتنا بعيد والسماء عالية
عظامي زرق ترتجف
والعصافير هاجعة في أعشاشها
لا يفهم حركة أقدامي الحافية الطينُ
وليست رحيمة هذه الريح.
08-أيار-2021
01-شباط-2015 | |
12-كانون الثاني-2015 | |
03-كانون الثاني-2015 | |
29-تشرين الثاني-2014 | |
09-تموز-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |