Alef Logo
يوميات
              

اعتقدتُ في يوم ما أنّني حقيقية !

ناديا خلوف

خاص ألف

2012-11-28

أشعرُ بالغباءِ . بالزيفِ . بأشياءَ مشابهة لكنّها أشدُّ قسوة من كلّ المشاعر المتراكمة في وجداني على مدار حياتي ، أشبهُ الغريقَ في مستنقعٍ آسن ، فإمّا أن أصارعَ من أجل الخروج ، أو أضعُ كلّ الأشياءِ الثمينةِ على رفٍّ عتيق يسكنُ في قبوٍ مظلم .
وقعتُ ضحيّة عمليّة غشٍّ كبيرةٍ . نصبتُ بها على نفسي . فكلّما امتدحني شخص من أجل طريقةِ حياةٍ . تشدّدت بها كي أصبح " مثالية " في نظرهم ، اكتشفت أنّ المثالية هي موقف زائفٌ خاطئ . أصبحتُ بحاجة لمدرسةٍ من أجلِ تعديلِ السّلوك . بحثت عنها بين أمكنة جيراني وربعي . رأيت أنّ كلّ مدارسهم تنتمي بشكلٍ أو بآخر لنظرية الزّيف الرّائجة .
منذ أن رضعتُ من حليب أمي أوّلَ جرعة خوف . بنيتُ لنفسي عالماً خفيّاً مزيّفاً لا ينطقُ إلا بالقيم الرّائجة في السّوق ، بقيمٍ ليستْ موجودة، أو ربما تمرّ على أحلامنا أحياناً دون أن تترك بصماتها على حياتنا . أراقبُ بعضَ الأقوال لبعضِ الأشخاص . أعتقد للحظة أنّه سرق أفكاري القادمة من الوهم عندما كنتُ ضحيّة الزّيف .
ليلي يضجّ بحقيقتي . يصفعني على عبثي. يعريني . أفصح للآه عن كلّ رغباتي المكبوتة ، وأسافرُ إلى مدن المرايا ، وكلّما مررت بمدينة أرى تفاصيلَ جسدي منشورةً على حبال الحقيقة . تعوّدتُ على ذلك . فالليل لي ، والنّهار لزيفي . أسألُ : لماذا أختبئُ في النهارِ ، وأعيشُ في الليلِ الحقيقة كما هي؟

حالةُ غباء على شكلِ وباءٍ قاتل سرتْ بين أبناء جيلي وما تلاهم من أجيال . تصوّرنا أنّنا نسمو بأفكارنا وأحاديثنا ، فإذ بنا نجلسُ بين متاهات الحضيض . وأفكار الظلام . نُغتَصبُ مرّة تلوّ المرّة . نتصوّر الاغتصابَ هوى . نستلمُ مهرنا منه سلاسل من صدأ وترهات . نتمسّكُ بحبال الوهم كي نضفي على صورتنا لون الحياء ، وبياضَ الطّهر الملوّثِ بالدّاء المستفحل . أصبنا بجنون العظمة ، وعندما رأينا أنفسنا منشورين على حبال الحقيقة . حكمتنا عقدة الدّونية .كدت أن أقتلَ بسببها نفسي كي لا أرى نفسي !
منذ دقيقة فقط . اتّخذتُ قراري . أن أكونَ حقيقيّة . يمكنني البدء بالقول: أصبحتِ الكلماتُ التي تكتبُ عن أغلبِ الأشياء لا تجذبني ، وحتى عندما أقرأ عن الثّورة والحرّية. لا أتجاوزُ السّطر الأوّل . . تبدو لي ليس لها طعم . أقلب الصفحة . أصبحتْ الكتاباتُ متخمة بأنا المترفين الذين كانوا سبب زيفنا ، يصنعون اليوم مصدّات للرّيح تحميهم من عواصف الحقيقة القادمة من الحياة ،بينما لم يعدْ لدينا مزيداً من الوقت . الأطفالُ ذبحوا ، والشبابُ قتلوا ، والنّساء اغتصبتْ ، لم يبقَ غيرهم للنّصب والرّفع واعتلاء الوهم . كلما نطقنا بحرفٍ . امتقعتْ وجوههم ، نسألهم : أين الوطن ؟ يستغربون السّؤال . يقدّمون لنا تعريفاً له . لا نفهم منه شيئاً ، وعندما ننظر إلى حقيبة سفرنا . نرى الوطن مختبئاً بها خوفاً منهم . نراه عارياً . يقول : زيّفوني مثلما زيّفوكم .
قلبي مصنوعٌ من الخوفِ ، ومن نوائب الزمان ، وقلوبهم مصنوعة من قبضة من الزيف ، عندما سرت على درب الحبّ . كنت أنتظر عاشقاً يمرّ من أمام قامتي التي اعتقدتها كبيرة . مرّ العشاق . لم يلحظوا حجمي . اضطررتُ أن أعيشَ زيفهم ، وأرتمي بين قطعانهم ، فلم أعرفهم من نفسي . تلعنني الحياة لأنني كنتُ عبداً لهم ،
لكنّني فهمت الدّرس . منذ دقيقة تقريباً . قرّرتُ أن أبتعدَ عنهم . وأدخلُ دورة تأهيل تقرّبني من حقيقتي ، ومن نفسي . . .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow