يولدُ الألمُ قبيل التأوُّه الأول ... ويفقد معناه مع إزمانه ...
وإذا استمر التأوُّه إلى الأبد، يصبحُ الألم طقساً لا يستحق الذِكْر على صفحات الجرائد ...
ولهذا لم أعدْ أقوى على الاستمتاع وأنا أتفرج على هذا الجحيم ...
*******
أعرف "إنساناً" كان يصرُّ، بكل حماقةٍ، على هويته الآدمية ... يفتخر بها ... يحملها معه ... ويخرجها من جيبه، بكل تهذيبٍ، عند الطلب: أفران الخبز، دفن الموتى، مكاتب الإغاثة، مخيمات اللجوء، أقبية النازحين، وعلى الحواجز ...
مات هذا "الإنسان" مؤخراً تحت حوافر البغال ... سَحَلُوه في المدينة، وعلّقوه، مع أمثاله، على نخلةٍ تحمل بَلَحاً مُرّاً ... سيكون عِبْرةً لمن لا يعتبر ...
*******
هل يؤلم احتراق العظام بعد نزع اللحم والأعصاب؟
هل يؤلم تقطيع القلب بعد تكسير الضلوع وتفريغ العروق؟
هل يؤلم جرح الدماغ بعد قطع الرأس وتهشيم الجمجمة؟
لا تندهشوا ... فنحن لا نتحدث عن شاةٍ مذبوحةٍ يتم سلخها ... بل عن "إنسانٍ" مات تحت حوافر البغال.