في وطنٌ يحكمه نحسٌ
مرّ أمس قربَ الرّبيع
قبل ولادةِ الشّتاء للزرع والثّمر
أجهضتِ الطبيعةُ وليدَها
عادتْ مسرعةً إلى ما قبل أمس
كنتُ ألتحفُ نفسي . سمعتُ بعضَ الضّجيج
بحثتُ عن رأسي المختبئ في حضني
أخرجتُه ، لفَّ وجهي صقيع
صقيعٌ يلامسُ عمري
يرتجفُ مختبئاً ، لا يبدو في الأفقِ شمسٌ ولا ربيع
لا أسمعُ سوى همسِ رجفاتي
تشبهُ همسَ الزّمهرير
والنّحسُ يسرقُ الأماكنَ ، والأسماءَ
عمرنا معه يكادُ يضيعُ
. . .
اهتزازُ نبضات عمري ينذرُ بالعجزِ
اختبأ الرّبيع
تذكّرتُ أنّني أمرّ على صبحٍ جميل . لم أجدِ الصّبح
أمسكتُ يدَ نفسي . أخذتها إلى الحلّم .
نظّفتُ روحي بكلّ مساحيقِ الغسيل
سعتُ صوتاً :
اتبعوا نسيماً يودي للحياة
طاردوا الحلمَ الهارب
قد يكون مختبئاً
تحتَ سحابةٍ ، فوقَ تلٍّ . ينعكسُ عليه ضوءُ القمر
ولما هرعتُ إليه. لم أجدْه
فرّ القمر من ليالي الحبّ
كي لايضيءَ ليلَ النّحس

. . .
كتبتُ قصائدي المنسيةِ قربَ الحلم
بلونِ الغيوم المدلّهمة
وضعتها في حقيبةِ سفر
نسيتُها على حافّةِ العمر
تواسي ليلّة ليس لها فجر
تعثّرتْ بي وأنا أغادرُ
كانت ليلتي الأولى مع الفرح
ورقصتي الأولى في عرسِ الحياةِ
صادفني النّحس
سقطتُ إلى الهاويةِ
سدّ عليّ الطّرقات ، بما عنده من مزابل
وما جمعه من روث
. . .
أرى من القاع :
قلوبكم متعبة
عيونكم دامعة
أيامكم
صمتكم . موتكم .
كلّهم يضجون بالأنين
بعثرتُ الفرحَ يوماً
تناثرتْ أجزاؤه في رقص جميل
تقاربت . تلاصقت .
تعثّرَ الفرحُ . لم يلتقطْ روحَه
خطفها منه ذلك النّحس اللعين

. . .
في مدينةٍ مسجونةٍ
في عمقِ الأزلِ
عشتُ حالاتي .
كتبتُ رسائلي بحبرِ الليل
عيّنتُه ساعي بريد
ضلّ ليلي طريقكم
أنتظرُ الليل كي يعودَ ليلاً
يحملُ رسائلَ العاشقين
أخشى فقط أن يصادفَ في طريقه
ذلك النّحس
. . .
غنّي على أنغامي قصائدَ حبّ
خذني إلى عالم الحياة . نكونُ معاً فرقةً
نرقصُ مع الأنغام
قيثارة تعزف الحبّ
كن لحني الشّجي
كي نلتقي مع السّعد في ليلة عيد .
غيٍّرْ ذاك الذي مرّ في الأمسِ
ارمِ بحقائبِ صبرنا بعيداً
وابدأ مع فجرٍ جديدٍ
وانزع عن شوارعنا ، وليالينا اسماً
أضنانا منذُ ولدنا
كي ينتهي من حياتنا ذلك
" النّحس "
ونشعرُ بفرحةِ العيد