نساء سوريّات في الثورة / الشبّيح الجديد امرأة
خاص ألف
2013-01-26
آخر اختراعات عصابات النظام: المرأة الشبيح؛ علاوة على اختراعاته الكثيرة في القتل والإجرام والسلب والنهب والذبح الجماعي وكل أشكال التنكيل والموت. المرأة تدخل على الخط كشكل تزينيّ للموت ليس أكثر! حتى يصير الموت أقلّ إيلاماً: البيوت في لحظة دمارها ستنسى توديع أحجارها من فرط الهيام! الجثث ستكون سعيدة وهي تتناثر! الرقاب لن تتوقف عن شكر السكاكين وهي تمرّ عليها بحنّية بالغة! الاطفال سينسون حليب أمّهاتهم من كثرة حنان الرصاص والقذائف!
لم يترك هذا النظام (أكرّر، لم أجد وصفاً يعبّر عن جرائمه الغير مسبوقة) شيئاً على حاله، القبيح زاده قبحاً، المجرم زاده نهماً بالتنكيل بالأبرياء، فتح شهيّة عصاباته المكبوتة ومنحهم حرّية قتل الناس بلا حدود، والآن جاء دور النساء ليأخذن حصّتهن من دم السوريين. السوريون يفهمون حاجتك الماسة إلى المزيد من أدوات القتل وأنت ترى نفسك تتهاوى، حصناً حصناً، حجراً حجراً، لا تلوّث المرأة أيّها المريض، لديك ما يكفي من وحوشك الذين ربيتهم على دماء الناس، لديك مرتزقة من كل شكل وجنس: إيرانيون، روس لبنانيون و... دع بعض النساء السوريات ولا تلوّثهن أكثر مّما تلوّثنَ، لن يفيدك شيء حتى لو استعنتَ بالأبالسة!!
نساء الثورة
لا أريد أن أعدّد أسماء النساء المشاركات في الثورة، وهنّ كثيرات وكثيرات جداً، كل واحدة منهن قليل عليها كتابة قصيدة أو مقالة، وسيأتي الوقت الذي سيُكتب عنها ما تستحقّ. إذا تجاوزنا تحيّة النساء اللواتي صرن معروفات، أديبات أو فنّانات وكلّ من اشتغل منهن بالشأن العام وترددت أسماؤهن في الإعلام،(لهن أكبر التقدير) هناك أخريات يعملنَ في ظلّ الظلّ ولا ينتظرن أن يعرفهن أو يشكرهنّ أحد، لهؤلاء أقول: لا تستطيع الوردة أن تخفي عطرها حين يتعافى البستان وتكتمل جوقة العصافير!
المرأة التي تُشبه الوطن
كم كنتُ أغضب حين يشبّه الشعراء الأرض والوطن بالمرأة؟ وينسون المرأة التي من وجع ودم وأحلام مكسورة العنق والأجنحة، المرأة العاديّة الكادحة في البيت، المرأة المنتجة بكلّ أعبائها، الأم، الاخت، الزوجة، الصديقة، الزميلة، المرأة بتعدّدها، المرأة التي تسفح أنوثتها كلّ يوم على الجماد فتورق الحياة.
ياااه.. كم تُشبه سورية الآن تلك المرأة التي كُتبتْ بها قصائد لا تحصى! تشبهها وتنصهر فيها ككيان واحد، المرأة التي انعجنت بدم الوطن وأنفاسه ورعبه وهذياناته وفراره وجوعه وموته ودماره، المرأة الشهيدة وأمّ الشهيد وأخت وزوجة الشهيد وابنة الشهيد وحبيبة الشهيد، امرأة من وجع ودم وأحلام منهوبة، وأحلام لم تكن تعرفها من قبل: أحلام مخيّمات اللجوء، أحلام الهرب من مكان إلى مكان، أحلام الجوع الذي سمعت به ولم تعاشره يوماً، أحلام الجثث الباحثة عن حفرة كافية وبلحاف من تراب، أحلام الليالي الطويلة في العراء، تحت سماء لا تُرى ونجوم لا تلمع وأرض عارية ومبلّلة بالماء والدموع والفزع، أحلام بكلمة من القلب "الحمد لله على السلامة" أو مغارة دافئة لا تسكنها الوحوش، أحلام بنقطة ضوء بعيدة من بلد آخر تدلّ على النجاة.
عذراً أيّها الشعراء، أنا الغني بالشعر والألم، لم يسبق لي أن عرفتُ حالة تكون فيها المرأة وطناً من لحم ودم، أراجيح أطفال وألعاباً وحليباً دافئ الأمومة، أحلاماً بشموس كثيرة حين يستشرس الأرق، مشغولة بماء العيون، خبزاً وهواء وحياة، لم أعرف حالة مما رأيتُ أو سمعتُ أو قرأت، مثل المرأة السورية في الثورة.امرأة الذات والمعنى، المرأة الجسد والروح، والمرأة الموضوع ، يتداخلانإلى درجة التماهي ويصبحان: المرأة الوطن، والوطن الأنثى.
التباس الذاتي بالموضوعي
كتبت إلى صديقها وهي المهجوسة بالثورة حتى قلبها، بعد أن قرأت قصيدته التي يتداخل فيها الذاتي بالموضوعي: "مرحباً..كيفك؟
أولاً: أنا ما بحب غير الكلام إلي بيكون لإلي، وخاص فيي لوحدي.
• ثانياً: قلتلك إنو أنا ما بحب تكرار كلمات الألم، وإنت دائماً مهموم، مع إنك قلتلي مرة إنو "مهنتك" هي مهنة فرح.
ثالثاً: مشتاقة.
ردّ عليها، وهو المهجوس بالثورة حتى يرقان الدم:
"أولاً: مشتاق.
ثانياً: هذه المقاطع من قصيدة "..." التي لم تنته بعد والتي تتداخل فيها المرأة الذات مع المرأة الوطن! فيها شيء من رائحتك وشيء يشير إليكِ، وشيء من جميع نساء بلادي الرائعات اللواتي يوزعنَ الأمل والجمال على العالم، ويبقى لديهن فائض من الأمومة والحب، وأنا لم أكتب قصيدتك بعد، حتى تكون"أنتِ" روحاً وجسداً في القصيدة، كلّ ما في الأمر، أحببتُ أن تشاركيني بولادتها وأن تشمّي رائحة الحليب على فمها قبل فطامها. من حقّكِ أن تتلقّيها بالطريقة التي ترتأينها! هذا شأنكِ وحدكِ، وحقّ قلبكِ ووردته التي أشتهي أن تكون مفتّحة ومليئة بالأمل مثل وردة البلاد التي أغنّي لها.
ثالثاً: أنا فعلاً مهموم دائماً، وأتحايل على حزني ولا أفصح عنه إلّا لمن أعزّهم كثيراً ومن هم "غالين على قلبي"، ولهذا أشاركهم بما أحسّ. ولا يهمكِ! لن أنقل لكِ بعد اليوم شيئاً من همومي، وسأكسر أقدام حزني إذا حاول الاقتراب من قلبكِ الذي لا يليق به إلّا الفرح. صحيح مهنتي الدائمة هي صناعة الفرح، ولكنّ الفرح لا بدّ له من أن يمرّ بقلبي فيتلوّث وتحزن القصيدة.
رابعاً: أنا مشتاق!
أخاف على وردتكِ من حزني
أبتعد قليلاً ومعي بكائي
حتى تعود العصافير إلى أعشاشها
وتفتح عليكِ نوافذها الشمس.
**
كيف هي صباحاتكِ يا قريبة؟
كيف هي ورودك في هذا الصقيع؟
أدثّر زمهريركِ بالقصائد
ولكّن الكلمات تبقى كلمات!
**
لوكان للقصيدة أسلحة من ورد
لو كان للورد ملائكة تحرسها
لو كان لقلبي طيور دافئة
لأطلقتها في سمائكِ هناك.
**
08-أيار-2021
01-شباط-2015 | |
12-كانون الثاني-2015 | |
03-كانون الثاني-2015 | |
29-تشرين الثاني-2014 | |
09-تموز-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |