Alef Logo
يوميات
              

ثورتي في داخلي وأمضي

ريدي مشو

خاص ألف

2013-01-26

كانت أيام بسيطة تلك التي قادتنا ونفخت في أشرعتنا. كان يمكن أن نصل إلى أيّ مكان،
لكننا هنا في هذا المكان نرمي بشباكنا إلى بحر الزمن،
ونصطاد قرشاً يخبّأ في جوفه مكتبة ودفاتراً وعظاماً جافة
نخاف ونرميه في البحر،
لنصطاده بعد حين، وقد امتلأ جوفه بالدم وجماجم تمضغبأسنانها المهشّمة الكتب المبللة، فنرمي القرش مجدداً ونغادر المكان إلى زمن آخر...
كانت أيام بسيطة تلك التي قادتنا...
بسيط هو عمرنا.
كانت ثوراتنا، أنا وهي، غالباً ما تبدأ بوليمة،
وليمة على الطاولة أعمل عليها لساعات في النهار، نعم كنت أعمل عليها لساعات ...
ومع ساعات العمل والإعداد كانت وليمة جسدينا كذلك تنضج وتنشر رائحتها في المكان.
نضع العطور خفية وتقودنا الرائحة...
ننزع الثياب قطعة قطعة
ونغرس وجهينا وأبداننا كلٌّ في عنق وبدن الآخر.
هي الرائحة ما تقود الثورة الآن ...
الكثير من القتل الخفي يحدث بدون رائحة ولا ندري به، فقط تلك الرائحة التي تعلو فوق المنازل والمدن تقودنا وتشحذ الثورة لحظة بلحظة.
الرائحة،
رائحة الدم،
رائحة الأطفال المغبرين والأمهات المغبرات الراكضات الهاربات في أثوابهن الطويلة والسمكية. نشتّم من بعيد العرق الصاعد في أجسادهن المليئة بالذكريات وصور الإبادة والقصف...
الرائحة تقودنا إلى الثورة،
إنها الرائحة ما تقود الثورة...
من هنا أراها تضع مكياجها خفيفاً، وترشُّ عطرها القدسيّ وتخرج من منزلها.
أرى فيها انتقاماً آخر من الهواء حولها،
تنتقم من ثوراتنا التي خانتنا وتركتنا وحيدين ومنفصلين خارج المضيق.
نعم
قد عبرنا المضيق.
رائحتها تغيب عنّي هذه الأيام،
أحرّك رأسي في كافة الاتجاهات،
لا أشمّشيئاً ولا أمشي خطوة،
فأرتدّ إلى نفسي وأشم عمقي فأشمها وعطرها...
أنا جالسٌ على كرسي بينما أكتب هذه الكلمات، شارداً كشرود جدران منزلنا الإسمنتي الجديد والوحيد، أبحث عن ثبات لأقلل من الشقوق في خيالي وأوهب ساكنيّ الطمأنينة،ابن أخي في هذه اللحظة اقترب مني وهو في الرابعة من عمره ولا يعرف القراءة ومع ذلك صعقني آن قال: رائحة من هذه ؟، يبدو أن رائحتها بالفعل تفوح مني...
كلماتي تنشر رائحتها ...
كيف يمكنني التوقف عن الكتابة بعد هذا؟،
ثورتي في داخلي
وأمضي
تقودني رائحتها ...
وتغزوها رائحتي.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

في حضور مفاوضات غائبة

18-آذار-2015

قراءة في التعصب..

07-آذار-2015

أمسية

06-نيسان-2014

الثورة أنثى والرجل ثائر

11-كانون الأول-2013

أول الجسد

06-تشرين الأول-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow