Alef Logo
مقالات ألف
              

الثورة السورية، الجانب الأعمى مرة أخرى

عباس علي موسى

خاص ألف

2013-02-02

"إن الحرب إن قصُرت فهي بين الحق والباطل، أما إن طالت فهي بين الباطل والباطل" فريدريك نتشه
ما أقرب هذه القراءة العميقة لواقع سوريا اليوم، فهل نحن بدأنا حرب الباطل والباطل، هل سيجلسُ أهوارمزدا على كرسيّ المتفرج، وهو يرى أهريمان يقاتل أهريمان على الجانب الآخر.
إنّ القتلَ لا دينَ له الآن، والفترة الطويلة التي عاشتها الثورة السورية وصراعها الطويل في سبيل الكرامة أخرجتها عن مسارها.
(نحنُ هنا لا نتبنى وجهة نظر النظام، لأننا نؤمن بالروح الثورية التي بدأت بها الثورة السورية، ونعرفُ بالضبط معركة العزة والكرامة، كرمى لألوهية الحرية في دواخلنا).
عندما بدأت الثورة فإنّها بدأت سلمية، وكان الكرد معها وهم لا يزالون على هذا الإيمان، ولكن عندما بدأ السلاح يدخلُ على الخط، فإنّ اليد التي تمنحُ السلاحَ لا تمنحها بالمجّان، بل إنّها تريد ثمناً له، بما هو خادمٌ لمصلحتها وأجنداتها، ومعركة النفوذ والمصالح، في سبيل السيطرة والنفوذ على هذه الأرض التي لن تُترك في فراغها، الكلّ يريد للمنطقة أن تبقى ضعيفة، لكي يستطيعوا أن يسيطروا عليها كلٌّ قدر ما يستطيع من دفع للمال والسلاح وتجنيد خطة المصالح، وثمة دوماً من هم جاهزون للمضي بما يخدم مصالح أولئك.
الجيش الحر الذي اكتسب شرعيته في بدايته من دعوى حمايته للمدنيين في مظاهراتم، احتمى بهم آخر المطاف، وانسحب تكتيكياً من المناطق التي كان فيها، لتبدأ رحلة الإنتقام من الحاضنة الشعبية التي آوت الجيش الحر، فدكّت قوات النظام تلك الحواضن الشعبية، وملئت السجونَ بأولئكَ الذين آووا وساندوا الجيش الحر، وقصفت بيوت الباقين، ونزح قسم كبيرٌ منهم.
معركة تحرير محافظة الحسكة
مقطع فيديو يُظهر قائد أحد الكتائب، وعلى صدره علم الثورة، إضافةً إلى هلالٍ لا يمكن أن يرمز إلى أي شيء سوى تركيا، وهي رسالة واضحة، وسفورٌ وقحٌ، يعلن عن بدء تحرير محافظة الحسكة.
حيثُ أنّهم يُريدون تحرير المنطقة من أهلها، إنَّ العسكر يُفكّرون بالرصاص، والرصاص وحده، إنّ التحرير بمنطقهم يعني أنّهم سيفرغون المنطقة من أهلها للسيطرة على الحجر، وتبدأ مقاطع الفيديو بالتحميل على عجلٍ لنقل النصر على متن الأثير، صورٌ مجتزأةٌ تجتر النصر على أشلاء المكان، فيمَ أهلُ المكان ينزحون صوبَ خيامٍ منصوبة على متن الريح والبرد.
إنّ المكانَ الذي يحررون، والطرف الذي يقف في وجههم، ومهما كانت دعواهم، يجري على حساب الأمن والأمان، ولأجل كل شيء سوى التحرير، وحماية المدنيين.
إنّ الجيش الذي بدأ حراً وهتفنا له في مظاهراتنا طويلاً صار اليوم مرتبطاً بأولئك الذين زودوه بالسلاح، والعتاد، إننا هنا نريد الفصل بين الجيش الحر الذي ينفذ عملياته النوعية ويتراجع بعدها إلى البساتين والأماكن الأخرى التي يتحصن فيها على حريته، وبين أولئك الذي وقفوا طويلاً في وجه خزانات الوقود، القادمة إلى المنطقة الكردية، وإيقاف البولمانات وبعض الحوادث المتفرقة والمؤلمة، وبعض الخروقات في مناطق سورية متفرقة.
لا خيار للتمويل بالسلاح إلا خياران أحلاهما مر، فإمّا أن تطلب السلاح من جهات تمويل، سواءً كانت خارجية، كتركيا، أو خارجية كالدول العربية الممولة بالسلاح، وهذه الجهات لها أجنداتها في المكان، وستسعى لبسط نفوذها، تركيا مثلاً ستحاولُ أن تضعف نفوذ الـ PKK في المنطقة الكردية، في الحقيقة هم يحاربون قوات الحماية الشعبية المعروفة باسم YPG والتي لا يرون فيها إلاّ امتداداً لــ PKK ، مهما خلعوا على أنفسهم أسماءَ جديدة، وسيمياء الهلال التركي الذي يطمحُ بالعودة بالمنطقة إلى نفوذه بلبوسٍ جديد هذه المرة، وطموحات أردوغان الأتاتوركية، لكن هذه المرة بقبعة إسلاموية.
ودول الخليج تُريد الحد من نفوذ إيران وطموحاتها في المنطقة، وعدم رسمها للخط الشيعي الممتدّ من العراق مروراً بسوريا، وهناكَ والخيار الثاني، للتموّل هو باعتماد مبدأ العصابات، كاللجوء إلى البحث عن مصادر تمويل خاصة، كبيع النفط الخام واعتراض طريق البترول، ومشتقاتها في مناطق السيطرة الضعيفة من أي أحد، في سبيل شراء السلاح من السوق السوداء،وهنا ترتبكُ لغة الإعلام حيالَ ما يحدث، فهل هؤلاء الذين يعترضون الناس ومشتقات البترول، وسيارات الشحن هم عصابات، أم أنّهم من الجيش الحر، الذي يؤثر التمول ذاتياً بالسلاح وإن خفّ من السوق السوداء، وهل ستشفعُ لهم هذه النوايا لما يقومون به لمحاربة النظام والخروج من تأثير وسيطرة الممولين.
الحرب بين YPG والجيش الحرّ
وسنستعملُ مصطلح الجيش الحرّ، على اعتبارِ أنّ الجيش الحر لم ينف عدم انتماء هؤلاء المسلحين إليه.
تركيا تدعم الجيش الحرّ، ضمن استراتيجيتها في الحد من نفوذPKK ، جماعات نواف البشير تدخلُ إلى المنطقة الكردية، تنفيذاً لاستراتيجية تركيا من جهة، وسعياً لتقليص الدور الكردي في المنطقة، للحفاظ على مكتسباتهم في ظلّ حكومة البعث التي ساهمت في تأصيل الفرقة، في المنطقة عبر توزيع المكاسب على أسس شوفينية، وبهدف طمس الدور الكردي واختزاله.
YPG تحاولُ الوقوفَ في وجه هؤلاء، بدعوى تفكيك الاختزال اللاتيني (YPG = قوات الحماية الشعبية)، من وجهة النظر الناطقة بلغة إعلامهم، ومن جهة أخرى لكسب الشرعية من الكرد، الذين وقفَ الكثيرُ منهم إلى جانبهم في معركة سري كانيه (رأس العين)، على الرغم من الانتقادات التي كانت توجّه إليهم، من جزءٍ كبير من الشارع الكردي، ومن خلال بعض الممارسات على الأرض، وتُهم التواطئ مع النظام.
لقد استطاعوا كسب الكثير من التأييد من الشارع الكردي، وانضم العديد من الشباب الكردي إليهم، نظراً لوضوح النوايا وسفورها، من قبل القادمين من الحدود التركية، واستقدامهم مؤخراً للسلاحِ الثقيل كالدبابات.
الآن استطاع الجميعُ إخلاء سري كانيه (رأس العين) من المدنيين لتصفية الحسابات، وصارت سري كانيه بوابة المنطقة الكردية، وصارت معبراً للدخول بمنطق الأسماء المستعارة.



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

القنّاص نصوص بعبق الحرب

07-نيسان-2018

شاحنة من ورق/ وأصابعنا المخضّبة حبرا أحمر

17-تشرين الأول-2015

أزرق / قصة قصيرة

24-أيار-2014

مداعبة

20-نيسان-2014

هي لا تحبكَ أنت، يُعجِبها مجازُك ,, محنةُ الشاعر

23-حزيران-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow