Alef Logo
يوميات
              

مع اقتراب النّهاية

ناديا خلوف

خاص ألف

2013-02-05

اقتربتِ المسرحيةُ من نهايتها . قريباً تسدلُ السّتارة عن حقبة طويلةٍ مريرةٍ من زمني المجبولِ برائحةِ المزابلِ ،وأصوات الدّيكة تصيح فوقها . أكثرُ من أربعين عاماً مرّت ، وكأنّها لحظةُ رّقصٍ في قلبِ اللهب . يرتفعُ اللهبُ وتتفحّمُ جثتي، ثم تتقمّص صوتَ أغنيةِ نايٍ حزين . هذه هي النهّاية تحضّرُ نفسها البدء . الانتهاءُ يعني ساعةً تستحقّ أن تعرف كيف تصلُ إلى بدايةِ الأشياء .
من أنا ضمن هذا الضجيج ؟
لا يستوعب وعيي ما يجري ، ولا ذاتي التي انتظرتها بفار غ الصّبر كي تتعلمَ النّطقَ ، وعندما آن لها أن تقولَ أوّلَ حرفٍ. وقعت مرة أخر في جذوة النّار . فاحترقت من جديد . وتقمصت على شكلِ أصواتٍ تأتي من بعيد . لكلٍ صوت سيم .
يجوز كلّ شيءٍ في الحربِ والحبّ ، و لا يعني أن ذلك عدلاً . بل هذا ما يحصلُ عادةً وحتى في آخرِ فصلٍ ، وسيكون فصلاً مروعا تسيلُ فيه الدّماءكنهرٍ
في زاويةِ المسرح . يجري القتلَ ، وفي زاويةٍ أخرى يتمّ اغتصابُ الحياة . وبينما أسير تجاهَ الذكريات . أرى طفلةٍ يمزّقها وحش . تأتيني طلقةٌ قاتلةٌ تخترقُ رأسي . أقعُ ميتةً أمام الجمهور . يصفقُّ واقفاً منتشياً بقتلي . أتخبّطُ في بحرٍ الدّماء . أنظرُ إلى القنّاص . إنّه حبيبي. قال وهو يقتلني :
أنتقمُ لبطل قصّة "الطلقة الواحدة والأربعين" قتلتِ امرأة حبيبها الذي أراد التّحرّر من القيود ، ومن تهمة الخيانة . أراد أن يفرّ فقنصته
هذه مشاهد اعتقدها الجمهور ضمن المسرحية ، وبينما ألفظُ أنفاسي الأخيرة . تلتهبُ الأكفّ بالتّصفيقلصاحب الطلقة الأخيرة
يقول : تعالوا ندوس في قلبِ حبيبتي . إنّها خائنةٌ !
يرّددون كالببغاوات خلفه : خائنة . خائنة
وأسأل نفسي عن إثمها، فلا تعرف ماذا يعنون ، ولا عن ماذا يتحدّثون .
ماهي الخيانة ياترى ؟
تتهمني بخيانة وطنك الغالي ، وأنا خارج قوس تلك التّسمية . لا ترفع صوت حروفك ، ولا تقل وطناً ، وطني يسكنه الفقرُ . القتلُ . الصبر ، وكلّ فنون العهر .
لماذا تنتقم مني ياهذا ؟
لستُ أنا من كتب القصّة . لا أحبّ اسم الطّلقات ولا صوتها .
لم أعرفْ من الحياة سوى الرّكض .
مرّة أركضٌ وراء علبةِ دواء ، وأخرى من أجل سدّ رمقي من على الأبواب ، لقمتي ملوّثة بكلّ الموبقات ، وحياتي مرهونةٌ إلى جزرِ النفاق ، وأنت ترتدي بزّة نظيفةً جديدةً . عطرك نفّاذ . من أين لك كلّ تلك الأشياء ؟
أحدّث نفسي بمفرداتٍ غريبةٍ .
البارحةُ رأيتُ ديكاً يصيح على مزبلةٍ بعيدة . يبحث بين القمامة ثم يرفع رأسه ويصيح : أنا الديك الفصيح !
ما أكثرَ مزابلَ بلادي ! وما أكثر الّديوك الذين يصيحون عليها .
أصواتُ السّقوط تختلطُ مع أصواتِ الرّعد والمطر . ويختلطُ نداء التكبير بنداءٍ من الجهةِ الأخرى . ولا يكفّ القتل .ويمتلئ النّهر بالحقد . مادمتَ تقتلني سأقتلك . ولا بدّ أن أنتقم منك .
لغةُ الكره والانتقام . لغةُ الطّلقاتِ ، والدّم المسفوك .
لغةُ ذبح الأطفالِ واغتصاب النّساء
هذه اللغةُ التي أسمعها اسمها : لغة المستبدّ والاستبداد .
حبيبي الذي تباهى بالسّيف
قاربت كلماته على النّفاذ ، ومع الشّروقِ سنغسلُ أنفسنا من الأدران ، ونصلّي في كلّ الاتجاهات . بدأتِ اللحظةُ الآن وانتهى حكم نيرون الزمان . .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow