يقترب الأطفال من حافة الطريق ويشمّون الرائحة متسائلين: رائحة من هذه ؟،
إنها بعيدة لا يحسنون التمييز، يلتفتون إلى بعضهم وكلّ منهم يسأل الآخر عن أحبابه وعائلته فرائحتهم تفوح من بعيد،
رائحة العديدين ممزوجةٌ لكأنهم تبادلوا أعضاءهم واختلطت أنفاسهم ...
تمر دقائق وتغدو الرائحة قريبة جداً، يظهر الحشد الغفير من الناس وهم يحملون أغصاناً وأزهاراً ملقاة فوق خشبة.الأطفال، ابتهجوا برؤية رجال أشدّاء وهم يحملون أغصاناً وأزهاراً تحت القصف. كان الأطفال يأملون أن يكبروا مثلهم ليحملوا أغصاناً وأزهاراً. بقوا في أماكنهم وهم يرددون الهتافات بغبطة محركين رؤوسهم يميناً وشمالا، اقترب الحشدُ واتضح المشهدُ أكثر، كل عشرة رجال كانوا يحملون الأغصان والأزهار ذاتها،
يا لكثرة من يحملون الأغصان والأزهار وكأن الغابة والبساتين تسير معهم.
ولد صاح:(( يا الله، يا الله ما أجمل الغابة، يا ريتني كنت هنيك فوق الخشبة بين تلك الازهار، ما أحلاها النوم فوق هالخشبة)).
صاح آخر: وأنا
آخر: وأنا
آخر: وأنا أيضاً مثل أخي.
وانخرط الأطفال في الحشد، وأخذوا لهم مكاناًأسفل الغابة، وأخذوا يهتفون رافعين أياديهم عالياً ليقطفوا زهرة،
عيونهم لم تفارق النعش المغطّى بالغابة،
وتحولوا هناك أسفل النعش جذوراً للشجر النابت...
وازدادوا عبقاً وكثافة.
تحول المنزل بنا إلى غابة من الأنفاس والرائحة،
أنتظرها خلف الباب ما إن أشمّ رائحتها في البناية
تفتح الباب وتقفز
فأحملها بقلبي وشوقي وأمضي بها إلى الغرفة،
وأحياناً كنا ننسى الوليمة،
آه من جسدينا
كانا في كل حين ناضجين
وجاهزين للالتهام،
ناضجين وجاهزين كأجساد الشهداء
وعناق الأمهات.