أمكنة
خاص ألف
2013-04-13
سلام عليها، أمكنة الروح والذكريات، خطى أصدقاء تناثرت ولا يستدلّ القلب لهم على أيّ أثر. سلام على الماء والهواء والتراب، سلام على أمطار ربيّعية، سلام على رائحة العشب الفراتي، على الحارات والبيوت، على عيون لم يأخذ الموت صور أحبابها، سلام على ما صار يشبه الأطلال، على خراب يتفقّد ساكنيه، على شرفات مازالت تطلّ على الطبيعة والجمال، على أنفاس الشهداء تبحث هناك، من بيت إلى بيت، عن دفء صدور الأمّهات، على العجائز والشيوخ، سلام على مرآة صبيّة حزينة وعلى أمشاط شعرها وكحل عينيها، على المواعيد والأحلام والأسرّة التي تنام خالية من لهاث حبيبين، على أولاد الشوارع واليتامى، على احتفالات الطهور وزغردات أعراس قادمة، على قابلات ينتظرن ولادات جديدة، سلام على الخبز والطحين والسنابل والحقول والأنهار، سلام على الحمام والعصافير والأجنحة والفضاء، على الخراف والماعز والبقر والأحصنة والكلاب، سلام على أرواح الشباب التي لم تنكسر، سلام على الصمود، سلام على الشام والفرات وما بينهما، سلام على الفرح والأمل والحياة.
مكان
المياذين مدينة صغيرة تتكحّل بالفرات، مدينة تشبه مئات المدن السورية التي قاومت جحافل الفاشيّة الأسديّة ودبّاباتها وطياراتها، وإياد يشبه آلاف الرجال السوريّين، رجل قلبه قلب طفل، لا يعرف كذب بعض الساسة ولا نفاقهم، لم يكن سياسيّاً ولم ينتم إلى حزب، ولكن حين عمّمت عصابات الأسد الموت على السوريين، لم يتلكّأ، ولم يفكّر بمكسب شخصيّ ولا بمجد، أخذ قراره أن يكون مع شعبه وأهله الذين يقتلهم الجزار بالجملة، ولا يفرّق بين الصامت والخانع وبين من يشارك الثائرين مصيرهم. بأمثال إياد تصمد المدن والقرى السوريّة، وبأمثاله يحقّ لنا أن نفاخر الدنيا، وبأمثاله سيكون النصر، رغم صمت وخيانة العالم للدم السوري.
مكان
الطفلة شيماء النازحة من ريف حماة، إلى ريف إدلب، ليست الطفلة السوريّة الوحيدة التي تلاحقها الكوابيس، كوابيس أهلها الذين قتلوا أمام عينيها: "أخوها وإثنان من أخوالها وعمتها" وعائلتها ليست العائلة الوحيدة التي فقدت أحبابها باجملة، الموت الجماعي صار قدر السوريين، عائلات بكاملها تُقتل، بالقصف وبالإعدامات الميدانية أوالذبح، والعالم مازال يتفرج بأخسّ وأوقح أشكال الفرجة. من يسمع شيماء وهي تروي كوابيسها، من يرى دموعها التي تأكل نصف كلامها ويبقى متوازناً ويتابع حياته اليوميّة، ليس بإنسان حتماً، وهذا ينطبق على ساسة هذا العالم الذين يراوغون ويبحثون كلّ يوم عن حجة جديدة، من أجل أن يمنحوا هذا الدراكولا الأشدّ بشاعة من كلّ القتلة، فرصاً للمزيد من الدمار وقتل الأطفال والنساء يوميّا وبالعشرات.
كم من شيماء؟ كم من طفل وطفلة سوريّة تلاحقهما الكوابيس؟ كم من الثقوب السوداء التي فتحها الجلّاد في هذه الأرواح الصغيرة؟
كم من الأمكنة؟ كم من الموت؟ ألا يكفي يا إله الحياة؟
مكان
لو كان لي لقبّلتكِ حجراً حجراً
وألقيت تحاياي على الجبال والسهول
لو كان لي أكثر من قلب
لأرسلتها إلى رعيان ماشية الآه
إلى نساء بسواد أثوابهن
الجدات الفاغرات من وعورة الذعر
ومشقّة خفقان قلوبهنّ الواجفة.
تغطّين في وجع لا عزاء له
وأنا بكامل صحوي اللعين
من مكان مكسّر الأبعاد إليكِ
تتقافز روحي من سديمها
تتعلّق بحبالكِ كي لا تقع
وتبحث عن ما تبقّى للطفولة من فرح.
ببطء وخوف أقترب
الأمكنة قفّاز مارد سكران يترنّح
كوخ ساحرة تلهو بأشلائه
هذه المدينة تشبهني
دوائر أرق حول عينيها
الجسد مثخن بالأعضاء والجثث
الأقدام ذاهبة إلى طرق متفارقة
كل يد إلى جهة لا تعرفها الجهات
والقلب تصفر فيه القذائف والريح.
08-أيار-2021
01-شباط-2015 | |
12-كانون الثاني-2015 | |
03-كانون الثاني-2015 | |
29-تشرين الثاني-2014 | |
09-تموز-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |