Alef Logo
كشاف الوراقين
              

تاريخ آل سعود - ناصر السعيد * الجزء 15 ــ 16 /

ألف

خاص ألف

2013-04-28

لقد خُدع الثائر ابن رفادة ولم يعلم أن كل حركة من حركاته وسكنه من سكناته كانت تصل إلى عبد العزيز من سادة عبد العزيز الانكليز في مصر… وانتهى الثائر ابن رفادة وفشلت ثورته فقتل، وقد أشاع السعوديون أن ابن رفادة كان يريد إعادة حكم الأشراف إلى الحجاز… وهذا زعم كاذب، وكانت المجزرة، إذ قتل السعوديون ما يزيد عن سبعة آلاف شخص بعد إخماد تلك الثورة، رغم أن أكثرهم لم يشتركوا فيها، وكان نصيب النساء والأطفال وافر من مجازر آل سعود.. وزاد عدد الذين فروما إلى مصر والأردن عن عشرة آلاف خلاف الذين شردوا في الأقطار العربية الأخرى أو ماتوا غيلة في السجون الوحشية السعودية في الحجاز، وكان السعوديون يعتدون على النساء عدوانا فاحشا بحجة (إنهن نساء الكفار) وكان نصيب قبائل جهينة وبلي والحويطات وبني عطية وافر من ضحايا القتل السعودي والتشريد.. لكن الذي مر على الحجاز من هذه المآسي. مر على نجد وعسير والإحساء وحائل والجوف، على أيدي فرق القتل السعودية… وما فعله آل سعود في عهدهم الأخير فعلوه سابقا في عهد الآفاق محمد بن عبد الوهاب وشريكه محمد ابن سعود حينما قاتلوا شعبنا في الرياض واغتالوا حاكمه دهام بن دواس بحجة "أن أهل الرياض من الكفار" كغيرهم من أهل (نجد) كلها بجميع مدنها وباديتها وقراها، (و لا زالت آثارهم في نجد تشهد على جرائم آل سعود). والمجازر السعودية في وادي الدواسر ومن يذهب إلى وادي الدواسر ـ مثلا ـ فعليه أن يتأكد ممن عايشوا المجازر السعودية الأولى فيخبره هؤلاء عن قصص الآبار المردومة والبيوت المهدومة والنخيل والأشجار المحروقة بعد أن قتل آل سعود ثلاثة آلاف من أبناء شعبنا في وادي الدواسر بحجة أنهم "كفرة" رغم أن معظمهم قتل في المساجد غدرا وهم يؤدون صلاة الصبح وهدموا عليهم المساجد وأحرقوا جثث أبناء الدواسر المؤمنين بالنار التي أوقدها آل سعود بسقوف المساجد المهدومة على المصلين!. ثم خرجوا على بيوت شعبنا في وادي الدواسر ونهبوها عن آخرها وكانوا يقطعون أصابع أرجل الأطفال ثم يقطعون أرجلهم ثم يقطعون أصابع أيديهم ثم يقطعون أيديهم ويتركونهم أحياء ليموتوا موتا بطيئا، وإمعانا منهم في إرهاب البقية، قاموا باستخراج عدد من عيون الأطفال بخناجر "جند الإسلام" المزعومين وسلموا عيون الأطفال للأطفال أنفسهم بأيديهم، وقد حدث هذا في عهد عبد الله بن فيصل (الأول) وذلك عام 1286 هـ وكذلك حدث مثل ذلك لشعبنا في وادي الدواسر على يدي محمد بن عبد الوهاب وزوج ابنته عبد العزيز بن محمد بن سعود عام 1179 هـ ـ 1766 م حالما تولى منصب والده محمد بن سعود الذي مات من إسهال أصابه عندما هاجمه أبناء شعبنا من قبائل نجران بقيادة حسن بن هبة الله والعجمان وبني خالد بقيادة حاكم الإحساء آنذاك عرار الخالدي، ( بعد أن تواعدوا بالزحف في آن واحد من نجران والإحساء على "درعية" بني القينقاع آل سعود).. وما من قبيلة أو مدينة أو قرية الا واتهمتها عائلة آل سعود اليهودية وشريكتها الوهابية "بالكفر" وقاتلوها باسم الكفر بينما أهلها يصلون ويصومون ويشهدون بالله ورسوله!.. حتّى أهل الدرعية الحقيقيين من الدواسر قتلهم الجد اليهودي الأول لآل سعود واستبدل اسم أراضيهم المعروفة باسم (الجزعة وغصيبة) باسم آخر هو (الدرعية) مكايدة للعرب وتفاخرا من هؤلاء اليهود بأنهم "اشتروا" درع الرسول العربي محمد بن عبد الله من كبار بعد هزيمة النبي محمد في معركة أحد… (الجيش السعودي الأول) يثور ثورة الجيش السعودي، أو انقلاب الإخوان… والاخوان: هم الجيش السعودي الانكشاري الأول، فهم الذين جعل منهم الانكليز "إخوانا" وسنوا لهم دينهم من حيث لا يعلمون، وضللهم الانكليز بعدد من أصحاب الذقون المستعارة والضمائر العفنة والألسنة المشعوذة الكذابة الذين جعل منهم الانكليز علماء دين وهم عملاء… لكنهم استطاعوا خداع "الأخوان" بالفتاوى الكذابة بتكفير كل من لا يركن للإنكليز وآل سعود… إلا أن ضمائر الإخوان استيقظت أخيرا، لكنها يقظة ما بعد السقوط وفوات الأوان، أي بعد أن أصبح أكثر الشعب حضره وقبائله يكرهون الاخوان كرههم للنجاسة، حتّى أن الكثير من شعبنا تمنوا لو أتيحت له الفرصة للاغتسال بدماء "الاخوان" أو شربها نتيجة ما فعله "الاخوان" بالآمنين والمؤمنين من جرائم لا تغتفر أبدا وهذا ناتج عن جهل هؤلاء "الاخوان" وما بذل لهم من مغريات في الدنيا والآخرة!. وأخيرا استيقظت ضمائر "الاخوان" بعد موتها وتعفنها، بعد أن كشف لهم الانكليز عن وجوههم واكتشفوا بأنفسهم عمالة عبد العزيز وكذبه وتدجيله باسم الدين وتنكره لهم ولما كان ينادي به ضد الملكية بقوله: "ان الملكية هي الكفر بعينه"!… لكن الانكليز سلموا لعبد العزيز عرش الحجاز، وأعلنوه ملكا عضوضا… ولهذا ثار هذا الجيش السعودي المرعب المتوحش، ثار الجيش الذي أنشأه الانكليز لعبد العزيز ضد عبد العزيز والإنكليز، ووجدها عبد العزيز والإنكليز فرصة لان يقولوا لأعداء هذا الجيش السعودي: قاتلوا هذا الجيش السعودي. وبعد أن كانت فتاوى تجار الدين تنهال لتمهيد طرق الدنيا والآخرة لهذا الجيش الإجرامي، انهالت لتمهد ضده طريق النار!… فأفتى تجار الدين السعودي "بأن الاخوان من الكافرين"!.. وهكذا أصبح الاخوان كفاراً بعد أن كان شعبنا هو الكافر!!. في فتاوى تجار الدين والاخوان… وتحول اسمهم من "جيش الله".. إلى "جيش الشيطان" بعد أن كانوا هم (الإسلام والإيمان بعينه) حينما كانوا يسفكون دماء الأبرياء في الإحساء ونجد وحائل والجوف والطائف والمدينة ومكة بقعة من الحجاز وعسير وتهامة اليمن وديار الشام والعراق والكويت، يباركهم رجال الدين وآل سعود والإنكليز… أما بعد أن ثاروا على الدجل السعودي الإنكليزي فانهم من الكافرين!. وكانت فرصة للأكثرية الساحقة من بني شعبنا حضره وباديته أن يثأروا من "الاخوان" المكروهين.. نعم يثأروا لأرواح ملايين الشهداء والأحبة.. فانطلق الشعب يطارد هذا الجيش، بإجماع وتصميم للتخلص منه، فتلاقت هذه الإرادة الشعبية مع الأسف… مع إرادة الانكليز وعبدهم عبد العزيز.. والشعب يعرف ذلك جيداً، ولكن ماذا يهمه من إرادة عبد الانكليز والإنكليز، ما دام في ذلك إبادة لشرّ البرية الذين سنحت أبادتهم؟… لكني ـ مع هذا ـ أقول: ان ضمائر شيوخ "الاخوان" قد صحت على هول ما ارتكبوه من منكرات وفواحش بقيادة عبد العزيز اسماً وقيادة الانكليز عملاً.. أول إنذار وكانت أول يقظة لهم بدأت بعد مجزرة الطائف ودخول مكة… فقد حضر شيوخ الاخوان يوم عيد الفطر عام 1343 هـ ـ وهو أول عيد للاحتلال السعودي لمكة لا أعاده الله. في ذلك اليوم وقف فيصل الدويش في قصر خالد بن لؤي الذي نصبه عبد العزيز والإنكليز مؤقتا على مكة فقال: (نحمد الله يا خالد ويا "الاخوان" على نعمته فقد دخلنا بلد الله الحرام وطردنا الشريف من هذا البيت، اننا جند الله وخدم لدينه،لم نأت إلى مكة إلا بعد أن أفهمنا أن في مكة حكم للشريف كافرا بالدين يركن للإنكليز ويأتي المنكرات والبدع والشرك، وجئنا لإزالة المنكرات والبدع والشرك والحكم الملكي وتحكّم الانكليز في بلد الله الحرام!. ولكننا اليوم رأينا قادتنا وكبراءنا اصبحوا يرتكبون البدع والمنكرات والشرك ويركنون للإنكليز ويعلنون أنفسهم ملوكاً وكانوا يقولون ان الشريف يفعل هذا، ولكن هذا السيف وهذا الجند سيعمل فيهم مثلما عمل في الشريف… قولوا اللهم آمين..)! فردد "الاخوان" آمين… اللهم آمين… وإياك نعبد وإياك نستعين!… وكان هذا أول إنذار يوجه من قادة الاخوان لعبد العزيز والإنكليز… واغتاظ عبد العزيز كثيراً لهذا الإنذار، لكن جون فيلبي نصحه ان لا يحرك ساكناً كي لا يثير مشاكل أخرى فيتبع الاخوان قولهم عملا… ولكن ما كان يحذره قد ظهر جلياً في مؤتمر عقده "الاخوان" بتاريخ 3 رجب 1345 هـ في الارطاوية.. إحدى الهجر التي اتخذ منها الاخوان مقرا دينياً لهم في نجد… وقد حدث هذا بعد مضي سنة تقريبا على الإنذار الأول من الاخوان، وحضر المؤتمر رؤساء لإخوان من قبائل مطير وعتيبة والعجمان، وتعاهدوا فيه "على نصرة دين الله" كما يقولون. واتخذوا فيه القرارات الآتية: قرارات الجيش السعودي لإدانة آل سعود وبدء الثورة أولا: ينكر الاخوان على عبد العزيز بن سعود ركونه للإنكليز وإدخالهم البلاد المقدسة وادعاءه انهم دخلوا في دين الإسلام كما ينكر الاخوان تنصيب عبد العزيز ملكا فالإسلام يحرم الملكية. ثانياً: ينكر الاخوان إرسال عبد العزيز ولده سعود إلى مصر لعقد اتفاق مع الانكليز. ثالثاً: ينكر الاخوان على عبد العزيز إرسال ولده فيصل مع فيلبي إلى بلد الشرك لندن لرهن بلادنا للإنكليز وتدريبه في دوائرهم. رابعاً: ينكر الاخوان على عبد العزيز استعماله للعطور وللسيارات وسكناه في القصور وزواجه بعدد من النساء والجواري في كل بلد يحل فيه كما ننكر لبسه وأبناءه افخر الملابس وأكلهم أفخر المأكولات وجعل أموال المسلمين كلها بأيديهم دون غيرهم، وزعم عبد العزيز وأبناءه في كل مناسبة انهم أخذوا البلاد بالسيف وحدهم ولم يروا لنا أي اعتبار بينما (نحن ذلك السيف) الذي يقولون عنه في كل زمان ولولانا لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه… خامساً: ينكر الاخوان على عبد العزيز أخذه للضرائب والمكوس من المسلمين وكان ينكر قبل ذلك وجود مثل هذه الضرائب والمكوس على ابن رشيد والريف مع ان ما كان يأخذه ابن رشيد والشريف أقل بكثير مما يأخذه ابن سعود الآن وهو يدعي الإسلام ويتقاضى الأموال من الانكليز. سادساً: ينكر الاخوان على عبد العزيز منع المتاجرة مع الكويت واتهامه لأهل الكويت بالكفر لأن أهل الكويت ان كانوا كفاراً حوربوا، وان كانوا مسلمين فلماذا المقاطعة؟!… والحقيقة انّه لخلاف بين الانكليز وأهل الكويت يغضب عبد العزيز لغضب الانكليز، والإسلام من هذا براء… سابعاً: يقرر الاخوان انّه لا عهد ولا طاعة لعبد العزيز لأنه خان العهد وأخلف الوعد وعمل للمشركين… هذه هي بعض القرارات التي اتخذها مؤتمر الاخوان في الأرطاوية، وكان عبد العزيز وقتها في الحجاز فأسرع بالسفر إلى نجد عن طريق المدينة محاولا علاج غضبة الاخوان بالحيل والدجل، وما أن وصل الرياض حتّى دعا زعماء الاخوان إلى مؤتمر عقده في الرياض بتاريخ 25 رجب سنة 1345 هـ ـ 17 يناير 1927 وحضر الدعوة جميع زعماء الاخوان إلاّ سلطان بن بجاد، وهو القائد الذي "فتح" الحجاز، وبرر عدم حضوره بقوله: (انّه لم يعد يثق بعبد العزيز وأقواله الكاذبة وخاصة بعد أن اتخذنا قراراتنا بتجريمه وتكفيره وعزله)!… وفي هذا الاجتماع قال عبد العزيز عن نفسه: (انّه خادم الشريعة يحافظ عليها أتم المحافظة وهو الذي يعهدونه من قبل ولم يتغير كما يتوهم بعض الناس، ولا يزال ساهرا على مصالح العرب والمسلمين)!… وهلمجرا.. وما ان انتهى عبد العزيز من قوله المباح وغير المباح حتّى حضر "العلماء" وبيدهم الفتوى السعودية المشهورة للطعن بما اتخذه الاخوان في مؤتمر الارطاوية ثم أعلنوا تعلقهم "بإمامهم" وبايعوه على ما أراد له الانكليز أن يكون (ملك الحجاز ونجد وملحقاتها) وفيما يل نصل الفتوى المضبوطة: الفتوى الدينية السعودية ضد الثوار (من محمد بن عبد اللطيف، وسعد بن عتيق، وسليمان بن سمحان، وعبد الله بن عبد العزيز العتيقي، وعبد الله العنقري، وعمر بن سليم، وصالح بن عبد العزيز، وعبد الله بن حسن، وعبد الله بن عبد اللطيف، وعمر بن عبد اللطيف، ومحمد بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الله، وعبد الله بن زاخم، ومحمد بن عثمان الشاوي، وعبد العزيز العنقري، إلى من يراه من إخواننا المسلمين سلك الله بنا وبهم الطريق المستقيم وجنبنا وإياهم طريق أهل الجحيم، آمين! سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد.. فقد ورد علينا من الإمام عبد العزيز ـ سلمه الله تعالى ـ سؤال عن بعض (الاخوان) عن مسائل يطلب منا الجواب عنها، فأجبناه بما نصه: أما مسألة اقتناء عبد العزيز وأولاده ورجال الدين للسيارات والجواري وغيرها دون غيرهم فهو أمر حادث في آخر الزمان!، ولا نعلم حقيقته!، ولا رأينا فيه كلاماً لأحد من أهل العلم!، فتوقفنا في مسألة الإفتاء فيه!، ولا نقول على الله ورسوله بغير علم!، والجزم بالإجابة والتحريم يحتاج إلى الوقوف على حقيقته!، واما، مسجد حمزة وأبي رشيد فأفتينا الإمام ـ وفقه الله ـ بهدمها على الفور… وإما القوانين، فان كان موجوداً منها شئ في الحجاز فيزال فورا . ولا يحكم إلا بالشرع المطهر. واما دخول الحاج المصري بالسلاح والقوة في بلد الله الحرام، فأفتينا الإمام بمنعهم من الدخول بالسلاح والقوة، ومن إظهار الشرك وجميع المنكرات، واما المحمل المصري والشامي فأفتينا بمنعه من دخول المسجد الحرام ومن تمكين أحد أن يتمسح به أو يقبله وما يفعله أهله من الملاهي والمنكرات يمنعون منها. واما الشيعة، فأفتينا الإمام أن يلزمهم البيعة على الإسلام ويمنعهم من إظهار شعائر دينهم الباطل، وعلى الإمام أيضاً أن يلزم نائبه على الإحساء أن يحضرهم عند الشيخ ابن بشر، ويبايعوه على دين الله ورسوله، وترك دعاء الصالحين من أهل البيت وغيرهم وترك سائر البدع من اجتماعهم على مآثمهم وغيرها مما يقيمون به شعائر مذهبهم الباطل، ويمنعون من زيارة المشاهد، كذلك يلزمون بالاجتماع على الصلوات الخمس هم وغيرهم في المساجد، ويرتب فيهم أئمة ومؤذنون ونواب من أهل السنة ويلزمون بتعليم ثلاثة الأصول، وكذلك تهدم محالهم المبنية لإقامة البدع في المساجد وغيرها ومن أبى قبول ما ذكر ينفى من بلاد المسلمين. واما الشيعة من أهل القطيف، فيلزم الإمام ـ أيده الله ـ الشيخ ابن بشر ان يسافر إليهم ويلزمهم بما ذكرناه. وأما البوادي والقرى التي دخلت ولاية المسلمين، فأفتينا الإمام أن يبعث لهم دعاة ومعلمين وإلزامهم شرائع المسلمين، واما رافضة العراق الذين انتشروا وخالطوا بادية المسلمين فأفتينا لعبد العزيز أنها من المحرمات الطاهرة! ـ فان تركها فهو الواجب عليها، وان امتنع فلا يجوز شق عصا طاعة المسلمين عليه والخروج من طاعته من أجلها، واما ضريبة الجهاد، فهي محولة إلى نظر الإمام عبد العزيز، وهو أعلم بما هو أصلح للإسلام والمسلمين ونسأل الله لنا وله ولهم التوفيق والهداية، 8 شعبان 1345 هـ)!.. هذا هو نص فتوى الدجل التي تمخض عنها مؤتمر تجار الدين أضعها كما هي، ليرى القارئ ما فيها من متاجرة رخيصة باسم الدين وما فيها من تمويه وتجاهل لمطالب جيش الاخوان وقراراتهم السابق ذكرها، وذر للرماد في العيون وتحامل على أبناء البادية عامة وعلى أبناء الشيعة بوجه خاص يظنون انهم بهذا التجاهل والتحامل بإمكانهم إطفاء غضبة "الاخوان" ولكن هيهات؟ فقد انتفض فيصل الدويش وهو الرأس الأول للإخوان الذين قاتلوا بوحشية إلى جانب ابن سعود فمكنوه كما هو رأس هذه الثورة الأخيرة ضد ابن السعود والإنكليز.. وأول شئ فعله الدويش ان أرسل قوة صغيرة هجمت على مركز بصيّة على الحدود العراقية النجدية الشمالية وقتلت من فيه من أتباع ابن سعود وذلك في 28 أكتوبر 1927، فاستنجد عبد العزيز بالطائرات البريطانية حيث وجهت انذارها بالمنشورات إلى كل عشائر الجزيرة العربية بالابتعاد عن الحدود العراقية إلى داخل نجد!، ثم أخذت الطائرات البريطانية تشن هجماتها المتواصلة على عشائرنا العربية وباشتباكها معها نحو ثلاثة أشهر تمكنت عشائرنا من اسقاط طائرتين بريطانيتين وأرسل عبد العزيز عدداً من الرسل لاقناع الاخوان بأنه سينفذ كل ما يريدون وأنه سيبتعد عن الانكليز ويرسل " المسلمين من الانكليز والذين لم يسلموا بعد والذين هم بطريقهم إلى الإسلام!، إلى ديارهم" وانه سيجعل فيصل الدويش نائباً له وسلطان بن بجاد نائباً للنائب الدويش وان المشاكل كلها لا تحل بالقوة وإنما تحل بالتفاهم!،… لكن الدويش وابن بجاد وابن حثلين اجمعوا قائلين: (اننا نعرف غدر اليهودي ومكره وعاهدنا الله اما أن يقضي علينا أو نقضي عليه)! وبعد ذلك دعا عبد العزيز إلى عقد مؤتمر، عام 1347 الموافق 1928 حضره نحو 800 من تجار الدين ورؤساء الحضر والبدو، ورفض الدويش وابن بجاد أن يحضرا هذا المؤتمر. وافتتح عبد العزيز هذا المؤتمر واختتمه بالحديث عن نفسه (ووجوب اختيار غيره من آل سعود) ثم قال: (والله وتالله وآمان الله انني سأساعد من يختارونه وان الدويش هو المسؤول عن هذه الفوضى)!.. لكن اكثر الذين حضروا هذا المؤتمر قالوا: (ان عبد العزيز لم يأت بجديد من الدجل فكل ما قاله قديم الا موضوع تنازله عن العرش حتّى ولو لواحد من اهله فهو لم يقل ذلك الا ليرى من يطالب بذلك فيطلب رأسه!..) ورغم ذلك فقد تكلم بعض رؤساء العشائر مؤيدين فكرة تنازل عبد العزيز عن العرش لانه هذا هو مطلب من مطالب الاخوان، وقالوا: (انك لو تنازلت فسوف تهدأ ثائرة الاخوان فافعل ذلك يا عبد العزيز).. ولكن عبد العزيز سل سيفه وهدد وتوعد وزعم انّه اخذها بالسيف… بالسيف … أي سيف هذا؟!… رد الثوار أما جيش الاخوان الثائرون خلف الدويش وابن بجاد وابن حثلين وابن مشهور فقد أعلنوا في الهجر (انهم لا يخشون ابن سعود ولا الانكليز لانهم ـ أي الاخوان ـ قائمون بأمر الدين واقامة الشريعة التي هدمها ابن سعود، وان ابن سعود خائن للوعود والعهود وطالب مُلك وموالٍ للكفار ، وشريك للانكليز في جميع أعمالهم وهو الذي دفعنا لتقتيل الاطفال والنساء والمسلمين في الطائف وحائل وبقية بلاد المسلمين بعد أن خدعونا بفتاويهم التي تقول بأنهم من الكفار وان من قتل واحداً منهم فله الاجر في الدنيا والجنة والحور العين في الآخرة، وهكذا تحولت الحور العين من آخرتنا إلى دنيا آل سعود يمارسون فيهن لذاتهم كل يوم وكل ليلة فهم يعيشون في الدنيا عيشة المترفين والكفار ولولا سيوفنا ما صار هذا، ولهذا فان ثورتنا على الظلم مستمرة بقتال ابن سعود).. واتبع الاخوان ذلك بشن الهجمات على مراكز ابن سعود، فطلب ابن سعود من "العلماء" اصدر فتوى تكفّر الاخوان.. وصدرت الفتوى "حسب اللازم" تهدر دم الاخوان وتكفّرهم وتعدِهم بالنار في الآخرة وتحرّم عليهم الزواج بالحور العين في الآخرة وتبشر كل من قتل واحداً منهم بالجنة والحور العين الرعابيب. فاستجاب أهالي نجد لقتال الاخوان ـ كما قلنا ـ بدافع من النقمة الشديدة على ما سبق أن ارتكبه الاخوان من أعمال وحشية بهم وبديارهم وأهليهم … وانتقل عبد العزيز إلى بريدة وجعل منها منطقة تجمّع لجيوش نجد الجديدة.. وعلم الاخوان بذلك وأخذوا بالتجمع أيضاً وأخذ ابن سعود يتقرب لهم ويرسل لها مفاوضين باسمه وهو يزحف عليهم حتّى تقارب الجيشان في "السبلةـ قرب بلدة الزلفى.. عند ذلك أرسل سلطان بن بجاد رسولاً من عنده إلى ابن سعود في معسكره، بناء على اتفاق من قادة الاخوان، بغية الاستطلاع عن قوات ابن سعود، فدخل الرسول يحمل كتابا من ابن بجاد إلى ابن سعود وسلم الرسالة لابن سعود دون أن يسلّم عليه لايمان "الرسول" أن ابن سعود أصبح ملكا ومنحرفا وعدواً للدين، واستكبر عبد العزيز بن سعود هذه الاهانة أمام جيشه الجديد فقال بحدة: (من انت يذا الذي ما تسلّم؟. الست ماجد بن خثيلة؟) وأخذ يسرد عليه تاريخه ويقذفه بالمسبات، ويقول له: (كيف تدخل علي ولا تسلم؟… اخرج وارجع إلى الذي ارسلك وقل له اننا قادمون للهجوم غدا) وعاد ماجد بن خثيلة ليخبر الاخوان بما جرى، وقال فيصل الدويش (انني سأذهب بنفسي لارى جلية الامر وإذا لم ارجع اليكم يالاخوان يكون ابن سعود قد اعتقلني أو قتلني) وكان قصد الدويش من هذه المغامرة ان يستحث الاخوان على الهجوم على ابن سعود قبل ان يهاجمهم، إذا اعتقله ابن سعود، اما إذا لم يعتقله فانه يستطيع تطمين ابن سعود وجيشه ويطلب منه ان يبيت في ضيافته حتّى الصباح وبذلك يظن الاخوان ان الدويش قد اعتقل فيهجمون ليلا وتكون مباغتة لابن سعود فيسحقه الاخوان.. ولكن" مجلس الربع" الانكلو ـ سعودي تنبه لهذه الخطة.. ووصل فيصل الدويش إلى المعسكر السعودي واخذ يبدي تودده لابن السعود و"مجلس الربع" واظهر استعداده للتسليم وانه ليس على رأي ابن بجاد وانه سيبيت عندهم!… فقال له ابن سعود: (قم فنم عند قومك وان كنت صادقا فتنح عن جماعتك والا فموعدكم غدا بعد شروق الشمس).. وذهب الدويش إلى قومه وأخذ يعدهم للمعركة وأقنعهم بضعف ابن سعود رغم ضعف اسلحة الاخوان وفي يوم 30 مارس سنة 1929 م هاجمت جيوش عبد العزيز جنود الاخوان هجمات لم يقدروا على صدها لكثرة عددها وعتادها واقدامها الحاقد المنتقم من الاخوان ولم ينتصف نهار ذلك اليوم حتّى قضى على الاخوان وهرب القليل منهم أما البقية فقد ابيدوا عن آخرهم وقد عرفت وارخت تلك المجزرة السعودية الشهيرة باسم (وقعة السبلة) أو (سنة السبلة) حيث ملئت ارض السبلة على وسعها بالجماجم والجثث ولا زالت بقايا هياكل الأجسام والجماجم والاظافر موجودة على تلك الأرض.. وكان عدد الجند السعودي/ 40.000 / وعدد جند الاخوان /4000/ كما ذكر حافظ وهبة. أما فيصل الدويش فقد سقط جريحاً وحمل على عبد العزيز بن سعود بين الموت والحياة، فتركه، بعد أن أبلغه أحد أطباء عبد العزيز الانكليز ان الدويش سيموت بين عشية وضحاها ولكنه لم يمت… اما سلطان ابن بجاد فقد فر من الموت ولكنهم طاردوه وغدروا به فاستسلم في بلد شقراء بعد أن عاهده عبد العزيز انّه لن يناله بسوء، ولكن عبد العزيز الغادر غدر به وأمر بادخاله السجن وتركه مقيداً بالحديد والحطبة بلا طعام ولا ماء حتّى مات موتا بطيئا من شدة الجوع والظمأ… وكذلك بقية الأسرى فقد قتلهم عبد العزيز في السجون وقتل 70 منهم بسيفه والقيود بايديهم.. ثم أرسل جمعاً من الجيش "المستحدث" يقوده ابن جلوي لمطاردة قبائل العجمان في الإحساء.. وتأكد الدويش ان الطاغية عبد العزيز سيلحقه بزميله سلطان بن بجاد، فهرب من حيث كان يضمد جراحه في الارطاوية واستقر بين الكويت والإحساء وانضم إليه العجمان بعد أن قتل عبد العزيز بن سعود زعيمهم ضيدان بن خالد بن حثلين بيد فهد بن جلوي الذي قتله العجمان هو الاخر انتقاما لزعيمهم. نبذة عن ثورات العجمان ومصرع فهد الجلوي وألقى فهد بن جلوي القبض على ضيدان ببن خالد بن حثلين أثر مطاردته له في مكان بالإحساء يطلق عليه اسم ـ عوينة كنهر ـ وقتله ، وكان يقف إلى جانب فهد بن جلوي احد حراسه ويدعى نايف بن حثلين ـ وهو من ابناء العجمان الشجعان ـ فأطلق النار على ابن جلوي ثأرا لابن عمه ضيدان بن حثلين رغم أن نايفاً كان خصما لابن عمه ضيدان بل انّه خرج مع ابن جلوي في تلك الحملة التأديبية ضد ابن عمه ضيدان ولكن الغيرة الوطنية دفعته لقتل فهد بن جلوي بعد أن رأى دم أبن عمه فأعلن الثورة على آل سعود في ذلك اليوم 19 ذي القعدة سنة 1347 واستمر يقود قبائل العجمان الثائرة حتّى تمكن السعوديون من القاء القبض عليه بعد ان سلمهم الانكليز وقتله الطاغية عبد العزيز مع رفاقه الدويش وجاسر بني لامي وغيرهم من الثوار عام 1352 فاستشهد نايف بن حثلين، أما عن مقتل فهد بن جلوي على يد هذا البطل نايف فكانت طعنة من اكبر الطعنات التي وجهها العجمان الأبطال لابن سعود وللطاغية عبد الله بن جلوي بقتل ابنه فهد الذي يعتمد عليه أكثر مما يعتمد على الطاغية الابن الثاني سعود الجلوي. ولم يكن فهد بن جلوي الطاغية هو أول من قتله أبناء العجمان الشجعان فقد قتلوا عام 1333 هـ قبله الأمير سعد بن عبد الرحمن آل سعود شقيق الملك عبد العزيز وحاولوا ان يقتلوا معه شقيقه عبد العزيز ولكنه هرب بعد أن أصابوه بجرح في بطنه… ولم يكن هذا فقط.. فقد جرت للعجمان ثورات كثيرة ضد طغيان آل سعود وعدوانهم وكان النصر فيها دائماً لقبيلة العجمان على الأعداء آل سعود، ففي عام 1278 هـ غدر الامام فيصل آل سعود (الأول) برئيس قبيلة العجمان بن حثلين، وادخله السجن ثم ارسله "الامام" ابنه عبد الله بن فيصل آل سعود فهجم على العجمان سنة 1278 في مكان اسمه (ملح) قرب الكويت فقتل منهم 57 بعد ان هاجمهم غدراً ولكنهم انتصروا عليه وقتلوا 136 سعوديا وهرب فيصل، واعاد الكرة عليهم عام 1279 في مكان اسمه كاظمة وكان معه عدد يفوق عدد العجمان مما اضطر العجمان إلى اللجوء إلى ساحل البحر فكانت فرصة للسعوديين ان يطوقوا العجمان من كل مكان مما نتج عنه غرق عدد من العجمان في البحر واطلق على ذلك العام اسم (عام الطبعة) وعندما رأى قائد العجمان الشجاع راكان بن حثلين أن لا مفر لهم من الموت براً أو بحراً وقف البطل في قومه العجمان وقفة أعادت إلى تاريخ الجزيرة العربية ذكرى طارق بن زياد حينما وقف في العرب والمؤمنين الأول وقال: (العدو أمامكم والبحر وراءكم فاختاروا بين الموت في البحر أو النصر) فانتصر المؤمنون الأول على الاعداء رغم قلة المؤمنين وكثرة الاعداء... هكذا فعل راكان بن حثلين حيث ركب ظهر جواده وأردف زوجته وراءه وراح يهتف في قومه يستحثهم: إما على التخلص من الاعداء السعوديين أو الموت الفطيس في البحر، ويردد قولاً اشبه بما قاله طارق بن زياد تماماً حينما اخذ راكان بن حثلين ينادي ربعه بأعلى صوته في انشودته الشعبية الشهيرة مخترقاً صفوف الاعداء: يا ربعنا ما من مَطِير جمعين والثالث بَحر بايماننا نفتح طريق لعيون مصقول النّحر هنالك.. التحم العجمان مع السعوديين الاعداء وانتصر العجمان بالحق على اعداء الحق رغم كثرة الاعداء وقلة عدد العجمان آنذاك.. ولقد كانت للعجمان مواقف مشرّفة ضد الغزاة العثمانيين حينما تعاون آل سعود مع الاتراك وادخلوهم الإحساء… لكن الاتراك تغلبوا بما لديهم من قوة على العجمان وأسروا البطل راكان بن حثلين فنقلوه أسيرا إلى الاستانة في تركيا ولم يهدأ العجمان حتّى اعاد الاتراك قائدهم البطل بن حثلين من تركيا (ولهذا حديث آخر). وهكذا استمرت ثورات العجمان ضد كل محتل ودخيل وتواصلت ثوراتهم طيلة مدد الاحتلالات السعودية المتعددة، وكان ثوار العجمان يتعاونون مع كل قبيلة ثائرة ضد آل سعود، وهو ما جعل العجمان يثورون مع الاخوان اخيراً بقيادة ضيدان بن حثلين الذي قتله الطاغية الفاسد فهد بن عبد الله الجلوي مما دعا نايف بن حثلين ليثأر لابن عمه ضيدان فيقتل فهد بن جلوي ويرفع علم الثورة من ذلك المكان عام 1347 هـ مع قبائل مطير وعتيبة الثائرة على آل سعود اعداء الوطن… وانتشر الثوار من قبائل مطير وعتيبة والعجمان في انحاء نجد والإحساء والشمال، ورغم ضعف وسائلهم الا انهم اصبحوا يهددون العرش السعودي الآثم، لكن هذا العرش الفاسد استطاع أخيراً أن يبث الشقاق والتفرقة بين ابناء هذه القبائل الثائرة نفسها.. فارسل قسماً من قبيلة عتيبة الموالية للعرش السعودي لضرب عتيبة الثائرة عليه فتمكن آل سعود بهذا الخداع اليهودي من جعل عتيبة تقتل عتيبة، ومطير تقتل مطير ابناء عمهم الذين ثاروا على العرش الفاسد وسلبوهم كل ما كانوا يعيشون منه وما كانوا يركبونه من ابل واغنام ثم ارسل الطاغية عبد العزيز آل سعود ـ ابن عمه ـ عبد العزيز بن مساعد ومعه عدد كبير من نجد لمطاردة الثوار "الاخوان" فالتقوا بعبد العزيز الدويش (ابن سلطان الدويش) وعضده الايمن، وكان في طريقه إلى ام ارضمة ـ وفيها مورد ماء كان ينوى الورد منه وقد علموا به مسبقا فسبقوه إلى الماء واستولوا عليه وما ان وصل عبد العزيز الدويش إلى الماء ظمآنا حتّى منعوه من الماء وهاجموه وجرى تبادل اطلاق النار في معركة كان الخاسر فيها عبد العزيز الدويش الذي قُتل في مجزرة ام ارضمة أو مجزرة (المسعري) حيث قتل السعوديون كل جند الدويش الابن وكان للظمأ دور كبير في جعل آل سعود وجنودهم يرتكبون تلك المجزرة في احسن مجموعة من رجال مطير الحربيين، وهاتان الضربتان قد جعلتا فيصل الدويش يهتز هزة عنيفة فتقهقر إلى حدود الكويت بعد أن أخذ السعوديون يضايقونه من الداخل. وهنا جاء دور الانكليز ليلعبوا لعبتهم القذرة، فاخرجوا السيارات المصفحة والمدافع الرشاشة والطيارات لمحاصرة فيصل الدويش على طول حدود الكويت ـ العراق ـ الأردن، ومن ناحية أخرى هاجمه محسن الفرم رئيس قبيلة حرب، ومعه ابن طواله وابن سويط وعدد من عربان العراق وكانوا موتورين جميعا من الدويش والتقوا به في يوم 30 ديسمبر 1929 قرب الحفر في شمال الجزيرة العربية وهاجموه واشعلوا النار في خيمته فهرب منهم متجها إلى الكويت ولم تتركه القوات الانكليزية بل طاردته حتّى استسلم لها بالجهرة في 9 يناير 1930 م. وفي 19 يناير 1930 أوفدت حكومة بريطانيا الكولونيل بيسكو رئيس قناصل الخليج يساعده الكولونيل ديكسون قنصل الكويت. وفي 28 يناير 1930 أقلتهما الطائرة البريطانية فيكتوريا إلى حيث كان ينتظرهم عبد العزيز آل سعود ومجلس الربع في مكان اسمه خبارى واضحة جنوب الكويت حيث عقد مؤتمر بين الانكليز وعبدهم عبد العزيز املوا فيه كل ما يريدون من شروط بصم عليها عبد العزيز وكان من بين الشروط ضياع فلسطين، وانتهوا على تسليم فيصل الدويش وأبو الكلاب وجاسر بن لامي ورفاقهم إلى عبد العزيز بن سعود، وقد زعم الانكليز انهم قد اتفقوا مع عبدهم عبد العزيز على أن يبقي على حياتهم، وما اكذب من المستعمرين الانكليز إلاّ عبد العزيز وآل سعود… فماذا حدث في هذا اليوم؟… وفي يوم 28 يناير 1930 وصل الكولونيل ديكسون وقائد البارجة الحربية في طيارة انكليزية ومعه الدويش ورفاقه المعتقلون، وكان الدويش ورفاقه قد طلبوا اعتبارهم لاجئين سياسيين لحكومة العراق وتظاهر الانكليز لهم بذلك وقالوا لهم (اننا نرى ان ننقلكم بالطائرة إلى العراق فاركبوا الطائرة) فركبوها ولم تذهب بهم للعراق وانما ذهبت بهم إلى مطية الانكليز المستعمرين الذي لا ضمير لهم… وادخل الدويش ورفاقه إلى خيمة الملك المنتظر قدومهم على أحر من جهنم، وتقدم الكولونيل ديكسون وقال: (بالنيابة عن حكومة بريطانيا اسلم لجلالتكم فيصل الدويش واصحابه)، فقال الملك عبد العزيز حرفيا: (الف شكر لكم والف الف شكر لبريطانيا العظيمة الحبيبة الصادقة في صداقتها ومودتها، انها كل يوم تقيم لي برهاناً جديداً على موتها الوطيدة وحبها. انها صاحبة الفضل الأول في تكوين عرشنا وفضلها دائم علينا) ثم انصرف الكولونيل البريطاني وبقي الدويش ورفاقه دون أن يسمح له بالقعود!. والان، اقرأوا ما قاله عبد العزيز بن سعود بكل وقاحة لفيصل الدويش في هذه المقابلة غير الشجاعة وغير المتكافئة.. قال: (يا فيصل الدويش، انت تعلم ما قصرت معكم في شئ… فهل تريدون الملك؟! من منكم له الفضل علي؟ من منكم لم آخذه بسيفي ؟! ليس منكم الا من قتلت اباه أو أخاه!، وكيف تطلب الهجرة واللجوء من جلوب والانكليز للعراق. هل تظنون انكم بعيدين عن يدي عندما تكونون تحت حكم الانكليز بالعراق ولم يمكننا إلاً الله والانكليز من هذا الملك؟!)… وتكلم الدويش… الدويش يخاطب عبد العزيز بشجاعة الثوار قال فيصل الدويش: (يعلم الله يا عبد العزيز انك لم تقصر معنا في الدراهم والهدايا والعطايا من الأحذية إلى حبال الآبار إلى الجواري… ولكن يا عبد العزيز الهدايا والعطايا ليست كل شئ في الحياة وانا أعلم أنك ستذبحني هذه المرة، ولكنني أقول لك أنت تعلم أن سيوفنا هي التي مكنتك من هذا الملك وليسوا الانكليز.. صحيح ان الانكليز اعطوك المال والسلاح والخبراء والخطط الجهنمية ولكنهم لم يعطوك رجالا غيرنا، وكنا نظن اننا نسير معك على ملّة محمد العادلة، ولكنا وجدنا في آخر الطريق الذي سويناه لك ، يا عبد العزيز، اننا نسير، وياللأسف، على ملة الانكليز معك لأنك بعت البلاد للإنكليز، ولم يبدأ خلافنا عندما كنت تحمل لقب الأمير فقط وتأكل مثلما نأكل وتلبس مما نلبس وتعيش كأنك واحداً منا، ولكنا اختلفنا معك عندما أخذ الانكليز يقلدونك قلائد السلطنة ويبدلوا مناصبك ووظائفك من اسم إلى اسم، واشتد الخلاف معك بعد أن دخلنا مكة وأشار عليك الانكليز بأن تعلن نفسك ملكا على الحجاز وسلطانا لنجد ثم ملكاً للحجاز ونجد، ثم اختلف عبد العزيز الذي كنا نظنه ما يختلف، وعندما كنا نطلب منك الابتعاد عن الانكليز كنت تقول لنا ان الانكليز يريدون الدخول في الإسلام ليساعدونا على جهاد الكفار من أهل حائل والحساء ونجد والكويت والحجاز حتّى اصبحت تعمل للإنكليز وكأنك واحداً منهم، ولقد حاربناك لا من أجل زيادة في الهدايا والعطايا ولكن من أجل ابعاد الانكليز عن بلادنا ومن أجل أن لا تعلن نفسك ملكاً فنحن نعرف الدين الذي يحارب الملوك ونحن لم نحارب حسين الشريف الا لأنه فاسد ويتعاون مع الانكليز، واشتد حقدنا عليه عندما أعلن نفسه ملكاً على المسلمين، فكيف نحارب حسيناً ونضع مكانه عبد العزيز وانت تعرف اننا نؤمن بالقرآن والقرآن يقول: "ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها" فكيف تريد أن نترك شريعة القرآن ونتبع شريعة الملوك التابعين للانكليز؟ اما طلبنا الهجرة إلى العراق فنحن لم نطلبها الا هربا من وجهك يا عبد العزيز بعد ان قاتلناك اتباعاً لديننا وتغلبت علينا بخطط الانكليز وطيارات وسيارات وذهب وسلاح الانكليز، ولم نطلب الهجرة إلى العراق إلا لأن العراق بلداً من بلاد العرب والاسلام وطلبناها بعد أن ألقى الانكليز القبض علينا، وقلنا لهم اننا لاجئين عند الشريف فيصل مع أن بيننا وبين الشريف فيصل ووالده واخوانه عداوة ولكن هجرتنا إلى بلد عربي وليست هجرتنا للانكليز، ولو اننا راكنين للانكليز لرحبوا بنا وساعدونا كما يساعدوك وحافظوا على أرواحنا بدلا من أن يسلمونا لك يا عبد العزيز، ولكننا لم نركن للانكليز ولعنة الله على من يركن لهم. لقد حملونا اليك في واحدة من طياراتهم الانكليزية، لعنة الله على الكفار، قاتل الل

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow