Alef Logo
يوميات
              

مذكراتٌ مبعثرةٌ على مكتبِ محامٍ غائبٍ 8

ناديا خلوف

خاص ألف

2013-05-08

أعراس الوطن
حكاياتي تنامُ في زوايا حديقةٍ خلفيةِ . زوايا غرفةٍ معتمة . زوايا سريرٍمهجور
أشجارُ حديقتي تتنصّتُ على الغرباء الذين يدخلون الدّار . تبوحُ لي بأسرارهم.
ربّيتُ أزهارَ النّارنجِ على الغضبِ
وورودَ الصّيفِ على النّوم باكراً
كنتُ على سفرٍ
وصلتُ في الصّباح .
رأيتُ الأشجارَ مرهقةً من السّهر
ربما كانتْ لي تنتظرُ
أرى على الأريكةِ شعرَ امرأة . من تكون ؟
من أتى في غيابي إلى هنا يازوجي العزيز ؟
عزيزي . يبدو أنّ ضيوفاً قدموا إليك . أقدّرُ الأمرَ . من الصعب أن تبقى وحيداً
عندما تقولين لي" عزيزي" ، أشعر بالرّجفان . تعالي نخرجُ دون الدّخول في حواراتٍ عقيمة . سنتاولُ طعام الغداء في المطعم . اشتقتُ إليك . سيكونُ يومُنا احتفالياً بمناسبةِ عودتكِ بالسّلامة .
هل تستغبيني ؟
اخرجْ على وجهِ السّرعة من منزلي . لا تعدْ . لستُ مغفّلةً كي تأخذني في وهرةِ الكلام .
مهلكِ حبيبتي. سأغادرُ . دعيني أقبّل يدكِ ، وألملمُ أشيائي .
ها أنا أحملُ مفكّرتي بيدي ، سأخرجُ الآن . أنا طوعُ أمركِ . قولي لي : متى يمكنني العودة ؟
يالكَ من متحايل !
استطعتَ أن تبدو ضعيفاً . أضحكتني . ابقَ . إيّاك أن تشربَ أو تأكلَ . أفرُضُ عليك صوم يوم كفّارة الكذب .
كم أنتِ راقية !
أتيتِ من البراري . بدوتِ بفراءٍ ناعم . لم أنظرْ إلى مخالبك يومها .
سأذهبُ لأجلبَ الأشياء التي تمكّننا من الاحتفال . سنحتفلُ اليوم بحبّنا .
إن لم تكفّ عن الكلام سأتراجع عن قراري . أنا لستُ احتفالية ، ولا أحبّ النبيذَ ولا عطور الرّجال . إنّني من قرية شرقية لا تعرفُ فيها المرأة سوى رائحة الأغنام . هل تعتقدُ أنّكَ ذكي لدرجة أنك تطعم فمي وينتهي الأمر ؟ أرغبُ بطقم من الذّهب لا بنتي الكبرى يقيها من الزمان .
هل أفهم أنّه يمكن أن تساومي على كرامتك ؟
نعم . نعم .افهمْ كما تشاء . لو شئتَ أصرخ ويسمع العالم ، الدّار داري . وقد أعلنتُ الأحكام العرفية . نفّذ ثم اعترضْ.
عفوكِ ليليث !
. ليليث، أو الأفعى ، أو مصاصّة الدماء . لا تفكّرْ كثيراً بهذا . خذ ابنتنا ، وبعد أن تشتريَ لها ماطلبتَ . تعالَ على وقتِ الغداء . قرّرتُ أن أطبخَ الفاصولياء البيضاء والأرز .
لا ترعبينني أرجوكِ . هل نويتِ قتلي . هذا الطّعام فقط للموتى .
طلباتكِ أوامر . سأعودُ أنا وابنتي حبيبتي في الحال
ماما
أرأيتِ ماذا اشترى لي أبي ؟
لماذا لا تنظرين ؟
ها قد نفّذتُ أوامركِ
اقتربْ . سأهمسُ في أذنكَ كلماتِ حبّ
أخافُ . لا أستطيعُ الاقتراب .
قلتُ : اقتربْ .
حاضر " مجبر أخاك لا بطل "
هذا الذّهبُ من العيارِ الخفيف . لا ترفعْ صوتكَ أمام الأولاد .
اجلس إلى المائدة ، وكأنّ شيئاً لم يحدثْ . سأجلبُ الطعام
ماهذا الضجيج ؟
أنا وأولادي سعداء . وعدّتهم بالكثير من الأشياء . نغيّر الجوّ الحزينَ الذي وضعتنا به . ألا يحقّ لنا الفرح ؟
ما بكِ ؟
لماذا لا تتناولين الطّعام معنا ؟
لأنني أشعر أنني أكلّم حظّي ، وحظّي إما عاثرٌ أو متعثّر بك
عذرا حبيبتي .
الأمرُ مرهونٌ بطفولتي
وعذاباتي الحقيقية
ليسَ لكِ ذنبٌ فيها . جعلتكِ تعانين دهراً . صحوتُ للتوّ
آلامك أيقظتني . وكلّما حاولتُ أن أهربَ إلى كأسي .
أعدتيني إلى الألم . فأحتاجُ للمزيدِ
سنتحدّث في الصّباح كثيراً . أتفاءلُ بوجودكِ قربي . لدينا قضايا هامة غداً .
حلّ الصباح . أسرعي .
هل اليوم عطلة ، أم أنّنا أتينا باكراً ؟
أغلبُ المحامين لم يأتوا اليوم
أعلامٌ في ساحةِ المحكمة
وقعنا في الفخ . كيف سنهربُ ؟
هؤلاء الأشخاص عناصر يعملون عند "أبا الحسن عليّ " ينّظمون المحامين والقضاة .
لماذا لم تذكّرينني أنّ اليوم هو استفتاء ؟
وكيف أذكّركَ ؟
منذ عدّة سنوات لم أسمعِ الأخبار ،

ولا أعرفُ أسماء الرؤساء. يمرّون أمام شريط ذاكرتي ، وكأنّهم من الزمنِ الغابر . العالم يبدو لي موحشا معهم . دعنا من سيرتهم .
دعنا نمشي مع هذه الجموع الزائغة الأبصار ، ثمّ نزوّغ من الصّف . كنتُ أفعل هذا عندما كنتُ معلمة .
هاهو عضو الجبهة الوطنية عن نقابة المحامين يلقي كلمته . انظري كم هو نظيف ؟
بذلته جديدة . ربطةُ عنقه حمراء ، يبدو عليه النضال . فصبغةُ شعره سوداء مرسومة بفرشاة الوطن .
استمعْ :

"أعراسُ الوطن هذه . تبيّن بما لا يدع مجالاً للشكّ صحّة السّياسة الخارجية لسيّدَ الوطن . وهذا لايعني أنّنا مع السّلطة، نحن ضدّ الغلاء، ونعارض النّهج الداخلي لبعض الأشخاص . نحن ثوّار . أحرار . . . "
تصفيق .
هيْ . استيقظي .أنتِ من طلبَ أن نستمعَ . تشخرين وأنتِ واقفة !
هل انتهت النّشرة الجويّة ؟
كنتُ أحلمُ
عذراً . اعتقدتُ أنني أنتظرُ النّشرة الجويّة بعد الأخبار . أنتظرُها كلّ يوم بفارغ الصّبر ، ولا أراها لأنّني أستسلمُ للنّوم .
هل تحدّث بشكل جيد ؟
نحن في ورطة . لو تنفّسنا ، لا نقضّتْ علينا تلك الجموع الثائرة في عرس سيد الوطن .
بينما كنتِ تمارسين طقوسَ الاستماع ، وأنتِ نائمة . أرى أنّنا في ورطة
هل أحسستِ يوماً أنّكِ حشرة ؟
ينتابني هذا الشعور
أخجلُ . أدفنُ رأسي بين كتفيّ
وأحسدُ الذين يقيمون هذا العرس
انظري إلى ذلك القاضي " رئيس النيابة " يهتفُ بحبّ الوطن . اعتقدتُ للحظة أنّه محترمٌ . ها قد وصلنا إلى قرب شعبة الحزب . المكانُ مطوّقُ
سنستمعُ إلى كلمة أخرى . إيّاكِ أن تنامي !
"سنرقصُ في عرس الوطن . الاستفتاءُ ليس في قاعة "الصّندوق ". إنّه هنا ، فليرَ العالم من نكون . نحن قادمون من الحضارة "
تصفيق
هل عرفتِ ماذا قال ؟
أخذني النّوم لحظة . البارحة سهرتُ حتى الصّباح وأنا أنظّف الصحون بعد زيارة أقاربك .
وما ذنبي . أنتِ من دعاهم . قلت لك ابتعدي عن عائلتي !
أنت تحلم . إن لم أقترب منهم من سيوصل لي أخبارك كي يغيظني ؟
اسكتي الرئيس قادم
تفضلوا إلى الدّبكة .
نعم . بعد قليل . سنجلبُ أولادنا كي نشاركَ بالفرح
انظر . رئيس النيابة يمسك على الأوّل . ركبتاه لا تساعدانه كثيراً . أريد أن أبكي عليه . باع نفسه من أجل العيشِ . أنا ذاهبة إلى المنزل مشياً على الأقدام . إن كنت ستبقى لا أمانع .
أوه . خلصتُ من هذا الكابوس . أصحاني هذا الحلمُ من موتي . الشّكر لك يارب . خلصتني من المعاناة . لو كنتُ على قيد الحياة . لقتُلتُ ورأيتُ دمي .
لماذا تبكين ؟
كنتُ معكَ في الحلم . صحوتُ منه للتوّ ، وكلما غفوتُ يعاودني الكابوس .
أرغبُ في الموتِ لبعضِ الوقت
حبيبي
لو متّ لحظةً وأتيتُ إليك
لصفعتكَ بكلتا قبضة يديّ
لعاقبتك على حياتك
فكلما كنتَ تقولَ كلمة " وطن " أصمّ أذنيّ
لو رحلتُ لحظةً إلى الموتِ . لعريّتك من عظامك وجمجمتكَ ، وأحلامكَ
لو أتيتُ لحظة إليك . لغفرتُ خطاياك الكبيرة
وعذّبتك من أجل ترّهات ، وأوهام حول كلّ الكلمات الثّائرة وأوّلها النّضال
موتكَ كحياتي
وأحلامكَ ذكرياتي
لو رحلتُ إليك ، لبكيتُ العمرَ في تجاويف عينيكَ
وفاض دمعي
فخرجتَ نبتةً جديدة من القبر
ولبستَ قميصاً غير ذاك الذي لبستَه من قبلُ
قد لا يكون قميصَ إنسان .
أكملي . عدت إلى الحياة الآن. لن تريني . فقط أرسلُ صوتي إليك
قام . حقّاً قام . ما أسعدني !
اسمعْ ياهذا . غيرتُ مكان إقامتي
أعمل في مكتب اسمه كبير
في نفس المهنة .
عظيم . عظيم . أخباركِ تفرحني .
لاتفرحْ كثيراً . أعملُ كعبد
وماذا في الأمر ؟
هل تأكلين وتشربين ، وتتسوقين . كنّا أحراراً نبحثُ عن عبودية .
أخشى أن تغضبَ لو أخبرتك القصّة بأكملها .
طلب يدي مالكُنا !
قال: سيعطيني مكتباً في أرقى مكان أتابعُ منه عبوديتي
لماذا تضحك ؟ الأمر جدّي . ألا تغار ؟
هل تريدين الصّدق ؟
لا أغارُ . أخشى على الرّجل . لكن أكملي قد أغارُ من قرارك .
لم أتّخذْ قراراً بعد . كنتُ شبه نائمة ، وعندما نظرتُ إليه من رأسه حتى أخمص قدميه . رأيته ضئيلَ الحجم . قلت من هذا ؟ تمعّنتُ به . أردتُ أن أضعّه على كفي الأيمن وأرفعه إلى مقابل عينيّ .
يالكِ من عنصرية !
هل كان هذا سبباً للرّفضِ ؟
وما المانع أن يكون قصيراً أليس رجلاً ؟
أنا أيضاً لست بالرّجل الطويل .
سأتبعُ الصوتَ . لأعرفَ أين أنت
اعتقدتُ للحظةٍ أنّك تغارُ عليّ من النّسيم
لو كنتَ رجلاً لما تجرأتُ عليكَ بالحديث
اظهرْ وسأسامحكَ
سنحتفلُ بعودتكَ إلى الحياة ، وأجلبُ لك من كرم قريتنا بعض حبّات العنب السّود . أصنعُها نبيذاً بيديّ . أعتّقها في وادي الذكريات .
كرمُ أبي ، وبساتين قريتي كلها مليئة بما تحبّ.
لا تبكي أرجوكِ . لا تندبي . لا تحزني .
لاتذهبي من قربي . أحتاج لحكاياتكِ في قبري
قولي : هل رفعتِ الرّجل على كفّك ؟
لازلت أتصوّر الموقفَ ويضحكني . . .

تعليق



Nagy

2013-09-26

This is what we need - an insight to make evonyere think http://ajmvmzw.com [url=http://susyzhupii.com]susyzhupii[/url] [link=http://sucnvxsmwj.com]sucnvxsmwj[/link]

أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow