يوميات ليست نسبيّة لكائن ليس مطلقا
2007-05-19
أنا كائنٌ لا يطاقُ...
وسوف أحاولُ رصْدَ الحكايةِ...
منذ تناسختُ من نطفة النورِ في صلبِ آدم
من قبل عشرين قرناً ونيّفْ
إلى أن تشرّفتُ يوماً بهذا العماء الذي لا يشرّفْ
إذاً فاعذروني
إذا وقعتْ نبرتي مثل بابِ البكاءِ لتنزفْ
أشدّ حبال خيالي
أثبّتُ فيها شراعي فتصّاعدُ الريحُ
أغرقُ, في حين أزعم أني أجدّفْ
فلا تشمتوا إن خسرتُ مع السّر مجد البلاغةِ
لم أستطع أن أكيّف حرّيتي
مع شرط الخرابِ الذي لا يُكَيّفْ
وكيف أزخرف تمثال موتي بحسن الصياغة
واللؤلؤُ اللغويّ مزيّفْ؟
وكيف سأملأ بالزهر والنمنماتِ الرهيفةِ
صَدْعَ الوجود المجوّفْ
وما اعتدتُ أن أنحني للذئاب
وفي كل شأنٍ على برعم الروح تعصفْ
وما اعتدت أن أتماهى بأي قناعٍ
وأن أتوارى وراء الرموزِ
وفي داخلي تدخلُ الأرضُ فصلَ التلاشي وتسرفْ
لهذا
أنا
كائنٌ
لا يطاقُ
*
ولدتُ على درجٍ من رياحِ الخريفِ بلا أي جدوى
وفي حيّ صفصافةٍ هرمةْ
ترتّب أمي لسيّدها حلمهْ
لكي يحلمهْ
وكان أبي مثل ناعورةٍ لا تملّ الأنينْ
ونحن حواليه زغب القطا
إخوة بينهم وشوشاتٌ وذعرٌ
تعاويذ, بضع رسائل سرّيةٍ للحنينْ
وأمّي تقول بأني الوحيد الذي فضّل الانزواء
بلا ضجّةٍ, موحشا, أتحدّث في السّرّ مع كائنٍ
سوف يتبعني ظلّه بعد عشرين عاماً
وكنت أرى أنه لا يطاقُ
هو الشاعر المنتظرْ
سيكبرُ قبلَ الأوانِ
وينسى طفولته في حجرْ
ولن يتذكّر شيئاً سوى أنه لم يكن مرّةً
يشبه الطفلَ,
لن يتذكّر أيّ مكانٍ يحنّ إليهِ
ولا مقعداً يستريحُ عليهِ
سيرمي يديه إلى بيدر الحزن
في زمنٍ نازلٍ من حبال الضّجرْ
ويتركُ أعماقه ظلمةً لا تقرّ على جنّةٍ أو نَهَرْ
سيعرجُ من صخرةٍ من سلالة سيزيف
يرحل في ردُهات الجحيم
ويلصق جبهته ببلاط سقرْ
ويطلقُ صرخته في الفراغِ:
إلهيَ أين المفرّْ؟
وكان أبي جامعاً من عذابٍ
ينير مساءَ الخميس أصابعه العشرَ حتى الصباحِ
يبخّر أوراقه النّبويّةَ
يغفلُ في نشوةِ السحرِ عن قلبِه
إلى أن أفاقَ على صوت رعدٍ
يديرُ شؤون الخرابِ على رهبة الصّولجانِ
فقام ليطرد شرّ الطبيعةِ,
حرّك بعضَ الرموز
وأنعش جنّيّةً صرخت:
لا أرى أيّ ضوء بهذا الدخانِ
ولم يدرِ أن الحقيقة أقوى من الجانِ...
فوجىء أن أصابعَهُ العشرَ قد فقدتْ إصبعين
تأمّل داخله فرأى حزن يعقوب فيهِ
وكان لدى والدي يوسفان
فقدناهما مرّةً واحدةْ
ومازلت أسأل بادية الشامِ عن أثرٍ لقميصٍ
وعن عنقٍ لم يزل يتجلّى
كمئذنةٍ رمضانيّةٍ في السحورِ الأخيرِ
وأسأل راعي الحمادِ:
أيا من رأى يوسفاً سالَ من ههنا دمه
قبل أن يفتح الفجرُ أبوابه
من رأى نصفه, ربعه,
أو سلاميّةً من أصابعه,
غرّةً كان يلهو بها في غروب فقيرِ
فلا بدّ من أثرٍ لتصدّق أمي نبوءتها
وتكفّ عن النوم بين القبورِ
تفتّش بين الشواهدِ عن اسم يوسف
كي تقرأ الفاتحةْ
كبرنا... ويوسف ـ توأمنا ـ
ممعنٌ في غياهبه الواضحةْ
وأمّ البنين العجوز تؤذّن
متروكةً لهواجسها المالحةْ
ومهجورة من بنيها
ومن شاعرٍ محدثٍ عاجزٍ أن يميل
على عمرها المتهدّم في قلبها ويقول لها:
كم أحبّكِ يا صالحةْ
فكيف أطاقُ؟.
*
أنا الآن أضعفُ من جرّةٍ مهملةْ
أخبّئها داخلي خلف أبعد ضلع
لأنسى تفاصيلها المثقلةْ
وما بين وقتٍ وآخر أنفضُ عنها
صدى الولولةْ
أحاول إغفالها مرتين, ثلاثاً
ولكنها صورتي المقبلةْ
سأسكبُ داخلها كلّ حينٍ
على مطلعٍ في الحديقةِ
أو حجرٍ في القصيدة,
أو في رؤى سنبلةْ
وأخبر عنها توابيتَ من يولدون
ليرفع كلّ قتيلٍ ستاراً على مسرح القتَلَةْ
*
سأتلو عليكم كلامَ العناقِ مع الذاتِ
في لحظات التّزاوج بين الصّدى والصّدى
أفيضُ على جمركم موقداً أخراً
وأشكّل من لاشعوركمُ المتناحرِ
حبرَ خطابٍ
سألقيه في مأتم شاملٍ لجميع فئاتِ المدى
ولستُ دليلاً على أيّ نصرٍ
سوى أنني شاهدٌ لا يزوّر إن شهدا
فلا تحفروا في كلاميَ عن طبقات الحداثةْ
فما زلتُ شبهَ حديثٍ
ومازلتُ في متحفٍ مستحاثةْ
ومازال حولي ادّعاءٌ لنهرٍ يعقلنُ ضفّته
ويسلّم تربته لخطابِ الحراثةْ
فكيفَ سأخرجُ من معضلاتي
وكيف أشعشع ليلَ الفواتِ
وكيف يحرّرني مَن يداه نطاقُ؟
*
أطلّ قليلاً عليكم وأرفعُ نصفَ الحجابِ
لأترك بين يديكم مناخاً من الاشتعالِ
وأمضي وأترك فيكم ظلالي
وأسمع كيف تدور الوشاياتُ بعدي
لتأويل فصل المقالِ
فكلّ يفكّكني وفْقَ طوطمِهِ الداخليّ
ويصطاد في عكر الماء, يصرخُ:
ها قد ضبطنا الدّلالةَ في المنطقِ المتعالي
وأعرف كم تستغلّون مرآتي الواضحةْ
لتلميعِ صورتكم في سراديب أسيادكم
وتتخذون عويلي سلالم من أجل أمجادكم
ألستُ صداكم إذا ما خلوتم إلى سّركم؟
فكيف تضيقون بي عندما أتشبّثُ بالقمرِ الذّهبيّ
الذي سرقوه وقصّوا ضفائره
ومشوا في جنازته
وأهالوا على قبره عمركم؟
ورضيتم تكونون مخدع أحلامهم
لتزيلوا التّشابه ُبيني
وبين فئاتكم الصاعدةْ
وكنتم تريدون كبش فداءٍ لتكتمل المائدةْ
فقلتم: نسلّمُ هذا المغنّي إلى معبد السيدةْ
لترضى على نسل خرفانكم
فتسيل ضروعٌ
ويعلو رصيدٌ لعينكمُ الراصدة
وكنتُ أنا شوكةً في حلوق الذين بصوتيَ ضاقوا
*
أنا كائنٌ لا يطاقُ
أغادر مهديَ مضطرباً خرِباً
فتحدّق بي شاشةٌ تتعمّد تلويث فجري
الملوّث أصلا
وكيف انتهى الليل
إن كان ليل القصيدةِ أعلى؟
وكيف أفاجأ بالصحو كلّ صباحٍ
إذا كان صحوي مملاّ
وكيف أرى نرجساً في المرايا
ووجهي بصبّاره يتسلّى؟
أعلّق حلميَ في عروة الشمس
أهمله مثل عادته
وأضيفُ إليه قليلاً من الشّكّ
حتى يناسبَ هذا اليقينَ إذا ما تجلّى
أما كنتُ سهواً ولدتُ
وسهواً سهوتُ عن الموتِ
فلتبتدىء أسرةٌ بالضّجيج
لتعكيرِ هذا المزاج المزيجِ
من الصّمت والقرفِ المتكرّر كلّ نهارْ
ولولا انتظاري يداً من حريرٍ
لَمَا هبّ في الروح غير الغبارْ
وسيّدة البيتِ تغسل أقدامها بالشقاءْ
ولا تتنفّس كي لا يقلّ هواء الصغارْ
أراها تلوبُ
وتلعن في سرّها ساعةً جمعتنا...
نصيبكِ سيدتي أن تكوني
قصيدةَ هذا المغني الذي يتشنّج من ظلّه
ويضيق بأنفاسه كلّما لسعت روحه
حيّةٌ للحصارْ
هوايته أن يكون فتى طائشاً
إنما ليغيّرَ هذا الدمارْ
وأعرفُ أنّ الفضاءات ليست بحجمي
وأنّ الكثيرَ الكثيرَ قليلٌ قليلٌ عليّ إذا فاضَ حلمي
وأن يدي تستفزّ الخفيّ من المُطْلَقاتِِ
وأن الذي لا يُرى مهنتي
أن صوتي براقُ
وأني الشّقيّ الذي أُبتلى بنقيضيَ في كل شيءٍ
فكيف أطاقُ؟
أريدُ من الفجر ألاّ يطيل الوقوفَ أمامي
سأنفضّ عنه إلى أجلٍ من حطامِ
وبيتُ الظّهيرةِ أجملُ مني
ومن طقسيَ الخاصِ
حين أرى تحت نور المدينة
مستنقعا من ظلامِ
وأعرفُ أن احتمائي بنفسي
يخيفُ المرايا الغبيّةْ
وأنّ دمي وحده نابضٌ
تتذمّر من عزلةِ اللونِ صيغتُه الأبديّةْ
ورثتُ فضاءً تربّى على دعواتِ النجومِ
أمامَ الأبدْ
وأكرهُ هذا الأبدْ
وأكرهُ هذا الزوال المفاجىءَ
لا أتلاءمُ مع صورتي في الغديرِ
ولا هيئتي في الطيورِ
ولا جسدي في الجسدْ
أنا كائن لا يطاقُ
أحاول ألاّ أرى القبحَ في زينة الكائناتِ
وأن أتغاضى عن المدن الفولكلوريّةِ المنتقاةِ
بحسٍّ هجينٍ يغلّب لونَ الطّغاة
على الياسمينْ
يفرّغ حتى التحيّةَ ما بيننا من جمال الحنينْ
فكيف أحصّن هذي الحواسْ
من الانشغالِ بقرع النحاسِ
على عصب الروحِ؟
كيف أدرّب قلبي على الانسجامِ
مع الانهزامِ أمام الذين
إذا دخلوا قريةً عقروا ناقةً
ناقتينِ
ثلاثاً...
إلى أن تنخّ النّياقُ
*
أنا كائنٌ لا يطاقُ
على ناقةٍ من معادن أرحلُ في فسحة واهيةْ
وأروي القصائد عن بيت جدي
وألعن حمّاداً الراويةْ
أحيطُ ببحر العلومِ
وأرفعُ طوبى على لغة من سديمِ
وأزعمُ أني أنا الحكمةُ الباقيةْ
أدشّن فلسفةً للزراعةِ
حتى تطابقَ غول الصناعة
أدخلُ في قاعها الرّعويّ لأهجو الرّعاةَ
وأعشقُ في سرّيَ الراعيةْ
فهل من مزيدٍ من الانشطار
لتمعنَ في غيّها القافيةْ؟
*
ولي ولدانِ سيقتتلان
على حصّتي من ضباب الوطنْ
فأذبح كبشاً
لأطرد قابيلَ عن هاجسي
وأضلّلَ عني غرابَ الزمنْ
وأهمسُ بالولدينِ الجميلينِ: كونا أحنّْ
ولا تخنقا نفَسي بالخريفِ
قليلاً جنيتُ, ولكن كثيراً أجنّْ
*
أنا كائنٌ سلسٌ عصبيٌّ /
مطيعٌ عصيٌّ / أعاني فصام الفصامِ
مصابٌ بجرثومة الاكتئابِ تفتّ عظامي
وتنزع عن لغتي حيويّة مجد الصهيلِ
وتدخل وكرَ التداعي
لترسم في ليلهِ صورة الكونِ مقلوبةً:
صولجانٌ هنا لسليلِ الرّعاعِ
وما بين قطّ وفأرٍ يضيع تراث الصراعِ
وتسألني امرأةٌ: ما بكَ؟
وماذا تحوّل في بابكَ
لتمنع منه مرورَ النبوءةِ
كيف توتّرُ هذا الهواءَ بأعصابكَ؟
...خذي شبحي واذبحي فرحي واسرحي وامرحي
أرجحي قدحي وانفري واضجري من يدي
جسدي خربةٌ بلدي لعبةٌ
كذبتي كذبةٌ أمّتي أَمَةٌ
وأنا رجلٌ لا يطاقُ
كرهتُ خيالي على الأرضِ
أي انعتاقٍ يلائمني أيها الانعتاقُ؟
على هامتي لا ترى الطيرُ أرزاقها
والخليقة تنشىء خلاّقها من خلالِ
التناقضِ بيني وبين الطبيعةِ
كيف أديرُ حواراً مع الكائناتِ
ولم أستطع أن أحرّر معنى وحيداً
تقيّده سلطة الكلماتِ
وأعجز عن لعبة الاختلافِ
وتعجبني كذبة الائتلافِ مع الآخرين
نعيدُ معا ما مضى من هويتنا المطلقة
وأسأل: هل مطلقٌ أن يكون نشيدي
تراجيديا قلقةْ؟
وهل مطلقٌ أن أكون لسان القطيعِ
لألغوَ باللغة الضّيّقةْ
وأقفز فوق حبالٍ من الكلماتِ المشاعِ
التي تدخل السيركَ رافعةَ ذيلها
لتغطي به إرثها الحجريّ
وهل مطلقٌ ولعي
بدخول دكاكينِ شعر ونثر وفكرٍ
تبيعُ طحين اتّصالٍ وملحَ انفصالٍ
أرزّ نهوضٍ وسكّر مستقبلٍ ذوّبته سياسة مطبخنا
الإيديولوجيّ في لعبة الرأس والقاعدةْ
وأشهد: أمتنا لقمةٌ واحدةْ
وأهجرُ ذاتي لأزعم أنيَ ضيعتها
ثم أفرحُ حين أصادفها فجأةً
تتدلّى على حبلِ أغنيةٍ فاسدةْ
فأنكر ثانيةً أنها لي
وينشب بيني وبيني شقاقُ
*
أنا كائنٌ لا يطاقُ
وإني لأُثبِتُ نصّي وأمحو
وأذهب في نزهة الانتماءِ لأي بيانٍ
يدغدغ إيقاعُه جسدي:
أتسريلُ / أو أتكعّبُ / أو أتبنينُ / أو أتفكّكُ
أعتلّ / أصحو
أهرول في قَطرةٍ يتحاربُ جوهرها مع مظهرها
ثم أختارُ ركناً قصيّا وأنذر صوما
لأن النخيلَ يشحُّ
ونهرَ التّطهّرِ بادره طحلبٌ سرمديٌّ
فأي وضوء يتم وأي صلاةٍ تصحُّ؟
وأي المواثيقِ تنمو بحبر الوفاء
وقد ضاع في الإفك خبزٌ وملحُ؟
...وأفتحُ للشمس باب التراثِ
أورّطه بالنسيم الجديدِ
وأنسخ جثمانه بانبعاثي
ففتحٌ قريبٌ, وفتحٌ مريبٌ, وفتحُ
أأسكن قشر الفتوحاتِ
والأرضُ تنمو على أهبة الانفجار
فصرحٌ يقامُ لينهدّ صرحُ؟
وماذا أقولُ
إذا اضطربَ الحكماء بأعمدةٍ سبعةٍ
ثم خانتْ بروج الكواكب عرّافها المتخلّفْ
وماذا أقول لمعبد دلفي
إذا راح سقفُ القداسةِ يدلفْ؟
خذوا من عظامي عكاكيزَ يا سادتي الأولياء
ولا تبحثوا في مناجمكم عن معادنِ اسمي
فقد أعلن العصر موت المؤلّفْ!
*
أنا كائنٌ لا يطاقُ
يحقّ ليَ الخوضُ فيما أشاءُ وما لا أشاءُ
فإنْ كان حلمي عصيّا على الليلِ فليسحبِ الشعراءُ
قناديلهم من ظلامي
فما كان غيرَ إضافةِ ليلٍ إلى الليلِ ذاك الضياءُ
مللتُ من اللّغو في جدلٍ زائفٍ
بين شعر وعرشٍ وبينهما أفقٌ / افتراءُ
يحقّ لي الانتحار قليلاً
على ضفّة النهرِ, والانتشاءُ
بموتٍ سريعٍ كما يفعل الغرباءُ
إذا ودّعوا نسوةً في الزوايا على عجلٍ ثم جاؤوا
عشاءً فما وجدوا غيرَ علاّقةٍ للثيابِ
تسيل عليها دماءُ
يحقّ ليَ الوهمُ أنّي شهيدٌ
ولم أقترفْ أيّ حربٍ
ولا قادني من يديّ نداءُ
مصادفةً كانَ موتي لمَ الادّعاءُ؟
فهل يقبلُ الشهداءُ اعتذاري
وهل يغفرُ الشهداءُ؟
*
أنا كائنٌ لا يطاقُ
مضى كلّ وقتي
وما زلتُ أسكنُ كوخاً بعشرين ليلاً
وأشتقّ نجماً هنا ومداراً هناكْ
أنظّف جغرافيا الوقتِ من حجرِ الفلسفاتِ العقيمْ
وأهدم سقفاً بناه عجوزٌ لبيتِ الحقيقةْ
أدوّن شعراً أصنّعه تارةً
وأقرضه تارةً بالسليقةْ
ولكنّه كله يتجمهر بين التفاعيلِ
والشاعرُ المتنبي أضاع طريقهْ
أمشّط لحيةَ هذا الهلاكْ
وأبصرُ بين دخان المصانعِ وجه ملاكْ
وأدعو على كفّ ساحرتي بالشللْ
فقد خدعتني كثيراً
وما زال قلبيَ من طللٍ جاهليٍّ
إلى طللٍ أمميٍّ...إلى ...
أيهذا الطّللْ
تمهّل فما عادَ يحمل ظهرُ الجملْ
......
...وأصرخ في ليلِ برّيّتي: ما العملْ؟
يطلّ الغزاليّ فوق غزالٍ
ينبّئني عن تهافته
ويغادرني مستريحاً إلى كوخه في أعالي الجبلْ
وأعثر في وحشتي بابن خلدون...
يا جدّ حدّثتني عن تلاشي الدّولْ
فماذا جرى ليباد العبادُ ويبقى البطلْ؟
فلملمَ أوراقه ومضى في خجلْ
ليتركني هائما بابن رشدٍ...
أما زلتَ تبصر في غابة الهذيان
بنفسجَ عقلٍ وبرهانَ فلٍّ
على أنّ آخرة الأمر خابيةٌ من عسلْ؟
فيهذي ويمشي ورائي
ويصرخ: يا ولدي لا أملْ
وقد خربت جنّة الأندلسْ
ولم يبق غير الحرسْ
......
...وما زلتُ في ليلِ برّيتي
أتصفّحُ بين الحجارةِ
والبربرُ القادمونَ يسدّون كلّ المنافذ
يقترحون عليّ سلاماً
لأحظى ولو بفرسْ
فأسقط في داخلي
ويعربدُ حولي العسسْ
وأهربُ أسكنُ في لغتي
وأضربُ حولي قلاع المجازِ
وأنفخ في الريحِ:
سوقي الغيومَ إلى قلعتي
يكون شتاءٌ ورعدٌ وبرقٌ يكونُ؟...
ومن وحدتي
أطلّ على خارجي فأراهم
يمرون مثل ضيوفٍ كرامٍ
فأفتح في السّرّ بوّابتي
أشير إلى شبحٍ من بعيدٍ, هزيلٍ, نحيلٍ,
أهرّبه في الزحامِ
أقول:استرحْ
وأضيء له شمعتي
وأكشف عنه النقابَ
أحدّق فيه
أرى
أمّتي...
أيار – آب – 1999
08-أيار-2021
02-أيار-2020 | |
15-كانون الأول-2018 | |
10-شباط-2018 | |
04-تشرين الثاني-2017 | |
29-نيسان-2017 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |