معارضة، في الوقت الضائع
خاص ألف
2013-06-15
التوريث والفساد؛ هما مثلبتا النظام الأسديّ، الأبرز، خلال المرحلة الثانية من سلطته الممتدة ثلاثة وأربعين عاماً، والمفتتحة الألفية الثانية: فمن جهة، خلّفَ الإبنُ الأكبر أباه الديكتاتور على سدّة الحكم، ( مذكّراً بأنظمة دول على شاكلة كورية الجنوبية ) ومن جهة أخرى، تمّ إلحاق جيل جديد من الأقارب الجشعين، الجائعين للثروة، حتى أن أحدهم وهوَ ابن خال الرئيس أصبح مليارديراً خلال سنوات قليلة. لعلّ هاتان الخصلتان، المَوْسومتان، هما أكثر ما ركزت عليهما المعارضة السورية مذ عودة نشاطها الحثيث، مع " إعلان دمشق " خصوصاً، وما تبعه من تجمّعات وتحالفات وصولاً إلى اشتعال أوار الثورة؛ الذي شكّل مفاجأة لها مثلما للنظام المستبد..!
وإذ كانت ردّة فعل النظام على الثورة، هو المباشرة بالقمع ومن ثمّ زج الجيش ضد المحتجين السلميين، فإن ذلك كان متوافقاً ولا غرو مع عقليته الديكتاتورية وطبيعته الفاشية الملقّحة بالطائفية والعنصرية. إلا أن الملاحظ، في هذا الشأن، عدم افتراق مسلك المعارضة في تعاملها مع حدث الثورة عن عقليتها وطبيعتها، المتسمتين بالتخشب والعجز والأنانية وضيق الأفق. المعارضون الإسلاميون، وفي مقدمتهم جماعة الأخوان، هم من برزوا إلى الواجهة إعلامياً ( بفضل " الجزيرة " و "العربية " بشكل خاص ) لكي يتاح لهم، لاحقاً، ركوب موجة الثورة وإعطائها صبغة طائفية لطالما تمناها النظامُ وعملَ لها بدأب منذ لحظة انفجارها. أما المعارضون العلمانيون، ومن في حكمهم، فقد قبلوا بهيمنة الإسلاميين على هيئات المعارضة، المنبثقة الواحدة بأثر الأخرى بعيدَ بدء الثورة؛ هم من كانوا حتى الأمس القريب ينكرون وجودهم في " إعلان دمشق " نفسه..!
سبق لجماعة الأخوان، كما هو معروف، التحالف مع طريد النظام وأحد أهم رموزه الفاسدة، من خلال ما سميَ بـ " جبهة الخلاص الوطني "، والتي ضمّت أيضاً واحداً من أكثر المشبوهين في الحركة الكردية. فما أن قامت ثورة الحرية والكرامة، ثمّ اتجهت النيّة لتجميع المعارضة السورية في مجلس انتقاليّ على غرار ما فعله ثوار ليبية، حتى رأينا جماعة الأخوان تكرر ذات السلوك المشين؛ من خلال الاعتماد على رموز الفساد، وأيضاً على شخص رخو من مدرسة التكتلات والإنشقاقات، الكردية، والذي ما لبث ( ويا للبؤس! ) أن صارَ رئيساً للمجلس الوطني السوري. وعطفاً على مبتدأ حديثنا، بخصوص التوريث، فإننا رأينا أولاد الرموز القديمة للمعارضة ( مثل سهير الأتاسي وفداء الحوراني، على سبيل المثال ) وقد بدأ كل منهم يتصدر المؤتمرات ويتبوأ المناصب ويتنطع للإعلام العربي والدولي.
إن استبعاد مفكر ومثقف، كالدكتور برهان غليون، من قيادة المعارضة، لم يكن في حقيقته سوى خطوة إستباقية لما توهّم سدنة الأخوان أنه دربُ السلطة، المهّد لهم، مثلما حصل لجماعتهم في مصر وتونس. هذا الاستبعاد، بحجّة ترسيخ مبدأ ديمقراطية السلطة، كان من أبرز تجاوزات جماعة الأخوان: فإذ تناسى هؤلاء أن مجلس المعارضة هو هيئة تمثيلية حسب، وليس سلطة قائمة على الأرض ليتمّ التبجّح بالتناوب والتداول الديمقراطيين، فإن ذلك أفقد الثورة قائداً ينتمي للمجتمع المدنيّ وللفكر العلمانيّ المتحرر، كان من الممكن أن يصبح رمزاً موحِّداً وجامعاً قدّام الداخل السوريّ والعالم الخارجيّ على السواء. إن التفريط بالدكتور غليون، هوَ ما أضعف المعارضة بشدة وجعلَ أشخاصاً غير مناسبين يتربعون على قيادتها الواحد بأثر الآخر من سيدا وصبرا إلى الخطيب وهيتو..!
08-أيار-2021
04-آب-2013 | |
27-تموز-2013 | |
18-تموز-2013 | |
11-تموز-2013 | |
06-تموز-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |