هل وزّع السوريون الحلوى؟
خاص ألف
2013-08-29
قام بعض الموالين للرئيس بشار الأسد بتوزيع الحلويات في بعض أحياء العاصمة السورية ومدن أخرى ابتهاجا بالضربة الساحقة التي يؤكد الناشطون السوريون أن قوات موالية للرئيس قامت بها وقضت على نحو ألف وخمسمائة شخص، معظمهم من النساء والأطفال. هذا العمل مؤشر إضافي إلى التدهور الأخلاقي المريع الحاصل في العلاقات بين السوريين وانقسامهم الآخذ في التعمق من دون أي كابح.
قبل ذلك وزع مواطنون لبنانيون في طرابلس الحلوى ابتهاجا بتفجير الضاحية الجنوبية الذي قضى على عدد من مناصري حزب الله. وقال المبتهجون أن ذلك يأتي ردا لتوزيع مناصري الحزب الحلوى بعيد سقوط القصير.
يمكن القول بالطبع إن الحدثين ليسا متساويين من حيث الكم أو الكيفية. فتفجير الضاحية قضى على بضعة عشرات بينما قضى استهداف الغوطة على آلاف الأشخاص. وفي الضاحية استخدمت أسلحة تقليدية، بينما استخدمت في الغوطة الأسلحة الكيماوية التي تعبر شكلا من أشكال الدمار الشامل. هذا صحيح تماما. بيد أن الحدثين متساويان على المستوى الأخلاقي، وهو المستوى الأساس الذي بُنيتت عليه وانطلقت منه الثورة السورية.
لقد انتقلت الثورة السورية من مستواها الأول والثاني إلى مستوى ثالث، علينا أن نعترف أنه لم يك في الحسبان. والثورة السورية بدأها أشخاص مثل يحيى شربجي وغياث مطر وأسامة نصّار الذين قادوا حملة توزيع الماء والورد على مقاتلي الجيش السوري الموالي للنظام والمتواجد في مدينتهم، يقصفهم ويقنصهم.
غياث مطر هو الذي قضى تحت التعذيب بسبب حملة توزيع الزهور، ويحيى الشربجي المعتقل منذ بداية الثورة، ولا نعرف عنه شيئا، هو الذي قال في معرض حديثه عن الطائفية: "هذه الثورةعلمتنا كتير. نحن لم نعرف الآخرين ابدا، ولكن عندما تكون في قلب المظاهرة وكتفك على كتف علوي ويدك بيد مسيحي وإلى جوارك علماني ووراءه يساري، ويبدأ إطلاق النار، تعرف ان كثيرا من الأفكار باتت تحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر." أما اسامة مطر فهو الذي كان يرى أن الثورة انطلقت بمرتكزات أساسية أولها السلمية وأن "الانحراف عن المنطلقات يحمل مخاطرة عدم الوصول إلى الأهداف. يبرر البعض انحرافه عن هذين المبدأين بالقمع المفرط الذي يمارسه النظام. لكن نحن لم نعلن أننا سلميون، فقط، طالما كان القمع المقابل لنا "مبلوعًا! نحن نضع القوانين ونحن نلتزم بها، بغض النظر عن موقف الطرف الآخر، وليس من الصحيح أن نكون مرآةً لقذارة الطرف المقابل. إن فقدوا الأخلاق والمبادئ والعقل فسنبقى ملتزمين بأخلاقنا ومبادئنا وعقلنا."
المستوى الثاني الذي انتقلت إليه الثورة هو الدفاع عن النفس الذي قاده مواطنون مدنيون ومقاتلو والجيش السوري الحر. أما المستوى الثالث فهو دخول القوى الإسلامية المتطرفة على الخط واستيلائها على قرار الثورة السورية، وتقاسمها مع النظام مسؤولية قتل السوريين وتشريدهم وتجويعهم.
ومن جديد لا يمكن المساواة بين الطرفين، سواء أمن حيث الكم أم من حيث نوعية الأسلحة. فالنظام لا يزال المسؤول الأوحد عما يجري في سوريا، بشكل مباشر أو غير مباشر. وهو مسؤول مباشرة عن قتل وتشريد وتعذيب أكثر من 90% من السوريين وعائلاتهم. ومن جديد أيضا الحدان متسايوان بالمعنى الأخلاقي وكلاهما يخالف فكرة أسامة مطر في أن لا نكون مرآةً لقذارة الطرف المقابل. إن فقدوا الأخلاق والمبادئ والعقل فسنبقى ملتزمين بأخلاقنا ومبادئنا وعقلنا.
وعود على بدء: ما الذي يدفع أفرادا يعيشون على التراب نفسه ويتنفسون الهواء نفسه إلى الابتهاج علنا بقتل أفراد آخرين يعيشون معهم ويشكلون معا أمة واحدة؟ إنه الألم والرغبة في إطفاء نار الحقد من خلال الانتقام. إن توزيع الحلويات والطوفان بالمواكب السيارة في الطرقات وكمية الحقد والتشفي التي حفلت بها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي فعل جبان ومقيت وغريب عن الثقافة السورية. في سوريا لا يمكن الاحتفال بعرس إذا كان في الحي جنازة، وتتوقف الموسيقا وتقفل أجهزة التلفزيون، ويشارك الجميع في "الأجر." فما الذي يجعل إذن جماعة من البشر تنحدر إلى هذا المستوى العميق من الانحدار والانكسار النفسي والأخلاقي؟
تتحول سوريا من وطن إلى مقبرة. والغاز الكيماوي الذي أطلقه النظام على السوريين والسوريات في الغوطة لم يصب فقط البشر، بل أصاب التراب والشجر والحيوان، وأصاب أيضا الضمائر والقلوب. ولسوف يمرّ وقت طويل جدا قبل أن تعود الغوطة إلى إنتاج المشمش والخس واللوز الأخضر. ولكننا سنحتاج غلى وقت أطول لكي يتمكن السوريون من تأجيل أعراسهم إذا كان ثمة في الحي جنازة، بل قبل أن يعزي بعضهم بعضا، أو يقول" "صباح الخير."
هذا بالضبط هو مان كان النظام يسعى إليه، ومن الطبيعي أن يكون قادة هذا النظام ينظرون إلى أنفسهم في المرآة ويبتسمون مغتبطين بنجاحاتهم في قتل أهلم ومواطنيهم، من معارضة وموالاة.
ينتقص من بهجة هؤلاء شي واحد. تحدثت أمس إلى صديقة في اللاذقية، وسألتها عن الاحتفالات التي ترد إلينا بالنصر الكيماوي. "لم يكن الناس مسرورين،" أجبت الصديقة، "كانوا مكتئبين، ويتوقعون السوأ." ذلك ما يزعج النظام بالتأكيد.
صالح الرزوق
2013-08-29
اعتقد ان من سيدفع الثمن هم مساكين المعارضة. النائمون على وسائد خشنة من سنوات طويلة. سوف يكونون موضوعا مفضلا للتنكيل و الانتقام. لم تكن سياسة الضرب بالعصا مقبولة في أساليب التربية الغربية. كيف يقبلونها لتأديب نظام.الكيل بمكيالين و عدم الوضوح في الأدوات و عدم اتباع نهج ان الداخل يساوي الخارج و انهما نصفان متكاملان سوف يجلب الويل و الثبور على شريحة سينكشف عنها الغطاء.من سيضرب الغرب؟ هذا هو السؤال...
08-أيار-2021
17-نيسان-2021 | |
10-نيسان-2021 | |
13-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 | |
30-كانون الثاني-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |