//قتلُ الأب ... جَلْدُ الذات//
خاص ألف
2013-10-06
- الفصامُ كوشمٍ أصيلٍ في الثقافة العربية (المعاصرة) ينخرُ الذات والآخر، ويتلخصُ في اقتراحٍ الذاتِ كضحيةٍ خلال النص، واكتشاف البطولة عند الصانعِ والمُنتجٍ لذاتِ النص!.
- هو شرخ وفصام متجذر يجسدهُ ويتقنهُ (أدونيس) السوري كأُنموذجٍ، جارحٍ واضحٍ، للعربي مثقفاً. وهو تشخيصٌ يتطابقُ وحالة الشعراء بشكل أدق إكلينكياً ولغوياً، ثم ما تشاء من أجناس إبداعيةٍ وشخصياتٍ تهويمية.
فالمقولةُ الأسّ التي يهجسُ بها أدونيس (كأنموذج) هي /قتل الأب/ كمنطقٍ توليديٍّ ضروري خلال البحث عن الذات .. ومن أجل تجاوُزِ هذي الذات وابتكارها والإطلال عليها بشكلٍ دائمٍ ومختلفٍ أيضاً.
و.. <نسقط في الأيقونة .. والتحنيط>!.
...وتتجلى حالات الفصام ودهاليزه مباشرةً، او بشكلٍ واضح، من خلال احتفاءِ وتنصيبِ أدونيس لذاتهِ الأدونيسية، الشاعرة أو..المُفكِّرة، بموقعِ الأب أو البوصلة – رغم تنظيرات التنوعِ والآخر السياحية – وهذا ما يُغلِقُ دائرة الجديد والتجديد، وهذا ما يغلق ويُبَسْتِرُ التجربة الجّوانية ،على ومن، حساب تجربةٍ برّانيةٍ.. صحفيةٍ استعراضيةٍ تسترخي قربَ وقبالة ثنائيات /الذات والآخر، القديم والجديد، الأصيل والمعاصر، .. والرأس واليد..../.
ويبدو أن الأبناء (...) ارتضوا حصّتهم وميراثهم المريح والمثمر واستقروا وهاموا في هذا الموقع /الإبن الجبان والمخصي المبادرة والخيال/.. وبسطوةٍ واضحةٍ فاضحةٍ من قِبَلِ الأب /أدونيس أنموذجاً ثانية/ ولسببٍ أشدَ وطأة وأكثفُ نحولاً ويتجلى في الخواءِ الذي ينبضون ولا يَرونَ تخاريجه إلا في الاستعاراتِ والكناياتِ وتقمص الأب "لاروح الأب" كإبن.. والسطو على مبادراته ونصوصه من خلال التناص ومشتقاتهِ... والسطو على الذاتِ العاقرِ التي تَسِمُ المرحلة المعوّقة والكسيح من خلالِ الركون إلى المُنجز دون تجربةٍ او نزيف... دون مبادرة .. مغامرةٍ أو نبضٍ او حريق.
.. وهذا عتبةَُ عظيمة للذهان ِ والوهنٍ والعطبِ، وهذا ما ينطبقُ على كل "الابداع" والفنون ولا يعنيني إلا اللغة .. لأن الثقافة العربية وفي كل ترنحاتها وتفاصيلها كالنّحت والتشكيل والموسيقا والإيماء تُحوِّلُ العمل والنتاج إلى لغة...فنرى قوافل المصورين وهم ينحتونَ لغاتهم وقصائدهم ومقولاتهم وفتاواهم وعِظاتهم إلى ألوان وتشكيلاتٍ أو إلى سلالمَ لا تؤدي ... أو إلى كتلةٍ يتميةٍ وفراغٍ مديد.
- إن قتل الأب وبمعناه الفرويدي.. والأنثروبولوجي تمّ نتيجة جهدٍ وحاجةٍ مُلحّةٍ وضروريةٍ من أجل النهوضِ بالمجتمع والارتقاء بالإنسان وذائقتهِ وعلى كافةِ المستويات. وكان الفعل الإبداعي الثقافي وبكل أطيافهِ بوابة العبور للحداثةِ التي قتلت الموروث – الأب.. وَنَحَّتْ الكنيسة وفقهاء الغيب من أجل إيقاد الروحِ الوثابةِ الى الجديد.. فتزلزلت المجاهيل والقداسات... فكان جحيم رامبو ولعنة بودلير وأقبية دوستويفسكي شرارات المجتمع المديني الحديث متزامناً مع آلةٍ وتقنياتٍ متطورة /حديثة/.... واختراعات لا متناهية... محيطها الكون وصداها ذائقة وتلقٍ مُرْبَكٍ و... جديد.
- كانت ثورة هائلة اكتشافً "المكوك" لآلات النسج في ايطاليا متزامناً وبدقةٍ مع اقتراحات ديكارت الصارمة عن الكوجيتو والمقدس واليقين فاتحاً أبواب البحث والنبش والشك لا اليقين... حيث الفكر يقين!.. وفاتحاً بساتين ومنارات العصر الحديث.
وكان على الضفة الأخرى "غاليليه" يناور الكون بذهنيةٍ طازجةٍ جديدةٍ ومختلفة دونَ وَجَلٍ أو خجل عربي عتيد..
وبآن ٍ كان "مايكل آنجلو" المَثّال يكسرُ يَدَ موسى التمثال..
- .. وكان الأب بالمرصاد متقمصاً محاكم التفتيش وذهنيتها التي أدركت أنّ ذهنيةً مختلفة.. متوثبةً.. مُستشرِفةُ ومقاتلةً تندلعُ دون التفات... وكانت دماء ومجازر كثيفة من "جيوردانو برونو" الشهيد الأوضح.. إلى الكومونة مروراً إلى 1789 إلى حرائق كتُبٍ وأجسادٍ إلى ذبحٍ وخوزقةٍ وحَصْدٍ لمهرطقين ما عاد بإمكان الحطب القديم أن يلوي جَمْرَ خيالاتهم والرؤى.
- هي هكذا... ضرائبُ كبيرة تتلوها ذبائح تتقرب خلالها الروح المتوثبة إلى العقل – جذر الكينونة!... الروحُ الباحثةُ عن ذاتها في جديد يُعْقَلُ ويُدْهِشُ... ويُطِلُّ بدفءٍ إلى وعلى الآباء كمتحف انثربولوجي ضروري... دونَ تمثُّله.
- ... أما فصامنا فيتجلى في الاحتفاءِ والاقتداءِ بالأب /الدفء والقداسة واليقين/.. والمطالبة النظرية التجريدية بقتلهِ... دونَ رفضٍ أو إجماع (...) إضافة إلى أن مجتمعاً لا يُنْتِجُ /ونحن... الآن، هنا/ ولا يعرف الحداثة بمعناها التقني، ويتمثل كل تجارب ومنتجات الغرب والشمال ..... و ..... (نحن شرق والزمان جنوب)!.
... وهو تجمعٌ يئنُّ ويتلوى بين تشبيهٍ وتنزيه وبين تفكير بالعامية وكتابة أو تجسيد بالفصحى حيث الدلالة والهباء شخصٌ وهما في الحقيقة شخصان... او طيفان... وحيث الحلم... العشق... الوطن؛ قصيدة تقف ولا تتزحزحُ عن الأطلال... حيث النبض - العيشُ تذكرٌّ للمُثل والفردوس والمغُر وقبائل أفلاطونيةٍ وأدغالٍ من خيالات تؤسس الوهم وتتناسل ذاتها من ذوات ليست منها.
- ... ومع كل الطفرات الممكنة والمسلوخة – شرعاً- عن السياق الذي يعيش الآن كنسخة – تناسخ – عن عصر الازدهار والسلف الذي أطاحَ بالخَلَف.. واستبدل الأرضَ بالزرقةِ وأطاح بالمحسوس لصالح الغيب... ومع كل هذا وذاك .. يبدأ المثقف منتشياً /طفلاً.. كهلاً، بتجبيلٍ أو دون تزمين، بذكورة أو عنوسةٍ، بتسويف او تأخير... / بطرح كل الشعارات المغلقة والناجزة عن وحول الحداثة... بل، وما بعد الهاوية أيضاً دون أن يرمشَ، ودون إدراك ، أو ، لجبن يعٍّششُ الخلايا بأن الماضيَ هو من يؤرِّخ اللحظة وبأنَّ أسئلة المعتزلة والجاحظ والجرجاني والأفغاني هي الثوب والنسيجُ والدفءُ والصقيعُ... ويدركُ وهلةً مدروسة ً ومعزولةً ومسلوخةً عن السياق والتاريخ بأن ما يحصل... كل ما يحصل الآن.. ذاكرة!... وبان حضن الأب والشيخ والرمز والمقدس والعشيرة ملجأه القريب... ملجأ اليتيم... وينهض صوب الضوءِ والمثاقفةِ والضجيج ويهتفُ.... هامساً..موشوشاً: (...وبعد موتٍ سريري للأب).. "بعد الأب لك الرب" ويذوي ملعوناً من الأرض والهواء والضوء والرثاء... ويميل ذات الرماد وذات الهشيم ويدندنُ... آمين.
زكريا الابرهيم
دمشق
Email: [email protected]
08-أيار-2021
06-تشرين الأول-2013 | |
11-أيلول-2013 | |
08-نيسان-2006 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |