نص / جغرافيـّة الجسد تاريخ الولادة
2006-04-24
الفصل الأول
(1)
... وماذا لو أفلتت سفينةٌ وتابعت بحرَ جسدكِ عبّأتُها شفاهاً وحشدتُ أصابعي وكم لك من سماءٍ صغيرةٍ في صدري أشعلتُ نجمتينِ في ثدييكِ عرّيتُ العريَ من عريهِ غلّقي الأبوابَ نوسعْ جبهة الأفقِ أفقٌ يتموّجُ بيننا هل بيننا لهاثٌ جائعٌ؟ حلمٌ منتصبٌ؟ لسنابلكِ هل مِنجلي؟ لغمامكِ هل ريحي؟
بريئةٌ من الظلّ هذه الأعضاءُ تسطع هذه الأضواءُ / مرّةً أقمتُ في ذاكرتي مختبئاً وراء أوراق الشجرِ أترصدُ بنارٍ لا تعرفُ أنها نارٌ قلتُ الأعضاء نارٌ ونحنُ أوراق الشجر ومرّةً أقمت في قبر أبي مختبئاً وراء عظامه عانقني {اتخذ لكَ جسداً يطلعُ أقماراً من إبطيهِ وطفلاً من فخذيه} قلتُ أحزانكَ أقماري وأنتَ طفلي وخرجتُ / فغلّقي الأبوابَ قد يفاجئنا ثلج المدينةِ معادنُ تسيلُ كؤوسها في الجماجمِ حجارةٌ قد تفاجئنا رصاصةٌ ستُطلعينَ أقماراً وأبتكرُ طفلاً
/ ولمّا نسيتُ ما ذُكِّرتُ به قيل {اسكن هذه الجمرة المطفأةَ} شُبّهتُ بتمثالٍ يجري في جوفه ظمأٌ ينهش وغنيتُ (سوقوا إليّ نهراً بأسماكٍ صغيرةٍ ربيعاً لروحٍ يلعبُ بين حجارته ثعبانٌ منزلاً بقبلاتنا قبلاتٍ لشفاهنا سوقوا ما اشتهيتُ ولن أنسى ما ذُكِّرتُ به {اتّخذْ لكَ جسداً يطلعُ أقماراً وطفلاً)
لاحقني الدم حتى عتبة الصّيفِ ثمارٌ نضجتْ فقأتها فسالَ دمٌ هرّبني رصيفُ المقبرةِ وأصدقاءٌ علّقوا شمساً بأقدامي رفعوا سنابل فوق هامتي قلتُ تبارك الحبُّ بكم, إن الفراشاتِ تلحقني والضياء استلذّ بداخلي ونواقيس في سقف روحي طوفي حولي يا أكوابُ بالمسرّةِ ودوري مزاجاً يُسكِرُ أرضُ اخضوضري سماءُ اقتربي عناصرُ تزوجي بشبيهاتكِ كلٌّ بما لديه فرِحٌ يكلّلهُ العشقُ وتدفقُ من عيونه أسماء أطفالٍ يولدون
يمضي موكب الجوع خيولُ يا خيولُ اصهلي مدى السفر يلدُ مدى لم أتزود بماء ولا لبنٍ ولا تمرٍ لأرمّم الجدار الذي قد يتداعى جوعاً ناداني النخلُ فأشرعتُ صدركِ إلى الفضاء وقلتُ هذا نخلي أتفيَّأ سعفَه أحملهُ في صحرائي وعندما يتعبُ روحي أعلّقهُ عليه جوعي بكِ يستديرُ شمساً جنتي بكِ ثريّاتٌ أتنوَّرُ بها ناداني(رضوانُ) أذهبتُكِ في حلمٍ سمّيتكِ بأسماء كثيرةٍ ومزماراً تتجمَّعُ على إيقاعاته خرافٌ ترقص من بهجةٍ ويسير الحلمُ إلى نهايتهِ يوزّع الخيراتِ على عبادهِ يعطي هذا نهر عسلٍ ذاك نهر لبنٍ يدهشني أنكِ جوهره أنكِ جوهرُ الحلم أنكِ الجوهرُ أنكِ الحلم
(2)
أذعتُ أسراراً: بين الفجر والظلمة سرّ بين الزهرِ والضفيرةِ سرّ بين الكلمةِ والرّقصِ بين الجسد والجسدِ الأبِ والولدِ اتخذيني يا امرأةُ خليلاً ما بكِ تقفين على ساقين من الشجر؟ ما لصدركِ ينتفخُ تتكوّرُ فيه سحابتانِ ؟ أنحني نحو عطفكِ بهشيم قلبي أتدحرجُ مثلَ برقٍ يضيءُ ركامه هذه أنتِ فكرةٌ أنشدتها طويلاً هبيها يداً وساقاً وبطناً ونهدينِ ووجهاً وقولي إما عصتكِ يا فكرةُ تجسدي يكن ما قلتِ يا زمنُ خيّمْ على حجرٍ أزرقَ يخيّم منكِ يبدأ وإن كانت الأرضُ تفصلُ أسمع صوت الربيعِ وإن كانت المعادن أعلى هو ذا المطر المفاجىءُ الترابُ المتواطىءُ هي ذي الأفاعي تنسلّ من أوكارها دوسي بقدميكِ يخضرّ عشبٌ في جلودها وليكن قبرُ النهاياتِ عميقاً هكذا خرجتِ البداياتُ وهكذا كان المعنى مستوراً وولد لأتابع النهارَ بالنهارِ أربط الغيمة بأقدامي وأسبح في الهواء انشري سنابلكِ سأهطل الآن بأسمائي بانسلاخِ جلد جمجمتي إلى فوق فلتصعد يداكِ إنها الكلماتُ تحترقُ الكائن المفعمُ بإشنيّاتٍ وطحالبَ وعظامٍ مفتّنةٍ وشياطين تلهو وتتنفّسُ إنه أنا المرصودُ في قمقمٍ خالدٍ الملفوفُ بأكفان الرؤى فاخلقيني
الفصل الثاني
(1)
يا أباً من فقرٍ وصلاةٍ لو تعلم مَنْ مدّ في وادي الظلام جسده من ولد في شهر شتاء الحصادِ ليس الآن أيها الكهلُ المقدّسُ يا عمامةً بيضاء شهدناها ولم نبلغ بياضها اترك خطوةً نكملها لتعلمَ أي جسدٍ دنوت من نوره لتباركَ لأيدينا الصغيرةَ وهي تفكّ حجب الوقت ِ فيخرج غزالٌ منذورٌ لوجهكَ غزالٌ نهبُه ما نقدرُ عليه من ماء غدِقٍ وبراعم طريةٍ ونسميه باسمكَ أنت قلتَ اتخذ جسداً وأنا قلتُ أتخذُ ولداً وكان أنْ
لا الكواكبُ تبلغُ أسفلنا ولا الجوزاء تصلنا جبهة الجنون نداعبها لو ألف قلبٍ أملكه فهو ليسيل شعراً لأرتقي درج الهواءِ فترقص تحت خطايَ كلماتٌ مباركاتٌ لأطفىءَ نار المعاجمِ في ينبوع الجسدِ يا جسداً يشتعلُ اشتعلْ
انحنينا باتجاه النطفة المقدّس شكلها كنا نبتدع الحلم ونقول له طر فوقنا واقرأ لنا أننا ندلي بأغصاننا لنقترب من النقطةِ سمّنا شهوةَ الطلوعِ من الصخر كالسنابلِ افرحي يا قمحةَ الوقتِ العاشقِ وبنا اسكري خطوةً نقتربُ أفقاً نزهرُ تدنو العناصر تطوى المسافاتُ
أيتها اللغةُ تبعثري لأغطي المشهدَ من ذروته
إلهان صغيرانِ فوق سرير أصغر
عينان باتّجاه عينين شفاهٌ فوق شفاه
عنقٌ فوق عنق
صدرٌ فوق سحابتين
يدانِ سياجٌ للخصرِ
أفخاذٌ تحترق
أقدام تستطيل وتأخذ أشكالا كثيرةً
ذكر يدخل في ذاكرة امرأة
وهكذا كان...
لا الكواكبُ تبلغ أسفلنا ولا الجوزاءُ تصلنا ليل وحشيّ يسعى نورُه بين ظلماتِنا ونوري يشرقُ غيمتي تجري في الطين الذي هو مباركٌ الذي هو حرثٌ الذي هو تأويلٌ لأحلامي الذي هو الذي هو ...
تجنّس الحبّ وفي موتٍ مؤقتٍ تدفّق دم
(2)
آذار غنى أمطاره مطرٌ في السماء مطرٌ في الجسدين أخيراً ما الذي يثمر شجر الحزنِ برتقالاً للزواج نتشكّلُ بياناً للعشقِ لو مسّنا طيفٌ من الملائكةِ لو ذكرنا طينةً نفخ فيها وتكوّرت قبةٌ تخيّم علينا لأذهبنا عن الوقت رجسه
باسمكِ لا أعلنُ أنني بشرٌ فاتبع خطواتي يا هذا الكونُ لا أميز بينك والكون أـمنع بك هبوبَ ربح السموم أؤسس تحت نهديك وطنا أحرره من القبّعات فهذا حضوركِ نجمةٌ أعثرُ عليها بعد مسيرة قرن في الظلام
الفصل الثالث
/ أفتح كتابك وأقرأ /
{س} من تقف على فوهة البندقية وتفتتح معركةً تبصر أنقاضاً في بحر القلبِ هي أيضاً تحاربُ في ساحةِ العلَم الصغيرةِ رأيتها تخالف نظام الحروبِ وترتدي بياضاً تنظر إلى الشجرة اليابسةِ
ـ وهل اليباس هدفٌ ؟
ـ اليباس في الشجر أخطر من عدوّ يتربّص
{س} تستلهمُ النبعَ من بين أصابع قدميها وترشّ على الشجرةِ اليابسةِ حتى طارت منها عصافير طرية وتفاح وأوراقٌ تتلألأ بالماء قلتُ إن الشجرة قلبي
/ أفتح كتابك وأقرأ /
نلتقي قرب وعاء الشعر لي غصن من الحزنِ ولي أنم هواء القلب هبّ الآن فاحتالت يدي تقطف شمساً أي عنوانٍ لِما ضاع من الكفِّ؟ انتفاضُ اللغةِ الزرقاءِ من وهجِ دمي أطلقتهُ ماذا يكون الشعر غير امرأةٍ تسرق القلب من الحزنِ ؟ وعائي فارغٌ زوّدتني أمسياتُ المدن السوداءِ بالرغبة والثلجِ فمن يرفع من هذا الوعاء الثلجَ ؟ من يخرجُ من طفلة الشعر لتنسابَ سماءٌ من حنانٍ فوق قلبي فوق قلبي بلبلُ اللّيلِ وشهواتُ سنينٍ ودمُ الرّعشةِ والبردِ وصوتُ الريح يجري نلتقي قرب وعاء الشعرِ أغدو وادياً وغبارٌ ينثرُ البرعمَ في الوادي فتلتمّ خِرافُ الحبّ مزماري على حافّة جرحي حجراتُ الماءِ تعلو اللحنُ خطّ من بياضٍ أيها الأسودُ والأحمرُ غيبا عن وعائي تلك عصفورةُ قلبي سرقتْ مائي وما بين اشتعالي وانطفائي اسمها أيتها البيضاءُ مرّي أعلني وحدةَ قلبينا وطيري بين كفّينا أذيعي كلّ سرّ
/ أفتح كتابكِ وأقرأ /
تلك إذاً أوراقي تغيب عن لغتكِ والصمتُ مصباحٌ ينير داخلي أصمتُ ولكنّي أُخْفي القتلى في جيوبي وأفرحُ بقدرةِ القلبِ على البكاءِ أفرحُ بقوّةٍ تنضجُ عناقيدها في داليةِ روحي أفرحُ
وتغيبُ اللغةُ
يا امرأةً من لغوٍ ولغةٍ هل يتكلّمُ الكلامُ؟ ومن يُنطق جنيناً؟ سبحانَ الذي بيده زركش ذاكرتي بخيولٍ تصهل تصهلُ من يقيد صهلةَ حصانٍ؟ أنا حصانٌ يرعى حرائق السماء يتفيأُ جمراتِ الوقتِ وحوافرهُ ما لامست أرضاً من الأرضِ يخرجُ ومن الأرضِ أخرجُ منتشياً أصابعي قابلةٌ لولادة الماء صدري سهلٌ للربيع وصمتي مهرجانٌ يبوح
***
الفصل الرابع
(1)
ضائعان
وبيننا الآن سَكَنٌ وصيفٌ
قلتُ للجسد تهيّأْ للبرقِ القادم
حيثُ أنحتُ من طين أعصابي إله الفرح
إله الفرحِ يخرج من بين الصُّلبِ والترائبِ
وإني على رجعه لقادرٌ
يوم يهبط الغيبُ ونمتلىء به
خلف العناصرِ صورٌ لا تظهرُ
وتظهرُ في ليلةٍ كان مقدارها جسدين ينضح منهما عرقٌ
وينبلجُ فيهما شفقٌ وضوء الخلايا ينوس ينوس ينوس
العب في الاتجاهات كلها يا نورسُ ويا شاطىءُ اتّسعْ لهذا الصراطِ من النوارسِ بين النورسين موجةٌ تتجمّع جزيرةً تشرقُ فيها صدورٌ ضاقت بما حملتْ بين النورسينِ قمرٌ يطلعُ يستنشق إيقاعَ روحي بين النورسينِ ليلٌ يغمضُ أهدابهُ على بيتٍ يجمع شعوباً وقبائل وإله الفرح نطفةٌ وأمشاج خبّأتها في المنحدر
قلبي معكَ يا أمير ابتهاجي بكَ يا مطلع مزموري ها أنشرُ لكَ أعلامي وأكشفُ عن أقماري وهذا ضوءُ الخلايا يشتعل يشتعل يشتعل
يحقّ أن أقولَ هذا أوانُ البذرةِ لسلامها أحنّ أحنُّ لجناحيها لافتتاحها عهدَ الأبوّةِ أحنّ أحنّ لاسمها
يا أميرُ أودعكَ المملكةَ الأولى فأقم فيها وقل لي كلّ صباحٍ " الصباحُ يطيبُ هنا" وقل لي كل مساء " كبرتُ نهاراً"
تحرسكِ الملائكةُ يا نطفةُ والرحمُ تحرسكِ وتحفظكِ ليالي البردِ من البردِ والشفاهُ تحفظكِ مباركةٌ أنتِ وزرعكِ مباركٌ وليكن حصادكِ مباركاً
(2)
امتدّي يا كائناتُ في تحوّلٍ أبني له فرحاً
لأبي سبحاتٌ يسيلُ شعاعها أصوغه جوهراً لصدر الولادة
انسحبي يا غربانُ من أنقاضي الملتهبةِ ويا أشجارَ الكآبة انخفضي هو فضاؤنا يعرف البداية والنهايةَ ويجثمُ على أصابعي يسرقني إلى جزرٍ يعلو فيها غناء البحّارةِ أطعمتُ بحّارةَ القلبِ من زوّادةٍ هيّأها الأبُ القديمُ صادفتُ في الجزيرةِ ساحراً يحوّلُ الحجرةَ إلى امرأةٍ قلتُ أريدُ الجنينَ أنثى فكان ذكراً
بكَ أبتدىءُ الرّقصَ أيها الذكرُ أرتفعُ بعيداً في موسيقى تلملم الثمارَ من جيوب السحابِ أهبطُ في معناكَ أحملُ هيولاكَ تمثالَ لطفٍ تنبع من قدميه ساقيةٌ ترسمُ دائرةً وتقول للعناصرِ تماوجي تزوّجي ابتهجي أعطني نبضكَ إذ يلفّني الليلُ وتموّجْ تحت البطنِ يرتفعُ: ترتفع الدمعةُ بثيابها الزرقاء
ينحدر: تنحدرُ شعوبٌ طيبةٌ من خلايا جسدي ويلمع الهواءُ مرآةً أرى وجهي وجهينِ وأسمعُ أغنيةً تتنفّس من رئتيَّ
أحلمُ بطفلكِ أركعُ عند بطنكِ الممتلىءِ أتأهّبُ لرقصةِ أنفاس الجنينِ منكِ أولدُ ومني تلدين
لديني اقذفي بين يديَّ أقماراً أيتها الأمّ بشريعةِ البحرِ كنتِ لي من جماعِ نجمةٍ تسلّلتْ سرّاً إلى كوكبٍ ترابيٍّ ولدتِ سافري في أسراري لتتأكّدَ أنها ليست وهماً وأنها تُلقى في جرّةِ الأمّ الأولى انسفي ميقات المجاعةِ أرسلي آباء للحروبِ يخرجْ من صدورهم خبزٌ والبقيّةُ تأتي مع الليل والمطرِ سأعيدُ لحنجرتكِ نشيدها
{أنا سيدةُ الأسرارِ وما من كائنٍ بقادرٍ على رفع برقعها}
السلامُ عليكِ يا كنزاً يمجّده العالمُ أفيضي على بطنكِ نبعاً يسقي الجنين أيتها الشجرةُ اظهري في الظلمةِ لديهِ لديني سأقولُ لأطفالٍ آتين يعبدون جذعكِ يطلقون عليكِ قصائدَ الخصبِ حيثُ في شعركِ سنابلُ في ثدييكِ لبنٌ للترابِ في أصابعكِ حركة المجرّات لديه لديني انفردتْ حقولي في روح القمحِ طوفي بلهاثكِ الخالقِ تحدّي بتعبكِ شعائرَ اليباسِ وغنّي:
{أنا في عرسٍ كبيرٍ ولم أتّخذ زوجاً
أنا القابلةُ ولم أنجبْ أحداً
وأنا سلوةُ أتعاب حِملي
أنا العروس}
وهذا إله الفرح في مخاضه الآتي
الفصل الخامس
زهّر الغيمُ ولم يقبل حبيبي
رقص الفجرُ وما غنى حبيبي
لا تغب أكثر ممّا غبتَ
شمسي لكَ
أعضائي طيورٌ
وانحناءاتُ مزامير على قوس اللهيبِ
لكَ عرشٌ بين قلبينا
أيا جوهرة العرشِ ويا عرش القلوبِ
أنتَ يا مدينتي
بالغناء أسيرُ إليكَ معي جسدُ الكونِ
الوجودُ يسعى إلى فنائه وأنا أسعى إلى ولادتكَ كشهابٍ يجرّ خلفه ذيلاً مضيئاً أتحايلُ على البؤس أكذبُ على سيفِ البرودةِ وما أدراكَ ما البؤس والبرودةُ ما رأيتَ بعدُ الجرادَ يزحفُ متباهياً يحاصرُ جسدينا يلتهمُ حتّى النخاعَ ولكنه الصباحُ جميلٌ بكَ حيثُ تستيقظُ الخالقةُ تفتحُ لي نافذة الخبز الذي مضى عليه يومان ما تعثّرتْ رئتاكَ بثعبانٍ شاردٍ تحت حجارة رغباتنا ولكنه الصباحُ جميلٌ بكَ
تدفّقْ لحماً نكسوهُ حلماً نهدهده أنتَ أقربُ إلينا من حبل الورود وبما رحمةٍ من عندنا أورثناكَ ربيعنا وهديناكَ ينابيعنا قلنا هذا وحيدنا يهبطُ بين صراخِ الوالداتِ وبقعِ الدمِ على البلاطِ ما له تباطأ المخاضُ؟ يا من رأى أنثى تورقُ فروعها غثياناً وتنهالُ أعضاؤها في غيبوبةٍ قلتُ لجسدي كن طيراً يهوي من أعلى السّروِ فماذا بعدَ طولِ تحجُّرٍ وسديمٍ؟ هل نخطّ على الهواء أسماء التعبِ ونقبّلُ أطرافَ السماء؟ لوّعينا أيتها الليالي حين اللوعةُ تتئم فردوساً هذا الليلُ أظلمناهُ وقدّرناه منازلَ ورفعنا عويله وجعلنا لكلّ سهرٍ بكاء
قولوا ما شئتم عن السفرِ الأكبر مع امرأتي قولوا انكسرَ جسدها إعياءً ورأيتُ السكونَ في عينيها يستوطنُ توسّدي كتفي يا ذات المخاضِ وكان الوقتُ بطنا يرشحُ آخر أحواله وأنا أرشحُ أول الانهيارِ أعلو بأغنيةٍ:
أحصدكِ بفمي
وكلما قطفتُ سنبلةً انفتح حقل جديدٌ
بيننا أننا شرّدنا الليلُ في سهوبه كأننا شجرٌ
وللماء سيرةٌ نتلوها معاً
نحنُ نسغ الشجرِ ربيع الحبّ نحن
اتكئي على ضعفي يا ذات المخاض رأيتكِ الليلةَ زمناً نؤسس قدومه
ـ من أنتَ
ـ أنا لكِ حتى اندلاع الفجر من أصابع الطفل
أتهيّأ لاحتفالٍ صباحيٍّ أقيمُ قنطرةَ لغةٍ غيّمتْ سماؤها وأنذرت بصرخة الولادة مشتاقٌ لرائحة لحمه البدائيّةِ أوصلينا إلى بلور أصابعه خذينا إلى نهاياتِ سرّه ضعيه ذكراً أنثى ولترقدي
بسلامٍ إلى أبدِ الآبدين
الفصل السادس
أيتها اللغةُ سهامكِ طائشةٌ وجعبتي نهرٌ يهدرُ ذكّري الطفل بخالقته وذكّرينا بأننا ألفةٌ ننسخُ ذرّيّة ترابنا نضيف للسلالةِ هذا المولود اسمكَ الفرحُ يهاجمني عواء الفرحِ من كل النوافذ يتسلّل بين الخطى يتسابقُ معي أهربُ منه ويطلع لي من أشياء منسية أهلاً بأعضائكَ وسلامٌُ على والدتكَ دع الهلامَ يسند بعضه بعضاً في الرحم دع عينيها في خَدَرٍ دع قلبي ينبئك انشقّ قمر البطن وغيض الماءُ وقيل يا ولادةُ كوني برداً وسلاماً غطّي حناجرنا بغبطة البكاء أهلاً بجسدكَ له عرسٌ تحت رواقٍ مائيٍّ تنفّس من رئتيّ خذ يديّ جناحين يا أعلى من مآذن الكلام كيف أصوغك لتنزل في هذه الكلمات؟ هل مرعى أناشيدي أنتَ؟ هل مهاد لقافلةِ حنيني؟ هذا أول الخلقِ سأدعو لعينيكَ هذه البيارق الملوّنة سأجيءُ بك صبحاً حتى ينضوي نحت جناحيك معنايَ وأصغي لإيقاعاتكَ أرسلكَ إلى وديان الطفولةِ يا حلمُ صار لك كتفان تطير منهما الأغاني أهلاً بجسدكَ تتلقّاه الملائكةُ والفتياتُ الجميلاتُ هذه تصعق بسحركَ وتلك بزرقة عينيكَ هذه تسميكَ وتلك تفديكَ والجدة تغطيكَ بشعرها ترخي أحلامها عليكَ
أيتها العائلةُ يا طوافَ قلبي حول أشجاركم يا أولادُ يا بنات صفقوا لإله الفرح سكرتْ به أفئدتكم تاهتْ به مناديل وجدٍ تطرزها الأمّ
إذ تسمي الصلاةُ تسابيحها أسمي (سومر) صلاتي وتسبيحي أذهّبه أشعشعه أستجلي هواءه أصل ليلي بنهاره أنثر حوله الطيباتِ تتحلّقُ حوله من كل لونٍ أثداء تترفّقُ بضعفه شفاهٌ تختزله بقبلةٍ وأنا أعلّقه مصحفاً على صدري
مجيءٌ أشقر أزرقُ لسمائه أنا ساجدٌ وكان الحقّ شاهداً بالرّضا مجيءٌ يتغلغل تحت جلدي ينزلُ من الأفقِ كوكباً درّيّاً يقترب مني يتحفني باللثغةِ يشدّني من أضلاعي إلى طفولتها المهشّمةِ أرى جسدي في رصيفِ الفضاءِ يتمدّدُ تضيئه بياضاتٌ لا يعرف من أين تأتي خذني كما تؤخذ موجةٌ من شاطىءٍ علّمني الصعود من جديدٍ أنتَ يا كرسيّ مطرٍ في الريح انتظر حتى تنطق العظامُ وتنبهر عيناكَ بكوكب الألوانِ انتظر فالمجد للفرح المغزول من جسدينا ولشهوة اللعبِ تنمو بين أوردتي يا جسداً أوّلاً ننمو معه في بهجته فنمتلىء بذاكرةٍ تضيء بشِعرٍ يتلوّنُ نمشّطُ الفضاءَ بطفولةِ أنهارنا لا نتأخّرُ عن موعد الشمس مع إلهنا الصغير
النهاية
ماذا لو أفلتتْ سفينةٌ وتابعت بحرَ جسدكِ عبّأتها شفاهاً ونشرتُ فيها مزامير الولادة أقيمي لنا عرساً تحتَ قنطرة قلبكِ الطفلُ لفّيهِ بغيمةٍ ولفّيني بقبلةٍ ضمّيه صوتاً ضمّيني صدىً أكتبُ لكِ أغنيةً أخيرة:
نحن عائلةٌ تستندُ إلى شجر الحبّ
لنا ديمومةُ العناصرِ وطفلٌ يتوّج قلبينا
السلامُ
على وجهكِ أقول السلام
أن أرى الأفقَ ينحني ويقبل قدميك
أن أسمع نهراً ترنّ أمواجهُ في خطاكِ
أن ينهمر لبنٌ مطهّرٌ من ثدييكِ
هذا
يعني
أننا
نعبدكِ
08-أيار-2021
02-أيار-2020 | |
15-كانون الأول-2018 | |
10-شباط-2018 | |
04-تشرين الثاني-2017 | |
29-نيسان-2017 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |