هو لا يذكر شيئا ً من طفولته سوى أن القطار

قد رحل بعيدا ً والسماء صارت بلون العشب الأصفر

هو لا يذكر شيئا ً من طفولته سوى أن صوت الناي

توحّد مع تراتيل الرعاة وانطفأ في شفاه العاشقين

هو لايذكر شيئا ً من طفولته سوى أن الريح كانت

خضراء ناعسة والقمر الأخرس يغفو في شعر دميته الباكية

هو لا يذكر شيئا ً من طفولته سوى كتابه المدرسي المثقل

بالسبايا والعبيد وعصا المدرس التي تشبه وجه الله

هو لا يذكر شيئا ً من طفولته سوى تلك الموسيقى الغائبة

في المراعي والسهول والألوان المتناثرة على بياض القلب

هو لا يذكر شيئا ً من طفولته سوى أحلامه المطوية تحت الوسادة كل ليلة

سوى غربته في أناشيد العيد ودمعه المقدس الذي يغسل الحلوى كل صباح

هو لا يذكر شيئا ً من طفولته سوى صمته المدفون في ثلج النسيان

لا يذكر شيئا ً سوى أنه كان وشما ً للرياح

لكنه لا يذكر شيئا ً من طفولته أبدا ً

كان يحلم بالسنابل والأغنيات البعيدة

ويسترد من القمر حكايته المسروقة

هو لا يذكر شيئا ً الآن

ولم يذكر شيئا ً عن طفولته

سوى أنين القطار في معطفه الجريح

وذلك الطفل المسافر في حقائبه منذ زمن بعيد

ذلك الطفل الهرم الذي يكبره أعواما ً وأعواما...