ملحمة بين النجوم وسؤال الدين والعلم ...
خاص ألف
2014-12-27
لم يستكن كريستوفر نولان صانع الأفلام الشاب ، لنجاحاته السابقة من جهة ولا للنجاح المدوي لفيلم الفضاء الأخير جرافيتي للمخرج ألفونسو كوارون ..والذي حاز على جائزة الأوسكار ..
بل ذهب قدما ً في اقتحام سينما الفضاء بكل ما أوتي لهوليوود من تقنيات ومن فلسفة في التعاطي مع تلك الدراما التي افتتحها المخرج الأسطورة ستانلي كوبريك بفيلمه أوديسا الفضاء 2000 ..
افتتح كريستوفر نولان فيلمه بفرضية بدء انتهاء صلاحية العيش على كوكب الأرض بعد أن أفناه سكانها ..فالمشاهد الأولى تردنا الى جحيم يعيشه البشر حيث الغبار والأتربة تغطي كل شيئ ..والأرض توقفت عن انتاج المزيد من الطعام لسكانها ، التراب يغطي كل شيئ حتى لتكاد تغطي الأرواح ..
لنكتشف أن العلماء وصلوا لفكرة أن الارض ذاهبة الى الفناء ويجب على سكانها ايجاد مكان آخر للبدء في حياة جديدة ومن هنا تبدأ رحلة التيه التي يقودها بطل الفيلم المقدم كوبير في بحثه الحثيث عن كوكب جديد من الممكن أن ينتقل اليه البشر بعد الخراب الذي أصاب الأرض ..فالمشروع الذي أسسه العالم الذي أطلقوا عليه اسم الدكتور مان ، بدأ ولم يعطي أي نتيجة حتى الان ..فالدكتور مان والذي نفترض ترجمة اسمه بالدكتور الانسان ...استطاع اقناع 11 رحلة مشابهة بالذهاب في رحلات تبشيرية في المجرات بحثاً عن أرض لاقامة العالم الجديد الذي سينقذ البشرية من الجحيم الأرضي الذي أفسده المفسدون في الأرض ..
حتماً لم يفت المخرج ولا الكاتب مثل تلك الاشارة الى أن الدكتور مان الذي قاد هذه الرحلة التبشيرية هو ورفقائه الاحد عشر بحالته التي تشبه حالة السيد المسيح وحواريه الأحد عشرة ..في رحلتهم التبشيرية في البحث عن عالم أفضل ..
وحتماً لم تفت القائمين على الفيلم تسمية الرحلة التي يقودها بطل الفيلم كوبر والذي قام بأداء دوره بعبقرية الممثل ( ماثيو مكونهي ) تسميتها ب لازاروس ، أي العازر ..لا وبل يشرحها بأن العازر هو من أقامه السيد المسيح من الموت بعد أن مات ورده بالفعل الى الحياة من جديد ..وبالفعل فمركبة لازاروس أو العازر تغوص عميقاً في الفضاء حتى تلتقي بالدكتور مان الذي يبدو أنه ليس الا مسيحاً دجالاً يريد من خلف البحوث العلمية التي يقودها أن يفيد العلم كمفهوم علمي ونظري وليس البشرية كهدف من وراء هذا العلم الذي يهدف الى انقاذ البشرية من مأزقها الوجودي ..وهكذا يصطدم الدكتور مان بهدف رحلة لازاروس و يبدو أنه يهدف الى تدميرها وليس الى احيائها ..وبالفعل يدمرها ويدمر نفسه معها تاركاً مخلصي البشرية الفعليين في حيرة حتى يبادروا الى انقاذ المركبة ألعازر ( لازاروس) بأنفسهم بحثاً عن عالم جديد شجاع يستقبل البشرية ..
وعبر هذا التمازج بين الديني والعلمي ابتدع المخرج عالماً ساحراً في شريطه
(انترستيلر) اختلطت فيه الصور الساحرة والمشاهد المرعبة التي تسلب المشاهد قدرته على الاسستكانة في مقاعد المشاهدة دون الرغبة في التحرك مع الحدث ..
فالشريط الذي ينسج على فكرة الزمن ونسبيته و عدم اتخاذه شكلاً واحداً استطاع اثارة المشاعر بقدرة غريبة و جديدة فالأب الذي يشاهد رسائل أولاده المصورة ويراقبهم وهم يكبرون أمامه بمصائرهم وعائلاتهم و الابنة التي أصبحت أكبر من أبيها بسنوات بفضل فرق الزمن بين الجاذبية الأرضية والجاذبية في الفضاء ..فالاب الذي يبدو شاباً أصبح حسب الزمن الأرضي بسن 124 و لكن ابنته أصبحت فوق التسعين عاماً وهي التي أنقذت البشرية بفضل لوبية الزمن ألتي أتاحت للاب العودة بالزمن الى طفولة ابنته وارساله رسائل عن طريق المورس الى ابنته ينقل لها فيها خبرة الأخرين الفضائيين الذين يرغبون بمساعدة البشرية في الاستمرار...
لعل شريط (انترستيلر ) الطويل والذي يبدو في ساعاته الثلاث الا ربع ،ملحمة طويلة تروي وبحنان شرس مستقبل البشرية التي استشرفها صناع الفيلم عبر ثلاثة أجيال بشرية ورحلة فضائية تشبه رحلة الأوديسا الاغريقية ولكن في الفضاء ..ولكن ضمن لعبة غاية في التعقيد مرتبطة بالزمن ، هذا المفهوم المعقد الذي ترتبط السينما به بقدر ما ترتبط به مفاصل الماضي والحاضر والمستقبل ....
08-أيار-2021
02-تشرين الثاني-2019 | |
04-تشرين الثاني-2017 | |
27-كانون الأول-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |