في الوقت متّسعٌ لنهايات أكثر يأسا من فتحة في القميص تنتحب، من صليب معلّق على صدرٍ وثني ، من عطر يهجس بالوشاية ، من أنفاس تقتفي أثر الهواء في رئة ضجرة.
-2-
كانت العداوة عارية ، ها نحن نخيط لها ثوبا من الدانتيل الأسود، أطرّز الأكمام بقليل من الحقد، أترك الصدرَ مكشوفا لصيّاد سيعبر النهر الى الخاصرة بخفّة طائر، كي لا تهرب غزلان السُرّة. الخيطان المنسولة عند الرُكبة كمينٌ لسارق طويل الأناة ، فإذا امتدّت يد الحب الى الجمرة، علُقَت الأصابع بالخيانات تسيل على ساقين من ندم.
-3-
بعباءتي البيضاء ، أستريح شبحا على غبار العزلة، أتمدّد سلطانة للموت. يحطُّ الشعر على كتفٍ ، يطير الحب عن الآخر. ثمة كوابيس على هيئة انتظار. أنا التي سممتُ الريح كي لا تعصف، قلتُ للبحر: اهدأ ، أمرتُ الغيم بالعطش. أنا التي صالحتُ أمراء الطوائف والحروب كي لا تخدش قلبكَ رصاصة طائشة. ثمة كوابيس على هيئة رجل لم يأتِ ، كوابيس على هيئة نار تخمدُ ...تخمد.
-4-
لا تلقِ التحية على أرض خصبة قد ينبتُ حقل قد ينبت حب قد ينبت جرح، فقط... لوّح من بعيد للغريبة، الأصابع لا تترك أثرا على الهواء، الهواء لا يلد الموت، الهواء ينبئ بالعاصفة، العاصفة التي اقتلعت كل شيء من جذوره حين كانت الأرض خصبة،
حين ألقيت التحية على مساء امرأة وحيدة، وحيدة كجرح هذا الليل كسيف لم ينسل يوما من غمده ويعرف انه يوما ، لن ينسل.
-5-
أغار من الحَسرات ، من وحشة الكنائس، من اليأس في زوايا الحانات، من تنهدات الأقبية. أغار من الحمّى حين تهذي في صدركَ، من الحمّى حين تنال منك، من كل ما ينالُ مني، يحيط بي ولا يحيط بك. أغار من الخراب، من هول العواصف، من كل ما يئنّ في العتمة ويتحطّم في الضوء. أغار من الصواب ، من اللاجدوى، من الخمرة المضلّة في دمك، من التأويل ،من سوء الظن ، من الهزائم الكبرى. أغار من الطريق الى بيتكَ ، من بيتكَ ، من أصواتهم، من صوتكَ ، من الحمّى أمس والآن ، الآن في صوتي.
-6-
لم أكن أرملةً بما يكفي ليختنق الرجل بمحبس ذهبي ، ولا عروسا ليتصبب عرقا فضيا، ولا عشيقة سرية لأشيخ في عتمة النوايا. تهدّلَت على أكتافي ضفائر الحب حين أطلقتُ خيول الحرير في عباءتي، وكنت شاعرة بما يكفي لأولم للمولَع بي مجازي وأمضي.
-7-
كي يشاعَ أننا استرحنا في غابات الجسد أو ضِعنا، أنني ألقيتُ عليكَ لعنتي الحمراء أو شَعري الأحمر ، كي يشاعَ أنك أشعلتَ في قميصي الحرائق وكنتَ الجاني أو الجنيّ، ما زلتُ كل ليلة ألملمُ الثرثرة من الحقول ، ثم أستند الى هذا البحر الهائج في دمي.
-8-
أحيانا لا أناديكَ، أخاف أن يتهدّج صوتي. أحيانا لا أقتربُ منكَ ، أخاف أن يوجعني في الحنان إسمي.
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...