وحين يفر الحرف هاربا حيث المكان غير معلوم ، وحين تعيد ترتيب أوراقك وتشرع في تدخين تبغك علك تحلب من ثدي المحاولة سطرا يئن بالفراغ وليس من نقاط تصنفه ، حين يصاب قلمك بالتعثر وتصبع القضايا المهمة محض تفاهة ورؤى الحلم بلا معنى - تكون أشبه بشيء مذعور ، متكورا في فراغ وحشتك، وتصبح التفاصيل البسيطة أجل ما لديك ، ترتيب زجاجا ت الشامبو، غلق خزانة الملابس بشكل محكم ، دعك مفاتيح البوتاجاز مثلا- تفتش في هاتفك عن أرقام طالما هربت من الرد عليها - وكأنك تعيد صياغتك من جديد – وتصبح الثرثرة قبلة الحياة قبل اكتناف الموت للروح للمرة العاشرة بينما لا يثير اهتمامك فوضى سريرك أو انزلاق الجوارب عن أرفف الخزانة ، حين يموت المرء مرته الأولى والوحيدة يكون الكاتب مات مرارا في عذابات اختناق الروح بمعزل عن حروفها المطعونة بسكرات الولادة على مساحات البوح التي للفكر والنص والقصيدة ، و يا للعنة حين يفيض السقم نبض المبدع ، يختل الوتر وتسقط الرقصات في محبرة اللون بعبث وخيم ، بل و يحيل نمنمات الروح لشراسة المقاومة واستبدال الموائمة بصروح الجمال العتيدة عبر تاريخ من نضال ونسك عظماء كل مرحلة وحقبة ، تكون أيضا المشاعر السلبية والأنظمة المجهدة واختلال القيم المرهونة بالثورات والحروب والكوارث الطبيعية والتغيرات المجتمعية دفعا متوهجا لإعادة النسيج الوجداني للتوهج من جديد ، هكذا يتألق المبدع في الدروب المعبدة والأوقات الخشنة ليصنع مستحيلا وبريقا ثائرا على تلال الجمود اللزج وركام العطن المستكين للخروج بالشعوب من منعطف التجاعيد والطحالب الرطبة إلى ارتفاعات شهقة الضوء المستقيم ، هكذا يظل الجمال وحده مخلص الشعوب ومحررها إلى ذروة التحضر والإنسانية ..

ولم ينته بعد ..