نُخيَّر بين "داعش" و " شارلي إيبدو" .. و هل علينا أن نختار بين جاهلية الحداثة وحداثة الجاهلية السخرية هناك غرباً حيث لا سقف ولا مقدسات الموت هنا شرقاً حيث لا سقف .. ولا مقدسات أيضاً ما الذي يجعل من السخرية طريقاً للموت .. وما الذي يجعل من الموت سبيلاً للسخرية "كلنا شارلي" و "كلنا أحمد" لافتات الموضة الجديدة للحرية حريةٌ تبحث عن هويتها وماهيتها في الكتب .. ذات الحرية التي نهرول إليها عائدين إلى القرون الوسطى لست شارلي ولا أحمد أنا ضحية حرية شارلي الزائفة أنا المخدوع بأن القارة العجوز ليست عاقر .. أنا شقيق مرابط وورَّاد الذين هجروا مدن الملح ليستوطنوا أرصفة ضواحي صفيح مدينة النور أنا المسيح المصلوب مرتين أولىً حين صلبه اليهود وأخرىً حين سرقتم هويته لترسموه فتىً إيطالياً أنا الشرقي المتخم بالتابوهات حد الاختناق المسكون بالتاريخ حد التقيؤ الملعون بالجغرافيا حد الغثيان أنا الشرقي الحالم بحداثةٍ لا تزدري هويتي بوطنٍ لطالما كفل بقاء الكُنس والكنائس بمجتمعٍ احتضن الأرمن كما احتضننا السريان أنا ابن أرض الشمس التي أهدت روما خمس أباطرةٍ عظام .. ولم تنتظر منها غلال أنا ابن بلادٍ خلعت أميرةٌ منها على قارتكم اسمها وحين عادها إسكندر الأغريق بنى دورا اوروبوس التي هي اليوم الصالحية ذات صالحية الفرات التي نُهبت آثارها حتى ما عاد يمكن التعرف عليها ذات الصالحية التي هي خط تماسٍ على أطراف مطار دير الزور .. وأوروبا هي الآن خط تماس أنا المسير إلى الموت المخير بين أنواعه بقطع الرأس بالقصف بالقنس بالتعذيب بالجوع بالغرق أو بالثلوج .. و حريتي اليتمية هي اختيار كيف أموت انا السوري الفاقد لحرية الوجود لا تعنيني أبداً " شارلي إيبدو" ولا حرية التعبير كل ما يعنيني الآن أن أُحسن اختيار طريقي للموت .. كي لا أعكر صفو شاشاتكم بدمي فسامحوني!
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...