اصطفافات المعارضة لجني الأرباح* أرشيف
عدنان عبد الرزاق
2017-01-21
وعلى حين غرة، هوت أسعار أسهم الشركات السياسية بسوق الأوراق المالية المعارضة، وتراجعت أسعار الشخصيات التي خال كثيرون، أنها سلع مطلوبة للجميع، بصرف النظر عن العرض والطلب، لطالما هم "الهوامير" التي تضبط أداء السوق وتهدمه على رأس من فيه، وقتما تشاء.
ما دفع، بقوة جبن رأس المال، السادة المساهمين ببورصة الثورة السورية، لإعادة التحليل الفني والأساسي، والتنوع بين بائع وشار ومراقب، بواقع سوق مهددة بقلة الإقبال والتداول، إن لم نقل بالانهيار، بعد تزايد البائعين وزيادة الانسحابات وغلبة نسبة المشتغلين في السوق عمن يعمل لها، ما أثر على الرصيد السياسي ونال من نفسية المتداولين وإحجام المتربصين.
وربما خسارة بعض العملاء إثر التضخمات السعرية لبعض "الأوراق" بالبورصة، وتردد المضاربين وكبار المساهمين بالشراء لإعادة الثقة بكفاءة التشغيل وتلاشي وسائل الحماية ضد المخاطر، كانت أسباباً إضافية على تشويش المؤشر العام للأسعار وبالتالي ضياع بوصلة التوقعات للأحداث السياسية المقبلة.
بيد أن هذا، بعض "ترمومتر" الأحداث، إذ ثمة مكتنزين جنوا أرباحاً جراء المضاربة لنيف وخمس سنوات، وهناك ممولون يمكن أن يجازفوا عبر أسهم وسندات من جديد، لطالما جل التوقعات تشير، بأن لا "أزمة مناخ" يمكن أن تعصف ببورصة دم السوريين، بواقع عدم الاتفاق على النسب والأصول خلال تقاسم الخراب، الذي لما يحن بعد.
قصارى القول: بدأ بعض السوريين ومن في حكمهم، يعدون خططاً ومقترحات لتشكيل كيانات جديدة، تحل مكان "الشركات المساهمة" السابقة، أو على أنقاضها، معولين على مدى حاجة الجميع للسوق واستمرارية إغراء سعر أسهم الدم السوري، والأهم، وجود ممولين ربما يرتبط وجودهم بالقضايا والمشروعات الكبرى.
سياسياً واقتصادياً وواقعياً، ذلك ضرورة ولا يتنافى مع مبادئ وحاجة الشعوب للأسواق أو حتى أحلام استفادة المساهمين من فائض ضخ السيولة، التي ستذهب لبورصات أخرى إن تأخر السوريون بإيجاد بدائل عن أسواقهم التي تشهد خلافاً بين المساهمين وانسحاب بعض المؤسسين، بعد أن فقدت "بورصتهم" ثقة المتعاملين والممولين وإقبال المستثمرين.
بمعنى مبسط، ربما من الأخطاء الكبرى أثناء التحضير لبورصة جديدة، التعامي عن حسن اختيار مؤسسين موثوقين، تجذب سمعتهم المستثمرين، والأخطاء الكارثية، أن يتم الاعتماد بمجالس إدارة السوق العتيدة، على "هوامير" خراب السوق السابقة، فوقتذاك، ستولد البورصة ميتة ولن يستفيد المساهمون، سوى إضاعة المال والوقت وربما صدى مصداقيتهم، أمام جمهور ينتظر ويجبرونه على الاستثمار بالخسائر وتجريب المجرّب.
نهاية القول: يتسبب دخول مستثمرين يجهلون آلية وشروط المضاربة في السوق، إلى ضياع مدخراتهم التراكمية ورؤوس أموال الممولين، كما يشجع الكثيرين على الكسل والتراخي، فالتداول في السوق لا يتطلب من وجهة نظر الكثيرين، أي جهد أو تخصص وسمعة، ولا تتطلب البورصة الناجحة من نظر هؤلاء، سوى ملاءة وترويجا وبعض إفصاح، متناسين أن البورصة مرآة الواقع التي لا تدار بالخطابات، وقلما تفي المراهنين على "فرسان الماضي" بأحلامهم التي يخططون.