بازار بيع بشار الأسد... عدنان عبد الرزاق*
عدنان عبد الرزاق
2021-04-03
كثرت بالآونة الأخيرة وبشدة، مؤشرات الخلاف الروسي الأسدي، أو بصيغة أدق، زيادة عبء حمل الأسد روسياً، ما يمكن جراءها، قراءة المشهد السوري، أو بعضه على الأقل، بعيداً عن الرغبوية والأماني.
أولى الإشارات العلانية، كانت خلال اجتماع وزراء خارجية، تركيا وقطر وروسيا بالدوحة في الحادي عشر من آذار الجاري.
ورغم أن ما رشح للإعلام عن الاجتماع، كان عاماً ومكروراً وبأغلفة إنسانية، إلا أن دخول قطر على خط أستانة، أو مواز له، خطوة جراء موقفها المعلن من الأسد والمعارضة، وإبعاد إيران، ولو عن ذلك الاجتماع، خطوة أخرى نظراً لعدم موافقتها على "البازار" أو حصتها به حتى الآن.
الإشارة الثانية خرجت عن سفير الأسد بموسكو، رياض حداد الذي ألمح قبل أيام، إلى إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية، المقرر تنظيمها بين منتصف نيسان ومنتصف آيار المقبلين، وما يمكن البناء على هذه الإشارة والضغط الروسي لعدم الدخول بلعبة إعادة إنتاج الأسد وتحمل تبعاتها.
وهنا، قد لا يكون هذا المقترح روسياً بالأصل، بل طرحته دول أوروبية ومنذ عام من قبيل النصح، على دول عدة بالمنطقة وعلى روسيا أيضاً.
ويمكن القراءة من التأجيل، فيما لو تم، قناعة روسيا باستحالة تدوير الأسد، وشراء بعض الزمن، عام مثلاً، ريثما يخرج لمواجهة روسيا من يستطيع دفع الثمن.
بمعنى أصيل لا وكيل عن الولايات المتحدة، بحيث تضمن البقاء وسريان الاتفاقات وتهندس البديل، أو تشارك بالهندسة على الأقل.
وما دمنا نتحدث عن كورونا، ربما المؤشر الثالث، غياب بشار الأسد بذريعة الإصابة بالفيروس.
وقلنا ذريعة لأن الوقت المفترض للحجر، قد مرّ، إذ تعدى على إطلاقه أكذوبة الإصابة، عشرون يوماَ ومن المفترض أنه تعدى الخطر وصار بإمكانه الظهور أو التصريح.
ومن هذا المؤشر يمكن الاستدلال، أن بشار الأسد رأى بفيروس كورونا، مهرباً وإن مؤقت، ريثما تتضح مرامي موسكو وتمر عاصفة الفقر وخروج بعض أحياء دمشق بمظاهرات، فضلاً عن إحياء درعا لروح الثورة وشعارات السويداء بذكرى وفاة سلطان الأطرش، وحتى ما قيل عن صراعات وصلت للقرداحة وانسحاب أم رامي مخلوف إلى موسكو... وكل تلك الأحداث، تتطلب تعليقاً أو اتخاذ إجراءات، لكن الأسد فضّل الهروب والتذرع بالمرض.
وجاءت الإشارة الرابعة أمس من دمشق، وقت منع الأسد "المكورن" انعقاد المؤتمر التأسيسي للجبهة الوطنية الديمقراطية "جود" بعد ما أشيع عن رعاية روسيا والترويج لأحد وجوهها "هيثم مناع" أن يكون رجل المرحلة المقبلة وبديل الأسد روسياً.
وجود، هي كيان تحالفي يضم مكونات وكيانات عربية وكردية وتركمانية مختلفة التوجه، بقيادة "هيئة التنسيق الوطنية"، يهدف إلى "جمع أكبر عدد ممكن من القوى الديمقراطية في الداخل، وامتدادها في الخارج، بحيث تتجمع كل القوى الديمقراطية المعارضة، وتوحد مواقفها ومطالبها، ما يعزز العملية السياسية التفاوضية طبقا لبيان جنيف والقرارات الدولية ذات الصلة.
نهاية القول: من المراهقة السياسية ربما، الانسياق وراء موجات الرغبوية والتنجيم التي أطلقها حالمون منذ شهر، حول أن نهاية نظام بشار الأسد باتت وشيكة، بل وصلوا لتحديد البديل وزمن الانتقال السياسي وحتى مكان هروب بشار الأسد أو لجوئه، لأن من يعرف بنية نظام حافظ الأسد وذهنية تركيبة الوريث بشار، يوقن أن خلع تلك الجذور المافيوية، ليس من البساطة والسهولة كما روّج الحالمون.
ولكن بالمقابل، من السوداوية بقيناً، تجاهل كل تلك المؤشرات والتغاضي عن الأزمة الاقتصادية الخانقة، للأسد والسوريين والتي لم تستطع مناورات روسيا كسرها، ولو لأجل ريثما تتمم الخطة و"البازار" سواء خلال زيارة رئيس دبلوماسيتها للخليج أو الضغط على أنقرة بقضية المعابر التي وصلت لقصف قوافل المساعدات قرب باب الهوى.
ولعل من الحماقة، القفز على الخلاف الروسي الأمريكي المتصاعد وآثاره المباشرة على الملف السوري، الذي تقع روسيا فيه بموقع المتورّط والضعيف.
إذاً، الدلائل تشير إلى طرح موسكو بشار الأسد للبيع، ببازار قلنا لا تقبل خلاله الوكلاء، أو الوكلاء غير الحصريين على الأقل، ولتقل للعالم أنها ليست على عجالة من أمرها، أرسلت رسالتين اثنتين.
الأولى ألزمت نظام الأسد المصادقة على عقد شركة "كابيتال" للتنقيب عن النفط قبالة سواحل طرطوس قبل أيام، لتقول لم أزل صاحبة السطوة على النظام، وما يقال عن إحلال إيران، مجرد أوهام.
والرسالة الثانية أوعزت للسفير حداد، أن ارمِ بالون تأجيل الانتخابات، لتنتظر المقترحات حول الانتقال السياسي وشكل سوريا المقبل وعروض الأسعار، قبل أن تعلن عن نهاية المهزلة، إن ضمنت بقاءها ودورها بتنصيب البديل...أو تستمر باستثمارات خاسرة وربما مدمرة إن لم ينعقد البازار.