أجد جثثاً أحياناً في بيتي.. أعثر عليها في أماكن متفرّقة.. في المطبخ. أو داخل خزانة الملابس. أو في علبة القهوة. أو خلف أحد الكتب. أو أسفل المغسلة.... جثث صغيرة جافّة.. لا أعرف كيف كانت تصل هنا. - من الذي يلقيها؟. سألت نفسي في البداية. ثمّ كففت. قلت: - ليست مشكلتي.. هنالك من بإمكانه أن يتولّى الأمر خيراً منّي.. وكنت أحملها إلى الشرطة. وكانوا يستلمونها منّي. يضعونها داخل مرطبانات زجاجيّة، ثمّ يكتبون لي إيصالاً، ويعدونني أن يتّصلوا بي إذا احتاجوا إليّ.. لكنّهم لم يفعلوا أبداً. وبدوري لم أتابع الموضوع. قلت: - عملهم.. يعرفون ماذا يفعلون.. إلى أن خطر لي أنّهم يلقون بها في مخازنهم، كما قد يفعلون مع الكثير من الأشياء. ثمّ ينسونها.. والتمست لهم العذر في ذلك. - لديهم ما يكفي من المشاغل.. وقرّرت أن أحتفظ بالجثث لنفسي. كنت ألتقطها. أجرّدها من ملابسها التي غالباً ما تكون بالية، أو ممزّقة، أو مدمّاة.. ثمّ أخيط لها ملابس جديدة بعد أن آخذ مقاساتها. وأراعي دائماً ذوق الجثّة نفسها. أنظر في ملامح وجهها جيّداً. في عينيها خصوصاً، وأقدّر أنّها من النوع الذي يحبّ الألوان الفاقعة مثلاً. أو الهادئة. أو يميل إلى الملابس الرسميّة. أو الرياضيّة الفضفاضة.. أهتمّ بالنساء على نحو دقيق. منهنّ من تفضّل الملابس الفاضحة. وهؤلاء بالذات كنت أوليهنّ عناية خاصّة. أعرف أنّهنّ مشاكسات وسريعات الغضب.. ثمّ.. أوزّع الجثث على أرجاء المنزل، بعد أن أختار لكلّ منها الوضعيّة التي أقدّر أنّها تعبّر عن شخصيّتها.. جثّة على السرير في المشفى. أو على الأريكة تشاهد التلفزيون. أو تقرأ. أو تستحمّ. أو تعدّ طعاماً في المطبخ. أو في الخندق تطلق النار على عدوّ ما... أمتلك المئات من الجثث. يكلّفني الاحتفاظ بها مالاً كثيراً. ووقتاً أيضاً. لكنّني أتدبّر أمري.. حكايتي مع الجثث.. لم يبق منها سوى هذه الذكريات أستعيدها وأنا سجين هذا المرطبان الزجاجيّ على رفّ في مخزن الشرطة.. أحدهم وجدني في جيب سترته وهو يفتّشها قبل إرسالها إلى الغسيل..
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...