بالأمس، انتشرت صور لجنود روس "شرطة" يفتشون جنود الأسد ويبطحونهم أرضاً، بعد ضبط مسروقات "اغتنمها" بواسل سوريا من منازل بريف دمشق، إثر تهجير سكان المنطقة، بعد سنوات تخللها الحصار ومن ثم القصف فالتهجير، ليتم إعلان كامل ريف دمشق الجنوبي، خاليا من الأثاث المنزلي والأدوات الكهربائية.
ربما قيل خلال الأيام الفائتة، وبعد انتشار صور سرقة الجيش و"الدفاع الوطني" لمنازل مخيم "اليرموك"، كل ما يمكن أن يقال، فحتى حلم "نتنياهو" بتهديم "المخيم" الذي حققه له بشار الأسد، وزاد على الأمنية الإسرائيلية، بنهب ما فاض عن البراميل والقصف، أتى عليه كثيرون، منهم إسرائيليون عبروا عن فرحهم بما حققه لهم "ممانع دمشق" فيما لم يتمكنوا هم من فعله، لأنهم وللأسف، وعلى انحطاطهم، أكثر قيمية والتزاماً باتفاقيات الحروب، من "الجيش العربي السوري".
ولعل من عجائب ما حدث بالمخيم، هو خروج عناصر تنظيم داعش "معززين مكرمين" باتجاه البادية السورية، بعد أن ساهموا بتهديم أكبر تجمع للفلسطينيين بالشتات، لتعاد فضيحة "شماعة داعش" التي لم يعد من الغرابة، أن تعيد السيطرة على تدمر، ليعاد السيناريو مرة ثالثة، بعد أن أشرف النظام وروسيا والعالم المتحضر، على إيصال "المجاهدين" لريف حمص.
قصارى القول: ثمة أسئلة تتوثب على شفاه كل من رأى حالات "التعفيش" بمخيم "اليرموك"، والتي أخرست جميع مؤيدي بشار الأسد، بعد أن باتت من العلانية والتفاخر، بحيث أفقدت أي إمكانية للتبرير ولو من قبيل غنائم حرب من الإخوة الأعداء.
ترى هل ما قام به جنود الوطن، هي أفعال فردية، أم ثمة مخطط لتلك السرقات؟!
ولأن ما حدث أبعد ما يكون عن سلوكيات فردية، أو حتى تغطية وغض النظر عن الجرائم، يأتي هاجس البحث عن أسباب إعطاء هؤلاء المرتزقة، الضوء الأخضر للسرقة والنهب، بل وتقاسم القيادات العليا وعناصر الحواجز، أرباح تحرير المخيم وتهديمه.
ربما التشجيع على السرقة، من باب مساعدة الشبيحة على تدبر أمور معيشتهم، بواقع الغلاء وتثبيت الأجور، أحد الاحتمالات، لتأتي السرقات بمثابة زيادة على الأجور ومن خارج خزينة الدولة الخاوية أصلاً.
بيد أن هذا الاحتمال وعلى وجاهته، يبقى يحمل أسئلة وغموضا، لأننا وإن فرضنا أن القيادة العليا للجيش والقوات المسلحة وبإشراف القائد العام بشار الأسد، سمحوا أو سهلوا أو حتى أمروا مرتزقتهم بالسرقة، فلماذا يتم تصوير حالات النهب، بل والمصحوبة بأغان من شأنها تكريس أحقاد لا يمكن للسنين محوها.
في حين يمكن السرقة وبشكل سري، لطالما هم المسيطرون على خراب المكان ولا من شاهد أو مراقب أو حتى حسيب.
منه، وبربط ما جرى منذ تصوير مجازر "البيضة" بريف بانياس وما تلاها من تعذيب وإذلال وقتل أمام عدسات الكاميرات والموبايل، يمكن التأكد أن هذا النظام يؤثر على إعادة الطريقة ذاتها بخلق العداء بين مكونات الشعب السوري، بحيث لا يمكن للتعايش أن يجد طريقاً بين السوريين، حتى لو لاح حل سياسي بالأفق وقتل أو هرب بشار الأسد.
ومنه مرة ثانية، يمكن الاستنتاج أن هذا النظام، لا يربطه بسوريا ومن فيها وعليها، سوى الكرسي واستمرار الاستبداد والسيطرة، وبمجرد أن استشعر أن كليهما زائلان، استمر بزرع الأحقاد بحيث يتشهّى السوريون وعلى كلتا الضفتين، الفناء لبعضهما أو تقسيم سوريا، كأضعف الإيمان.
وعندما نصل لهذه الحقيقة، ربما تغدو بقية الأسئلة، فائضة عن الحاجة والبحث عن إجاباتها، من قبيل لزوم ما لا يلزم.
فماذا يعني أن نقول: كيف ساهم "فلسطينيون" إلى جانب الأسد، بتهديم حلم وبيوت الفلسطينيين، أو من سيشتري الأثاث المنزلي المسروق أو نصف كل مشتر بالمجرم أو مشارك بالجريمة.
بل ولا طائل ربما، من البحث في تعفيش حقوق السوريين، عبر مسيرة الأب والابن، رغم ما لسرقة الأفكار والحرية والأمل، من أوجاع وعقابيل، لا يمكن مقارنتها مع "الماديات" إلا أن سني الثورة السبع، جعلت من هكذا طرح، مضيعة وتأليب أوجاع، وما جرى من امتهان وإجرام خلال تعفيش المخيم، وصل لقتل "طفل" فلسطيني لمجرد دفاعه عن ممتلكات رأى فيها كل عذابات ذويه لاقتنائها، يسقط أي طرح منطقي، بل ويحوله لحالة سفسطة وعبثية..وربما أكثر.
نهاية القول: ربما الأهم بكل فصول التعفيش، ذلك المشهد الختامي، وقت يدعس جندي روسي محتل، على جندي من المفترض أنه يدافع عن الأرض والبشر وممتلكاتهم، وقتذاك، لم يعد أي مكان يضم هؤلاء وطناً وأي صيغة عيش مع هذا النظام ومرتزقته، كذب وذل ودياثة.
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...