قصائد للشاعر والقاص الأمريكي ريموند كارفر ترجمة:
خاص ألف
2018-11-03
مطر
استيقظتُ هذا الصباح
مع رغبةٍ مُرعبة في الاستلقاء على السرير طوال اليوم
والقراءة.
صارعتُ تلك الرغبة لمدة دقيقة.
ثم نظرتُ عبر النافذة إلى المطر خارجاً
واستسلمتُ،
واضعاً نفسي بالكامل
في حضن هذا الصباح الممطر.
هل سوفَ أكرر حياتي السابقة مجدداً
إذا ما أتيحَ لي ذلك،
مرتكباً الأخطاء نفسها التي لا تغتفر؟
نعم،
إذا ما مُنحتُ نصفَ فرصة.
نعم.
شظية متأخرة
وهل حصلت رغم ذلك على الحياة التي كنت تريدها؟
أنا فعلتها.
آن اسميني العاشق،
وآن أشعرُ بي عاشقاً على الأرض.
طائر الطنّان
دعنا نقُلْ إني أنطقُ كلمة "الصيف"،
أكتبُ كلمة "طائر الطنّان"،
أضعُها في مُغلف،
أحمله إلى أسفل التل،
حيثُ صندوق البريد.
حينَ تفتحين رسالتي،
سوفَ تتذكرين حينها كمْ،
نعمْ،
كمْ أحبكِ.
بحثاً عن عمل
لقد أردتُ دائماً الحصولَ على سمك السلمون المُرَقَّط
لوجبة الفطور.
فجأة، أجدُ مساراً جديداً إلى الشلال.
أبدأ بالمشي سريعاً،
اِنهضْ،
تقولُ زوجتي،
أنتَ تحلمُ.
لكن، وبينما أحاولُ الاستيقاظ، ينقلبُ البيت.
من يحلم؟
إنها الظهيرةُ، تقولُ زوجتي.
حذائي الجديد ينتظرُ عند الباب
إنه يلمع.
المرأة المستحمة
نهرُ ناتشيز. مباشرة أسفل الشلال.
ثلاثون كيلومتراً إلى أقرب مدينة. يوماً
مع إشراقةٍ قريبة للشمس
مثقلاً برائحة الحب.
كم من الوقت قضينا معاً؟
جسدكِ المرسومُ بحِدَّة بيكاسو
يَجِفُّ بالفعل هنا في هواء المرتفعات.
أنا أجففُ ظهركِ، وركيكِ
بثيابي الداخلية.
الوقتُ أسدُ الجبل.
نضحكُ على لا شيء،
وعندما ألمسُ نهديكِ،
حتى بوابات الأرض
تصبحُ عمياءْ.
النافذة
كانت هنالك عاصفةٌ الليلة الماضية
وانقطع التيار الكهربائي.
حين نظرتُ عبر النافذة، كانت الأشجار شبه شفافة.
منحنية ومغطاة بالصقيع.
هدوءٌ لا نهائيٌ كان قد خيّم على المشهد.
علمتً ذلك بشكلٍ أفضل،
لكني أشعرُ في هذه اللحظة بأني
لم أعطي أبداً في حياتي وعداً زائفاً
أو لم اقم بأي شيء فاضح.
كانت أفكاري فاضلة.
لاحقاً، قبل الظهيرة، عاد التيار الكهربائي مجدداً طبعاً.
بزغت الشمس من خلف الغيوم،
أذابت جماد الصقيع،
وكل شيء أصبح كما كان.
الغرفة الصغيرة
كانت هناك مواجهةٌ كبيرةٌ ذات مرة.
طارت الكلمات كالحجارة عبر النوافذ.
هي صاحت وصرخت كملاك يوم الحساب.
ثم بزغت الشمسُ فجأة،
وأظهرتْ خيوط تكثف البخار في سماء الصباح.
في الهدوء المفاجئ تمَّ التخلي عن الغرفة الصغيرة على نحو غريب،
بينما هو كان يجفف دموعها.
أصبحت الغرفة الصغيرة مثل كل الغرف الصغيرة الأخرى على الأرض،
والتي يصعبُ على الضوء اختراقها.
غرفٌ، حيث الناس يصيحون في أوجه بعضهم البعض
ويجرحون بعضهم البعض،
ثم لاحقاً يشعرون بالآلام والعزلة،
عدم اليقين،
والحاجة إلى المواساة.
البريد
على منضدتي بطاقةٌ بريديةٌ مصورة من ابني
المقيم في فرنسا.
ميدي، يسمي ابني تلك المنطقة.
سماءٌ زرقاء. منازلٌ جميلة مع فيضٍ من نبتات البيغونيا.
على أي حال، هو يتجه إلى أسفل الهضبة،
يجب أن يحصلَ على النقود بسرعة.
إلى جانب بطاقته رسالةٌ من ابنتي التي تحدثني أن زوجها،
الذي يُحبُّ التشويق، على وشك أن يضع إعلان دراجة نارية في
غرفة معيشتهم.
الحقُّ يقال، فإن زادهم الوحيد -هي وأولادها- هو دقيق الشوفان.
من أجل الرب، هي تحتاجُ المساعدة.
وكذلك هناك رسالة من أمي المريضة،
والتي على وشك أن تفقد صوابها.
تحدثني عن أنها لن تعيش طويلاً.
ألَنْ أساعدها للمرة الأخيرة من أجل نقل مكان سكنها؟
ألا أستطيعُ أن أدفع المال اللازم لأجل أن تحظى بمنزلها الخاص أخيراً؟
أخرجُ.
أفكرُ بالذهاب إلى المقبرة للحصول على قليلٍ من السلوان.
لكن السماء ثائرةٌ.
الغيومُ هائلة، ومتورمةٌ بالظلمةِ.
إنها كذلك الآن قبل أن تتمزق.
ثم يأتي ساعي البريد وهو يستديرُ داخلاً إلى ممر المنزل.
لديه وجهٌ كالزواحف، يلمعُ ويحرّكُ نفسه.
يُرجعُ يده إلى الخلف، وكأنه يرغب في الضرب!
إنه البريد.
نسيج العنكبوت
قبل دقيقتين، خرجتُ إلى المصطبة أمام المنزل
من هناك كان بمقدوري رؤية وسماع الماء،
وكل ما حدث لي خلال كل هذه السنوات.
كان الجو حاراً وهادئاً.
كان هنالك جَزْرٌ.
لا تغريد طيور.
حين اتكأتُ على الدرابزين،
لمسَ نسيجُ عنكبوتٍ جبهتي.
تربع النسيجُ ثابتاً في شعري.
لم يكن لأحد أن يلومني على استدارتي وعودتي إلى الداخل.
لم تكن هناك ريحٌ.
البحرُ كان ساكناً للغاية.
علقت نسيج العنكبوت على غطاء المصباح،
حيث أراه يترنحُ بين الحين والآخر
آن تلمسه أنفاسي.
خيطٌ رفيعٌ.
معقدٌ.
لم يمض وقت طويل قبل ان يستدركَ أحدٌ
أني لست هنا بعد الآن.
صورة لوالدي في سن الثانية والعشرين
أكتوبر.
هنا في هذا المطبخ الرطب الغريب
أدرسُ الوجه الخجول لأبي شاباً.
بابتسامةٍ بلهاء
يقفُ مع خيطٍ تتدلى منه أسماكُ الفرخ النهري الصفراء الشائكة
في اليد الأولى،
وفي اليد الثانية زجاجةُ بيرة كارلسباد.
مرتدياً بنطال جينز وقميص كتان
يميلُ على الجناح الأمامي لسيارة فورد موديل 1934.
كان يود أن يظهر للجيل القادم صلباً ومبتهجاً.
ماشياً وقبعته القديمة مائلةٌ على الأذن.
طيلة حياته، أراد والدي أن يكون شجاعاً،
لكن تفضحه النظرةُ،
اليدان اللتان تمسكان الخيط مع أسماك الفرخ النهري الميتة المرتخية،
وزجاجة البيرة.
أبي،
أنا أحبك،
لكن كيف لي أن أشكرك،
أنا، الذي لا يطيق المشروبات الكحولية،
والذي لم يعرف يوماً
أين بإمكانه صيد السمك.
* ريموند كارفر (1938-1988) شاعر وقاص أمريكي، وقد عدّه الروائيون سلمان رشدي وعاموس عوز وهاروكي موراكامي أحد أبرز مبدعي ما بعد الحداثة في الولايات المتحدة والعالم، ويشتهر على نطاق واسع بكتاباته القصصية والشعرية التي تنتمي إلى مذهب المينيماليزم أو التقليلية. من أعماله: هل بإمكانك أن تهدأ، من فضلك (قصص، 1976)، فصول غاضبة وقصص أخرى (قصص، 1977)، عما نتحدث حين نتحدث عن الحب (قصص، 1981)، الكاتدرائية (قصص، 1983)، قرب كالماث (شعر، 1968)، أرق الشتاء (شعر، 1970)، حرائق (شعر، 1983)، درب جديد إلى الشلال (شعر، 1989). تمت ترجمة هذه القصائد من مختارات شعرية تضم 50 قصيدة مترجمة إلى الدانماركية من مجموعات شعرية مختلفة للشاعر، وقد صدر الكتاب عن دار النشر غويندلدال في 2012.
08-أيار-2021
03-تشرين الثاني-2018 | |
ماريو فارغاس لوسا وكارلوس فوينتس : في مديح الأدب أراي آك ترجمة وتحرير : |
01-تموز-2014 |
20-تموز-2013 | |
04-حزيران-2013 | |
14-أيار-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |