أثارت صور رئيس النظام السوري بشار الأسد، خلال استقباله وفداً من محافظة السويداء، يتقدمهم شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، حفيظة حتى مؤيدي الأسد بالداخل، وأخرجت، رغم مخاطر، حتى الفتوحات القولية بدولة البعث الاشتراكية، كثيرين من الصامتين عن صمتهم.
وتوزعت التساؤلات وأسباب الامتعاض خاصة حول أمرين اثنين، تخللتهما الصور التي آثر النظام تسريبها عبر مصوري القصر الرئاسي بدمشق، لينقل رسائل كثيرة.. سنأتي على بعضها لاحقاً.
الأمر الأول هو حمل بعض الزائرين لتقديم الشكر والطاعة للسيد الرئيس، الأسد على أكتافهم، ما شبهه كثيرون بعريس وفق الطقس الشامي أو كمنتصر عاد للبلاد بالحرية والعدالة وحرر المغتصبات.
وأما الأمر الثاني، الذي شكل تفسيره لغزاً وتضارباً، هو ضحكة السيد الرئيس العريضة التي بدت خلالها نواجذه، ففي حين رأى البعض في تلك الضحكة بلاهة وعدم شعور بما عانته وتعانيه سورية، ذهب آخرون للتفسير أن في تلك الضحكة رسالة شماتة بمن مات ومؤشر انتصار على المؤامرة الكونية.. فكيف لا انتصار، والسيد الرئيس ما زال على قيد الرئاسة وكرسي أبيه، بل ويضحك ملء فيه. لماذا يا ترى تم التخطيط لتلك العراضة وما هي الرسائل التي أراد الرئيس عبر ضيوفه أو معهم، إيصالها؟
نقطة نظام ولزوم ما يلزم، جاء استقبال بشار الأسد لرهط من مدينة السويداء، ليبارك لهم ويشكروه، على تحرير مختطفات وأطفال، قيل قبل نحو مائة يوم، إن تنظيم "داعش" من اختطفهم من بيوتهم، صبيحة يوم غادر في قرى شرقي مدينة السويداء جنوبي سورية. وقيل وقتذاك، كيف يتم دخول "داعش" إلى مناطق تحت سيطرة الأسد، لولا أوامر قبل يوم واحد من اقتحام التنظيم بانسحاب بعض جنود الأسد ومخابراته، بل و"الشبيحة" الذين يدورون بفلكه من أهالي السويداء.
وحملت فترة الخطف أسئلة لم يزل بعضها معلقاً حتى اليوم، إذ كيف يقتحم التنظيم القرى دونما علم وأوامر من الأسد، وهو وحلفاؤه الروس، من نقلوهم من ريف دمشق "الحجر الأسود" إلى شرقي السويداء وبباصات مكيّفة، بل وهما من يراقبانهم ويمدانهم بكل الاحتياجات، ريثما يحين تنفيذ مهام وأدوار وظيفية، تصب بالنهاية في خدمة دعاية الأسد ومحاولة "تطويع" أهالي السويداء الذين رفضوا الانضمام إلى جيش الوطن ومقاتلة أهلهم الثائرين في المدن السورية.
نهاية القول: كما بحال القضاء، الجريمة الكبيرة تأكل الصغيرة، أي ليس من حاجة إلى التساؤل حول ضرورة ارتداء الرئيس بدلة وربطة عنق سوداء، تناسبان حدثاً مؤلماً ذهب ضحيته سوريون نجباء خلال الدفاع عن بيوتهم وأعراضهم صبيحة اقتحام فرع داعش الأسدي قراهم، أو الفتاة والشاب اللذين قتلا خلال فترة الخطف وعرضت جرائم قتلهما بعد تصويرها وبثها من تنظيم الأسد الداعشي.
وبعيداً عن جنحة صغيرة، تجلت بفرح ضيوف الأسد وحمله على الأكتاف وغناء "جوفيات" اعتاد أهل جبل العرب بسورية غناءها خلال الانتصارات، وهم من خسروا، كما أسلفنا، شباباً ورجالاً، خلال الاقتحام وأثناء الاعتقال.
سنسأل وبعيداً عن كل ذلك سؤالين: الأول، هل يمكن لوفد يزور بشار الأسد أن يرفعه على الأكتاف، بعيداً عن التنسيق المسبق مع المرافقة والأمن بالقصر، والسوريون يعملون يقيناً، أن لا حركة أو كلمة مسموح لضيف سيادته أن يخرج خلالهما عن النص.
ومن محاولة الإجابة عن هذا السؤال نسأل: لماذا يا ترى تم التخطيط لتلك "العراضة" وما هي الرسائل التي أراد الرئيس عبر ضيوفه أو معهم، إيصالها؟
أما السؤال الأخير، افرض عزيزي القارئ أنك رئيس دولة أو منظمة دولية أو جهاز أمني، أو قسم بوزارة خارجية متخصص بالشأن السوري، أو حتى مركز أبحاث سياسي أو نفسي، ووصلت إليك صورة بشار الأسد مرفوعاً على الأكتاف ويضحك بكل ما أوتي من بلاهة وشماتة.. فماذا يمكن أن تقول، وأنت العالم سلفاً، أن رئيس هذه الدولة قتل أو ساهم بمقتل نحو مليون سوري ولم تزل المقتلة ببلده حتى اليوم، وأن بلداً يحكمه هذا الرئيس الضاحك تهدمت بناه وهياكله ونافت خسائر الحرب المندلعة فيه منذ نيف وسبع سنوات، خسائر الحرب العالمية الثانية، فضلاً عن نزوح وتهجير أكثر من نصف السكان.
بل وهذا الرئيس الضاحك والمرفوع على الأكتاف لا يمتلك قراراً يمكنه من زيارة مدينة مجاورة لدمشق أو حتى الخروج من مخبئه، إلا بعد أخذ الأذن من الروس المحتلين، إلى جانب أربع دول، ترفرف أعلامها بسماء دولة يحكمها هذا الرئيس.. بجد ماذا يمكن أن تقول وكيف يمكن أن تقرأ تلك الصورة؟!
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...