قصيدتان
خاص ألف
2019-03-09
الهجرة الأخيرة
سنهاجر من البلاد أيتها الأنظمة الجميلة
سنأخذ أطفالنا وآبائنا وأمهاتنا بعيداً عن مسقط الرأس
ولن نشعر بالحنين إلى شيء
سننسى رائحة ترابنا وبيوتنا
سننسى الشوارع التي كنا نتسكع فيها
سننسى قصص حبنا وصداقاتنا
سننسى الصفعات والاعتقالات الغريبة
سننسى الأغاني
والقصائد
ونمضي
سننسى نظراتكم الوقحة إلى نسائنا الجميلات
واضطراركم لحجزنا في السجون
سننسى بحثنا الفظيع عن الحرية
ولن تسقط دمعة منكم على رحيلنا
بل إنكم ستسعدون، ولكن فجأة ستعدون اصابعكم ندما لأنكم لم تحافظوا
علينا
فمن سيشتري منتجاتكم بعد الآن
من سيدخل إلى مطاعمكم
ومن سينام في فنادقكم
من سيستعمل خدمات هاتفكم
من سيتجول في حدائقكم
ومن سيحدث أصدقائه عبر موبايلكم
ويرسل رسائل التضامن إلى إخوته في الصمود
من سيرسل أبناءه إلى مدارسكم
ومن سيسبح في بحاركم
من سيصلي في مساجدكم وكنائسكم
ولكننا سنتذكر فقط بأن الوطن لم يكن وطناً
كان مجرد سوبر ماركت كبير
وأننا فيه لم نكن مواطنين أبداً
وإنما مجرد زبائن .
***
(2)
لا أريدكِ يا حرية
لن أترككِ يا بلادي
فلا تخافي
ولن آتيك أيتها المدن الحرة
فلا تخافي أيضا
لا تدققوا في جواز سفري
يا موظفي السفارات الفخمة
فأنا ذاهب لأيام ولن ابقى عندكم
لأنعم بالحرية
لن تغريني النظافة في الشوارع
ولا الأنظمة المدهشة
لن يبقيني راتب البطالة
ولا شهادات الضمان الصحي
ولا مستقبل الأطفال المشرق
لن تأسرني حرية الرأي
ولن تعرقل الصحافة الحرة
مسيرتي نحو المطار
لن تثنيني قوانين احترام الفرد
عن العودة
فاعطني الفيزا أيها الموظف
لأنني لن أمكث في بلادك لأكثر من أيام
فأنا ضيف
ضيف على حريتك
ضيف على صحافتك الحرة
ضيف على نظافة شوارعك
ضيف على كل ما صنعته يداك وأيادي أجدادك
وسأشتاق...
سأشتاق إلى كبتي الذي صنعته مخيلتي المريضة
إلى قضبان السجون التي صنعها أجدادي
واعتنيتُ بها طيلة حياتي
سأشتاق إلى الحزب الواحد
الذي دعمتُه بصمتي
ووسّعتُ قواعده بخوفي الجليل
أحبكِ يا بلادي
أحبُّ هواءك الملوث الذي اخترعه أقربائي وجيراني
وجمّلته بدخان سيجارتي ومدخنة الميكروباص الذي يقلّني
أحبُّ أنهاركِ القذرة التي رميت فيها أكياس الزبالة السوداء
وموظفي دوائرك الذين وضعتُ لهم نقود الرشوة في أوراقي
أعشق صحافتي التافهة التي كتبتُ فيها مرارا
وتلفزيوننا الممل الذي ظهرتُ على شاشاته سعيداً وفخوراً
أعشقُ تماثيل الرؤساء التي نحتها أصدقائي النحاتين
وأقوالَهم المأثورة التي يرددها زملائي الصحفيين
أعشقُ المسؤولين الفاسدين الذين أمتدحهم كلما التقيتهم
وأموت عشقاً بالشكل الفريد للحرية وقد داستها البساطير
التي لمّعتها بنفسي
أحبكِ يا بلادي
لأنك بلادي أنا
أحبكِ يا تعاستي
لأنك تعاستي أنا
لا أريدكِ أيتها الحرية
لا أريدكِ
الحرية لمن يصنعونها
وليست للضيوف
في بيتي
الضيوف المقيمون
الشعراء العرب وشعراء الأقاليم
اللاجئون العاطفيون الهاربون من زوجاتهم
والنازحون المطرودون من بيوتهم
الشعراء والممثلون المبتدئون وهم يتملقونني
والمتشردون الذين يفتعلون النوم على الكراسي كي يكملوا السهرة
بالمبيت
الأقارب الذين يصِلون الرحم
ورجال الشرطة الذين يقطعون النسل
القادمون مع فتياتهم لممارسة الحب الخالد
ووصفهم لي بالمتحرر والمجنون
كي أسمح لهم بالخلوة المقدسة
الجيران الأعزاء الذين ما إن يسمعوا صوت الاحتفال
حتى يقرعون الباب بكامل أناقتهم وهم يطلبون
حفنة سكَر أو شاي
طليقات الأصدقاء وتشكيهن
والهاربات من أزواجهن المحتاجات للحنان
وشخص وحيد جالس إلى طاولة في الركن
ولا لزوم له على الأرجح
صورة
(إلى نوال الجوبري)
وأنتِ طفلة
وأريها لطفلتيّ
فتقولان
كم هي جميلة هذه الطفلة اليمنية.
وأقول
لقد كبرتْ
ولم يعد بإمكاننا
مشاهدتها بعد الآن.سآخذ صورتكِ
08-أيار-2021
13-تموز-2019 | |
09-آذار-2019 | |
29-أيلول-2018 | |
11-آب-2018 | |
17-آذار-2018 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |