فتحت الباب، توقفت عنده قليلاً. رفعت فستانها السوقي حتى ظهر ساقاها السمراوان. أخرجت السطل، ودلقت الماء، وراحت تغسل العتبة الإسمنتية. ولما فرغت، مسحت جبينها المتعرق قليلا، ثم دخلت. وكان الوقت فجراً. في هذه المدينة الصغيرة، النساء كثيرات. في الصباح: يرعين البيوت، ومساء يلبسن، ويتزين، ويخرجن للاستمتاع بالأضواء... وهناك، في تلك المدينة الكبيرة حيث أدرس، نساء جميلات. يسهل الإيقاع بهن.. لكنهن بعيدات... قالت أمي: - سأذهب لزيارة خالتك، أحرس البيت في غيابي... حركت رأسي علامة الطاعة، وخرجت. قلبت صفحات الجريدة بضجر ثم رميتها على السرير. أخذت رشفة من قهوتي التي بردت. وأخرجت رأسي من النافذة. كان الزقاق ضيقاً ومزدحماً بالرجال والنساء، والأطفال الزاعقين... وكانت الشمس، إذاك، في كبد السماء. في المنام، رأيت نساء كثيرات، يصعب عدهن. عاريات، خلابات، شعورهن من كل لون... كنت وسطهن، يداعبن عريي التام... فتنتفض كل زغبة في جسدي. تشتعل عيونهن بخبث جميل، خبث لا يبعث على الارتياح... جريت بكل قوة، وسط الأجساد الرخوة العارية، لزمن امتد دهراً، لأدرك هوة سحيقة... استيقظت عند الفجر، وخرجت لأدخن سيجارة في الهواء. مصباح الشارع معطل، والقمر بالكاد يضيء المكان. سمعت صوت انفتاح باب، استدرت، كانت هي.. رفعت فستانها، ودلقت الماء وراحت تغسل العتبة.. ورحت أراقبها وأنا أدخن. ولما انتهت أدخلت السطل ووقفت عند العتبة المغسولة بعناية، وحكت باطن قدمها اليمني بساقها اليسرى.. ثم نظرت إليّ وأشارت بالقدوم. تلفت حولي، وقلت مشيراً إليّ بصوت خافت: ــ "أنا!!!". هزت رأسها إيجاباً. رميت سيجارة وسرت إليها، ولما صرت أمامها أشارت لي بالدخول، فدخلت، وسرت وراءها حتى وصلنا حجرة مضاءة بمصباح خافت، يقع فوق السرير تماماً. - استلق... استلقيت على السرير، ارتخيت... فارتمت فوقي، حتى أحسست بثقلها وبأنفاسها الحارة... فكت شعرها، الذي كان بنياً قصيراً. قالت: - دائماً ما أراك... - وأنا أيضاً. - أراك تحمل الكتب والجرائد. - وأنا أراك تغسلين العتبة عند الفجر... نزعت فستانها فصارت عارية، عارية وجميلة. وقد أضفى عليها ضوء المصباح جمالاً خاصاً... ثم أخذت تقبله في فمه، وكان هو جامداً، لا تصدر منه أية ردة فعل.. لكنه سرعان ما اندمج.. ثم تلاحما، وصارا شيئاً واحداً... - من تكونين؟ - امرأة... ومن تكون؟ - رجل... ثم أمسك نهديها العاجيين، وراح يحلم. وكانت الأحلام تأتيه متتابعة، وردية وعافية... لما استفاق، وجد نفسه يعانق الرصيف! لملم نفسه، وسط عيون المارة المندهشة، وانصرف.
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...