مقالتان عن البكارة والقانون الفرنسي / رجاء بن سلامة
2008-06-13
طابو البكارة اليوم وفي ديارنا نحن
رجاء بن سلامة
ما معنى أن تحكم محكمة ليل الفرنسيّة بطلاق زوجة لأنّها ليست عذراء؟ وما معنى أن تعتبر البكارة "صفة أساسيّة" في المرأة المقبلة على الزّواج؟ أهي الشّكلانيّة القضائيّة التي تعيد إلى القانون الوضعيّ رواسب الطابوهات العتيقة والمنظومات القانونيّة الدّينيّة؟ أم هو نفاق النّسبيّة الثّقافيّة التي تفضي إلى الاهتمام بالانتماء الدّينيّ في دولة لائكيّة تنطبق قوانينها على كلّ المواطنين بقطع النّظر عن أديانهم وأصولهم الأتنيّة، وفي دولة عاشت ثورة ماي 68، ولم تعد فيها البكارة طابو رهيبا منذ ما يزيد عن القرن؟
ماذا لو كان رافع الدّعوة ضدّ الفتاة مواطنا فرنسيّا غير مسلم؟ هل سيكون قرار المحكمة من نفس القبيل؟
من فرنسا جاءتنا هذه الفضيحة القانونيّة والأخلاقيّة، لتفتح أعيننا على فضائحنا المستديمة المنظّمة. فمثل هذه الطابوهات العتيقة ما زالت تحافظ على مهابتها اللاّعقلانيّة عندنا، وما زالت فاعلة في نفوسنا وتقاليدنا وأعرافنا ونصوصنا القانونيّة، رغم أنّها منافية لكرامة المرأة وإنسانيّتها، ومنافية للحرّيّات الفرديّة الأساسيّة التي جاءت بها مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدّوليّة.
أليس اشتراط بكارة المرأة قبل الزّواج تجاهلا لكرامة المرأة، وإسقاطا لعالم البضائع على عالم البشر، بحيث تلزًم المرأة بأن تكون غير "مستعملة" من قبل؟ أليست الحياة الجنسيّة للرّاشدين والرّاشدات شأنا شخصيّا لا يجوز أن تتدخّل فيه القوانين إلاّ لردع المغتصبين والمتحرّشين وحماية القصّر؟ أليس من حقّ أيّ فتاة أن تكون لها حياة جنسيّة قبل الزّواج وأن تتصرّف بجسدها بما يكفل سيادتها واستقلاليّتها وحرّيّتها وكرامتها؟ أليس البحث عن المرأة البكر وهما من أوهام النّقاء الخطيرة والقاتلة للنّفوس وللأجساد؟
إلى أيّ حدّ يظلّ هذا الطّابو مستحكما في مجتمعاتنا؟ إذا كان الفقه الإسلاميّ بمذاهبه المختلفة يقابل بين البكر والثّيّب في أحكام الزّواج والطّلاق وفي أحكام "الزّنا" ("البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم") فماذا عن رواسب هذه الأحكام في قوانين الأحوال الشّخصيّة في البلدان التي لها مثل هذه القوانين؟ وماذا عن الممارسة الاجتماعيّة؟ وماذا عن رتق غشاء البكارة وعن الفتاوى والممارسات التي تبيح هذا النّوع من الغشّ والخديعة، وتفضّل التّحيّل والصّغار على الحرّيّة والصّدق؟
ملفّ آخر نفتحه، ودعوة نوجّهها إلى الكتّاب والكاتبات حتّى نطرح من جديد هذه القضيّة، وحتّى نطرحها بعيدا عمّا يسود في المنابر العربيّة من مجاملة ومن حياد منافق. فالشجاعة الفكريّة هي أقلّ ما يمكن أن نطلبه من أصحاب وصاحبات الرّأي والقلم اليوم.
هذا ويظلّ ملفّ "المرأة والفعل الثّقافيّ" مفتوحا في الأوان، لما بين الملفّين من صلات ووشائج غير خافية.
نواصل طرح رؤانا
وائل السواح
مرة أخرى، ولن نمل، عن فضيحة الحكم الذي أصدرته محكمة ليل الفرنسيّة بطلاق زوجة لأنّها ليست عذراء. مشكلة هذه الفضيحة أنها تحدث في فرنسا البلد العلماني الحر الذي دفع أبناؤه ملايين الأرواح لبناء أقوى ديمقراطية علمانية في العالم.
لماذا يحدث ذلك في بلد مثل فرنسا؟ أعتقد أن الخوف من الاتهام بالعداء للإسلام هو الدافع وراء مثل هذا القرار غير المنطقي. وفرنسا والغرب عموما يعرفان أن ملايين المسلمين جاهزون للانطلاق إلى الشوارع للتنديد بالغرب الكافر، كما جرى أثناء أزمة الرسوم الكرتونية الشهيرة. ولكن اتقاء الأذى ليس مبررا لإلحاق أذى بفرد له كيانه وحقوقه التي يضمنها الدستور، وأعني هنا السيدة التي أمرت المحكمة بطلاقها.
قبل سنوات، طرح مبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية على المسلمين في كندا. هذا المشروع استقبل بحماس شديد من قبل إسلاميي طالبان والقاعدة وتوابعهما في البلدان العربية والغرب. ولكن كثرة من المسلمين يدعمهم كثرة من المدافعين عن حقوق الإنسان قالوا إن ذلك يناقض المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي تشكل حجر الأساس في الحياة الكندية والدستور الكندي.
ومن بين أهم الانتقادات التي وجهت لمشروع القانون ما ذكرته ايلاهي شكراي ممثلة جمعية النساء الإيرانيات في مونتريال خلال تظاهرة ضمت نحو مائة شخص، ساروا تحت المطر الشديد ليقولوا لا للمشروع. قالت إيلاهي التي خبرت حكم الشريعة في بلادها : "اقول لكم إن مضمون هذه القوانين الإسلامية يتعارض من الالف إلى الياء مع ميثاق الحقوقوالحريات"، وأضافت أن "زواج الاطفال اعتبارا من سن التاسعة وتعدد الزوجات والتوزيع الظالم للميراث كلها من الأحكام الشرعية الإسلامية ومن ثم فإننا لا نقبل أن تكون جزءا من التشريع الكندي".
بعض الأمهات ينصحن أبناءهن بالابتعاد عن الزعران حفاظا على سلامتهم. أخريات يدفعن أبناءهن للدفاع عن أنفسهم ولو اضطروا إلى خوض العراك مع ألئك الزعران. نحن نقول إن العالم لا يمكن أن يعود القهقرى إلى الوراء. ونطالب بأن تتبنى الدول الإسلامية قوانين وضعية تحقق المساواة التامة بين المرأة والرجل وتقر بحرية الفرد كقاعدة للبناء الاجتماعي والتعاقد السياسي. ومن هنا فإننا لا يمكن أن نقبل بنكسة تحدث أمام أعييننا في بلد حر وعلماني مثل كندا أو فرنسا.
نعود إلى قضية الطلاق الفرنسية. لقد أسعدنا حجم التعليقات التي حظيت بها كلمة الأوان الأخيرة المعنونة بـ "طابو البكارة اليوم وفي ديارنا نحن". كان من بينها سيل من الشتائم بدأت بتشبيهنا بالدواب وانتهت بإشارات جنسية معيبة. ولكن كان من بينها تعليقات مهمة جدا وجادة، مؤيدة ومعارضة لمضمون الكلمة.
أحد المعلقين ذكرنا بقصة القاضية الألمانية التي رفضت، قبل أكثر من عام، الموافقة على دعوى تفريق أقامتها سيدة من أصل مغاربي كانت تتعرض للضرب من زوجها، بحجة مراعاة الخصوصية الثقافية للأقليات، واعتبار لأن الأسلام يجيز ضرب الزوجة ( "... اضربوهن واهجروهن في المضاجع!!). بينما رأى معلق آخر أن مثل هذا الحكم ليس مرده الانتقاص من الحرية الشخصية، بل مرده الخداع الذي مورس على رافع الدعوى، مضيفا أنّ البعد الأخلاقي هنا لا شأن له بغشاء البكارة.
نقول: إننا نحترم الرأي سواء أخالفنا أم وافق هوانا، ولكننا لا نستطيع احترام الشتائم، ولا نستطيع نشرها. ولن نمل من طرح رؤانا.
عن موقع الأوان
http://www.alawan.org
08-أيار-2021
17-نيسان-2021 | |
10-نيسان-2021 | |
13-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 | |
30-كانون الثاني-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |