وانتبذْ ركنًا قصيًا.. وشوشات حلم
حسام الدين الفرا
2020-05-09
وانتبذْ ركنًا قصيًا
قمْ وانتبذْ ركنًا قصيًّا
واقتربْ مِن كلِّ
ما مِن شأنِهِ
أنْ يجعلَ الجيناتِ
ترجعُ للنقاءِ الأوّلِ
قمْ وانتبذْ ركنًا قصيًّا
ثمّ لا تنسَ الجُذوعَ وهزّها
تسّاقطُ الأفكارُ
تُعطيكَ السماحَ
لكي تفضَّ بكارةَ الكلماتِ
تجلوها بقولٍ أمثلِ
قمْ وانتبذْ ركنًا
وكنْ فردًا
كذئبٍ تائهٍ
دونَ القطيعِ
تفرُّ تسعى للهدوءِ الأجملِ
قمْ وانتبذْ ركنًا
وكنْ ظلًّا لرابعةِ النهارِ
فلا يكونُ هناكَ ظلٌّ آخرٌ
إلّا لقامتِكَ النحيلةِ
والوجودِ المُثقلِ
قمْ وانتبذْ
فلعلَّ في هذا خلاصًا
من همومِ العمْرِ
من كونٍ يضيقُ
يريدُ قطفَ حياتِنا كسنابلٍ
قد أينعَتْ تشتاقُ قبضةَ مِنجلِ.
وشْوشاتُ حلم
سنغزلُ من وشْوشاتِ الصباحِ
ومن هلْوساتِ المساءِ
وما في السَّنامِ
منَ الذكرياتِ
ومن مؤنِ الشّوقِ للأرضِ
حيثُ الجذورُ التي أرهقَتْ
كلَّ أغصانِها بانتظارِ الرجوعِ
إلى وطنٍ من قتاد
سنغزلُ ممّا يحيطُ بنا
من سباخِ المُلوحةِ
فجرًا جديدًا مُوشّىً بأحلامِنا
والكوابيسِ في ليلِنا المُدْلهمِّ
وننتظرُ اللحظةَ الرّاعفةْ
ليرجعَ يُوسفُ
من غيهبِ الجُبِّ
يحملُ جرحًا ينزُّ
وشوقًا إلى أُخْوةٍ
في الزّمانِ الجميلِ
تبارَوا بقتلِ الفراشاتِ والزّهرِ
قد أزعجَتْهمْ بألوانِها
واشتهاءِ الحياةِ
لترتطمَ الأمنياتُ
بصخرِ التوحّشِ
حيثُ الكمنْجاتُ
تعزفُ لحنَ الفَنَاءِ الأخير
كأنْ غاظَهم حلْمُها بالحياةِ
كما ينبغي أنْ تُعاشَ
بظلمٍ أقلَّ
وخيرٍ عميم
إلى النورِ
نسبقُ سربَ الحمامِ
نبثُّ الغيومَ تحيّاتِ
شوقٍ وحزنٍ مرير
عساها تمرُّ
وتقرأ فاتحةً للسلامِ
على وطنٍ غارقٍ
في الدّماءِ
وكسْرِ الجماجمِ عسْفًا
لتبقى الطواغيتُ
في سدّةِ القتلِ تُعلنُ:
نحن وأمّا السّعيرُ
سيحرقُ كلَّ البلادِ
عساها تمرُّ
على بلدٍ صار أُمْثولةً للخرابِ
وفتكِ الحرابِ
تحوّلَ طيفًا
وحلمًا بعيدَ المنالِ
بأرضِ الشمالِ الحزين.
*شاعر وكاتب سوري