نصوصٌ للحبّ في قفَصِ الكتابةِ ج 4
2007-08-01
10
ليس مضيئاً بابُ بيتكِ والضّيوفُ امتدّت ظلالهم
حملوا إليكِ الماءَ تصهل فيه صدورُ خيولكِ
يكاد ينسى الوقتُ تحرُّكَ نجومِهِ وأنتِ لم تتذكري أحداً
الليلُ صفّ عجائزه على جهتين متحاربتين
تجمّدت الأقدامُ وطوت الأقداح أعناقها من نعاسٍ
قال واحدٌ: لم تكمل تنضيد جبهتها برتلٍ قمريٍّ
قال ثالثٌ: عثرتْ بفستانها الذهبي فتكّسر
قال عاشرٌ: دخلتْ في المرآةِ ونسيتْ أن تخرج
وحدي لم أقل ما لم يقولوا
أعطي عينيّ إجازة من الزهرِ تستردّان فيها مشهد موتك الأخير
تركتُ لهم الدوران حول كأس المتعة وبكيتُ وطناً تنزّلَ من عينيّ عواصمَ وعواصفَ ومجازرَ ومجاعاتٍ
عاديّ هذا المتدفّقُ من سريركِ إلى أسفل البابِ
أعرف شكله وطعمه
هم الآن في أعلى شرفات الندم والانحدار
لكن لو تفتح جثُّتك باب القول فماذا سيقولون
أأنهارها غُلِّقت بالعفن ؟
أشجارها ترهّلتْ نهودها التّفّاحيّةُ والرّمّانيّةُ والفستقيّةُ
أمطارها أغلقت الغيم على نفسها وشنقتْ روحها بحبال الريح
لو أقودهم إلى خمّارةٍ خلف طلل قلبي علّهم يستفيقون
فقد تخرج الجنازةُ وهم ينتظرون
وقد تغادرهم الأرضُ وهم يتّكئون على هسهسة النعاسِ
يا وردة الظلام أذيعي نشرة عطركِ الموجزةَ على خلاياهم
النسيانُ قلعةٌ ترتفع كل يومٍ
إنهم سكانها من يذكرهم
الطحالبُ التفّتْ على خصورهم
من يثير أحصنة الربيع تحت ثيابهم
الأنثى تنهض فترتطمُ أعضاؤها بمدافن الخريف
هي المنتظرةُ الغائبةُ
كبرى بناتها تتمثّل الآن الشوقَ
آخر مواقف الروحِ في اللؤلؤِ والمرجانِ
هل أنادي على سلالةِ العشقِ أن تندثرَ
مولاةُ الماء سلّمتْ قبّعة الليلِ للعاصفة
جمهوريّةُ الخرافِ استدارتْ عجينةً للذئبِ يشكّلها كيف يشاء
ويل للمنتظرين الذين إذا قاموا إلى غدهم قاموا محنّطين
لا غد بعد غدٍ والغدرُ أطفأ ضوء المرأةِ
وليس بابها مضيئاً بعد اليوم
11
بأية وردةٍ أفاجىء صدركِ
أمس قطفتُ أولَ ضلعٍ تحتَ قبّة المساءِ
غلّفته بغمامةٍ كبيرةٍ تكتنز عبير الحدائقِ وماء الشهوةِ
مشينا على ترابٍ يوصلنا إلى معبدٍ بعيد
تناهى إلى سمعنا قرع موحشٌ خلف الأفقِ
هل نقفُ معاً نخاصرُ شجرة كبيرةً
هل نتمدد على الحشائش ونتخفّى بظلالنا
إذن مرّي بسرعةٍ كسهمٍ موسيقيٍّ مرتبكِ الإيقاعِ
أعزفكِ على شفتيّ
وأسردُ أمام البلابلِ مناقبَ جسدكِ
فتعلو أصواتها محتفلةً بكِ
إلى أين تمضين بوردتي
بعد قليلٍ سنصل إلى هضبة قرنفل راقصة
هنا أعرّي قدميّ من شوائبِ السّفر
وعينيّ من مشاهدِ الرمادِ
أستظلّ بنعاسٍ تنوسُ فوانيسهُ بين عينيّ فأستيقظُ
اقتربي من استسلامي للتأمّلِ
لقد تشقّقت كفّايَ وهما تتذكران كيف تنتزعان منكِ اعترافاً بلون النهدِ
ضعي الوردة جانباً
الحذاء جانباً
الماضي جانباً
الحربَ والسلمَ جانباً
هديّةٌ أنتِ أسلّمُ مفاتنها في حضرة الحذر لأغنية الريحِ
تشتعلين إذ تحتكّ بكِ أحلامي
ونطوفُ معاً في محيطِ الريحِ معاً في محيط الريحِ
طارت ستائرُ شَعركِ فطارتْ أصابعي تغلقها
من يكتشف سوانا برعم عسل في قبلةٍ
حيث تحتضنكِ جزرُ جسدي المزروعة بالبراكينِ
انتصبي من جديدٍ ها قد أكملنا رقصتنا
اتركي الحذاء هنا
والماضي ادفنيه هنا
فقط لا تنسي وردتي
احمليها بتصوّفٍ
فرفطيها على حلمتكِ
وافركي بعطرها ما بين نهديكِ
قد يحلو لي الحلول هنا
كلما انداحت بي رغبةٌ عمرها من عمر المطر
ما الذي يفصلكِ عن كثرتي
تعدّدي واخضوضري أقداحاً تندلعُ منها أصنافُ الملذّةِ
وأسكبها في وادي جسدي قدحاً قدحاً
مجالكِ داخلٌ مجالي
وحيوانُ الجنونِ يتالقُ فيَّ كأنْ لم أكنْ من قبلُ حكيماً
أنا بكِ محتشدٌ بالبحرِ
بكِ مندفع حتى آخرتي
جسدكِ قطافٌ يستلذّ بحصادهِ جسدي
كيف لا نتعرّى من بلاغةِ الزّيّ واللون والماضي ونحنُ في كوكب الحقّ نعلّقُ مرايانا القزحيّةَ تنعكسُ عليها أعياد العشاقِ وأسِرَّةُ الخلقِ
أنصتي لنبضِ الترابِ إذن يجوهرُ الولادةَ ويمعنُ في كتابة الأنهارِ والمراعي والعناصرِ
الطريق طويلةٌ لن أضع لها نهايةً
لن أكفّ عن استيلادِ الجملة المختلفةِ من صخرة التّردّدِ
أجعلكِ المعنى
وأذبحُ عنقَ الفراغِ يسيلُ تاريخاً من اللاجدوى
أنتِ الوجهُ الأوّل لتجسّدي الشّهوانيّ
تخفّفي من ظلالكِ وظلالي
وهذه الوردة التي هي أنا تضجّ بعرسٍ آخر
وتلدُ ليلها الخالقَ على مفترقِ صدركِ
احمليها بعيداً عني
احمليني بعيداً عنها
ولا تنسي أن تحمليني قريباً منكِ
12
ما الفجرُ عندما يدفعني إلى منعطفات الشتاء إلا وجهكِ
أين موروث اللطف المختزن في باطن عينيكِ يباركني
سنعيد حاشيةَ الإيقاعِ إلى متن الجسدِ
حيث كان المغني يصعّد أقمار حنجرته من خلال نشيدِ نشيجٍ يتكسّرُ أقداحاً
المغنّي أيتها الفجْريّةُ ملعبُ جسدكِ
فلماذا يتقصّفُ داخلُه شجراً من خريفٍ ويتآكلُ قلبهُ من تلقاء نبضاته
واسعٌ هذا المكانُ الضّيّقُ
أوسعُ من شفةٍ مسحتْ دمه القديم
تنقّلي بين حدائق الكلامِ ولغةٍ تتحصّن بالصمتِ
أتابع سهم صدركِ المشدود حتى ينطفىء انطفائي
ويغادرني المرّ الأصيلُ إلى عسلِ ظهركِ الشاهقِ
من قال لكِ أن تبتني مدناً من مغريات الشعرِ
أنتِ اكتمال شمس للرحلة السّريّةِ عبر نوافذ الصباحِ
تنعتقين من مدن الأجداد وستائر الجدّات
خفيفة لا عطر يشبهكِ
ولا رداء من حرير يجرحه النَّفَسُ
رقيقةً لا جرس الصلاة ينبىء عن عمق يديكِ
شهيّةٌ تلتقط الإناثُ الطالعاتُ شكل موكبكِ الأنيق
ها هي تعلو شمس تشرين فوق أعمدة الإسمنت فترفعين إليها عينيكِ وتغسلين بمائها سرّتكِ الدّافئة الخارجةَ توّا من تفاصيل الحمّام حيث تمرّغين شعركِ الغامضَ بينما يتهدّلُ شبحُ الحريّةِ من خصركِ
لو أبصرت قيود رؤيتي التي تشدني من جناحَيْ تعبي
أبحث عن صيّادٍ يهلّلُ في عرض البحرِ الداخل في عمقكِ
هيلا يا بحرُ يا درجَ العذابِ الهائل
حتى متى نصعدُ عتباتكَ الرّماديّة
ثمة على شاطىء الوقت عمرٌ تتقمّصه امرأةٌ تثبِث في حلبة الجنون عريها
هل أبقى أتأمّلُ أعضاءها الموسيقيةَ
أنا جوقةُ الشبقِ تنهمرُ من أعلى قيثاراتي الزرقاء أمواجُ الألم متهاديةً بألوانٍ مختلفةٍ تجمع آفاقَ قلبي في بنفسجٍ وفستقٍ وخضرةٍ وبياضٍ وانتشارٍ يتولّدُ من داخله فيصفّقُ لي جمهورُ الروحِ المطعون بخنجر العماء
آه من غموض الموقف القادم عبر استدارات تضاريسكِ
آه من مؤتمر الشهوةِ تعلنُ عنه شفتاك
فأجتمع وحدي مع أمراء جسدكِ
وأعطي الصحراء مطرا كونيّاً لا ريب فيه
تأرجحي بين عيون الهائمين المستيقظين الآن
تأرجحي فكرةً تسحب أرض الحسّ خلفها وتجسد عروس اللقاحِ فتضمر الأعصابُ بركاناً
وتتحدّث الآذانُ عن خطواتٍ تتردّدُ أساورها كل صباحٍ
وأطوي أنا ما كنتُ نشرتهُ من أعلامِ رغبةٍ
فقد آن لي اندماجُ داخلي مع جمراتِ اليأسِ
أدركيني قبل افتتاح سقوطي
أنثى الفجر المائي المطلّ على أصابعي
أصيبيني باندفاع كاملِ صدركِ الأنيق
ها أنذا لا أستعير لجمالكِ صورةً ولا رمزاً
وأهشّمُ أعمدة الغيب بعضها فوق بعض
وأنفرد بوضوحٍ يقودني إلى هاويةٍ غامضةٍ يحفرها لي أسيادُ الرملِ الحارقِ
وجنازةٍ لا يشيّعني فيها حتى الشعرُ الذي كنت أحتفلُ موتاً بولاداتهِ
أنثى الفجر لا ترتّبي ابتهالاتكِ المفاجئة
خارجٌ من سرير العدمِ روحي
أنفطر كأرضٍ زُلزِلتْ
فمن أينَ لي أن أواجه نظام الجسد وأناقةَ الشجرة العارية
تناثري وانثري الفلّ والمنثورَ في ثورة ثريّةٍ
تهدّمي واهدمي وانهدمي في قاع بكائي
وأعيدي جسدي من غيبوبته فيكِ
يا أنثى الفجر الصاحية
13
يدُ طفلٍ ترسمني في بياض الصباح *
من يأذن للطفلِ ببياض الحليب
أنا الوالد المستوي على أمّةٍ من سواد
أدحرج دمعةً تنوءُ بحملها عين القلبِ
أتبطّنُ مُغْلَقَاتِ الحروف المشلولةِ
هاهنا طاعن في الطعنةِ يحمل وهمي
هنا طائفٌ من عصفٍ مأكولٍ
يرميني جبلاً مرّاً على فراغ المراثي
هنالك وعدٌ يعِدُ ظلاله بالينابيعِ ويمتدّ حتى الظمأ
وهكذا تنهض مقبرة أشباحي بشواهد من ظمأٍ
ظمأ ظمأ ظمأ
أيها الطفل لا تتعلّم الكتابة قبل أن أستطيع قتل كلمة الظمأ
هل تأخذني تحت ثيابك المدرسية من صقيع الشيخوخة التي ولدت معي
قد أراوح في حفرة أخيرةٍ
تمرّ من فوقي أعراسُ الفصول جميعاً
قد أستقيل من قدميّ وأتكوّمُ مزقة لحم تحت عجلات اليأس
إذن واصل رسم جسدي بيدك
أستمع إليك تبني بصوتك حدائق وأراجيح من كل لونٍ
تعلو مع هذه تنزل مع تلك انهماراً سحريّاً
تنبت على قدميكَ أعشابُ الحكاية الأولى
تلتقط عيناكَ كرةً تقذفها أميرةُ الذكريات
تصل الآفاقَ بعضها ببعضٍ
وتطلقُ عصافيرَ دهشةٍ على جموع الكونِ
لكَ القلمُ الجديد ووسادة مغزولةٌ بأهدابي
سأقصّ هذه الأوراق وأعلّقها في متحفِ الروحِ
وإذا استطعتُ أحجّرُ الزمنَ
حتى لا تكبرَ وتراني كيف أصغرُ
عهدي سجّادةُ غبارٍ في علّيّةٍ مهجورةٍ
والفاجعةُ أرسلت ضيوفها ليناموا بين زوايا هيكلي المظلمِ
من يستمعُ لكونٍ يدَّمّرُ في صدري
هبوطٌ عارمٌ يصيبُ جنّاتِ المجدِ
مطرود أنا حتى النشور من حديقة الجدّ العالي
ما الذي أتى بكَ في ذلك الشتاء المرعبِ
لا ورد ولا ماء زهرٍ ولا حليب ينضجُ حول سريركَ
تلتمعُ الآنَ في ذاكرتي رعودُ الليلِ
وأعيد تكوين الخراب الذي حلّ بأوردتي
والخراب الذي سيحلّ بأحلام من ينامُ على قطعةِ جليدٍ أو سلسلةِ قيودٍ
كيفَ استطعتَ الإصغاءَ لصوتِ الولادة فقلّتَه
وكان الشرقُ يتعلّم الإصغاءَ لصوت الطائراتِ
ها أنتَ ترسم طائراتٍ كانت تحلّقُ فوق مهدكَ البابليّ
لا تدري يدكَ ماذا تفعلُ ماذا تطلقُ ماذا تقصفُ
غيّرْ مسارها يا ولدي نحو الغربِ قليلاً
أجل هكذا فلم يعد في الشرقِ موضعُ تمرةٍ ولا أقلّ من ذلك إلاّ وأتخم بالطائراتِ
ما الذي كوّرتَه الآن
تفّاحة ؟ التهمها قبل أن يعبّئها الصديد
شمساً ؟ سيّجها بأطرافكَ قبل وصول المركبةِ النوويّةِ
واصلْ صياغةَ حطامي
شدّ غطاءَ العياءِ عن جسدي
وارمِ فوقي غمامةً خاليةً من الغبار الكيميائيّ
واهجس عنّي بقبابٍ حمرٍ خلف نهر الزرقةِ
ذلك عندي أبقى وأعلى من صولجانِ الوالي
أنتَ تفتتحُ فيّ تراتيلَ النّومِ
تضاعف من جحيم الوجدِ تحت جلدي
أشتهي أن أنقل إليك كم أنا منعزلٌ في هذا المدار
وأخافُ عليَّ من أسئلتكَ تغرقُ زورقي المزيّفَ
دعني في زورقي يا ولدي أدّعي الرحلة الكبيرةَ
وارفع مآذنَ الغدِ من هشاشتي
لا تنتظرني كما ينتظرُ الوطنُ شهيداً معلّباً
امسح الشواطىءَ وأطعمِ الرّملَ للماءِ
وانتظرني كما ينتظرُ العصفورُ قفصاً
فاغتنمْ هذا الضياعَ للحدودِ بين الأشياءِ
وعندما تكبرُ من خلف ظهري ابكِ مثلي على طفولةٍ مضاعةٍ لم تستطع أن تحافظ علينا
08-أيار-2021
02-أيار-2020 | |
15-كانون الأول-2018 | |
10-شباط-2018 | |
04-تشرين الثاني-2017 | |
29-نيسان-2017 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |