السيد وزير التربية: أنت شيعي أم سني؟
2008-04-28
تلعثمت من المباغتة والسؤال الذي لا أتمنى أن اسمعه من أي إنسان، فكيف والسائل ابني؟.
أجبته: نحنا لا شيعة ولا سنة بابا. وهذه حقيقة، فأولاً كقناعة لسنا ـ أنا وأمه ـ مؤمنين بهذه الجدران المظللة بالكراهية وعبادة الماضي، وثانياً كانتماء (وراثي) أنا سني وأمه إسماعيلية جعفرية، وبالتالي فهو وأخواته ينتمون طائفيا إلى الصنف المحير والحمد لله.
ثم سألته أنا: بابا ليش عم تسأل؟ منين عرفت انو نحنا لازم نكون هون أو هونيك؟
قال: آنسة العربي مبارح سألت كل الطلاب واحد واحد : أنت شيعي ولا سني؟
ـ وأنت شو جاوبتا
ـ والله قلتلا شيعي
ـ ليش
ـ لأني ما بعرف، وبعدين رفيقي لحالو طلع شيعي فشديت معو.
طبعا كان الحوار كله جارحاً لنا جميعا كما سيجرح كل قارىء يجد في انتشار هذه العدوى القانلة إحدى اخطر الآفات التي تهدد مجتمعاتنا المليئة بالصدوع والخدوش وأوكار الظلام.
وها أنا الآن بعد ساعات من هذا الحوار اسطر هذه الأحرف إلى السيد وزير التربية ومدير تربية دمشق وكل من يعنيه الحد من انتشار فكر التطرف والتكفير والأحادية، والمصيبة أن من تتوجه إليهم الآنسة هنادي المربية ـ كما يفترض ـ هم أطفال لم تصل بعد إلى معظمهم فيروسات التخلف والظلام والطائفية، وهم لا يميزون بين سني أوشيعي أواسماعيلي أوعلوي أو. . . . ضراب السخن.
ولأني لا افتري على احد فسأذكر اسم المدرسة (الشريف الإدريسي) في حي القاعة بمحاذاة مخيم اليرموك.
والحالة ليست فردية ففي مدارس أخرى ـ ولدي أسماء ـ تقوم آنسة العلوم للصف العاشر مثلاً بتدريس الفتيات عذاب القبر، وتبهدل القلة من الفتيات غير المحجبات بان مصيرهن جهنم وبئس المصير، فيما هي وجلبابها ستكون من عداد الحور العين اللاتي يضفين على وجود الرجال في جنة الخلد أنساً وطرباً وحلاوة.
كما تقوم بتحفيظهن قصص السيرة وتخاريف عمرو خالد بدلا من علم الأحياء الذي يكشف قصور فكرها وعقلها حين يتعنكب في كهوف التاريخ تاركاً للآخرين أن يفكروا عنا ويبدعوا عنا ويصنعوا عنا، وهم يظنون أن الله سخر هؤلاء الغربيين المساكين ليصنعوا لنا كل شيء من الإبرة إلى السيارة فيما نتفرغ نحن لعبادته والتناسل بلا حدود، والاتفاق بين الفقهاء على أي رجل يجب أن ندخل بها البيت والتواليت، وإرضاع الكبير وزواج الممثلات من أزواجهن في التمثيل، ونبيّت الاستخارات لأي عمل ننوي عليه، فإذا كانت (النتيجة ايجابية) نكمل، أما إن خرجت سلبية فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
الطائفية المقيتة بدأت تتسلل إلى فكر وعقول أجيالنا، ومهمة مكافحته ليست مقتصرة على وزارة التربية بل إنها فوق طاقة وزارة أو مؤسسة واحدة.
إنها مهمة المؤسسات والمجتمع والمتنورين من كل الأديان والطوائف.
لكن مدارسنا يجب أن تكون الجدار الأخير في وجه هذه الآفة، وان لا تتاح الفرصة لتحويلها إلى مدارس طالبانية تخرج شبابا خارج التغطية بالنسبة للحضارة والعلم، ولا يرون عارا إلا في كشف المرأة لشعرها أو وجهها.
سورية بفسيفسائها القومي والديني الجميل عريقة في تقاليد التسامح والمحبة بين الأديان والطوائف، عريقة في تقاليد التمدن البعيد عن التعصب والانغلاق، ولن نقبل أن تكون إلا كذلك.
ـ نحنا شيعة ولا سنة بابا؟
كان السؤال الصدمة الذي سألني إياه ابني التلميذ في الصف الخامس.
08-أيار-2021
08-شباط-2020 | |
06-تموز-2019 | |
23-آذار-2019 | |
01-كانون الأول-2018 | |
13-تشرين الأول-2018 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |