في أحد أدوار ناطحة سحاب علي حميشة
2007-11-11
أكاد أجزم ، إنه تواطؤ متعمّد لمجموعة من المصادفات التي اجتمعت لأكتب عن علي حميشة " في أحد أدوار ناطحة سحاب "خاصة وأنني لم أقرأ له أو أسمع به من قبل ،أول تلك المصادفات أن أجلس في مقهى فسحة أمل قرب الكتب المركونة على رفوف تعبت من الوقوف على قدم واحدة ،ثم لتمتد يدي وتتناول أحد هذه الكتب ،فيكون كتاب حميشة ، ثم لأفتحه وأبدأ بقراءة النصوص من الأخير إلى الأول ،ولأشعر أنني كنت أهبط سلالم هذا البناء الشعري لناطحة حميشة ،حيث أقف أخيرا ً في الطابق الأول .
ـ يضع حميشة بين دفتي مجموعته كتابة تنتمي بقوة إلى قصيدة النثر وإلى تقنياتها المعروفة والمطروحة في الساحة الشعرية،هذه التقنيات التي أصبح ـ غالبا ً ـ من الصعب التمييز ,فيما يخصها بين اسم وآخر،حتى باتت وكأنها قصيدة واحدة يكتبها شعراء كثيرون.
ـ لكن
ـ في نص علي حميشة تتجاور ،بل تتمازج عدة مستويات شعرية
فنراه يتأرجح بين تشعير الكلام العادي وبين إقلاق اللغة بإخراج الدلالات من مكانها المألوف إلى مكان أكثر تشككا ً ،ولعل هذا التنوع هو ما يعطي لحميشة نبرة خاصة ، تظهر في سعيه لإيصال الحالة الشعرية
بغض النظر عن الأسلوب .
ـ الخط البياني للنصوص يظهر بؤرا ً شعرية تشع وتعطي للقارىء صحن حميشة الفخاري لتعينه على التقاط تلك النجوم المبعثرة هنا وهناك .
ـ أما كافه فتختلف استخداماتها أيضا ً ـ من حيث علاقة المشبه بالمشبه به ـ بين العكاز القديم
" تصفبق حار / وقذف بالقبلات / مع كراسي حميمة / كخاتمة نبيلة "
أو " بياض ناصع / كسروالك ِ الداخلي "
وبين مغرفة الحديث
" زم ّ مشاعره / كرغوة مكبوحة "
أو" لا تتمعدن قط / كسنجاب أحمر / على ضفة النهر / فذئاب / وطحالب
وامرأة / لنا / مجروحة "
ـ علي حميشة حليف لقلمه حتى لتحسبه عدوا ً لأوراقه ،فشغله ـ من ناحية الشكل ـ ينصب على الحبر الذي يسكبه فوق الورق متجاهلا ً فضاءاتها البيض ،ربما لا عجب في ذلك ، فهو حليف الحالة الشعرية كما أسلفت ،لذلك نراه يتنصّر لحبّار
القصيدة ويعادي زبد الفضة .
ـ على خشبة اللغة إذا ً يلعب علي حميشة دور ناطحة سحاب ،لذلك يورط نفسه في إقناعنا وفي إقناع اللغة نفسها ،فلندعه في ورطته ،فلعله يستمتع بها .
ـ مستويات ناطحة حميشة الشعرية :
الأول :
" تتحدث عنها بكثافة بخار / الماء الذي يسّاقط من غطاء / طنجرة كريستال
وهذا لأنك / صاحب نكتة نابعة من القلب / فيحلو لك أن تحوّل درجة
غليان مجنونة إلى قطرات خالصة / من روح الحب "
أو " في بحر قصيدة واحدة / حبّار واحد / لا ينطفىء أبدا ً / وثمة / زبد ٌ
متناثر / من / فضة "
الثاني :
" في أسفل هذا الانتظار / كأس مملوءة / وأخرى فارغة / كخطين متوازيين
لا يلتقيان / أبدا "
أو " حكمة ما / أودعناك ِ / أحببناك ِ / تآمرنا عليك ِ / ورطناك / لكنك التي /
أخذتنا إلى البحر / شربناه / وبلطناه "
الثالث :
" حشرت ْ رأسها الجميل / في قلبي / وكنت أتنفسها / وأشبه أي عاشق آخر/
ويغيظني أن أفهم / أن أعي بدقة / أن العاشق يملك أعضاء جنسية بالغة /
وقلب طفل / كأي طفل آخر "
أو " الساقط ملاذ ُ / أرض عطشى / ولكي تكتنز السماء / بأوراقها الزرقاء /
كان لا بد / من جنون ما / وهو الأحمر الذي رواك ِ / بملهاة نفسه / وهو يدرك
جيدا ً / وقع أقدامه / فيما اختاره الله لك ِ / عن وعي شديد / لنفسه "
08-أيار-2021
12-تموز-2009 | |
24-تشرين الأول-2008 | |
11-تشرين الثاني-2007 | |
01-تشرين الأول-2007 | |
13-أيلول-2007 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |