قصتان / تابـــــــوت و جـــواد أبيض
2007-11-21
تابوت
رأيته توسط الطريق, صوته ضجّ,شتم وهو يضرب خلفه المدراء العامين, والبطاطا والبامياء,تزاحمت حوله العربات, وسائقنا تمتم ضاربا المقود: (دنيا!!) احتشد الخلق علي الممزق المنفوش, وضربت أنا جبهتي , هذا الوجه فيه بقايا أعرفها , بصق علي العرب واليهود ثم شقّ الشارع كبوق مسعور , فتنحّت العربات , وانفرج الجمع موجتين , صاحبي الذي كان في السجن صار مجنونا , الأنيق أصبح معوّجا كالخارج من القبر , صرخت:
(صاحبي)!فرمقني السائق ,ومجاوري ارتجف .
قال السائق في المرآة: يومنا معثر.
قلت:أنزلني!
وعدت أركض فوجدت الشارع منتظما , والمارة يمضون , رحت إلي ذات النقطة فلم أجده , أسرعت
في التفرعات , جلت في السوق ,ثم أسندني حائط لأحملق في الخضار والمشترين , وفهمت أنني ضيعته , لكنه ظلّ في عينيّ يصيح ويشتم مفلوتا , تخيلته يضرب الهواء وجسده , ويرسل عينيه , فدققت ممسكا فيهما , رأيت السجان كوهين يهوي علي ظهره ويصيح (كل كل) ولم تمتد يداه , فمه ظلّ مغلقا , دفع كوهين الطبق بحذائه سابا دينه ولما طار الطبق ولوّن بما فيه الحائط الناعم , أدخل جابر الإنعاش.
بعد أيام ركبت إلي مخيمه , فصدمني حطام بيته , قالوا:(قبل خروجهم هرسوه) عدت خائبا أجرّ ساقين فقدتا ذكورتيهما , وظلّ يلاحقني ,يجأر مفجوعا , وأنا ظللت أعود وقررت أن أجده , إلى أن خرج إلىّ من زقاق بيته المهشوم وهو يسحب بخيط رفيع لعبة سوداء على شكل تابوت ,توقف قبالتي , حملق في عينيّ طويلا , تأمل فمي الفاغر , ثم تجاوزني , والتابوت يهتزّ , وأنا أسبح في ضباب منغلق , ثم أهوى على حجر من بقايا حجارة بيته المتناثرة.
جـــواد أبيض
إلي روح الشهيد / جهاد العمارين
بعد الجري خلف نعوش المقتولين؛قررت الفوز بساعة غفلة , أقفل فيها عقلي , وأطفئ حيرة عينيّ،ساعة سفر في بحر النوم المسروق ,تقاتل بعضي مع بعضي ! , وتلاطمت ,فلف ّسريري ,لفّ بطيئا ثمّ دار كترس مسنون, فاشتعلت مخدتي ثمّ استعرت , تمنيت القفز فلم أقو ,كنت جثة ممتثلة للنار ,حلقي ملجوم لا يزعق ,وناري تأكلني ,وعقلي يعمل ,أنا رماد هش ,تابوت تفحم ,فيه عقل ينشط ,قلت :أهــّز رمادي , فيسقط عقلي , هـزّة وأنهـي أمـري وقلت : فرصـة العمر تأتيني في أخر لحـظات العمر عزمت واستقويت بالله ثـمّ بأ ولياء الدهـر,وقلت: أصيح صيحة , صيحة فأفقـش غلافـي المسود ّ ,وفعلت ,فتراقصت صيحتي صامتة كذبالة قنديل ,وأدركت أني لن أهنـأ حتى في مـوتي, فأرسل جوفـي دمعـا يغلـي, لحظـتها جـاء ! كــان, غبشا في البدء ثمّ وهو يكاد يلمسني ,فارعا يشهر قامته ــ ذات قامتـه ـ وعينيه الضيقتين ,وكنزة ناعمة من الحرير الأبيض مزمزمة الظـهر, وتبسم كعادته وقال: (يلعن شيطانك)فانفرج حلقي (أنت ميت)فنطق من شفتيه ,ذات شفتيه (وهل الشهداء يموتون ؟)صحت :أطفئ ناري ,فأطفأني فقمت خفيفا عجبا مزهوا , ثمّ تداركت وأنا أتفحصه (ولكن آخر مـرة كنت قطـعا, خـرجت من بطنك كليتاك , ورأسك علي الإسفلت تدحرج , يدك هذه , يدك كانت مرمية !) فرشقني بشذاه , فعبق الشارع .وهز ذراعيه, وشتم شيطاني , قلت : حدثني يا رجـل ! ورجفت من وميض طارئ في عينيه قال: لا شيء, وكان ذالك أهون من وخـز إبرة! قلت : إبرة ! فشرح: بعد الانفجار تناثـرت, فنظرت من عيني رأسي إلي
أعضائي المتناثرة ,فاستدعيتها, فتكاملت ,
ثمّ جاءني من أصعدني ألي ما بعد الشمس , التي رأيتها حورية تتشكل وهمست: وكومة اللحم التي دفناها؟ فهّز كتفيه , وأشاح عنى, وتصبب عرقي وهو يرفع كنزته إلى أعلى كتفيه ( صورة, فقط صورة ) ورأيت لحمه بلا خدش , ونورا لمع محل التقطيع, ففركت مقلتيّ , وهرولت خلفه , فإذا بى على ربوة خضراء امتطاها جواد أبيض , لم أر مثله من قبل ولا من بعد , واقترب الجواد , بنظرة ناعمة , من صاحبي , ففهمت نيته ,فصرخت ( خذني ) وأكملت جاريا ( خذني خادما ) وانفرد للجواد جناحان ثلجيان , وصهل كما لم يصهل جواد , وصاحبي نظر ليودعني (وهل أمسكتم بواضع العبوة ؟ ) فاقشعرّ بدني وانخفض جفناي قال: عد لأزقتنا وقبّلها باسمي . فصحت : (تتوق إليها !! ). وصعد الجواد بفارسه الأمير , وأنا أرمقهما مبهورا" , ولمّا اخترقا غيمة ظللتهما , لطمت خدي لطمة , جعلتني أقفز ,لأتحسس صدغي المخلوع من على سريري المنطلق كترس مسنون أسرع من البرق.
08-أيار-2021
28-آذار-2013 | |
14-تموز-2009 | |
14-حزيران-2009 | |
01-أيار-2009 | |
06-نيسان-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |