ملف الرجل / عالم الدِيَكة
خاص ألف
2006-10-11
في عالم يرسم قواعدَه الرجل بامتياز تصنيفه الفيزيولوجي، ويخطّ قوانينه المدنية ويجتهد في تشريعاته رجال أيضا، لا ريب أن غياب المرأة عن خطوط المد التفاعلي ومكامن الإنجاز السياسي إنما هو محصّلة لما هو وضعي بشري مؤدلج، أوعقائدي ديني مُُنزل. وهذا الأمر لا يقتصر على جغرافيا محددة أو ثقافة بعينها، بل يبدو جليا أنه شكل من نزوع عالمي وجنحة كونية لتقويض حراكهن .
وفي ظل أسطورة التفوق الرجالي التي يشبّ عليها الصبية في البيت والمدرسة والشارع، تغدو حجة المرأة في الالتحاق بعالم صمّمه الرجال على مقاسهم ضربا من الترف في مجتمع يتعمّد حشرها في زوايا ضيقة من شؤون حياتية أدنى إنجازا وأضعف اتصالا مع مراكز الحراك المدني السياسي .
ونظرا إلى العلاقة التكاملية بين الرجل والمرأة كعنصرين مسؤولين بنفس الدرجة عن عملية البناء والتجديد المجتمعي فإنه يترتب، نتيجةً، ضمان حقوق إنسانية متساوية وموازية لحجم الواجبات المنوطة بالطرفين. وليس العمل السياسي إلا عموداً فقاريا للتنمية الاجتماعية، فمن بوّابته يدخل المجتمع في عملية التطوير والبناء السوسيولوجي. ولكي تستقيم هذه المعادلة لا بد من زلزلة الاستقطاب الرجالي الأحادي للشأن السياسي بما يفتح باب الممارسة و الاجتهاد عريضا أمام المرأة ويتمّم ما لا تدركه الحاسة الذكورية بفردانيتها ونزوعها الإقصائي.
ولا خيار أمام المرأة في مواجهة هذا الإجحاف السافر إلا أن تقرّر بذاتها شرط كينونتها، وتحدّد مختارةً مسارها، في مواجهات سيكولوجية وأخلاقية هي أصلا من مرتكزات الفعل التحريضي للمرأة في مقابل كتل مجتمعية ذكورية بالفطرة لا ترى فيها إلا سلعة منزلية، أو أداة إمتاع.
وقد لا تختلف معاناة المرأة الأميركية هنا عن أية امرأة أخرى في العالم حين يتعلق الأمر في انخراطها واحترافها للعمل السياسي. الضغوط الاجتماعية والعوائق والمحبطات هي جاهزة أبدا لدحض مسيرتها في هذا الاتجاه، وهي غالبا من صياغة الرجل؛ فالمرأة الأميركية لم تحصل على حقها في التصويت حتى عام 1920، ولم تتقلد مناصب سياسية عُليا إلا في بداية الثلاثينات، وهي ما زالت حتى الساعة تعاني تمييزا إذا ما أبدت منافسة للرجل فيما يَعتبره ميدانا حكرا عليه وفي مقدمته الشأن السياسي.
لقد أكد الإعلان العالمي الصادر عن الاتحاد البرلماني الدولي بأن حقوق المرأة هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان العالمية. وشدد على أن مشاركتها الكاملة والمتكافئة في الحياة السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الصعد الوطنية والإقليمية والدولية، والعمل على إنهاء جميع أشكال التمييز القائمة على أساس التصنيف الجنسي، هي أهداف ذات أولوية للمجتمع الدولي مبنية على قاعدة اعتماد التنمية البشرية من منظور تطور حياة الفرد.
وجاء في الفقرة 40 من الإعلان أن تحقيق الديمقراطية يقتضي شراكة حقيقية بين الرجل والمرأة في إدارة شؤون المجتمع على قدم المساواة، وعلى نحو متكامل، ما يكفل لهما إثراء متبادلاً نظرا لما بينهما من اختلاف".
وفي حمأة اقتناص الرجل لكل فرص الدِيَكة وإصراره أن يكون "صوت النيابة" عن المرأة في قصورها المزعوم، وفي محض تفرده باختراق ميادين السياسة والتاريخ والاقتصاد والفكر والأعمال والفن رافضا أي حضور جدي "لها"، تأتي امرأة الحداثة في هيبة أنوثتها وعنفوانها الجميل لتدحض هذا الانتهاك، وتلج مختارة كل أقداس الذكورة وأسوارها الوهمية لتكون نبوءة القرن في استيعاب لفعل تيار يربو حجمه الديموغرافي على نصف المجتمع، وتمثل عناصره شخوصا نابضة على خشبة مسرح اليومي من أم إلى أخت إلى حبيبة إلى رفيقة سلاح أو زميلة مهنة.
هكذا يأتي الاحتفاء بالمرأة وبمشروعها احتفاء بخلاص وجه المجتمع النضير من مستحقات الجهل والظلامية والتمييز كافة.
08-أيار-2021
12-كانون الأول-2012 | |
18-تشرين الأول-2009 | |
06-تشرين الأول-2009 | |
09-آذار-2009 | |
20-شباط-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |