كلمات 2
2006-04-05
- 1- العدد السادس
(1) ما من أدب غير سياسي، ما من فن أيضاً.
إنها المسألة هي: كيف نفهم السياسة في الأدب والفن؟
هذا السؤال يشكل جوهر الحوار، السري والعلني، في حركتنا الأدبية المعاصرة. ثمة تهم كثيرة يواجهها الشعر العربي، أو بعضه، هذه الأيام بالذات: لماذا التجريب؟ لماذا الدخول في عملية اللغة؟ لماذا التحول إلى رصاص يطلق في الفراغ؟ لماذا؟ لماذا..؟
(2) تنطلق هذا التهم من مقولة أساسية: "ينبغي على الشعر أن يكون سياسياً". ولكن، متى كان الشعر غير سياسي؟ المسألة، مرة أخرى، هي أن نميز بين الشعر وبين السياسة، أو بين الفن عامة وبين السياسة.
المسألة هي أن نحدد العلاقة بينهما. هل يعني كون الشعر سياسياً أن تتحول القصيدة إلى مقالة، أو إلى إعلان، أو إلى منشور؟ هل يعني أن تخلع ثوبها الفني وتنزل، كما الخطب، إلى الشارع؟
(3) القصيدة –الصراخ، ليست شعراً. القصيدة –الشتائم ليست شعراً. القصيدة –المنشور، ليست شعراً. الشاعر سياسي، ولكنه ليس خطيباً، الشاعر سياسي، ولكنه ليس قارئ بيان.
هذه، فيما أعتقد، واحدة من مسلمات الشعر. ولكن هذه المسلمة بالذات تحتاج اليوم إلى مراجعة. فما يطرح، الآن، على ساحة الشعر العربي يدعو إلى التساؤل: كيف، حقاً، نفهم السياسة في الأدب والفن؟!
(4) ما من أدب غير سياسي، ما من فن أيضاً.
إنما للأدب والفن شكل تعبير عن السياسة يختلف عن أشكال التعبير الأخرى، أعني بالشكل: البنية الفنية المتكاملة للعمل الأدبي والفني. تدخل في هذه البنية اللغة، الجمالية، الاتقان، تدخل فيها أيضاً الرؤية الشمولية للواقع والعصر والحياة. الفنان لا يتعامل مع حدث، بل مع حركة متكاملة، مع شريحة حياة، الحدث جزء منها. والفن، بما فيه الشعر، لا يعلق؛ بل يكشف.
(5) الحب سياسة. الجنس سياسة. الحزن سياسة. الجوع سياسة.
حين يتعامل الفن مع هذه الأشياء، من خلال التكوين العام الذي يحدد صيغتها وأبعادها، يكون سياسياً.
ويكون ثورياً أيضاً حين يدعو إلى صيغ وأبعاد جديدة لها.
- 2 – العدد 11
( 1 )
ثمة من يتساءل: أبعد عشرين عاماً من التأسيس لأدب وفن واقعيين، نعود، لنطرح من جديد الخلاف في مسائل الأدب والفن الثوريين؟ بعضهم يعد ذلك نكوصاً، ويسمي أية مرجعية لما يفترض أنه تم تأسيسه، تراجعاً، قبلاً، ما معنى أن تثار، الآن، مشكلة الغموض والوضوح في الشعر؟ وما معنى أن يطرح الالتزام بمفهوم جديد؟.. وجملة من القضايا الأخرى التي تتعلق بالواقعية وبالجماهيرية...
والذي يبدو أن ثمة رفضاً حاسماً – لدى البعض- لأي أدب أو فن يخرجان، ولو جزئياً، عن المقولات التي تم بموجبها تأسيس الواقعية، عندنا، منذ حدود ربع قرن. بمعنى آخر: على الأدب والفن أن يظلا رهيني محبس الواقعية الاشتراكية بالطريقة الأولية التي وصلتنا..
وإلا، فهما أدب وفن برجوازيان!! بالتالي:
فهمها متهمان!!
( 2 )
لقد مضى أكثر من نصف قرن على تأسيس الواقعية الاشتراكية في العالم، ذلك يعني أن خبرات فنية وأدبية كبيرة أنضافت إلى الرؤية الأولى، فطورتها، وأنضجتها، وانتقلت بها إلى حيث حركة العصر، من الخطأ إلغاء تلك الخبرات، أو التغاضي عنها. معنى ذلك أننا لا نتحرك، معنى ذلك أننا ندخل من تقليدية قالبية جديدة.. إن الوقوف لدى مرحلة التأسيس الأولى، إنما هو حالة من حالات النكوص، حالة من حالات الموت.
( 3 )
في مقدمته لكتاب روجيه غارودي "واقعية بلا ضفاف" يقول الشاعر الفرنسي الاشتراكي لويس أراجون:
"إن الرفض الحاسم لكل ما هو ليس واقعياً في مفهوم العقائدية يؤدي إلى تشويه الواقعية، ويقلل من شأنها، كما يلقي بالأخص ظلال الغموض على قضايا المستقبل والفن الأساسية، أي قضايا التراث الثقافي".
من هذه الإضافة في خبرات الفن الواقعي يتحدث أراجون، بغض النظر عن قضية اللاضفاف لدى جارودي.
وفي مكان آخر يقول أراجون: "إن الفن الحديث هو بالضرورة واقعية حديثة".
(4 )
الواقعية مفهوم وليس أسلوباً.
ينبغي، على هذا الأساس، أن نؤسس لواقعية حديثة. وإلا فإننا نعود إلى حالة من الجدانوفية نخرج من الواقعية كل ما هو موهوب ومتميز. وفي ذلك خسارة للواقعية وللأدب معاً.
خسارة لا يستفيد منها سوى ذوي المواهب المحدودة، أو الذين بلا موهبة على الإطلاق.
- 3 - العدد السابع
(1)
تعودنا، كثيراً، أن نتهم، تعودنا أكثر أن ندين. ما أسرع ما نتسلل إلى مواقع، أساساً، لسنا فيها، لنتخذ منها متاريس، تضرب سوانا وتحمينا في آن معاً. عجزنا عن الحوار الموضوعي يدفعنا، غالباً، إلى هذه المواقع. نحن لا نتحاور، بل نتشاتم، ولأن الحوار يخدم الحقيقة، والشتيمة تقتلها، فنحن، عامدين أو غير عامدين، نعمل على قتلها.
ترى، أيخدم بعضنا موت الحقيقة؟!
(2)
لا أود أن أجيب، لأني لا أرغب لحوار حول الشعر والثقافة عامة أن ينزلق إلى موضع تصنيف عدائي. ثمة، للأسف، من يريد ذلك. وحيت تكتب وجهة نظر في الشعر والفن وعلاقتهما بالسياسة، سرعان ما تسيل أقلامهم بمثل هذه التهم التي تفتقر إلى أوليات الصدق: "هناك رغبة واضحة في تشويه سمعة الشعر السياسي". إذن، فأنت "متواطئ مع صيغة العالم القائمة لأنك تستفيد من هذه الصيغة" وإذن، فأنت "تنطلق من مقولات الفن البرجوازي" وإذن.. فأنت "من أعداء الحياة".
(3)
هكذا، ببساطة..
ولكن، لماذا؟
لأنك تود، مخلصاً، فتح حوار مجد حول قضية الشعر السياسي بالذات. ولأنك تطرح التساؤل التالي: كيف نفهم العلاقة بين الشعر والسياسة؟
ولأن هذا الطرح يسيء إلى حالة الصراخ الشعري لديهم..
ولأن...
(4)
مرة أخرى، لا نريد لحوارنا أن ينزلق إلى موضع التهم. ثمة قضية مثارة، مهما حاولنا التعتيم عليها، هي قضية الشعر: كيف يكون ملتزما ويبقى شعراً؟ وهي بشكل عام قضية الفن: كيف يكون ملتزما ويبقى فناً؟
تساؤل، أظنه في صالح الشعر والفن الملتزمين، وليس ضدهما. يكون ضدهما حين تقرر أن الفن والجمالية والإتقان، لا يلتقي مع الالتزام.
ويكون ضدهما حين تطرح المسألة كما يلي: الالتزام والفن.
ما أظن بيننا جميعاً من يقول ذلك.
إذن، لماذا العجز عن الحوار؟ إذن، لماذا الالتفاف عليه؟
(5)
ألا يمكن أن يكون الشعر متقنا وملتزما في آن معا؟ أم أننا نرفض الالتزام سوى بالطريقة التي نكتب بها؟
ترى، من أعطانا هذه الوصاية على الالتزام، وعلى الشعر، وعلى الناس؟!
المصدر: ملحق الثورة الثقافي
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |