فن تشكيلي / حوار مع الفنان التشكيلي عبد الله عبيد
2006-04-07
ملامح من الحركة التشكيلية في سورية
من المجرد في زمن الرعي إلى المجرد في زمن الوعي
في سورية حركة تشكيلية غنية وفاعلة في الوسط التشكيلي العربي وان كان ينقصها التسويق والإعلام. سنسلط الضوء على بعض هذه الملامح من خلال لقاءات قادمة مع مجموعة فنانين سوريين نستقرىء معهم خطوط تجارب كل منهم لعلنا نصل إلى تشكيل صورة حسب جهودنا عن هذه الحركة الغنية.
وسوف نبدأ مع الفنان عبد الله عبيد (من مدينة حمص) المدينة المتحركة على مسارات مختلفة من الإبداع الشعري والتشكيلي. بحيث نستطيع وصف هذه المدينة أنها تشكل فعلا رافدا أساسيا للحركتين الشعرية والتشكيلية في سورية.
1- منذ كان درس الرسم في طفولتك يعتبر للراحة. كيف أثر ذلك على بدء تكون الإحساس بأن موضوع الرسم هو هاجس يجب التفكير بمشروعيته بشكل جدي؟ وماذا تتحدث عن تأثير التربية الفنية عربيا وتأثيرها السلبي على تراجع الذائقة الجمالية لدى المتلقي للفن التشكيلي فيما بعد؟
ج1- بيني وبين ذاتي لم يكن الأمر في أنني أمتلك حالة ما بالمعنى الحسي والبصري. حيث أني أنتمي إلى بيئة ذات تبدل لوني وجغرافي يشعرني دائما بالصمت مع حالتي الطفولية التي كثيراً ما اصطدمت مع عقل آخر جمعي كان يتمثل في والدي، حيث يرى للفن بمنطق المحرم. فهو عقل ذو ركام تاريخي يرى أن (التصوير حرام) مما خلق إشكالية بين المخلوق والإله. كان هذا يشعرني بالحزن. فأنكفىء على ألوان بسيطة كنت محروما (بالضرب) منها هي أقلام رصاص ملونة (يجب أن أتعلم القرآن بدلا من ذلك). انتقلت هذه الحالة إلى المدرسة حيث الأساتذة جزء من العقل العام في فهم الفن. إذ كان أستاذ الرسم هو أستاذ التاريخ أو ديانة مما أدى حتى إلى بداية القرن الواحد والعشرين إلى ضعف في تراكم مفهوم جمالي بالمعنى الثقافي وضعف في تشكل مفهوم بصري يؤدي إلى هذا التراكم الجمالي الثقافي لأني كنت أحس أن هذا المفهوم هو جمالي حسي وبحثي وليس متشكلاً بصورة عفوية.
2- أنت منذ المحاولات الأولى وكما كان يقول لك أبوك أنك تصور بشكل صحيح. ولكنك رفضت أن ترسم بشكل صحيح، بمعنى رفضت أن تكون حرفيا في الرسم... كيف تستعيد ذلك الآن؟ وما معنى (الصحيح) بالنسبة للفنان بعد مرحلة نضجه؟ أليس الصحيح هو خروجه على الصحيح؟ خاصة وأن ذلك تكرر خلال دراستك الأكاديمية حيث اكتشفت أن هناك ما هو أكاديمي لا يعجبك؟
ج2 – رغم هذا كنت مقتنعا بحيث أنني ألفت نظر أصدقاء والدي والمحيط بأني أصور حالات مكتملة بشكلها وأدائها. هذا خفّف عبء الطرف الآخر (الأب والوسط) عني فبدأت عندي حرية البحث الخاص. وبعد أن رضي هذا المحيط عني بأني كنت أمارس ما يراه (الرسم الصحيح) جعلني أستطيع الحصول على أقلام رصاص. في هذا الوقت أدركت أن الأفق كان يقدم لي شكلا مجردا. وعندما ينداح لون الشمس على تزاوج الأرض والسماء كان يخلق عندي طقس المجرد الذي هو أقرب إلى مفهوم العمل التشكيلي.
استمر البحث حتى أبواب الجامعة. لقد كان حلما أن أخرج إلى دائرة أوسع لكن الدائرة كانت تشكل حصارا موجعا أكثر مما هو في البدايات لأن المعنى الأكاديمي بتقديري كان قاصراً في فهم الحرية والبحث. كنت أحس أن مهرا حروناً داخلي لا أستطيع معه الخضوع لأي ضوابط بالمعنى الوضعي فيما يخص المسألة الثقافية كلها. ورغم أني كنت من أوائل المتقدمين إلى كلية الفنون الجميلة الا أنني لم أستطع المتابعة.
3- تعرفت على مجموعة فنانين سوريين في تلك المرحلة(نذير إسماعيل – طارق الشريف- خليل عكاري وغيرهم) وشكلتم جمعية أصدقاء الفن بدمشق. ماذا تحدثنا عن تلك الفترة وما هو أثرها على نمو الموهبة وتبلورها؟
ج3- التقين بالرعيل الأول (فاتح المدرس – نصير شورى – طارق الشريف) خلال فترة وجودي في دمشق. كان حلمي أن ألتقي بأمثال هؤلاء وغيرهم من الكبار ولم يكن وضعي كابن بيئة ريفية قادم من الأتربة وغبار الريف يشجع على هذه اللقاءات مع ذلك تواصلت مع بعضهم ممن يحمل أفكارا يسارية. كان صديقي نذير إسماعيل أهمهم.
آويت إلى مركز ادهم إسماعيل وكذلك هذا المهر لم ينضبط مع حالة تلقينية. فكان يكبر هذا الهاجس داخلي حول أنترسم اللا مفكَّر فيه. وقد شكلنا جمعية أصدقاء الفن بدمشق التي تحولت فيما بعد إلى نقابة الفنون الجميلة. كنت أتسكع مع نذير إسماعيل في أزقة الشام القديمة حتى الصباح ونحن نحاول رسم ملامح الإحباط الثقافي ضمن مؤسسة الموروث الثقافي الكابحة للإبداع. وكنا نفكر بخلق فنان احتجاجي على الشكل الأكاديمي السائد لتقديم مفهوم إبداعي له خصوصية. ولم يكن هذا نابعا من تأثرنا بمذاهب غربية بل لتشكيل حداثة محلية ذات خصوصية. لذلك التصقنا بأرصفة وحجارة الشام التي لم أكن أرى أنها مختلفة كثيرا عن غبار قريتي البعيدة.
4- تقول إن معرضك الأول بحمص بعنوان (تجارب ورقية) كنت تسأل بخوف: ماذا أريد؟ ونحن نسأل بدورنا ماذا عنى لك هذا المعرض؟ ولماذا كنت خائفا؟ ألا يسأل الفنان المبدع دائما: ماذا يريد؟ أم أنك كنت تقصد إلى أنك لم تمتلك بعد أسلوبك الخاص أو لم تقدم شخصيتك الفنية كما كنت تطمح إلى تكوينها؟
كنتن جريئا في معارض السبعينيات بأعمال ورقية خارجة على إطار اللوحة وكانت حالة بدائية. و(تجارب ورقية) لم تكن تتحمل صفة المشروع كما هو الآن وكان فيها شيء من الفوضى. ألواني كانت بين البرّاني والوحشيّ والمتمزق وكانت الأحبار تذكر بالأسى والاحتجاج. وكنت خائفا في التجارب الأولى لأن الذي في داخلي كان يحمل مشروعاً أكثر مما أقدم. هذا الخلل كان حافزا للبحث عما هو أشد وأكثر انشغالاً. والخوف كان من الحس بالمسؤولية بأن على الفنان إذا كان محتجات أن يقدم بديلاً موضوعيا يقنع به نفسه أولا ويضيف على مسار الحركة التشكيلية شيئا ما فكانت الحالة قلقة لي.
5- من تجارب ورقية إلى معرض (اغتراب الأمكنة 2002) هل كان المعرض الجديد في قسم منه ردا جماليا على المعرض الأول؟ ما الذي طرحت في هذا المعرض على صعيد البنية الجمالية والبصرية واللونية؟
(اغتراب الأمكنة) هو الأجرأ والأكثر ارتياحا للموازنة بين ما أريد وما أطرح. وهو معرض فيه حالة سياسية:ماذا يعني الفعل الاغترابي بالمكان؟ حالة ما بين التوصيف الدقيق لغياب الملمح للتركيبة البشرية إلى ناتج فعلها كقيمة اجتماعية. لم أكن مهزوما في (اغتراب الأمكنة) ولم أحمل حقائبي وأرحل بل التصقت شبِقا مع وطني وغبار بلدي وأحلام أطفاله وعشاقه ورعيانه. أذكر مما علّقه فنان تركي كان يحضر المعرض في حمص حيث قال لصديق فنان إن صاحب هذا المعرض فنان يعيش لعنة أكثر من جهنم.
في (اغتراب الامكنة) بالمعنى الحرفي كان هناك شكل شخوصيّ ببنائها كمعيار ما بين الخط واللون وبناء اللوحة. شخوص رمادية تشبه كل الناس الذين لا يمتلكون ملامح فكانوا ديدانا أحيانا ليس لها مسار إلا وسط فيه ما يبين الرماد والأسود والبني القاسي وبعض الانفراجات والضوء...لم يكن هذا المعرض ردا على معرض. بل هو معرض أزعم أنه مكتمل ويوازي الحالة التي أطمح إليها.
6- في عام 2003 أقمت معرضا بعنوان (أراتوزا) الذي كان تجربة ذاتية تستعيد فيها الذاكرة والطفولة... ماذا شكل لك هذا المعرض في مسيرتك التشكيلية؟ وما ذا تعني بأراتوزا؟
بعد (اغتراب الأمكنة) هناك استراحة المحارب. فأفرغت حقائبي وأشيائي واستلقيت حالما فكانت (أرتوزا) هنا بالمعنى السياسي ليست حالة من التراجع عن المشروع لذاك المهر الحرون بل وقفة مع الذات وأسى وحرمان الطفولة. أراتوزا هي مرابع طفولتي. أراتوزا هي أميرة المياه العذبة في الأسطورة السورية وهي قريتي (الرستن) على ضفاف العاصي وصفصافه الخاص جدا,. في هذه الوقفة كانت ذكريات الرعي. ففي زمن الرعي في الطفولة بنات وشبابا. هنا يكمن الإدراك الأول لفهم رائحة العشب وممارسة الطقوس البدائية جدا بأنك تخلق طقسك وألعابك وانتشارك الصغير كمنمنمات عشبية حول صخور الروابي وأعشاش الطيور. كان الرعاة أكثر قربا من كبار الفنانين في تفسيرهم للمجرد. الراعي بمجرد أن كان يرى الغيمة يتذكر موسم قطاف القطن مباشرة ومواسم العشق. فكان تلقائيا يسحب شبّابته ويبدأ بالموسيقى. وما بين المجرد والموسيقى تأْلَفُه أغنامه. فكأن الغنم كان ينفعل لانفعال الراعي بالمجرد.
أراتوزا رغم أنه مشروع ذاتي إلا أنه وصِّف بأنه عمل فني ثقافي فنحن شئنا أم أبينا لا نخرج بالمعنى الذاتي عن الحالة الخاصة جدا عن العام.
7- كثير من الفنانين والمبدعين يتخذون الطفولة وسيرتهم الذاتية ينبوعا من ينابيع مخيلتهم وموهبتهم الإبداعية. هل شعرت في يوم أن الإصرار على استعادة الطفولة وأماكنها هو عبء على انطلاق المخيلة وجموحها؟ هل ثمة معرض أسست له خارج الاستعادة والذكرى؟
ج7 – بالنسبة للمخزون والموروث أنت لا تنفك عنه في ممارسة الإبداع فهو كالشيطان حرا يأتي دون استدعاء. إن كان بعدك الزمني كابن خمسين عاما فهو يأتي من آلاف السنين من زمن أبعد فيخرج بأدائك لونيا أو كلمة بطوطمه. والاستدعاء هنا ليس عملاً منطقيّاً. من هنا فأنا أرى أن لديّ ألوانا سومرية من بين النهرين من سورية القديمة. ليست المسألة استحضاراً ل هو شيء ملازم لكونك ابن منطقة شرق متوسط، ابن سومر وبابل...
معرضي (تجارب جريئة) كان خارجا على المألوف من التجارب السابقة. يجوز أنه كان ردا على الحدث السياسي الأشمل في المنطقة من العراق إلى فلسطين إلى لبنان. كنت في هذا المعرض أمارس اللعب اللوني وكانت ألواني تخرج خارج إطار اللوحة وكنت فيه فوضويا حتى الثمالة ولم أدرك أن هذا المعرض سيكون مؤثرا عند الناس أكثر من المعارض السابقة.وكأن مساحة اللوحة وإطارها كان أضيق من فوضويتي تلك. أحد المشاهدين للمعرض (طبيب) قال لي إنه ولمدة يومين لم يستطع أن يداوم في عيادته بعد مشاهدة المعرض.
8- ثمة من أشار إلى أن في لوحاتك حالة طوطمية... هل ذلك صحيح؟ وكيف تجد العلاقة بين الحالة الرعوية في اللوحة وبين المفهوم المعرفي في اللوحة؟ حيث أن الطوطمية حالة مما قبل مرحلة تشكل المفهومات الثقافية؟ أتجد أن الفن يتآلف مع الحالة البدائية الأولى كرد على تشويه المعاصرة للروح؟
ج 8 – لأن الحالة حرة أكثر من الحرية تأتي الحالة الطوطمية. أنما أراقب شخوصي فأراها مما قبل التاريخ. وكانت تظهر كتعبير بدائي عن حالات لم أكن أتقصدها وخارج أي حالة موضوعية. استنادا إلى المفهوم المعرفي فأنت تناقشها ضمن القوانين الوضعية لتاريخ العمل الفني التشكيلي وفق مدارسه ومؤسسيه. وأنا أرى أن اللوحة لا تناقش هكذا.اللوحة تناقش كعمل يضيف إلى المعرفة ويخرج عن دوائرها الموضوعية ويخرج من أشكال ضوابطها الوصفية. اللوحة تناقش كعمل حرّ وهادف. بمعنى تطوير لهذه المعرفة الوصفية وإعادة إنتاجها بما يتلاءم مع التطوير الكوني للإنسان ولا أكتفي بأن تكون اللوحة مقروءة للنسيج الاجتماعي أو غير مقروءة. اللوحة دائما مشغولة ليس بما تراه عين الفنان بل ما يمتلك الفنان، بما يفكر به أيضا.
مشروعي المناهض يأتي من تماهي اللوحة مع الحداثة وإعادة إنتاج الشكل اليومي للفعل السياسي والاجتماعي والتربوي.
أنا لا أطرح بديلا بالطوطمية بل أعتبرها كمؤهل ومخزون لخلق حالة فنية حداثية تتوازن مع الحدث بكل منتجه التكنولوجي. أنا مجنون مع لوحتي وضد كل الضوابط.
9- تحدثنا ذات جلسة جميلة عن اليد وحركة اليد التي تشتغل على الموجود في داخلك... ماذا تحدثنا عن فقه اليد في عملية التشكيل اللوني أو الرسم؟ وما أهمية اليد في نقل الفكرة من الداخل إلى الخارج؟
أنا مع كلمة (ثقافة اليد) وأرى أن اليد أداءُ أنثى خلقت التاريخ! اليد اشتغلت مسرحا صوروا الأصابع وعملوا منها مسرحا. اليد حالة تعبيرية مثل الموسيقى وإذا قصصت أصابع اليد لم يعد لديك تاريخ لم يعد يصنع التاريخ. هذه الأنثى أنثاي اليمنى وأنثاي اليسرى. أصابعي العشرة أراها أحيانا حميمية أكثر من ريشة الرسم وكثيرا ما غمست يدي بأصبغتي واشتغلت بها مباشرة عملي التشكيلي. وأجمل اللوحات هي التي اشتغلتها بيدي مباشرة. حتى الريشة أحسها تتدخل بيني وبين أنوثتي وولادتها على سطح القماش.
اليد أخيرا - ولأن تركيبتنا أنثى - فهي التي تنقل الغليان كجنس تعبيري في بناء اللوحة.
10- لو حرضناك على تقديم وجهة نظر جريئة في الحركة التشكيلية في سورية عموما وفي مدينتك حمص خصوصا فماذا لديك؟
في الحركة التشكيلية السورية أقرأ ملمحا بالمعنى التاريخي أكثر أهمية من أي فعل تشكيل مكاني في العالم فالتشكيل السوري قدم رؤيا متطورة بحكم انتماء الفنان السوري إلى شرق المتوسط. وأميز ما أره في تاريخ هذه الحركة كفعل تشكيلي حداثي يرصد مفاعيل المسألة الثقافية والسياسية على صعيد الرأي وحريته وعلى صعيد فعله اللوني كمساهم ثقافي للمنطقة وخارجه.
المسألتان المميزتان في سوريا هما فنانو حمص وفنانو الجزيرة السورية حصراً.
فنانون الجزيرة وشمالي سوريا كانت الطبيعة تستعير منهم ألوانها. وفنانو حمص يستعير العاصي والصفصاف منهم ألوانه.ليس بهذا الشكل لكن بالقدرة على خلق اللوحة والمساهمة في التراكم المعرفي وكذلك إنتاج هذه المعرفة بالشكل المعاصر.
هناك حركات في الوطن العربي في المغرب مؤثرة أكثر من الحركة السورية في العقود الأخيرة. وفي العراق حصرا ساهم الفنانون في التشكيل العالمي. في أصيلا حوار مع الحركات الفنية في العالم وفي العراق نقلُ الوجع بشكل أهمّ.
11- أسألك معترضاً: لماذا أرى من خلال متابعتي انقطاع الفنان التشكيلي عن متابعة النشاط الشعري والقصصي والنقدي بشكل عام؟ بينما قد نجد حتى في معرضك أنت عددا من الشعراء والقصاصين والأدباء؟ إلى ما يشير هذا؟
ج11- أقدم شكل في إبداع البشر هو الموسيقى وأقدم تعبير بدائي هو الموسيقى. من حركة الطبيعة بأشيائها إلى الصوت (الإنسان والريح) يليه مباشرة التعبير التشكيلي.
ومع الأسف التشكيل الآن فن نخبوي. لماذا؟ كان العمل التشكيلي قبل الكلمة ولكن الزمن العربي السياسي عمل بعكس الشعوب المتحضرة.
كأن الكلمة مدجنة ومسخرة لخدمة الحدث. هل يحس التشكيليون بأن منطقهم أبعد من الكلمة؟ يمكن أن نرى وراء هذه القطيعة أسبابا مدروسة لتشكيل خلل.
12- أخيراً صديقي عبد الله... كما في أول معرض سألت نفسك ما ذا تريد كفنان: أسألك كمتلقّ: ماذا تريد من المتلقي للوحتك التي قد يشوبها نوع من الغموض ربما يعجز هذا المتلقي عن اقتحامه؟ ما ذا عن آلية قراءة اللوحة؟
ج12 – عند تداخل الايديولوجيا بالثقافة كان هناك فكرة أن المثقفين يجب ان يعلموا الناس. أنا أرى أن المسألة متبادلة. المتلقي يحمل أميته المعرفية بالمعنى الثقافي والبصري ويريد ان يصله العمل التشكيلي. يجب على المتلقي أن يفعل شيئا ليتساوى مع أي طرح ثقافي وأنا أريد عقدا بيني وبين المتلقي أتعلم منه ويتعلم مني ولنعزز معا ثقافة المعرفة وثقافة الحب.
قد يأتي المتلقي ليتعامل مع اللوحة على أنها مسبقا يجب أن تكون شكلا ومفهوما لأنه بالموروث هي مسألة تزيينية تنقل حدثا في الطبيعة أو توثيقا لأشخاص لهم دلالتهم الدينية والاجتماعية. أو لتوثيق تاريخ دين ما على معابده. ومع السف تكرس هذا المفهوم في النسيج الاجتماعي.
في الشكل المعاصر لم يعد العمل التشكيلي مسخراً والموسيقى لم تعد أهزوجة ما أو لرقصة ما صار شكلا معرفيا ينتمي لآلية إبداع تشتغل على مفهومات الضوء والبناء واللون ولغة الأداء.
ورغم أننا ننتمي للتفكير بالمجرد (من الله إلى الورود) فليس لدينا الآن القدرة على أن نفتح أعيننا على المجرد في (اللوحة).؟ لماذا نختار المسألة البسيطة؟ لماذا لا نعمل على تحريك الوعي تجاه أي جنس إبداعي؟ في المجرد يمكن أن نعمل عملا بدقيقة يحتاج إلى شهور للتواصل معه.
08-أيار-2021
02-أيار-2020 | |
15-كانون الأول-2018 | |
10-شباط-2018 | |
04-تشرين الثاني-2017 | |
29-نيسان-2017 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |