خاص ألف
الفيلم : المجتمع المصري يمارس عادته السرية في كبائن السنترال .

قدم المخرج محمد حماد فيلم سنترال الذي شغل الأوساط الثقافية بمصر في الآونة الأخيرة ، وتم منع عرضه من قبل عدة مؤسسات ثقافية دائما ما تخبرنا بالدعوة للحريات ، وما حدث في الأيام السابقة مع فيلم سنترال جعلنا نتتبع ما الدافع وراء منعه ، وهل ينتمي للسينما الجيدة فنيا ، أم انه مجرد فكرة جريئة بجودة ضعيفة .

لغة حية

الفيلم يقدم طرحا حقيقيا حول مجتمع يسعى لان ينتمي للمسكوت عنه حياتيا،
ويتخفى وراء ضعفه الذي يعتقد انه لا يظهر، ولكنه مفضوح بطبيعة الحال ، لجأ السينارست والمخرج محمد حماد الي الكشف باللغة الحية التي يستخدمونها في حياتهم( دون فلتر ) في عالم ضيق تضيق فيه الزوايا التي اختارها للتصوير وهو عالم السنترال الشعبي الذي ظهر فجأة بالمناطق العشوائية من فئة دقيقة المحمول بخمسين قرش ودقتيين المحلي بربع جنية ، وهذه اللغة ما جعلت الفيلم صادما لعديد من المتفرجين ، ليس هذا فحسب لكن لمؤسسات كثيرة .

يدور الفيلم حول حياة فتاة بسيطة تقترب من الفتيات الحاصلين علي دبلوم تجارة ( وهو مؤهل عادي ) ، عملت في هذا السنترال لحاجاتها المادية ، وأثناء عملها ملت الجلسة ، فأخذت تبحث عن معادل لفك شفرات الملل الذي يصيبها ، فراحت تتنصنت علي مكالمات الزبائن . والنماذج التي تم اختيارها لكشف المجتمع جاءت صائبة وحقيقية . رجل له مظهر ديني بالجلباب واللحية والسبحة الدائم تحريكها ، وامرأة أخري منقبة دائما ما تأتي للتحدث في الكابينة ، نعرف من خلال الإحداث الدرامية للفيلم أن هذا الرجل هو أخ لفتاة السنترال والسيدة المنقبة هي زوجته ، وبدأت المكاشفة من رواية الفتاة لتاريخ شخصياتهما ، الأخ الذي كان يعمل في كوافير حريمي و من خلال هذا المكان عمل قوادا ، والتي كانت تجلب له البنات هي السيدة قبل النقاب ، وعندما تم فضحهما تزوجها وقلب الكوافير ألحريمي كوافير رجالي ولكنه ظل يمارس مهنته من الخفاء ، وزوجته التي تمارس الجنس مع شاب اسمه ياسر يقطن معها في نفس المنطقة وقد تم كشف هذا المشهد من خلال مكالمة طويلة دارت بين ياسر والمنقبة ، حملت كل المفردات المستخدمة في الاتفاق علي الممارسة وأيضا هناك اتفاق أخر دار بينهما وهو الاتفاق علي إعادة الموبايل ( صارت هناك علاقات كاملة تدور علي هذا الجهاز )

اختيار السنترال كموضوع

هو في الحقيقة مكان عادة ما يكون ضيق عبارة عن ثلاث كبائن صغيرة تسمع ما يدور بجابنك اذا كنت احد المتحدثين ، فتتجاور الحكايات وتصير اغلبها في حالة توازي اجتماعيا .

هذا المكان الجديد علي مجتمعنا صار مفعما بالحياة وبالحيوية والأسرار وكأنه ملخص حياة مجتمع بأكمله ، الذي يتفق علي مخدرات والذي يتفق علي الجنس والذي يتفق علي عمل ، والذي يطلب من أخوه فلوس عشان الحالة بقت صعبة ، والذي يطمئن علي نتيجة أخته ، والذي يتصل ببيته حتي يتابع هل تليفونه مشغول ام لا حتي يعرف هل زوجته تخونه ؟........نماذج عديدة وكثيرة لمجتمع متشظي لا يسعي للالتمام ولكن للهلاك . ليصير المجتمع في حالة احتضار .

اختيار موفق من المخرج في اختيار مكان التصوير ، وموفق أيضا في اختيار النماذج ، وفي اختيار فريق العمل .

زمن السنترال

الفيلم زمنيا يدور حول ثلاثة ايام غير مكتملة ، بدأت بالتعريف لهذا المكان من قبل الفتاة التي تتعجب من نماذج تأتي للحديث وتنهي اليوم الأول بمنولوج مليئ شجن وكأنها تشكو همها ، أما اليوم الثاني نجدها تتفاعل مع الإحداث حتي تصير جزء لا يتجزأ من هذا المكان ، اليوم الثالث هو المشاركة الحقيقة لها ونعرف أنها بالفعل جزء من التكوين وتذهب للاتصال بأحد النماذج التي كانت تتكلم في السنترال لنقول انه مجتمع منتهي من فترة .



الشخصيات ونماذج

هناك نموذج مثل شخصية ثروت الذي قام بدوره شريف زكي وقام به علي أحسن وجه لشخصية السلبي الذي يأتي لكي يكلم الفتيات اللواتي يعملن في مطاعم ماكدونالز ويطلب منها ان ينام معها فتسمع صوت غلق السماعة وصوت التليفون وهو مشغول ، وهناك امه التي تضغط عليه للسفر للخارج كي يعمل مثل أقرانه الذين ذهبوا للخارج وجاءوا محملين بالدولارات وقامت بهذا الدور أيفون .

نموذج الأخ ( الملتحي )الذي قام بدروه هو تامر عبد الحميد و( الزوجة المنقبة )التي قامت بدورها ايمان ابراهيم ... السالف الذكر عنهما .

نموذج عم عربي الكبير السن الذي يعرف أن زوجته تمارس مع ولد من منطقة المساكن ولا يتحدث لأنه صار غير قادر علي تلبية رغباتها ، قام بدور عم عربي الممثل إسماعيل طه وزوجته الفنانة سهام .

وهناك نموذج كرم ( حسام عز ) الذي تمارس زوجة عربي معه الجنس الذي يقطن في منطقة عشوائية أخري .

هناك نماذج لم تظهر لأنها جاءت عبر مكالمات هاتفية مثل دعاء طعيمة ووليد فواز ونجوي ابراهيم ومني سالم

وأخيرا فتاة السنترال التي قامت بها الممثلة الشابة نهي فؤاد التي تقف أمام الكاميرا لأول مرة

هل الفيلم فنيا .. جيد ؟

أري ان الفيلم به مجهود كبير قام به فريق العمل ومنهم محمد الشرقاوي الذي قام بالمونتاج وجاء محكما يعي التقطيع المحترف وشريط الصوت وهو من أبطال الفيلم الذي قام به مهاب مصطفي وخصوصا لأنه استخدم طريقة الدوبلاج فجاء كأنه حقيقيا . وأيضا هناك الموسيقي التي لفتت انتباه كل الفئات والمشاهدين رافضين وموافقين .. الموسيقي قام بها المؤلف الموسيقي الشاب احمد حجازي ..

فيلم سنترال هو من ضمن الأفلام التي سعت لبناء سينما جديدة بلغة جديدة وسيكون مفتاحا لكشف مفاتيح ضعف اجتماعية

ملحوظة :
قام محمد حماد بكتابة فيلم الجنيه الخامس ومن إخراج احمد خالد وأيضا شارك في كتابة فيلم مرسال المراسيل مع وليد خيري وهشام هلال وأخيرا فيلم سنترال فهو من تأليفه وإخراجه وإنتاجه ،

والفيلم زمنه 18 دقيقة تم تصويره بطريقة الديجتال .