يوسف الصديق بين التوراة والقرآن
2008-09-06
لقد كان إسماعيل الابن البكر لإبراهيم ، ولكن المحرّر التوراتيّ يستبعده من سلسلة النسب العبرانيّ، ويجعله أباً للعرب الإسماعيليين الذين عاشوا في المناطق الشمالية من شبه الجزيرة العربية . ثم يتابع المحرّر النسب العبرانيّ من خلال الابن الثاني إسحاق من زوجته سارة، ويجعله يرث حقّ البكورية بما يحمله ذلك من وراثة عهد الربّ وميثاقه مع إبراهيم . ثم يولد لإسحاق ولدان هما عيسو البكر ويعقوب الأصغر منه. ولكن المحرّر التوراتيّ أيضاً ينقل مرّة ثانية حقّ البكورية من الابن الأكبر إلى أخيه الأصغر، وذلك جرّاء خدعة دبّرتها زوجة إسحاق المدعوة رفقة وهو على فراش الموت، عندما جعلته يبارك يعقوب عوضاً عن عيسو وينقل له حقّ البكورية . وبذلك يستبعد المحرّر التوراتيّ عيسو من سلسلة النسب العبرانيّ، ويجعله أباً للآدوميين الذين سكنوا المناطق الصحراوية الواقعة بين البحر الميت شمالاً وخليج العقبة جنوباً . بعد ذلك تستمرّ سلسلة النسب العبرانيّ عبر أولاد يعقوب الإثني عشر ( أو إسرائيل كما دعاه الربّ بعد ذلك ). وهؤلاء هم الأسباط الذين تسلسلت منهم فيما بعد القبائل العبرانية الاثنا عشر. وقد رحل أولاد يعقوب إلى مصر حيث التحقوا بأخيهم يوسف الذي كان قد سبقهم إلى هناك في القصّة المعروفة. وصار وزيراً للفرعون. وقد أقام أولاد يعقوب مع أُسرهم في مصر وتكاثروا، وعندما مات يوسف وصعد عرش مصر فرعون جديد لم يكن يعرف يوسف، استعبد المصريون بني إسرائيل وفرضوا عليهم أعمال السخرة في المشاريع العامة. وكانت مدة إقامة بني إسرائيل في مصر 430 سنة، وعندما خرجوا من مصر بقيادة موسى كان تعدادهم نحو ستمئة ألف.
إنّ سلسلة القصص الواردة في سفر التكوين والمتعلقة بالولد الثاني لإبراهيم المدعوّ إسحاق، وحفيده الذي وُلد لإسحاق المدعوّ يعقوب أو إسرائيل، هي سلسلة طويلة ومليئة بالتفاصيل. وقد أغفل القرآن الكريم ذكر أيّ من هذه القصص، وهما لا يظهران إلا كشخصيتين بارزتين في سلسلة الأنبياء التي تعاقبت من صلب إبراهيم. أما أولاد يعقوب الإثنا عشر فلا يشار إليهم إلا جمعاً تحت اسم الأسباط، ومن دون ذكر اسم أحدهم .
القصّة الوحيدة التي لقيت عناية القرآن الكريم من بين قصص الآباء بعد إبراهيم، هي قصة يوسف، الابن الحادي عشر ليعقوب، وما جرى له مع إخوته في كنعان، ثم ما جرى له في مصر. والقصة القرآنية تسير في تواز مع القصة التوراتية وتماثلها في أدقّ الجزئيات.
ونظراً لطول القصة التوراتية وإسهابها في التفاصيل، فإني سوف ألجأ في المقارنة التالية إلى تقديم ملخصات لمراحلها الرئيسية، ثم مقارنتها بما ورد في القرآن الكريم في سورة يوسف.
1 – محبّة يعقوب ليوسف، والحلم :
سفر التكوين : كان يوسف ابن سبع عشرة سنة، وكان يرعى الغنم مع إخوته . وقد أحبّه أبوه أكثر من جميع بنيه لأنّه ابن شيخوخته . فأبغضه إخوته ولم يستطيعوا أن يكلموه بسلام. وحلم يوسف حلماً أخبر به أباه وإخوته، فقال : إني حلمت حلماً، وإذا الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً ساجدة لي. فازداد إخوته له بغضاً، أما أبوه فقد انتهره وقال : هل نأتي أنا وأمك وإخوتك لنسجد لك ؟ (التكوين : 37: 1-11).
سورة يوسف: (( إذ قال يوسف لأبيه : يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين. قال : يا بنيّ لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً، إن الشيطان للإنسان عدو مبين... لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين. إذ قالوا لَيوسفُ وأخوه أحبّ إلى أبينا منا ونحن عصبة، إن أبانا لفي ضلال مبين . )) ( 12 يوسف : 3-8 ).
2 – مؤامرة الإخوة :
سفر التكوين : ومضى إخوته ليرعوا غنم أبيهم عند شكيم. فقال إسرائيل ليوسف: أليس إخوتك يرعون عند شكيم؟ تعال فأرسلك إليهم. فقال هأنذا... فلما أبصروه من بعيد قال بعضهم لبعض: هو ذا صاحب الأحلام قادم. فالآن هلموا لنقتله ونطرحه في إحدى الآبار ونقول وحش رديء أكله. فسمع أخوهم راوبين مقالتهم وأراد إنقاذه من بين أيديهم فقال لهم : لا تسفكوا دماً، اطرحوه في هذه البئر التي في البرية ولا تمدوا إليه يداً. فكان لما جاء يوسف أنهم خلعوا عنه قميصه وطرحوه في البئر، وكانت جافّة ليس فيها ماء. ثم أخذوا القميص وذبحوا تيساً من المعزى وغمسوا القميص بالدم، وعادوا إلى أبيهم به وقالوا : حقِق، أقميص ابنك هذا أم لا؟ فتحققه وقال : قميص ابني. وحش رديء أكل يوسف. ثم مزق ثيابه ولبس ثياب الحداد، وناح على ابنه أياماً كثيرة. أما يوسف فقد التقطته من البئر قافلة تجار وباعوه في مصر. ( التكوين 37 : 12-36 ).
سورة يوسف : (( اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يَخْلُ لكم وجه أبيكم، وتكونوا من بعده قوماً صالحين. قال قائل منهم: لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين. قالوا : يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون، أرسله معنا غداً يرتع ويلعب وإنا له لحافظون. قال : إني ليحزنني أن تذهبوا به، وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون. قالوا : لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذاً لخاسرون. فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غبابة الجب، وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون (1 ). وجاءوا أباهم عشاءً يبكون. قالوا : يا أبانا ذهبنا نستبِقُ وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب، وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين. وجاؤٌوا على قميصه بدم كذِبٍ، قال : بل سولت لكم أنفسكم أمراً، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ( 2). وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه، قال : يا بشرى هذا غلام. وأسَروه بضاعة (3 )، والله عليم بما يعملون، وشروه بثمن بخس دراهم معدودات وكانوا فيه من الزاهدين. )) ( 12 يوسف : 11-20 ) .
3 – فوطيفار يشتري يوسف :
سفر التكوين : فأُنزل إلى مصر واشتراه فوطيفار ( 4) رئيس شرطة الفرعون. وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً، ووجد نعمة في عيني سيده الذي أوكله بجميع شؤون بيته، ولم يكن فوطيفار يعرف من هذه الشؤون بوجود يوسف، سوى الخبز الذي يأكله. فبارك الرب بيت فوطيفار وحقله. وكان يوسف حسن الصورة وحسن المنظر ( التكوين 39 : 1-6 ).
سورة يوسف : (( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً. وكذلك مكنّا ليوسف في الأرض، ولنعلّمه من تأويل الأحاديث، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، ولما بلغ أشُدّه آتيناه حُكماً وعلماً، وكذلك نجزي المحسنين )) ( 12 يوسف : 21-22 )
4 – الإغواء :
سفر التكوين : وحدث بعد هذه الأمور أنّ امرأة سيده رفعت عينيها إلى يوسف وقالت : اضطجع معي . فقال لها : هو ذا سيدي قد دفع إليّ كل ما له، ولم يمسك عني شيئاً غيرك لأنك امرأته . فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله ؟ ثم تركها ومضى . ولكنها عادت إلى إغوائه مرات عديدة وهو يتهرب منها . إلى أن جاء يوم دخل فيه يوسف إلى المنزل ولم يكن هناك غيرهما، فأمسكت بثوبه قائلة: اضطجع معي . فترك ثوبه في يدها وخرج هارباً من البيت . فنادت أهل بيتها وكلمتهم قائلة : انظروا لقد دخل إلي هذا الرجل العبراني ليضطجع معي فصرخت بصوت عظيم، فترك ثوبه بجانبي وهرب . ثم وضعت ثوبه بجانبها حتى جاء سيدها إلى بيته فكلمته بمثل هذا الكلام فحمي غضب فوطيفار على يوسف ووضعه في السجن الذي كان أسرى الملك محبوسين فيه . ولكن الرب كان مع يوسف فاستلطفه رئيس السجن وأوكل إليه أمر بقية السجناء ( التكوين 39: 1-23 ) .
سورة يوسف : (( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه، وغلقت الأبواب وقالت : هَيْتَ لك (5 ) ولقد همت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه. كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء، إنه من عبادنا المخلصين. واستَبَقا الباب وقدّت قميصه من دُبر، وألقيا سيدها لدى الباب. قالت : ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً، إلا أن يُسجن أو عذاب أليم . قال : هي راودتني عن نفسي. وشهد شاهد من أهلها : إن كان قميصه قُدَّ من دبر فكذبت وهو من الصادقين. فلما رأى قميصه قُدّ من دبر قال: إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم . يوسف أعرض عن هذا، واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين . )) ( 12 يوسف : 23-29 ) . (( ثم بدا لهم من بعدِ ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ( 6) .)) ( 12 يوسف : 35 ).
في المكان الفاصل بين الآية 29 والآية 35 هناك قصة دعوة امرأة العزيز لصديقاتها اللواتي لُمنها على ولعها بيوسف، مما كانت الشائعات تتحدث عنه، وكيف دعتهن إلى منزلها ليروا بأعينهن جمال يوسف فيعذرونها. فلتُراجع في مكانها من السورة. وهذه القصة مؤخرة عن موضعها في السياق، على عادة الأسلوب القرآني أحياناً في تقديم المؤخر وتأخير المقدم. وموضعها التسلسلي يأتي بعد عدة محاولات قامت بها امرأة العزيز مما هو مذكور في الرواية التوراتية، قفزت فوقها الرواية القرآنية ثم ألمحت إليها في هذه القصة .
5 – يوسف في السجن :
سفر التكوين : وحدت بعد هذه الأمور أن فرعون غضب على رئيس السقاة ورئيس الخبازين في قصره وأمر بحبسهما في سجن يوسف، فأوكله بهما رئيس الشرط. وحلم كلاهما في ليلة واحدة حلماً قصّاه على يوسف في الصباح. قال رئيس السقاة : رأيت كرمة فيها ثلاثة قضبان فأفرخت وطلع زهرها ثم نضجت عناقيدها، فأخذت العنب وعصرته في كأس فرعون وقدمته له. فقال له يوسف : الثلاثة القضبان هي ثلاثة أيام في ثلاثة أيام تخرج من السجن وتُرد إلى مقامك، فتسكب الخمرة للملك في كأسه كما كنت تفعل. فهلا صنعت لي إحساناً وذكرتني لفرعون فيخرجني من السجن. ثم قص عليه رئيس الخبازين حلمه قال : رأيت ثلاث سلال على رأسي، وفي السلة العليا خبز تأكل منه الطيور. فقال له يوسف: الثلاثة السلال هي ثلاثة أيام. في ثلاثة أيام يقطع فرعون رأسك ويعلقك على خشبة وتأكل الطيور من لحمك. وحدث في اليوم الثالث ما تنبأ به يوسف. ولكن رئيس السقاة نسيه ولم يذكره لفرعون مدة سنتين ( التكوين 40 : 1-22 ) .
سورة يوسف : (( ودخل معه السجن فتيان. قال أحدهما : إني أراني أعصر خمراً. وقال الآخر : إني أراني أحمل فوق رأس خبزاً تأكل الطير منه. نبئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين. قال : لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا أنبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما، ذلك مما علمني ربي... يا صاحِبَيْ السجن. أما أحدكما فيسقي ربه خمراً (7 )، وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه. قضي الأمر الذي فيه تستفتيان. وقال للذي ظن أنه ناجٍ منهما اذكرني عند ربك، فأنساه الشيطان ذكر ربه، فلبث (8 ) في السجن بضع سنين.)) ( 12 يوسف : 36 – 42 ).
6 – حلم فرعون :
سفر التكوين : وحدث بعد سنتين من الزمان أنّ فرعون رأى حلماً، وإذا هو واقف عند النهر، ومن النهر تخرج سبع بقرات حسنة المنظر وسمينة اللحم، ومن ورائها سبع بقرات أخرى قبيحة المنظر ورقيقة اللحم؛ فأكلت البقرات القبيحة المنظر والرقيقة اللحم البقرات السبع الحسنة المنظر والسمينة. ثم رأى حلماً ثانياً، وإذا سبع سنابل طالعة في ساق واحدة سمينة وحسنة، ووراءها سبع سنابل رقيقة ملفوحة بالريح الشرقية؛ فابتلعت السنابل الرقيقة السنابل السمينة الممتلئة.
دعا فرعون سحرة مصر وجميع حكمائها وسألهم تفسير حلمه، فلم يستطع ذلك منهم أحد، وهنا تذكر رئيس السقاة يوسف ومقدرته على تفسير الأحلام، فذكره أمام فرعون وقصّ عليه ما جرى له ولرئيس الخبازين في السجن . فأرسل فرعون ودعا يوسف واستفتاه في حلميه. فقال يوسف : هو حلم واحد، وقد أخبر الله فرعون بما هو صانع. البقرات السبع الحسنة، هي سبع سنين، والسنابل السبع الحسنة هي سبع سنين أيضاً. هو ذا سبع سنين قادمة يكون فيها شبع في كل أرض مصر، ثم تقوم بعدها سبع سنين جوعاً، فيُنسى كل الشبع السابق، ويتلف الجوع الأرض. ( التكوين 41 : 1-31 ).
سورة يوسف : (( وقال الملك: إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأُخر يابسات. يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تَعْبُرون (9 ). قالوا : أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين . وقال الذي نجا منهما وادّكر بعد أمُّة ( 10) : أنا أنبئكم بتأويله فأرسلونِ. يوسف أيها الصدّيق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأُخر يابسات، لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون. قال : تزرعون سبع سنين دأباً، فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون؛ ثم يأتي بعد ذلك سبعٌ شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون (11 )؛ ثم يأتي بعد ذلك عام يُغاث الناس وفيه يعصرون.)) ( 12 يوسف : 43-49 ) .
7 – يوسف وزيراً :
سفر التكوين : فحسُن الكلام في عيني فرعون فقال له : ليس حكيم وبصير مثلك. انظر، قد جعلتك على كل أرض مصر، ولا يوجد أعظم منك إلا الكرسي الذي فيه أكون . وخلع فرعون خاتمه وجعله في يد يوسف، وألبسه ثياب بوص (12 ) ووضع طوق ذهب في عنقه، وأركبه مركبته الثانية، ونادوا أمامه وركعوا. وقال فرعون ليوسف : أنا فرعون، فبدونك لا يرفع إنسان يده ولا رجله في أرض مصر.
وأثمرت الأرض في سني الشبع ، فجمع يوسف كل طعام السبع السنين التي كانت في أرض مصر، وخزن قمحاً كرمل الأرض. وابتدأت سنيُّ الجوع تأتي، ففتح مخازنه وباع للمصريين. وكان جوع في جميع البلدان المجاورة فجاء منها الناس ليشتروا قمحاً من مصر. ( سفر التكوين 41 : 37 – 57 ).
سورة يوسف : (( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي. فلما كلّمه قال : إنك اليوم لدينا مكين أمين. قال : اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم. وكذلك مكنّا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء. نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين.)) ( 12 يوسف : 54 – 56 ) .
8 – قدوم إخوة يوسف :
سفر التكوين : فلما رأى يعقوب أنه يوجد قمح في مصر، قال لبنيه : انزلوا إلى هناك واشتروا لنا لنحيا ولا نموت. فنزل عشرة من إخوة يوسف إلى مصر وتركوا مع أبيهم أصغر إخوتهم المدعو بنيامين. فأتوا ودخلوا على يوسف وسجدوا له. فعرفهم يوسف أما هم فلم يعرفوه. فتنكر لهم وتكلم معهم بجفاء قائلاً: من أين جئتم ؟ قالوا له من أرض كنعان لنشتري طعاماً. قال : بل أنتم جواسيس. فقالوا : بل عبيدك جاؤوا ليشتروا طعاماً. نحن جميعاً بنو رجل واحد في أرض كنعان، وهو ذا الصغير عند أبينا اليوم، ولنا آخر مفقود. فقال لهم يوسف : إن كنتم أُمناء فليحبس أخ واحد منكم، وانطلقوا أنتم وخذوا قمحاً لمجاعة بيوتكم، وأحضروا أخاكم الصغير إلي فيتحقق كلامكم. وكان يتحدث إليهم عن طريق مترجم فتحاوروا وهم لا يدرون أنه يفهم كلامهم. فقال بعضهم لبعض : حقاً إننا مذنبون إلى أخينا يوسف الذي استرحمنا ولم نسمع له، لذا جاءت علينا هذه الضيقة. فقال لهم راؤبين : ألم أكلمكم قائلاً لا تأثموا بالولد وأنتم لم تسمعوا؟ هو ذا دمه يُطلب. فتحول عنهم يوسف وبكى ثم رجع إليهم، وأخذ منهم شمعون وقيده أمام عيونهم، وأمر أن تُملأ أوعيتهم قمحاً بعد أن تُردّ فضة كل واحد منهم إلى كيسه قبل إغلاقه. فحملوا قمحهم عل حميرهم ومضوا من هناك. ( التكوين 42 : 1-26 ) .
سورة يوسف: (( فجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون. ولما جهزهم بجهازهم قال: ائتوني بأخ لكم من أبيكم، ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المُنزِلين(13). فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون. قالوا : سنراود عنه أباه وإنّا لفاعلون، وقال لفتيانه : اجعلوا بضاعتهم (14 ) في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون.)) ( 12 يوسف : 57-61).
9 – العودة إلى كنعان واكتشاف الفضة المُعادة :
سفر التكوين : فلما فتح أحدهم كيسه ليعطي عليقاً لحماره وهم في الخان على الطريق، رأى فضته في فم كيسه، فقال لإخوته : رُدَّت فضتي وها هي في كيسي. فطارت قلوبهم وارتعدوا قائلين : ما هذا الذي صنعه الله بنا؟ فجاؤوا إلى يعقوب أبيهم في أرض كنعان وأخبروه بكل ما أصابهم. فقال لهم يعقوب : أعدتموني الأولاد. يوسف مفقود وشمعون مفقود، وبنيامين تأخذونه؟ لا ينزل ابني معكم. ( 24 : 27-38 ) .
وحدث لما نفد القمح الذي جاؤوا به، أن أباهم قال لهم أن يرجعوا ويشتروا قمحاً أيضاً. فقال له يهوذا : إن كنت ترسل أخانا معنا ننزل ونشتري قمحاً، وإذا كنت لا ترسله لا ننزل، لأن الرجل قال لنا لا ترون وجهي بدون أن يكون أخوكم معكم. أرسل الغلام معي وأنا أضمنه، وإن لم أجئ به إليك أصبح مذنباً إليك كل الأيام. فقال لهم يعقوب : إن كان هكذا فافعلوا، ولكن خذوا الفضة المردودة وفضة أخرى في أياديكم وانطلقوا ( التكوين 43 : 1-13 ).
سورة يوسف : (( فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا : يا أبانا مُنع منا الكيل (15 )، فأرسل معنا أخانا نكتل ، وإنا له لحافظون. قال : هل آمَنُكم عليه إلا كما أمِنتكم على أخيه من قبل؟ فالله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين. ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم رُدَّت إليهم، قالوا يا أبانا ما نبغي (16 )؟ هذه بضاعتنا ردت إلينا، ونَميرُ أهلنا ( 17)، ونحفظ أخانا، ونزداد كيل بعير (18 )، ذلك كيل يسير ( 19). قال : لن أرسله معكم حتى تؤتون مَؤْثقاً من الله ( 20) لتأتُنني به إلا أن يحاط بكم (21 ). فلما آتوه موثقهم قال : الله على ما نقول وكيل. وقال : يا بَنيَّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة (22 )، وما أغنى عنكم من الله من شيء، إن الحكم إلا لله.)) ( 12 يوسف : 63-67 ).
10 – القدوم الثاني على يوسف :
سفر التكوين : فأخذ الإخوة الهدية وضعف الفضة في أيديهم، وقاموا ونزلوا إلى مصر، ووقفوا أمام يوسف، فاستدعى يوسف حاجبه وأسّرَّ إليه أن يأخذهم إلى بيته ويهيئ لهم طعاماً، لأنه سوف يتناول معهم طعام الغداء، ففعل الرجل كما قال يوسف وأدخل الإخوة إلى البيت، فتخوفوا وقال بعضهم لبعض هذا بسبب الفضة التي رجعت في أكياسنا؛ ولكن الحاجب طمأنهم وأعطاهم ماءً ليغسلوا أرجلهم لأنهم سيأكلون مع يوسف عند الظهيرة. فلما جاء يوسف إلى البيت أحضروا له الهدية وسجدوا إلى الأرض؛ فسأل عن سلامتهم وقال : أحيٌ أبوكم الشيخ الذي قلتم عنه، وسالم هو؟ فقالوا : عبدك أبانا حي وسالم. فرفع عينيه ونظر إلى بنيامين وقال : أهذا هو أخوكم الصغير الذي قلتم عنه؟ ثم خنقته العبرات، فتولى عنهم ودخل المخدع فبكى، ثم غسل وجهه وخرج وتجلد وقال : قدموا الطعام.
ولما انتهوا قال يوسف لحاجبه أن يملأ أكياس الرجال بالقمح، ويضع فضة كل واحد منهم في فم كيسه، وأعطاه طاس الفضة خاصته الذي يشرب به، وأمره أن يضعه في فم كيس بنيامين الصغير مع ثمن قمحه، فلما أضاء الصبح انصرف الإخوة. فقال يوسف لحاجبه : قم اسع وراءهم وفتش أكياسهم بحثاً عن الطاس. فلما أدركهم قال : لماذا جازيتم الخير بالشر؟ إن طاس سيدي مفقود. فقالوا له : حاشا لعبيدك أن يفعلوا مثل هذا الأمر. إن الذي يوجد معه الطاس من عبيدك يموت، ونحن أيضاً نكون عبيداً لسيدي. ففتش أكياسهم مبتدئاً بالكبير حتى انتهى إلى الصغير، فوجد الطاس في كيس بنيامين، وساقهم عائداً بهم إلى المدينة. فقال لهم يوسف : الرجل الذي وُجد الطاس في يده يكون عبداً، وأما أنتم فاصعدوا بسلام إلى أبيكم. فتقدم إليه يهوذا وقال : لقد سألنا سيدي هل لكم أب أو أخ، فقلنا لنا أب شيخ وله اين شيخوخة مات أخوه وبقي هو وحده لأمه، وأبوه يحبه؛ والآن متى جئنا إلى أبينا والغلام ليس معنا، ونفسه مرتبطة به، يكون متى رأى أن الغلام مفقود يموت؛ وقد ضمِن عبدك الغلام لأبي قائلاً إن لم أجيء به إليك أُصبح مذنباً إليك كل الأيام ؛ فالآن ليمكث عبدك عوضاً عن الغلام عبداً لسيدي، ويصعد الغلام مع إخوته . فلم يستطع يوسف أن يضبط نفسه، وأطلق صوته بالبكاء وقال : أنا يوسف أخوكم الذي بعتموه إلى مصر. والآن لا تتأسفوا على ذلك، فقد أرسلني الله قدامكم ليجعل لكم بقية في الأرض، وليصنع لكم نجاة عظيمة. والآن أسرعوا واصعدوا إلى أبي وقولوا له أن يأتي إلي هو وبنوه وبنو بنيه، لأنه يكون جوعاً في الأرض أيضاً خمس سنين. ثم وقع على عنق بنيامين وبكى، وبكى بنيامين على عنقه، وقبّل إخوته، وبكى عليهم.
فصعدوا من مصر وجاؤوا إلى أرض كنعان إلى يعقوب أبيهم وأخبروه قائلين : يوسف حي بعدُ، وهو متسلط على كل أرض مصر. فجمد قلبه لأنه لم يصدقهم. ثم كلموه بكل ما قاله يوسف لهم. وأبصر يعقوب العجلات التي أرسلها يوسف لتحمله، فعاشت روحه فقال : كفى أن ابني حي. أذهبُ وأراه قبل أن أموت. وقام يعقوب من بئر السبع، وحمل بنو إسرائيل أباهم وأولادهم في العجلات التي أرسلها فرعون لحمله ، وأخذوا مواشيهم وكل مقتنياتهم وجاؤوا إلى مصر (التكوين 43: 15-34 و 44: 1-34 و 45 : 1-28 و 46 : 1-7 )
سورة يوسف : تتابع الرواية القرآنية خيوط الحبكة القصصية ذاتها ولكن مع إضافة عنصرين غير موجودين في الرواية التوراتية، وهما رحلة إضافية يقوم بها الإخوة بين مصر وكنعان ومعهم قميص يوسف، وكشف يوسف عن هويته لأخيه بنيامين قبل أن يكشفها للآخرين :
(( ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه (23 )، قال : إني أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون، فلما جهزهم بجهازهم جعل السِقّاية ( 24) في رحل أخيه. ثم أذّن مؤذن: أيتها العير إنكم لسارقون. قالوا، وأقبلوا عليهم : ماذا تفقدون؟ قالوا : نفقد صواع الملك (25 ) ولمن جاء به حِمل بعير، وأنا به زعيم (26 ). قالوا : تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض، وما كنا سارقين. قالوا : فما جزاؤه إن كنتم كاذبين؟ قالوا : جزاؤه من وُجد في رحله فهو جزاؤه، كذلك نجزي الظالمين ( 27). فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه، ثم استخرجها من وعاء أخيه. كذلك كدنا ليوسف، ما كان له أن يأخذه في دين الملك (28 )، إلا أن يشاء الله، نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليهم. قالوا : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ( 29). فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم. قال : أنتم شر مكاناً والله أعلم بما تصفون. قالوا: يا أيها العزيز إن لنا أباً شيخاً فخذ أحدنا مكانه، إنا نراك من المحسنين. قال : معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده، إنا إذاً لظالمون. فلما استيئسوا خلصوا نجيّاً ( 30). قال كبيرهم : ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم مَوْثقاً من الله، ومن قبلُ ما فرطتم في يوسف، فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي ( 31) والله خير الحاكمين. ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق، وما شهدنا إلا بما علمنا، وما كنا للغيب حافظين. واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها، وإنا لصادقون.
(( قال (32 ) : بل سولت لكم أنفسكم أمراً، فصبر جميل عسى الله أن يأتيني به جميعاً، إنه هو العليم الحكيم.. وتولى عنهم وقال : يا أسفى على يوسف، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم. قالوا : تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حَرَضاً (33 ). أو تكون من الهالكين. قال : إنما أشكوا بَثِّي وحزني إلى الله، وأعلم من الله ما لا تعلمون. يا بَنيَّ اذهبوا تحسسوا من يوسف وأخيه، ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
(( فلما دخلوا عليه قالوا : يا أيها العزيز مسّنا وأهلنا الضُرّ، وجئنا ببضاعة مُزْجَاة( 34)، فأوف لنا الكيل وتصدق علينا، إن الله يجزي المتصدقين. قال : هل علمتم ما صنعتم بيوسف وأخيه، إذاً أنتم قوم جاهلون. قالوا : أئنك لأنت يوسف؟ قال : أنا يوسف وهذا أخي، قد منّ الله علينا، إنه من يتق الله ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. قالوا : تالله لقد آثرك علينا، وإنا كنا لخاطئين. قال : لا تثريب عليكم اليوم (35 ). يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبيكم يأت بصيراً، وآتوني بأهلكم أجمعين.
(( ولما فصلت العير (36 ) قال أبوهم : إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون (37 ) قالوا : تالله إنك لفي ضلالك القديم . فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيراً. قال : ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون. قالوا : يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين. قال : سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم.
(( فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال : ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين. ورفع أبويه على العرش وخروا له سُجداً، وقال : يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبلُ (38 ) قد جعلها ربي حقاً. وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو (39 )، بعد أن نزع الشيطان (40 ) بيني وبين إخوتي، إن ربي لطيف لما يشاء، إنه هو العليم الحكيم. )) ( 12 يوسف : 68 – 100 )
الشواهد:
1 - أي أنه تعالى طمأنه إلى نجاته ، وأخبره أنه سيأتي وقت ينبئهم فيه بما فعلوا به وهم لا يعرفونه . وهذا ما حصل في نهاية القصة .
2 - من الواضح هنا أن يعقوب لم يصدق القصة ، وشك في حقيقة ما جرى .
3 - أي أمسكوا به أسيراً واعتبروه بضاعة للبيع .
4 - وتدعوه الرواية القرآنية بالعزيز ، وهو لقب وليس باسم .
5 - قال معظم المفسرين أن تعبير ( هَيْتَ لك ) غير عربي ، وهو أقرب إلى قولنا هلم وتعال . وقرأها ابن عباس ( هئت لك ) أي هيئت لك .
6 - هنالك سببان محتملان وراء قرار العزيز حبس يوسف ، الأول أنه لم يكن متأكداً تماماً من براءته ، والثاني أنه كان متأكداً من ذلك ولكنه لم يكن راغباً في فضح زوجته .
7 - أي يسقي سيده فرعون .
8 - أي يوسف .
9 - أي إذا كنتم تعتقدون بصدق وصحة الأحلام .
10 - أي بعد مدة .
11 - أي مما تخزنون .
12 - البوص نبات من فصيلة الكتان تصنع منه الأقمشة الفاخرة .
13 - خير المنزلين : أي خير من يكرم الضيوف .
14 - بضاعتهم : أي فضتهم التي جاؤوا ليشتروا بها .
15 - أي مُنعنا من شراء القمح مرة أخرى إذا لم نأت معنا بأخينا الصغير .
16 - أي ماذا نبغي من كرم عزيز مصر أكثر من ذلك . ونلاحظ هنا أن إعادة الفضة في الرواية القرآنية كان دلالة على حسن نية يوسف ، لا على أمر يدبره ، كما هو الحال في الرواية التوراتية .
17 - أي هذه نقودنا أعيدت لنا لكي نَميرُ أهلنا ، أي نجلب لهم الميرة ( وهي المؤونة ) .
18 - أي ونأتي معنا بحمل بعير من القمح .
19 - أي إنه كيل يسير على العزيز إعطاؤه نظراً لكرمه .
20 - أي حتى تعطوني عهداً مؤكداً وتحلفوا بالله على أن تردوه .
21 - أي إلا إذا غُلبتم من قبل كثرة لا قدره لكم عليهم .
22 - ربما لشر كان يتوقعه يعقوب .
23 - أي ضم إليه أخاه الأصغر ، وأسر إليه بهويته .
24 - الطاس الذي يشرب فيه .
25 - صواع الملك أي سقايته أو طاسه .
26 - أي أنا له كفيل وضامن .
27 - أي جزاء السارق وفق شريعة الإخوة أن يدفع السارق إلى المسروق منه .
28 - أي ما كان ليأخذه وفق شريعة مصر بل وفق شريعتهم .
29 - إشارة إلى حادثة لا نعرفها .
30 - أي لما يئسوا اعتكفوا يتشاورون .
31 - أي حتى يأذن لي أبي بالرجوع وهو راض عني ، أو يُمكّنني الله من أخذ أخي .
32 - والقول هنا ليعقوب بعد أن عاد الإخوة وقصوا عليه ما جرى .
33 - حرضاً : أي سقيماً وضعيفاً .
34 - أي وجئنا بنقود قليلة . وقيل أيضاً بنقود رديئة .
35 - أي لا لوم ولا عتب عليكم اليوم .
36 - أي فارقت العير مصر .
37 - أي تسفهوني وتنسبوني إلى الخرف .
38 - أي هذا تأويل حلمي القديم عندما رأيت الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً لي ساجدين .
39 - أي من البادية .
40 - أي أفسد الشيطان .
عن موقع الأوان
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
01-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
13-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |