مُسَلْسَلْ (لَيْسَ سَرَاْبَاً) .. خُصُوْصِيّة في النّجَاح !
2008-10-05
هكذا بجرأته الضرورية في موسم الضياع الدرامي ، يطرح الكاتب: فادي قوشقجي مسلسل (ليس سراباً ) معلناً صرخة علمانية حقيقية مهمّة في لحظةِ اتجه فيها معظم الكتّاب الدراميين إلى أحياء الفلكلور التراث ، وتعاطي الدراما المدبلجة بسبب فشل معظم المحلي ، وتعددية الكوميدية السوداء ، والغياب الكلي عن تناول مشكلة قائمة و كبير ما بين العقلانية والعلمانية ، حيث عبقرية المخرج المثنى صبح في انتقاء الممثلين وخصوصية الطابع الدرامي لكل مشهد ، اشتغال مكثف على كل عبارة ترد في المشاهد ، تميز ملحوظ لنقاشات ساخنة ، تبرمج الواقع بشكل متسلسل ، وتحكي عن أهمية التعايش في المجتمع السّوري ، بين الديانتين الرئيسيتين ( الإسلام و المسيحيّة ) ، طقوس مختلفة في تجسيد الحوارات ، كأن الأحداث تتزامن مع حياتنا اليومية ، فنية عالية في توصيلة الفكرة بلا شوائب ، فكرة مباشرة مهمة لم تتناولها الدراما السورية منذ عقد كامل من الزمن .
( ليس سراباً ) نقلا ًعن أبرز همومنا ، في التعصب و التزمت الديني ، مقارنة واقعية صريحة ودقيقة بتعابير ملتزمة بوحدانية الرسالة ، مجتمع مثقف ، يعيش حقائق لا بدّ من إظهارها للعالم ، وهذا المسلسل يجسدها بامتياز ، بعيداً عن صخب المعمعات الدرامية ، ومبالغات الإخراج ( الأكشن) !!
محاور عديدة ومهمة يتناولها هذا العمل الضخم ، الدين ، التعددية السياسية ، بيئة المثقفين ، البيئة المنغلقة ، مؤامرات لإفشال أفكار الحقيقة ، مقاربات جميلة في العلاقات العلنية والسريّة مثل: الحبّ القديم ، صداقة المصلحة ، زمالة العمل ومكائد الحقد ما بين العاملين في الوسط الثقافي ، مشاكل الرقابة على الأعمال الدرامية التنويرية ..، صعوبات الدفاع عن الأحلام .. والكثير من الجوانب المهمة التي لم يتناولها أي مسلسل سوري هذا العام سوى ( ليس سرابا ً) .
مرحى لكاتب العمل ولمخرجه ، لنجومه الذين يؤدون كيان الشخصية كما لو أنها واقع مئة بالمئة ، يستحق هذا العمل برمته أن تكتب عنه كل المنابر التي تحترم الحقيقة ، وتخاف على مصلحة الوطن ، هذه الرؤية المدهشة التي تسمّى (ليس سراباً ) ، جرعة منعشة من التنوير للمثقف أولاً ولرجال الدين وللعالم أجمع .
ولو فكرنا في تحليل منطقي ، مسائلة لذاتنا عند لحظة المواجهة مع الآخرين ، سنستنتج أن المخاطب هنا هي عقولنا ، أفكارنا ، ثقافتنا ، ضميرنا ، كتاباتنا ، تأملنا الطويل في الصمت ، لماذا لا نقولها كما هي كلمتنا واصرارنا نحن بما نفعله من تطوير لحالة الأدب و المجتمع ، ووجهات نظرنا المختلفة وبعقولنا التي تصحو كل يوم على متغيرات حادة الفاعلية ، نقولها بلا توقف : عقولنا وأفكارنا وديننا ( ليس سراباً ) بالتأكيد أيها العالم ، ليس سراباً ..
عمر الشّيخ
المصدر : جريدة البناء السورية
[email protected]
08-أيار-2021
23-كانون الثاني-2021 | |
28-آذار-2020 | |
28-آذار-2020 | |
02-شباط-2019 | |
رواية «لولو» لعبير اسبر في طبعة ثانية شهية السرد بتكنيك سينمائي |
06-أيار-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |