Alef Logo
دراسات
              

موسى بين التوراة والقرآن ( 2 / 2 )

فراس الســواح

2008-10-10


– الخروج وعبور البحر :
قصة الخروج من مصر واجتياز سيناء والوصول إلى أطراف بلاد كنعان، وما تلا ذلك من الإقامة في الصحراء مدة أربعين سنة، هي قصة طويلة في التوراة، وتستغرق بقية أحداث سفر الخروج إضافة إلى سفر اللاويين وسفر العدد وسفر التثنية. وقد سلط القرآن الكريم ضوءاً على المفاصل الرئيسية لهذه القصة وتفادى الخوض في التفاصيل. ولذلك سوف نبدأ منذ الآن بإيراد القصة القرآنية أولاً، ثم ما يقابلها في القصة التوراتية .
الرواية القرآنية: (( ولقد أوحينا إلى موسى أن أسرِ بعبادي فاضرب لهم طريقاً في اليم يبساً، لا تخاف دَرَكاً (1 ) ولا تخشى. فأتْبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليمّ ما غشيهم، وأضلّ فرعون قومه وما هدى.)) ( 20 طه : 77 – 79 ) . (( فأتبعوهم مشرقين ( 2). فلمّا تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدرَكون. قال: كلا، إن معي ربي سيهدينِ. فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر، فانفلق فكان كل فِرق كالطود العظيم، وأزلفنا ثَمَّ الآخرين، وأنجينا موسى ومن معه أجمعين، ثم أغرقنا الآخرين. إن في ذلك لآية، وما كان أكثرهم بمؤمنين.)) ( 26 الشعراء : 60 – 67 ). (( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأَتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدْواً، حتى إذا أدركه الغرق قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين . الآن وقد عصيتَ قبلُ وكنت من المفسدين. فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية، وإنَّ كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون.)) (10 يونس : 90-92)
الرواية التوراتية : (( وكان لما أطلق فرعون الشعب أن الله لم يهدهم في طريق أرض الفلسطينين ( 3) مع أنها قريبة، لأن الله قال لئلا يندم الشعب إذا رأوا حرباً ويرجعوا إلى مصر. فأدار الله الشعب في طريق برية بحر سوف ( 4).)) ( الخروج 13 : 17-18). فسعى المصريون وراءهم وأدركوهم وهم نازلون عند البحر. فلما اقترب فرعون رفع بنو إسرائيل عيونهم وإذا المصريون راحلون وراءهم، ففزعوا جداً... فقال الرب لموسى: ارفع أنت عصاك ومد يدك على البحر وشُقه، فيدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة. وها أنا أُشدد قلوب المصريين حتى يدخلوا وراءهم ... ومد موسى يده على البحر، فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل، وجعل البحر يابسة وانشق الماء. فدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم، وتبعهم المصريون ودخلوا وراءهم ... فقال الرب لموسى: مد يدك على البحر ليرجع الماء على المصريين وعلى مركباتهم وفرسانهم. فمد موسى يده على البحر فرجع عند إقبال الصبح إلى حاله الدائمة وغطى جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر، لم يبق منهم ولا واحد. ( الخروج 14 ).

6 – المن والسلوى:
الرواية القرآنية : (( يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم، وواعدناكم جانب الطور الأيمن، ونزلنا عليكم المن والسلوى. كلوا من طيبات ما رزقناكم، ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي، ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى. )) ( 20 طه : 80-81).
(( وإذ قلتم: يا موسى لن نصبر على طعام واحد، فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها. قال: أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم. وضُربت عليهم الذلَّة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله. )) ( 2 البقرة 61 ).

الرواية التوراتية : (( وأتى كل جماعة بني إسرائيل إلى برية سين التي بين إيليم وسيناء. فتذمر كل جماعة بني إسرائيل في البرية على موسى وهرون، وقال لهما بنو إسرائيل: ليتنا متنا بيد الرب في أرض مصر، إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزاً للشبع. فإنكما أخرجتمانا إلى هذا القفر لكي تميتا هذا الجمهور بالجوع. فقال الرب لموسى: ها أنا أُمطر لكم خبزاً من السماء، فيخرج الشعب ويتلقطون حاجة اليوم بيومها... سمعتُ تذمر بني إسرائيل. كلمهم قائلاً: في العشية تأكلون لحماً وفي الصباح تشبعون خبزاً، وتعلمون أني أنا الرب إلهكم. فكان في المساء أن السلوى ( 5) صعدت وغطت المحلة. وفي الصباح كان سقيط الندى حول المحلة، ولما ارتفع سقيط الندى إذا على وجه البرية شيء دقيق مثل قشور كالجليد على الأرض. فقال لهم موسى: هو الخبز الذي أعطاكم الرب لتأكلوا .... وأكل بنو إسرائيل المنّ ( 6) أربعين سنة حتى جاؤوا إلى أرض عامرة، حتى جاؤوا إلى أرض كنعان. )) ( الخروج : 16 ).
وبما أن طيور السلوى المهاجرة لا تظهر إلا في مواسم معينة، فقد انقطع ظهورها وكان على بني إسرائيل أن يأكلوا من طعام واحد هو المن فقط. فعادوا للتذمر على موسى:
(( فعاد بنو إسرائيل أيضاً وبكوا وقالوا: من يطعمنا لحماً ؟ تذكرنا السمك الذي كنا نأكله في مصر مجاناً، والقثاء والبطيخ والكراث والبصل والثوم. والآن قد يبست نفوسنا. ليس شيء غير أن أعيننا إلى هذا المن ... فلما سمع موسى الشعب يبكون، وحمي غضب الرب جداً، ساء ذلك في عيني موسى فقال للرب: ... من أين لي لحم حتى أعطي جميع هذا الشعب؟ ... فقال الرب لموسى ... للشعب تقول: تقدسوا للغد فتأكلوا لحماً لأنكم بكيتم في أذني الرب قائلين من يطعمنا لحماً إنه كان لنا خير في مصر، فيعطيكم الرب لحماً فتأكلون، تأكلون لا يوماً واحداً ولا يومين ولا خمسة أيام ولا عشرة أيام ولا عشرين يوماً، بل شهراً من الزمان حتى يخرج من مناخركم ويصير لكم كراهة لأنكم رفضتم الرب الذي في وسطكم وبكيتم أمامه قائلين لماذا خرجنا من مصر ... فخرجت ريح من قِبل الرب وساقت سلوى من البحر وألقتها على المحلة نحو مسيرة يوم من هنا ومسيرة يوم من هناك.)) ( سفر العدد 11 ).
7 – تفجير الماء من الصخرة :
الرواية القرآنية : (( وإذا استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، قد علم كل أناس مشربهم. كلوا واشربوا من رزق الله، ولا تعِثوا في الأرض مفسدين. )) ( 2 البقرة : 60 ) .
الرواية التوراتية :
(( ثم جاؤوا إلى إيليم، وهناك اثنتا عشرة عين ماء وسبعون نخلة. فنزلوا هناك عند الماء.)) ( الخروج 15 : 27 ).
(( ثم ارتحل كل جماعة بني إسرائيل من برية سين ونزلوا في رفيديم. ولم يكن ماء ليشرب الشعب. فخاصم الشعب موسى وقالوا: أعطنا ماءً لنشرب. فقال لهم موسى: لماذا تخاصمونني؟ لماذا تجربون الرب؟ وعطش هناك الشعب إلى الماء، وتذمر الشعب على موسى وقالوا: لماذا أصعدتنا من مصر لتميتنا وأولادنا ومواشينا بالعطش. فصرخ موسى إلى الرب قائلاً: ماذا أفعل بهذا الشعب؟ بعد قليل برجمونني. فقال الرب لموسى: مُرَّ قدام الشعب وخذ معك من شيوخ إسرائيل ، وعصاك التي ضربت النهر خذها في يدك واذهب، ها أنا أقف أمامك هناك على الصخرة في حوريب فتضرب الصخرة فيخرج منها ماء ليشرب الشعب. ففعل موسى هكذا أمام عيون شيوخ إسرائيل.)) ( الخروج 17 : 1-6)

8 – التجلي على الجبل:
الرواية القرآنية:
(( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشرٍ، فتمّ ميقات ربه أربعين ليلة. وقال موسى لأخيه هرون: اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين. ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمة ربه، قال: ربِّ أرني أنظر إليك. قال: لن تراني، ولكن أُنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه ( 7) فسوف تراني. فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً ، وخرَّ موسى صعقاً. فلما أفاق قال: سبحانك تبتُ إليك وأنا أول المؤمنين. )) ( 7 الأعراف : 142 – 143 ) .
الرواية التوراتية:
في الرواية القرآنية عن التجلي لدينا عنصران، العنصر الأول هو طلب موسى رؤية الرب، والعنصر الثاني هو تجلي الرب على الجبل ليجعله دكاً. وهذان العنصران موجودان في الرواية التوراتية في موضعين منفصلين:
أ – طلب الرؤية :(( فقال موسى: أرني مجدك. فقال : أجيز كل جودتي قدامك، وأنادي باسم الرب قدامك، وأتراءف على من أتراءف، وأرحم من أرحم. وقال: لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش. وقال الرب: هو ذا عندي مكان، فتقف على الصخرة، ويكون متى اجتاز مجدي أني أضعك في نقرة من الصخرة واسترك بيدي حتى أجتاز، ثم أرفع يدي فتنظر ورائي وأما وجهي فلا يُرى.)) ( الخروج 33 : 18-23 ) .
ب – التجلي على الجبل : (( وفي الشهر الثالث بعد خروج بني إسرائيل من أرض مصر، في ذلك اليوم جاؤوا إلى برية سيناء مقابل الجبل.)) (الخروج 19: 1-2). (( وقال الرب لموسى: اصعد إلى الجبل وكن هناك فأعطيك لوحي الحجارة ( 8) والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم. فقام موسى ويشوع خادمه، وصعد موسى إلى جبل الله. وأما الشيوخ فقال لهم: اجلسوا لنا هنا حتى نرجع إليكم، وهو ذا هرون وحور معكم، فمن كان صاحب دعوى فليتقدم إليهما. فصعد موسى إلى الجبل وحل مجد الرب على جبل سيناء وغطاه بالسحاب مدة سبعة أيام. وفي اليوم السابع دُعي موسى من وسط السحاب. وكان منظر مجد الرب كنار آكلة أمام عيون جميع بني إسرائيل. ودخل موسى في وسط السحاب وصعد إلى الجبل. وكان موسى في الجبل أربعين نهاراً وأربعين ليلة . )) (الخروج 24 : 12-18) . (( وكان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار ، وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف كل الجبل جداً . فكان البوق يزداد اشتداداً وموسى يتكلم والله يجيبه . )) ( الخروج 19 : 8-19 ) .

9 – الرسالة :
الرواية القرآنية :

(( قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي، فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين . وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة، وتفصيلاً لكل شيء، فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوها بأحسنها ، سأوريكم دار الفاسقين ( 9) ، سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير حق ، وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها.)) ( 7 الأعراف : 144 – 146 ) .
الرواية التوراتية :
على قمة جبل سيناء الذي كان يدخن ويرتجف لأن الله نزل عليه بالنار (الخروج 19 ) . يتلقى موسى من ربه الوصايا العشر : لا تكن لك آلهة أخرى أمامي، أكرم أباك وأمك، لا تقتل، لا تسرق ... الخ ( الخروج 20) . وبعد ذلك يأخذ الرب بتفصيل الأحكام الشرعية ( الخروج : 21 – 31 ) . وفي النهاية يعطي الرب موسى لوحين من حجر نُقشت عليهما وصيته وشريعته : (( ثم أعطى موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء لوحي الشهادة ، لوحي حجر مكتوبين بإصبع الله . )) ( الخروج 31 : 18 ) .

10 – العجل :
الرواية القرآنية :
عندما صعد موسى لميقات ربه أربعين يوماً وتأخر في النزول من الجبل ، صنع قومه لأنفسهم من حليِّهم الذهبية صورة للإله على هيئة عجل وتعبدوا له . ويبدو أنه كان مجوفاً ، فإذا عبرته الربح صدر عنه ما يشبه الخوار :
(( واتخذ قوم موسى من بعده من حليِّهم عجلاً جسداً له خوار ؛ ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهيدهم سبيلاً ؟ اتخذوه وكانوا ظالمين . ولما سُقط في أيديهم ورأوا أنهم ضلوا ، قالوا : لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين . ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسِفاً قال : بئسما خلفتموني من بعدي ، أعجلتم أمر ربكم ؟ وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه . قال ( هرون ) : يا ابن أمَّ ( ) إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ، فلا تُشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين . قال : ربِ اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين ... ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين لربهم يرهبون . )) ( 7 الأعراف : 148 – 154 ) .
وفي سورة طه ترد قصة العجل مرة أخرى ، ولكن مع إدخال عنصر " السامري " وهو رجل غامض لا يعطينا النص أي تفصيلات عنه ، كان بين قوم موسى ، وهو الذي صنع لهم العجل . وتنتهي القصة بإحراق العجل وطحنه ونثر رماده وفتاته على الماء ، حيث نقرأ : (( وانظر إلى إلهك الذي ظلْتَ عليه عاكفاً، لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفاً . )) ( 20 طه : 85-97 ) . كما نفهم من إشارة مختصرة إلى العجل في سورة البقرة أن موسى قد سقى عبدة العجل الماء الممزوج برماد وفتات التمثال الذي تم حرقه وطحنه : (( ولقد جاءكم موسى بالبينات، ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون. وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور، خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا . قالوا سمعنا وعصينا. وأُشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم. قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين . )) ( 2 البقرة : 92 – 93 ) . ومن إشارة أخرى في سورة البقرة أيضاً، نفهم أن العقاب الذي فرضه موسى على قومه هو أن يقتل البريء منهم المذنب: (( وإذ قال موسى لقومه : يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل، فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسهم ( 10) ذلكم خير لكم عند بارئكم، فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم.)) ( 2 البقرة : 54 ) .
الرواية التوراتية :
(( ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل، اجتمع الشعب على هرون وقالوا له قم اصنع آلهة تسير أمامنا، لأن هذا موسى، الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر، لا ندري ماذا أصابه . فقال لهم هرون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها . فأخذ ذلك من أيديهم وصوَّره بالإزميل وصنعه عجلاً مسبوكاً . فقالوا : هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر ( 11). فلما نظر هرون بنى مذبحاً أمامه، ونادى هرون وقال : غداً عيد للرب.
(( فقال الرب لموسى : اذهب اِنزل هناك لأنه قد فسد شعبك الذي أصعدته من أرض مصر، زاغوا سريعاً عن الطريق الذي أوصيتهم به، صنعوا عجلاً مسبوكاً وسجدوا له وذبحوا له ... فانصرف موسى ونزل من الجبل ولوحا الشهادة في يده، لوحان مكتوبان على جانبيهما هما صنعة الله والكتابة كتابة الله ... وكان عندما اقترب إلى المحلة أنه أبصر العجل والرقص . فحمي غضب موسى وطرح اللوحين من يده وكسرهما في أسفل الجبل، ثم أخذ العجل وأحرقه بالنار حتى صار ناعماً، وذراه على وجه الماء وسقى بني إسرائيل .
(( وقال موسى لهرون : ماذا صنع بك هذا الشعب حتى جلبت عليه خطيئة عظمية ؟ فقال هرون : لا يحمُ غضب سيدي . أنت تعرف الشعب أنه في شر . فقالوا لي : اصنع لنا آلهة تسير أمامنا لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من مصر لا نعرف ماذا أصابه . فقلت لهم من له ذهب فلينزعه ويعطيني، فطرحته في النار فخرج هذا العجل ... فوقف موسى في باب المحلة وقال : من للرب فإليَّ. فاجتمع إليه جميع بني لاوي، فقال لهم : هكذا قال الرب إله إسرائيل : ضعوا كل واحد سيفه على فخده ومروا وارجعوا من باب إلى باب في المحلة، واقتلوا كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه وكل واحد قريبه . ففعل بنو لاوي بحسب قول موسى . ووقع من الشعب في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل .)) ( الخروج 32 : 1-28 ) .

11 – الميقات مع السبعين :
الرواية القرآنية : (( واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا .فلما أخذتهم الرجفة( ) قال : ربِ لو شئت أهلكتهم من قبلُ وإياي. أتهلكنا بما فعل السفهاء منا؟ إن هي إلا فتنتك التي تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء . أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين . )) ( 7 الأعراف : 155 ) .
الرواية التوراتية :
(( وقال لموسى : اصعد إلى الرب أنت وهرون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل واسجدوا من بعيد . ويقترب موسى وحده إلى الرب وهم لا يقتربون ، وأما الشعب فلا يصعد معه ... ثم صعد موسى وهرون ونادب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل ، ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعةٍ من العقيق الأزرق الشفاف ، وكذات السماء في النقاوة . )) ( الخروج 24 : 1-11) .
ونلاحظ هنا الفارق الكبير بين الروايتين . فقد صعد السبعون مع موسى في الرواية التوراتية " ورأوا إله إسرائيل " وهذا ما يتناقض مع قول يهوه لموسى بأن الإنسان لا يراه ويعيش ( راجع فقرة التجلي على الجبل ) . أما في الرواية القرآنية فيبدو أن السبعين قد طلبوا من موسى أن يريهم ربهم ، فأخذتهم الزلزلة وماتوا . وقد جرت الإشارة إلى هذه الحادثة في سورة البقرة : ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى وجه الله جهرة ، فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون . )) ( 2 البقرة : 55 ) .

12 – التيه :
الرواية القرآنية :

(( وإذ قال موسى لقومه : يا قومِ اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم ما لم يؤتِ أحداً من العالمين . يا قومِ ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدّوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ، قالوا : يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنّا لن ندخلها حتى يخرجوا منها ، فإن يخرجوا منها فإنّا داخلون . قال رجلان من الذين يخافون ، أنعم الله عليهما : ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ، وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين . قالوا : يا موسى إنّا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها ، فاذهب أنت وربك فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون . قال: ربِ إني لا أملك إلا نفسي وأخي ، فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين . قال : فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض ، فلا تأس على القوم الفاسقين.)) ( 5 المائدة : 20-25 ) .
الرواية التوراتية :
(( ونزلوا في برية فاران ( ) . ثم كلم الرب موسى قائلاً : أرسل رجالاً ليتجسسوا أرض كنعان التي أنا معطيها لبني إسرائيل ... فأرسلهم موسى وقال لهم: انظروا الأرض ما هي ، والشعب الساكن فيها أقوي أم ضعيف ، قليل أم كثير ... فصعدوا إلى الجنوب ( ) ، وأتوا إلى حبرون ( ) ، وأتوا إلى وادي أشكول ، وقطفوا من هناك زرجونة بعنقود واحد من العنب ، وحملوه بين اثنين مع شيء من الرمان والتين . فساروا وأتوا إلى موسى وهرون وكل جماعة إسرائيل ، وأروهم ثمر الأرض وأخبروه وقالوا : قد ذهبنا إلى الأرض التي أرسلتنا إليها ، وحقاً إنها تفيض لبناً وعسلاً وهذا ثمرها . غير أن الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن حصينة عظيمة جداً ... لكن كالب ( ) أنصت الشعب إلى موسى وقال : إننا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها . وأما الرجال الذين صعدوا معه فقالوا : لا نقدر أن نصعد إلى الشعب لأنهم أشد منا . فأشاعوا مذمة الأرض التي تجسسوها في بني إسرائيل ...
(( فرفعت كل الجماعة صوتها وصرخت ، وبكى الشعب في تلك الليلة ، وتذمر على موسى وهرون جميع بني إسرائيل ، وقال لهما كل الجماعة : ليتنا متنا في أرض مصر أو ليتنا متنا في هذا القفر . ولماذا أتى بنا الرب إلى هذه الأرض لنسقط بالسيف ، تصير نساؤنا وأطفالنا غيمة . أليس خيراً لنا أن نرجع مصر؟ ... فكلم الرب موسى وهرون قائلاً : حتى متى أغفر لهذه الجماعة الشريرة المتذمرة عليَّ . قل لهم : حي هو أنا يقول الرب . لأفعلن بكم كما تكلمتم في أذني . في هذا القفر تسقط جثثكم من ابن عشرين سنة فصاعداً ، الذين تذمروا عليَّ . لن تدخلوا الأرض التي رفعتُ يدي لأسكنكم فيها ، عدا كالب بن يفنة ويشوع بن نون . وأما أطفالكم الذي قلتم يكونون غنيمة ، فإني سأدخلهم الأرض التي احتقرتموها. فجثثكم تسقط في هذا القفر ، وبنوكم يكونون رعاة في القفر أربعين سنة . )) ( العدد 13 : 1-33 و 14 : 1-34 ) .
عن موقع الأوان


























تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

دراسات في علم الأديان المقارن: تاريخ المصحف الشريف

22-أيار-2021

هل كان موسى مصرياً

08-أيار-2021

هل كان موسى مصرياً

01-أيار-2021

الديانة الزرادشتية وميلاد الشيطان

24-نيسان-2021

في رمزية حجر الكعبة الأسود

13-شباط-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow