مسرحية من فصل واحد / أنا وهو والكلب
2009-02-10
"محاولة في لملمة ما تبعثر"
"إلى ذئبة استكلبوها .. مع ذلك انها ذئبة "
ما قبل الخشبة
ليس بوسعنا أن نقول إن هذا لم يحدث ..
كل مافي الأمر أن ما حدث كان قد حدث ، حين مارست البشرية بهجة أن لاترى ولاتسمع، ولأنه حدث، جئنا للمسرح، ففي هذا الحيّز المعتم من الكرة الأرضية، بوسعنا أن نرى مالا نراه حين تكون أضواء المنازل مبهرة، أو حين تكون الأرصفة مبهرة، أو حين تأخذ القمامة شكلاً مبهراً .
- ما الذي يختلف إذن ؟
إن الاختلاف يبقى في الممكن والمحتمل، فمن المحتمل جدا أن نستطيع التقاط الصراخ الذي تطلقه مراوح السقف، لكن الممكن مازال أن نستبدل اللعبة، أو نحدث شيئا جديدا فيها، ولكن إذا ما فعلنا ذلك فإننا سندخل لعبة ممتعة خاصة وأننا كثيرا ما واجهنا ممانعة هائلة في اللعب، وهذا ما سيدفعنا لكي نسأل :
- لماذا نحرم من اللعب ؟
لأن اللعب يعني إعادة توزيع أثاث حياتنا.. توزيعه على نحو آخر .. على نحو مختلف 00
وحين نفعل ذلك فإننا سنعيد توزيع الأفكار المتصلة بها ، فبين المقعد اللعبة ، والمقعد الممنوع من اللعب، مسافة شاسعة قد تكون كفيلة بكم صراخنا لنقبل مالا نقبله، وهنا يتدخل المسرح .
- من كان بوسعه أن يتحرك على حافة مقعد كاليغولا مثلا ؟
- من كان يدرك بأصابعه نوع الخشب الذي يحمل يوليوس قيصر ؟
- من كان يستطيع أن يلامس الملابس الداخلية للملك لير ، ذاك المخدوع بالملك والمملكة والنسل والعزلة باعتبارها الضجيج الإلهي الذي يرفع شأن المملكة والملك ؟
لقد كان على ممثل يتحمل إذلالات الصباح، أن يرتدي في ليل المسرح رداء الملك، وكان عليه أن يصدق بأنه ملك، ولو لم يكن الأمر كذلك لأسدلت الستارة ووقف قاطع التذاكر عن العمل، وخرج مشاهدو المسرحية من مقاعدهم ليهتفوا بسقوط المملكة والملك .
إن هذا لو حصل فان الملك الممثل سيعود ثانية إلى رصيف الصباح، حتى ولو الليل انتصف .
لذا نلجأ لنمسرح ما حدث .
ومن الضرورة في حال كهذه ( لا بل من الفضيلة ) أن نعطي للأحداث أسماء أخرى، وللأشخاص أسماء أخرى، ونكثف بعد ذلك أعمارا طويلة في جملة أو إشارة، أو حدث لم يحدث فعلا، وهنا تأخذ البشرية طريقا آخر نحو الحلم، لتعيد توزيع القلب، والعين، والأذن أيضا ، وعند هذا قد تسمع مالم تكن قد سمعته , وترى مالا يمكن فيما مضى أن يرى، وأن مارس الرغبة بقلب آخر، ليس ذاك القلب الذي كان يتجول ما قبل دخول المسرح
- ثمة مغامرة أولى هنا، ومغامرة ثانية أيضا .
في الأولى نعيد رسم الدم والأحذية وهدهدات الموت على شكل لغة
وفي الثانية نخلع أنفسنا لندخلها فيما ندخل اللعبة
وكلما أمعنا في اللعب أكثر، فمتوالية المغامرة تأخذ طريقها إلينا، لتصبح المغامرة خصيبة وشهوانية وتأخذ ما ليس من حقها، ليكون حقا لنا :
- وهذا على ما يبدو هو المبرر الفعلي لظهور الكتابة أو الأدب ، منذ سقوط آدم عن الشجرة ( أو صعوده فوقها) وصولا إلى أن بتنا نتكلم لغة سكان هذا الكوكب الذين لا يعرفون كيف يتدبرون أمورهم .
- لماذا نعقّد المسألة ؟
في المسرحية حكاية قتل، هل من واجبنا أن نضع تعليمات صارمة لكمية الجرعات التي على المخرج أن يبتلعها ليقنعنا بأن القتل قد تحقق، فيما الرصاص ينهمر على بوابة فمنا ؟
جنرال هذه المسرحية لن يتدخل في مصيره ، ولن أتدخل أنا أيضا .. كل مافي الأمر أن الأوراق البيضاء التي اضطجعت على الطاولة ووجها للحائط والمصباح مطفأ،قد رسمت مصير رجل رسم مصائر بشر آخرين، بينما كانت زوجته نائمة، ووقع الأحذية العسكرية وقعقعة السلاح تملأ رأسه، وفي لحظة كما لو ليس هو ، دخل الأرجوحة ونثر الحكاية كلها بينما الزوجة تبكي بصمت وهي تهز أرجوحته .
- هل كان عليه أن يتحدث بصوت ناعس مثلا ؟ا
- لقد قال لها أشياء كثيرة، أشياء عن الموت والولادة، وعن المصادفة الفظيعة التي جعلته قطعة نقدية بطل تداولها، ثم عن تلك اللاجدوى في أن يثبت لله بأنه رجل طيب .
لأول مرة كنت أسير مع رجل يأخذني لأتطهر به، وكان ككائن يتقن ترويض معترفي كنيسته :
- وهنا أتساءل :
- أين المسافة بيني وبينه ؟ وهو سؤال قد يطرح على قارئ المسرحية أو مشاهدها ولو بصيغة أخرى :
- أهو أنت ؟ أهي أنت ؟
ولكي نشفق على أنفسنا غالبا ما نستنكر أن في الرجل ما يشبهنا، ثم نجلس ونشرع في البحث عما لا يشبهنا، بعد أن نتصفح سجلانا بأيدينا المرتعدة .
هكذا نبدأ الكذب، بعد أن نعجز عن القفز فوق أسوار حديدنا، وكلما فعلنا ذلك فالأكيد أننا نطوق بأسوار الحديد حقائقنا، وهكذا تكون اللعبة :
نقفز هناك، لنطوق هنا .
وما أعتقده هو أن اللعبة لابد أن تكون معكوسة كي نلتقط المعنى، وما أعتقده أيضا أنه كان علينا استخدام : يجب، ينبغي،يتحتم .. وغيرها من رموز القسر عوضا عن لابد كي نصل إلى ما يسوقنا لممارسة اللعبة .
بعد هذا، ماذا لو تدخلنا في عمل الممثل والمخرج كي نمارس الادعاء، بأننا ذوو شأن في إعادة هيكلة الكلام الذي لن يكون ذا نفع إن لم يتحرك فوق الخشبة ؟
ستكون السيدة في هذه المسرحية، بعيدة عن نظرات الرجال المشتهية، وسيكون فوق احتمالها أن لاتكون عيناها عينا امرأة مستطلعة، وحين يصل التوتر فيها إلى الذروة، لابد وأن تكون سيدة مترجية .
السيدة هنا، لا تفتقر بأي حال لأن تكون حاضنة السؤال الأنثوي الذي طالما يتسلل من تحت شحوب وجهها ولذا فمن الطبيعي أن تخلع عن الأنوثة كل ما علق بها من ماكياجات فاقعة، أو إكسسوارات تفقد بمعناها الصغير كل ذلك المعنى الذي يمكن أن تحمله امرأة .
لنقل أن
08-أيار-2021
05-تشرين الأول-2019 | |
14-تشرين الأول-2017 | |
09-أيلول-2017 | |
13-حزيران-2010 | |
30-أيار-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |