رفيق فهد .. كيف حال الآخرة
ليس ثمة من سبب واحد يعيق الانسان من غسل أفكاره تماما كما غسل قدميه.. من تقليمها تماما كما تقليم أظافر قدميه أيضا، ولاحظوا أننا نركز على الأقدام، بوصفها أول واسطة نقل في التاريخ، وموضوعنا مرتبط بالحركة.
هذا الكلام مدفوع بأسباب، ومن الاسباب نموذجين انسانيين، اولهما وكان اسمه (الرفيق) فهد، وهو رجل عاش الحركة الشيوعية منذ انطلاق اول صورة للروح القدس ف . ا . لينين، والثانية هو نموذج لمن عاشها أيضا ولم يزل.
الرفيق فهد كما يحلو لنا ، وكنا صغارا تائهين في مكسيم غوركي، انهى شيوعيته بالضربة القاضية، ذاهبا الى الدين (ربما لحسن الخاتمة)، والرجل الذي أنهى حياته متعبدا، وصل الصومعة ماقبل وصول غورباتشيف الى الكرملين.. وصلها حين تيقن من ان الرفاق دينيين محكومون للنص المقدس بفارق أن لا اله.. أما الدينيون الاخرون فمحكومون للنص المقدس مع وجود اله.
- حين يكون الله، يكون المقدس متخيلا.. حين يكون المقدس بلا الله، يتحول الى صخرة وربما وثن، وفي المساحة مابين الحالتين تحرك الرفيق فهد فختمها بصحبة الله.
الرفيق الثاني ومازال على قناعاته ، باعتباره رجل مبادئ، وصل الى دمشق قادما من برلين بعد 20 سنة اغتراب.. وفي اول اطلالاته، كاد أن يؤكد لنتاكد بأن ناظم حكمت، أعلى شأنا من مالارميه، وان مكسيم غوركي يتجاوز يوربيدس، فيما حمل الرجل منجله ومطرقته ملوحا للبورجوازيين الصغار بأنهم حثالة التاريخ..
التاريخ وقد صاغ نفسه على هيئة ضريح ممدد في الكرملين، متنقلا بعدها من متحف الى متحف حتى بات فرجة.. فرجة لاشك بأنها تقلل من حجم الكائن البشري الذي يتساوى مع الكلب في لحظة الموت.
- نعم يتساوى، فكل الاموات زملاء، وكلهم في مرتبة واحدة، ولن تضيف اكفان الحرير قيمة على اكفان التراب.
خلاصتها.. كل الحوار يدور حول المبادئ، وكلها تقدس المبادئ، وكل المبادئ تنتهي بوصفها لاتحول ولاتزول ولا تدركها العقول، وحين يكون الاختيار مابين خيانة المبادئ أم هجر الحياة، فلتعش جلالة المبادئ.
هذا الكلام لايخص الشيوعية والشيوعيين، هذا الكلام يمشي على كل سكك مقدسي النصوص:
- دينيون.. ملحدون.. ضيقي أفق.. قوادون أيضا.
هذا هو الحال وتعالوا في جولة الى برلين.. الى أي من حدائقها لنطالع معا:
- تماثيل لكارل ماركس.. تماثيل لفرويد.. تماثيل لهيغل.. لفيورباخ.. لنيتشه.. لروزا لوكسمبورغ.. لويلهام رايش.. ومن ثم لمجموع دببة، هي الرمز الالماني الذي لم يسقط بسقوط الرايخ الثالث..
كل هؤلاء يغيبون ، ويأتي بعد 20 عاما حاملا قصيدة لناظم حكمت.. قصيدة وصفها بدر شاكر السياب ذات يوم بالساذجة.. قصيدة تحكي عن اطفال هيروشيما.. عن لعبة دمرتها القنبلة الذرية.
مشكلة اذا ماتوقف الوقت..
تصوروا حين ينزل الوقت من القطار ليمشي بيننا.. ليتسكع فوق أكتافنا.. لنحمله بأيدينا ويحملنا فوق منقاره ويطير بنا.. ليدعونا للعيش معه.
نعيشه مساكنة .. زواج متعة.. لحظة من الزنى ان شئتم.
هو الوقت.. وحده يرفض الزواج الكاثوليكي، حين يكون ذلك نقتله ويقتلنا.
رفيق فهد.. كيف حال الآخرة؟
ليتك تلتقي أبو النواس ليقرأ لك:
- هات الكأس واسكر.. وطيّز للزمان اذا تكبر
لنا عضو تهيم به الغواني.. اذا ماقام تحسبه الغضنفر
أردنا أن ننيك به الليالي.. فناكتنا وكان عضو الدهر أكبر
-ملاحظة : ليس المقصود بالغضفر هنا الممثل السوري الشهير صباح عبيد النقيب السابق للفنانين السوريين.
××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.ألف