أنهم عائدون من بعد الضياع
يحملون أرض الأسى .. وزفير تراب الطرقات
أنهم عائدون كالتتار من فضاء الجنائز
عائمون بتعاويذ الموت
يتنفسون أشواك القهر
من ضمير الأحياء
أنهم أطفال الحبو بالبيد ..

صغار الفقد الضنين

من أرض المغول
من لحم قيصر
من جبال التل والزعتر
من نخيل بغداد الأخضر
من بحر غزة الأحمر
من حبق العنقاء
من أثار مقصلة حمراء
ومن فوضى تباريح نار القيامة
عالقون كثوب الخطيئة بقافلة الغرباء
بمسامير الأرض وصوان الصحراء
لم يتأخرون عن الموت
ساجدون تحت غيوم الحزن
وأمام جماجم أباطرة الليل
أيها الأموات تحت شقائق النعمان
أجسادكم منديل بيضاء تحت هجع التراب
رابضة فوق سقف الأنين
ينقصني الحياء لأحدق بأسمائكم
ينقصني رأس لأعانق ليلكَ وجوهكم
ينقصني جنون لأتشبث بالصحو المفقود
لكن قلبي المشوه ..
تشرنق بحانات العازفين
بأفاق الجائعين منكم
هذه رعشة الحريق
لقمر واحد ..وألألأف الجثث
لمضارب أوتادها سيوف
لعظام عصافير ممرغة بالدم
وجماجم خيول عاديات بالبرق
يا شجر الجفاف الصامت بأضرحة اليتم
أنكم عائدون
من فوق خبابا الرصاص
من غابات الزيتون المقدس
من فوق شظايا الأرق المحاصر
لا تموت الكلمات بعيون طفل الثأر
كن جناحي أيها القمر
لأتهجد بالليل وأرفع صلاتي بين أضلاعي
وانحني لأقبل قميص الشهيد بفم النجيع
أرفع رماد الحروب من أشلاء بابل القديمة
وانكفئ بصلاتي أمام باب دجلة
أناغي نخل الله بعيون القصيدة
أنهضي يا أرض الرافدين ..
من خلف مهرجان الرثاء ..
هنا أسراب العابرين
ترتج الأرض لعبورهم

****
سترتفع نحوي ..
وستبقى فوق ما تشاء مجرةً تنير طريق الفاتحين
لم تموت فالخيول التي تصهل بالرفض تشيّع القتيل
أسند الروح بعظم الشهيد ..
ألف بركان أنت خرج من صحراء التعاويذ
تجس نبض القناديل بصمت عينيك
ليكن وجهك شراعا لنوافذ الحالمين
يبارك للنرجس آيته الأبدية وتغادر

عائشة الحطاب الأردن‏