نقـد العقــل الخالــص
2009-03-24
.. هنالك افكار ومشكلات يتعرض لها كل انسان في كل يوم ويحـاول ان يحدد موقفه منها ، ويحاول ايضا قدر المستطاع ان يعالجها بامـثلة مستقاة من الحياة اليومية التي يحياها مع الجميع، وذلك بالقاء نظرة على مضمون وفحوى للأفكار الاساسية في الأخلاق والذي صاغه الفيلسوف الالماني امانويل كانط بقسوة وصرامة شديدتين في كتابه الذائع الصيت
نقد العقل الخالص _ والتي مهده للطريق النقدي الذي شغل الفلسفة الحديثة الى يومنا هذا. حيث يؤكد بان ما يميزالعقل الفلسفي على انه يدرك الكلي المجرد ، بينما العقل المشترك بين الناس بانه يدرك الواقع الجزئي المبطن . كلنا نعلم ان هناك نوعين من المعارف تلك التي نستمدها من التجربة فهي لهذا السبب معارف عرضية جزئية تحتمل التعدد والاستثناء ، وتلك التي تنبع من العقل فهى لهذا السبب معارف ضرورية مطلقة شاملة.
من هذه الاخيرة نذكر معرفتنا بالامرالاخلاقي الذي يصلح لكل انسان في كل زمان ومكان ، لانه قانون عقلي مطلق ، يصدر اوامره عن العقل مستقلا عن كل تجربة ، لذا نحن نعيش باشخاصنا في عالمين مختلفين ، فنحن باحساساتنا ودوافعنا وميولنا ننتمي الى العالم الحسي ونخضع للقوانين الطبيعية التي تتحكم فيه ،ونحن بعقولنا وحدها اعضاء في العالـم المعقول، مواطنون في مملكة نبيلة ونيرة ، واذا تعمقنا في هذه الازدواجية التي يتميز بها وجودنا وذلك بتصورنا الانسان لطبيعـته من حيث هو كائن عاقل ، فالعاقل بالنسبة لهذا الكائن تجمع في شخصه عالم الطبيعة وعالم العقل
فهناك العالم الحسي الذي ننتمي اليه باعتبارنا كائنات حسية تحددها القوانين الطبيعية كما تحدد الاشياء والظواهر من حولنا وهناك من ناحية اخرى العالم المعقول الذي ننتمي اليه كذلك . ولكننا نقوم بتجديد انفسنا ونشرع قوانين افعالنا ونعتبر احرارا بمقدار خضوعنا لهذه القوانين ـ فليست الحرية إلا هذا الخضوع الارادي للقوانين ، والانسان الحر بقدر مايخضع للقانون الذي يضعه هو نفسه لنفسه ، لذا اصبح من الواجب ان يتصور الكائن العاقل بوصفه الغاية في ذاته فلا يمكن ان يكون مجرد وسيلة او اداة في خدمة قانون يفرض عليه من الخارج، فاذن ينبغي اعتباره مصدر القانون الذي يصنعه ويخضع له ، ويلخص بان الحرية هي اطاعة القانون الذي يفرضه الانسان على نفسه، فالارادة الحرة والارادة الخاضعة لقوانين اخلاقية شيء واحد بالذات
وان الحرية لا يمكن ان تتمثل للعيان تمثل العالم المحسوس له ، وهذا هو السبب الذي لا نستطيع من اجله ان نصل الى كنهها وطبيعتها عن طريق المعرفــة النظرية ، وشانها في ذلك شان وجود الله ، خلود النفس ، كلية العالم التي لا يقابلها جميعا موضوع تجريبي او عيان حسي ، ولا تقع في اطار الزمان والمكان وهما الشرط الاول لكل معرفة ممكنة ، فنحن لانستطيع بالعقل النظري ان نعرف طبيعتها شيئا ، وان وجب علينا مع ذلك الا ننكر وجودها ، بلنفترضها كافكار تنظيمية للتجربة ومن ثم كان العقل العملي بكل ما عجز عنه العقل النظري ، وكانت بذلك الاولوية فيه ، فالخلاصة القول في هذه الفلسفة التنويرية /بان ان الانسان هو الغاية الاخيرة للخليقة وذلك من حيث ان حريته يتطابقها مع القانون العملي غيرالمشروط ترمي الى تحقيق الخير الاسمى في الطبيعة اي الى تحقيق التوافق التام بين الفضيلة والسعادة، ولا يصح اذاً ان نسال عن الغاية التي يحيا من اجلها الانسان، فاخلاقيته هي الهدف الأعلى من وجوده ،وهي التي تعطيه الحق في ان يجعل غايات سائر غايات الطبيعة خاضعة له...وعندما مات كانط نقشوا على قبره بحروف من ذهب هذه العبارة الشهيرة في ختام نقد العقل الخالص...شيئان يملاءن الوجدان باعجاب واجلال تتجددان وتزدادان على الدوام كلما امعن الفكر التامل فيهما...السماء ذات النجوم من فوقي ،والقانون الأخــلاقي في صــدري......
والى الملتقى
08-أيار-2021
04-حزيران-2009 | |
16-أيار-2009 | |
29-آذار-2009 | |
24-آذار-2009 | |
18-آذار-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |