حزام النار
2009-06-27
إنها آلام مريعة، تزنر الجهة اليسرى من جسمه، يده ثقيلة، وبالكاد يحركها، وعندما يتعرض جسده إلى تيار من هواء المكيف يشعر أن أعصاب يده ترن من الألم وتكاد أن تصدر أصواتا، الألم يكاد يسلخ جلده عن جسده، في الليل يوقظه الألم عدة مرات ولا يعرف أين يضع يده اليسرى، أيضعها إلى جانبه فهي ثقيلة وكأنه يحمل صخرة كبيرة، كان يتجنب أن تلمس يده جسد زوجته التي تنام إلى جانبه، حتى لا يفزعها أو يوقظها فيتبادر إليها أنه راغب فيها في تلك اللحظات الموجعة فهي لا تعرف عن آلامه شيئا.
لا يزال يتذكر ثوب الأفعى الذي وجده عندما كان جنديا قريبا من الحدود التركية على نهر الخابور، هل كانت تلك الأفعى تعاني ما يعانيه وهي تجدد جلدها، كان الشتاء هناك باردا جدا وأحيانا كانت تثلج فيكسو الوفر الثلجي الأرض بحلة بيضاء، ولكن ذلك قد يستمر عدة أيام و سرعان ما ينزع الفضاء جلده المكفهر فيبدو أكثر شبابا ولمعانا عندما تشرق الشمس ثانية، عندما أخذ الجلد معه إلى قاعة الجنود اندهشوا من حجمه الكبير رغم التهرؤ الذي أصابه واستمروا يحملقون فيه ويتناقلوه بأيديهم، وظلوا مستمتعين لفترة طويلة بهذا الجلد وكأنهم يراقبون أفعى حقيقية وفريدة.
عندما أخبر أصدقائه بما يحس، أجمعوا على أن ما يعانيه ليس سوى تشنج عادي ويحصل عادة نتيجة استخدام الكومبيوتر، فاستخدام اليدين المستمر وكثرة الضرب على لوحة المفاتيح تتعبهما، إلا أن طبيب العظام الذي ذهب لمراجعته في المركز الصحي قال له إن هذا الألم ليس سوى تشنجات حدثت لأنه قد يكون قد تعرق وتعرض لهواء بارد أو تيار شديد منه، وبالطبع كان يصدق ما يقوله الأطباء بسرعة ويأخذه مأخذ الجد، لذا فقد أكد للطبيب أن ما حصل إليه كان مباشرة بعد رجوعه من جولته اليومية في مساء أحد الأيام قرب حديقة المشرف القريبة من سكنه في أبو ظبي.
ولكنه ونتيجة لقسوة الآلام كان يتساءل مع نفسه:- إذا كان ما يعاني منه محض تشنجات إذن ما هذه النار التي تكاد تذيب عظامه والتي تشبه آلام الحرق، كان يحس بأن هنالك سيخا حاميا يكويه أو كأن ماء مغليا قد سقط على جسمه، ثم ما هذه البقع الحمراء التي بدأت تظهر على صدره التي سرعان ما كبرت وتحولت إلى دمامل وأخذت تمتلئ بالماء، وهنا تذكر ما كان يظهر على شفتيه عندما تداهمه الحمى فتساءل: هل هذه لطمة حمى أم ماذا؟، فشكلها مقارب لشكل ما بدا يظهر في الجانب الأيسر من جسده.
كانت الموسيقى تصم أذنيه إذ أنها بدت عالية جدا أو هذا ما أحس به، كما أن الفرقة الموسيقية التي كانت تعزف حسب ما كان يراه فلبينية ويتكلمون بلغة إنكليزية مفهومة بالنسبة إليه، كان المكان مزدحما بالرجال والنساء من مختلف الجنسيات، عندما جلس في الزاوية المظلمة، شعر بالراحة، الزاوية مصنوعة من الخشب السميك وتقع قرب باحة الرقص كان التصميم الداخلي للمرقص يحتوي على زوايا وأقواس، كما أن الزاوية التي جلس عندها كانت متكونة نتيجة تلاقي جدارين خشبيين يرتفعان بصورة عمودية من أرضية المرقص إلى سقفه وفي السقف الثانوي كانت هنالك مجموعة من الأضواء الخافتة التي تنطفئ وتشتعل وبالرغم من وجود البروجكتورات الصغيرة إلا أنها كانت مطفأة، كان قد خمن أن عرض الجدار الخشبي الذي على يمينه لا يقل عن متر وعشرين سنتمترا وهو نفس عرض الجدار الخشبي الذي على يساره، وعلى ارتفاع متر ونصف تقوم بطريقة أفقية وبعرض ثلاثين سنتمترا قاعدة خشبية لوضع الأقداح وقناني المشروبات ومنافض السكائر ، وبين الحين والحين كان يتقدم إلى أمام و ينظر إلى صالة الرقص والتي حجبها الجدار الأيمن عنه و منعته عن مشاهدة الفرقة.
اقتربت منه فتاة ذات سحنة حنطية وبجمال أسيوي غريب، شفتان مكتنزتان وعينان لا تبينان عن لونهما، شعرها أصفر وقـصير، كانت تكشف عن نصف صدرها، رقبتها وكتفاها عاريان تماما، على ذراعها كانت ترتدي حزاما من نار حتى ليبدو ذراعها مشتعلا، عندما حدق في صدرها وجد جمرات ملتهبة فوق نهدها الأيسر، وكذلك كانت ذراعها تكشف عن تلك الجمرات في أمكنة متفرقة،
ضحكت له، ابتسم لها:
- ألا تعرفني؟
- كلا، من أنتِ؟
- لا يهم، لم تجلس وحدك؟
- لا أدري، ولكني أحس ألما شديدا في ذراعي الأيسر
وضعت كفها على ذراعه واقتربت منه بحيث مس جسدها جسده، شعر بالارتباك، اعتقد أن الجميع ينظر إليه، وعندما نظر إلى من حوله، كان الجميع منشغلا عنه، عاود النظر إليها، انفرجت شفتاها عن شبه ابتسامة ساحرة، وسألته:-
- أهنا الألم؟
- نعم
أطبقت بكفيها على ذراعه وأخذت تفركهما بحنان لم يشعر بمثله من قبل، كانت عيناها تبرقان ببريق عذب وأحس بارتجافة على شفتيها، وهنا ازداد ارتباكه فنظر من جديد حوله، كان المكان يغص بالناس، وليس بعيدا عنه كان يجلس بعض الرجال والنساء، ففطن إلى تهامس واحدة مع صاحبتها وهن ينظرن إليه ويضحكن، فأشاح بوجهه عنها ، ولكنه شعر بأن هذه الفتاة ما هي بغريبة عليه فوجهها مألوف ولكنها ذات سحنة عربية، وعندما عاود النظر إليها ليتأكد من شكوكه سلمت عليه ضاحكة بإشارة من يدها، نعم إنها هي ولا يمكن أن تكون غيرها، إنه يعرفها معرفة قديمة وهي من بلاده مما جعله يندهش من وجودها هنا، وهذا ما جعله يحاول إبعاد الفتاة الآسيوية عنه، مما أغاضها، فسمعها وهي تقول له:-
- خذ هذا الحزام فهو لك
ثم تركته مبتعدة بعد أن نزعت الحزام الناري من ذراعها الأيسر ووضعته في ذراعه، فشعر وكأن نارا تلتهمه.
فـزّ من نومه مذعورا، كانت زوجته تنام إلى جانبه، وذراعه تؤلمه ألما شديدا، قام إلى الحمام، كشف عن ذراعه، رفعها ونظر إليها في المرآة، وجد أن الدمامل قد ازدادت وكبر حجمها، أراد أن يحكها بأظافره نتيجة اللسع الناري الذي كان يحسه، ولكنه سرعان ما عدل عن ذلك كيلا يزداد الأمر سوءا، تذكر المرهم الذي نصحه الطبيب باستخدامه، جلب العلبة، فتحها، ثم مسح الأماكن التي تؤلمه بالمرهم وهو يتمتم: عساك أن تنفع ولو قليلا.
في الصباح ذهب إلى العمل، ولكنه وجد نفسه عاجزا ولا يقدر أن يفعل شيئا، فالألم اللعين يصول ويجول في جسده، وبالتحديد في الجهة اليسرى من جسده، لم ينتبه إلى ما يعانيه أي من زملائه، تذكر الحلم، والفتاة الآسيوية بعينيها الكستنائيتين، وأعاد استذكار تفاصيل الحلم صورة فصورة، ثم فطن إلى هوية الفتاة الأخرى التي كانت تشير إليه، ثم تساءل :- هل يمكن أن تكون هي، نعم، إنها (رغدة) الحسناء السمراء التي حاولت استدراجي في يوم ما كي أتزوجها ، إلا أنني لم أفعل ذلك فقد كنت متزوجا في حينه ولدي ولد وبنت، ولكن ما الذي أتى بها في هذا الحلم فأنا لم أرها منذ خمسة عشر عاما، ما أذكره عنها أنها تزوجت وهاجرت مع زوجها إلى ليبيا. ولكن من سيفسر لي هذا الحلم الغريب، ثم انتبه أخيرا وهو يقول: حزام النار يا إلهي، تذكرت،
فتح الإنترنت، ذهب إلى جوجول، كتب في لوحة البحث (حزام النار)، ثم بدأ البحث وأخذ يقرأ وكان العنوان :
(استشهاد قائد وحدة حزام النار - وحدة العمل المشترك- بين كتائب الأقصى والسرايا في جنين)،
ثم بعد قراءة العنوان أخذ يردد مع نفسه ضاحكا:- حقا أن حزام النار هذا يستحق أن يكون اسما لوحدة عسكرية أو جهادية، ولكن دعني أكمل الموضوع.
وأخذ يقرأ:- ( استشهد احد قادة كتائب شهداء الأقصى،الذراع العسكري لحركة فتح صباح اليوم الأحد، في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في مخيمجنين.
وأفاد مراسلنا أن(.... .... ...) (22عاما) قائد مجموعة حزام النار- استشهد في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال التي اقتحمت المخيم منذ ساعات الصباح، وأكد الناطق باسم مجموعة حزام النار لمراسلنا أن الشهيد(.....) أصيب بأكثر من رصاصة أثناء محاولته التصدي لقوات الاحتلال التي اقتحمت المخيم.
ثم أردف معلقا على الخبر أعلاه متى حدث ذلك، الأخبار متشابهة، والأيام متشابهة، والمصائر متشابهة، ولكن سرعان ما أحس لسعا شديدا في ذراعه، اللعنة، هنا تذكر ابني محلته (جبران) الأخوين جعفر ومحمد، عندما تطوعا مع المقاومة الفلسطينية عن طريق الجبهة الشعبية، وذهبا إلى لبنان،( كنت صغيرا في السابعة أو الثامنة من عمري، وكانا أكبر مني بما لايقل عن عشر سنوات، محمد كان الكبير، وجعفر أصغر منه بسنة أوسنتين، كان محمد شجاعا ولا يهاب أحدا، وليس بمقدور أي شخص أن يسيء إليه، ما زلت أتذكر كيف في أحد الأيام ونحن نراقب الفتيان الأكبر منا سنا وهم يسبحون عند المسناية والتي كان بلم أبو سهيل ينقل الناس منها وإليها، كان محمد على وشك أن يغادر (شريعة الماء) بعد أن انتهى من السباحة في شط الحلة، كان الشط يمور بالماء والغرين ولونه كلون التراب، في منتصف الشط كان أحدهم يسبح ولسبب ما شتم محمد، وقد رد عليه محمد وهو غاضب بأنه سيجعله يندم على شتيمته تلك، وسرعان ما تعرف ذلك الشخص على محمد وأخذ يعتذر منه (عيني أبو جاسم والله ما عرفتك) ، لا يمكن لشخص مثله أن يتقبل أي اعتذار، نزع دشداشته ورمى نفسه في الماء ليلحق بالشخص الذي شتمه، وعندما رآه ذلك الشاب أخذ يسبح بعيدا للجهة الأخرى من النهر كي يتقيه، لحق به محمد ومسكه عند الجرف ونحن نشاهد ما يجري من الجهة المقابلة، لم نكن نسمع ما يجري بينهما ولكن أخيرا تعانقا ورجع محمد إلى الشريعة منتشيا وهو يقول لقد تأسف واعتذر.
لقد جاءت الأخبار إلينا بعد أكثر من سنة من تطوعهما ، أن محمد ا قد استشهد في لبنان أو هكذا سمعنا، وقد صعق الجميع لهذا الخبر، في المسجد وضعت صوره وقرأت عليه الفاتحة وعمل له عزاء استمر ثلاثة أيام، لم يأتوا بجسده، بل دفن هنالك في لبنان، أما كيف استشهد محمد، فقد سمعنا أنه قد كلف في عملية داخل فلسطين المحتلة وهناك دخل حقلا للألغام دون أن يعلم فوضع قدمه على أحدها وعندما أحس باللغم تحت قدمه توقف محذرا رفاقه وطالبا منهم الابتعاد عنه، وعندما اطمأن ألا خطر عليهم ودعهم ثم رفع قدمه عن اللغم لينفجر عليه ويقتله لوحده ولما يبلغ العشرين من عمره بعد، ولم تمض إلا أشهر قليلة ليأتي خبر أخيه جعفر مستشهدا هناك أيضا بعد اشتباك مع إحدى الدوريات الصهيونية.
ما زلت أتذكر وجه والدتهما النبيل، كان وجهها يفيض حزنا نبويا بعد أن فقـدت ولديها الوحيدين.
شكرا لله ففي العراق نولد ونحيا ثم نموت بصمت في مدن الغربة، لا أحد يتذكر دماءنا.)
وعندما لسعه الألم مرة أخرى، عاد للإنترنت من جديد، وأخذ يقرأ شيئا جديدا عن النار و حزامها
(أكدت تقارير صحفية نشرت حديثا أن عددا من العلماء والخبراء كانوا قد حذروا في أوقات سابقة تتراوح من بداية عقد التسعينات من القرن الماضي إلى نهايته من أن تجارب نووية ضخمة تجريها بعض الدول وفي مقدمتها الهند قد تؤدي إلى تصادم صفائح في الأرض يطلق عليها الصفائح التكتونية" في "حزام النار" حيث وقع الزلزال الأخير في المحيط الهنديوأشارت التقارير ذاتها إلى أن التهديد بوقوع زلازل مدمرة على الشاكلة ذاتها في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا المرتبطة بصفائح حزام النار التكتونية بات أكثر ترجيحا عن ذي قبل. وو فقا للتقرير أن منطقة "حزام النار" التي انطلق منها الزلزال الأخير تشارك في الطبقات الأرضية العديد من الدول العربية في آسيا، خاصة عمان واليمن، كما ترتبط في الوقت ذاته بعدد من الدول الإفريقية المطلة على ساحل البحر الأحمر ومن بينها مصر.)
وعندما أنهى قراءة الخبر، أرعبته التفاصيل ثم أخذ يتحسس جسده، ومواضع الألم فيه وكأنه أحس بأن حزام النار هذا لا مأمن منه فإذا كان جلد الأرض يعاني منه أيضا إذن لم هو حزين ومتشائم هكذا، لكن لا شك أن آلام الأرض أكثر من آلامه ملايين المرات، يا لحزام النار هذا كم هو جبار ومؤلم وعنيد، ولكن أنى لهذا الألم أن يبتلعني كما تبتلع أفعى حملا، وهنا تذكر مرة أخرى تلك الأفعى الكبيرة عندما كان جنديا وقد ابتلعت أفعى أخرى بقدر حجمها، لقد حصل ذلك في شمال العراق:-
( إنه الربيع ، كانت الأرض خضراء والشمس ملعلعة بنورها، مع مسحة برد تنقلها الريح إلي، النهر إلى يساري، والأعشاب ترتفع عن سطح الأرض قليلا، لقد بهتُّ عندما أبصرتُ ذلك الشيء الغريب الممتد على العشب فقد كدت أن أدوس عليه دون أن أدري، ارتددت إلى الخلف مذعورا، ولكن لا يبدو على ذلك الشيء أية حركة، توقفت لأرى ما الذي يجري، إنها أفعى هائلة، ولكن ما هذا ؟ أفعى بذيلين غير ممكن، اقتربت منها، إنها تبتلع أفعى أخرى، وهي مختنقة بما قد ابتلعته، لا حركة تصدر عنهما فهما ميتتان معا، ورغم ثقلهما إلا أنني كنت مصرا أن أسحبهما إلى المعسكر والذي لم يكن سوى وحدة عسكرية صغيرة، تحتوي على مشروع لتصفية الماء وضخه للوحدات العسكرية في تلك المنطقة النائية، لم يكن مشروع الماء ليبعد كثيرا، مائة متر أو ربما أقل، وعندما وصلت المعسكر كان التعب قد أخذ مني مأخذا، تجمع زملائي المهندسون والحرس حول هذه الأفعى الجبارة، كان لا بد من إخراج الأفعى المبتلعة والتي لا يبان منها سوى نصف جسدها الأخضر المخطط بالأسود، حاولوا سحبها فلم تخرج، حاولت مجموعة أن تمسك بذيل الأولى والمجموعة الثانية مسك ذيل الأفعى الثانية وسحبت كل مجموعة باتجاه معاكس للأخرى، إلا أن المحاولة باءت بالفشل أيضا ولم يستطيعوا فصلهما عن بعض، كنا نريد أن نعرف ماذا حل بالأفعى الأخرى، كان لا بد من فتح فم الأفعى البالعة، جلبت سكينا ثم بدأت بعمل شق طولي جانبي قاطعا عضلات فمها نزولا إلى أسفل بطنها، وفعلا أفلحت هذه الطريقة، فسحبنا ألأفعى المختنقة، وكان رأسها وجسدها كاملين ولم يتضررا، وكانت مستسلمة لقدرها، وقد شعرت بالشفقة عليها حيث بدت وكأنها طفل نائم، أو هكذا شعرت بها.)
انتبه من سرحانه وذكرياته التي لا تنتهي، فقد نبهته آلامه من تلك الذكريات، فطفق يبحث من جديد عن حزام النار، فوجد ما أدهشه حقا، حيث بدأ يقرأ ما يلي:-
(تشعر منذ بعض الوقت بتعب ، بألم في الرأس ، مع ارتفاع طفيف في الحرارة وينتابك إحساس بالحريق من الناحية اليمنى من الجذع ، يظهر بعده طفح أحمر في الموضع نفسه على شكل ياقة ، على رأسها حبيبات ماء ، يبدو لك أنها تتبع خطأ معيناً، هذه الأعراض تعني أنك مصاب بالزونا أو حزام النار .)وهنا قام إلى المرآة، من جديد وكأنه لم يبصر هذه الدمامل اللعينة، كان لسان حاله يقول:-هل يمكن أن يكون هو ذات المرض، ولكنه لم يكن يريد استباق الأحداث ويفرح بشيء غير متأكد منه، فمضى يقرأ:- ( في الواقع ليست هذه الإصابة سوى عودة لنشاط فيروس الجديري أو الحماق ' CHIKEN Pox " Varicelle – Zona الخابت في الغدد العصبية بعد الإصابة بهذا المرض وهو مرض جلدي بالدرجة الأولى .) عندما أنهى المقطع شعر بأن شكوكه حول المرض قد تكون في غير محلها وربما يكون قد اكتشف فعلا شيئا يبحث عنه، ولكن هل فعلا هو مصاب بهذا المرض، ولكن ما يعانيه من ألم يضرب الجهة اليسرى وليس اليمنى، ولكن لا بأس فقد يصيب كلتا الجهتين فهذا لا يهم، هذا ما تمتم به مع نفسه ثم استدرك دعني أكمل المقال فقرأ:- ( غالباً ما يبدأ كل شيء من سن الطفولة عندما يلتقط المرء عدوى جديري الماء ، هل تذكر تلك الحبيبات التي انتشرت على كامل جسمك وسببت لك حكاكاً مزعجاً ، عوضاً عن أن يموت هذا الفيروس المسؤول عن هذه العدوى بعد عدة أسابيع ، مع انتهاء الأعراض ، فإنه يختبئ في الغدد العصبية للنخاع الشوكي أو الدماغ حيث ينام نوماً عميقاً . في حال استطاع الجسم ، خلال الإصابة بهذه العدوى في مرحلة الطفولة أن ينتج عدداً كافياً من مضادات الأجسام Anticorps أي الجزئيات المحصنة ، لن يعود هذا الفيروس للاستيقاظ أبداً, لذا نجد حصانة ضد " الزونا " عند معظم الأشخاص الذين أصيبوا بالجديري . ) عندما أكمل قراءة التقرير شعر بارتياح غير عادي بالرغم من أنه لم يعد يتذكر فيما لو كان فعلا قد أصيب بجديري الماء في طفولته أو لم يصب، ولكن عليه في كل الأحوال أن يراجع طبيبا آخر هو طبيب الأمراض الجلدية ليتأكد من حالته. والآنعندما بدأ يضع المرهم الذي وصفه طبيب الأمراض الجلدية على مواضع الألم في صدره وذراعه أخذ يشعر ببرودة المرهم على جسده حيث يتوقف الألم لساعة أو أقل وسرعان ما يعاود الظهور مرة أخرى فيسكته بذات المرهم، لقد أخبره الطبيب أن ما يعاني منه فعلا هو مرض حزام النار، والذي لايصيب الإنسان إلا مرة واحدة في سن الخمسين أوعندما تقل المناعة كما أن الآلام ستستمر لشهر أو يزيد، كان مواظبا على ابتلاع الكبسولات والحبوب ، ولكنه عندما ذهب للنوم في تلك الليلة، ووضع جسده على الفراش تمنى أن تزوره تلك الفاتنة ذات الوجه الذي لايمكن نسيانه عسى أن تعطيه شيئا آخر أو على الأقل لتسترجع حزامها الناري، أما (رغدة) فقد خمن أنها ربما ستتصل به من العراق غدا لتلقي التحية عليه ليس إلا.
أبو ظبي/ الأحد
30/11/2008
E- mail: - [email protected]
08-أيار-2021
22-كانون الثاني-2011 | |
22-تشرين الأول-2010 | |
19-أيار-2010 | |
04-نيسان-2010 | |
12-آذار-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |