Alef Logo
المرصد الصحفي
              

"السيدة من تل ابيب": رواية الكاتب والبطل والسارد... حيث تتغير الادوار وتتلاشى الحدود

ابراهيم درويش

2009-07-03


اصاب بالخوف عادة من عناوين اعمال روائية كعمل الكاتب الفلسطيني ربعي المدهون، طبعا غسان كنفاني 'عائد لحيفا' استثناء، لان القارئ يقع أحيانا في شرك عمل اعتذاري عن العلاقة بين المضطهد بالكسر والمضطهد بالفتح، حيث يعمل السرد على تجلية موقف كل طرف لصالحه. وفي احيان اخرى تبدو الدعوة الى التصالح ترجح رواية المنتصر الذي يمد يده للاخر المهزوم ويدعوه الى السلام والمحبة والتعايش. وفي اطار ثالث تذكر عناوين كهذه باعمال فنية وسينمائية وروائية ايضا على طريقة الاعمال الفنية التي خرجت من مصر بعد حرب رمضان تشرين الاول (اكتوبر) عن مهمة في تل ابيب ورأفت الهجان او حتى الجاوسة التي احبتني. ومع ان العنوان الاخير يحضر في نص المدهون لكن سياقيته تختلف. 'السيدة من تل ابيب' ليست في النهاية ضمن هذا رغم إيحائها وهي رواية ذكية من ناحية تلاعبها بعلاقة المتلقي والكاتب وعلاقة الاخير ببطله الروائي، فالسارد هنا جزء من الواقع الروائي وهو يخاطب ابطاله ويخيرهم ويدخلهم في النهايات الروائية، اي ان الكاتب هنا يتبادل الادوار مع ابطاله فهو الحقيقة والخيال وهو البطل وهو المعادل للمتخيل وهو الاصل وهو المتولد عنه، وهو البداية والنهاية، وهو الذاكرة والواقع، وهو المتفرج واللاعب والاصالة. يتقمص المدهون اكثر من دور في لعبة روائية مثيرة تبدو في احيان ملغزة، ومملة في احيان اخرى لكنها غنية باجتراح الواقع والعودة اليه. لا فصل في ذهن القارئ ان قصة وليد احمد نمر دهمان هي قصة ربعي المدهون، وهي قصة عادل البشيتي وقصة الاف من الفلسطينيين من ابناء غزة والضفة الذين جعلتهم النكسة/ حرب عام 1967 منفيين وغرباء عن وطنهم. في المستوى العام تبدو الرواية سردا متعدد الاصوات ولكننا في النهاية نتوفر على صوت واحد وهو صوت وليد دهمان، فاصوات الابطال المحلية من الاصدقاء الثلاث محمدات، وعادل والاصوات اليهودية/ الاسرائيلية ما هي الا رتوش وديكورات للدخول في عالم الكاتب نفسه وهو الذي لا يتورع عن الاعتراف بأنه القص والبطل والراوي في وقت واحد.

رواية تخلف ابنتها وحفيدها
وامامنا عمل فيه مظهر اخر ان الرواية 'الحقيقية' تولد روايات اخرى فالسيدة من تل ابيب تولد قصة اخرى هي ظلان لبيت واحد. والقارئ يتساءل لماذا وقع الاختيار على هذا العنوان' السيدة من تل ابيب' ولم يكن العنوان 'وليد دهمان' في محاولة لاستعادة جبرا ابراهيم جبرا، 'البحث عن وليد مسعود'. فما نتناوله كقراء هو حكاية بحث وليد دهمان عن قصته من بين روايات وسرديات متعددة. يطلعنا المدهون في هذا السياق على اكثر من رواية، 'هو'، 'هي' الراوي وأصل الحكاية. وبهذه المثابة ان بدت العلاقة بين الماضي والحاضر باهتة او متماهية في الزمن الواحد فالعلاقة بين الراوي وابطاله هي واحدة. وعلى صعيد المكان تبدو العلاقة بين الواقع والمتخيل باهتة اذ كما قلنا يتداخل المكان/ غزة بالمنفى فلا معنى للمنفى هنا فالذهاب والاياب لا قيمة لهما على الاقل فيما يتعلق بالسرد روائيا او تاريخيا. يلغي النص الذي بين ايدينا المسافات بين الزمن والمكان والحقيقة والمتخيل. واهمية النص في النهاية انه يطلعنا على الروايات المتعارضة للتاريخ/ الواقع الذي يجمع اثنين على مكان واحد. 'ظلان لبيت واحد' هو عن فلسطين التي يرى اثنان انهما احق بها. اذا كانت الرواية عن تعدد الاصوات فانها محملة بالقضايا الاجتماعية والسياسية ومثقلة بالايديولوجيا. حدود الرواية المكانية هي غزة وزمنها القريب هو ولادة السلطة الوطنية الفلسطينية وتداعي البرنامج مع ولادة الانتفاضة الثانية. لم يقرر شارون بعد الانسحاب من المستوطنات في القطاع. هذه تفاصيل لا تهم في معنى وجوهر الرواية لانها تحصيل حاصل فسنعرفها لاحقا.

من هو وليد دهمان؟
ما يهم في القصة هو شخصية وليد دهمان وروايته عن الاحداث ولكن من هو وليد هذا وما هي القصة التي تحلل مناحيها منذ ان بدأت الحكي؟ لا بد لنا عند هذا المفصل ان نعرف عنها. دهمان منفي من غزة، مجبر. اخر ما يتذكره هو زيارة قبر والده بناء على الحاح من امه قبل ان يسافر لمصر كما فعل الوف الغزيين ولم يعد، هذه القصة هي عمر الاحتلال لغزة. منذ 38 عاما مما يعطينا الفرصة لتسييق الرواية زمنيا اي انها قريبا من 2005. وليد دهمان الحقيقي، يقرر العودة وزيارة امه التي لم يرها كل هذه الفترة، اشترى التذكرة وحجز المقعد ويخطط لعبور معبر ايريز وتناول الافطار مع امه، لكن وليد دهمان البطل الروائي لا يصل الى غزة وبيت امه، شقة بنيت على خط وهمي بين جباليا وبيت لاهيا، الا في المساء بعد تسع ساعات من الانتظار على المعبر مع انه يحمل الجواز البريطاني 'شخصية هامة جدا'. وليد كما يقدم نفسه لنا هو صحافي وروائي معروف اصدر كتبا وروايات وهو هنا لا يختلف عن الكاتب نفسه. متزوج من انكليزية اسمها جولي هي التي شجعته كي يسافر لفلسطين من اجل استكمال مصائر ابطاله. طبعا في كل حكاية يقدمها لنا المدهون هناك انحراف ومنعطف وهنا ترواح بين الوهم والتوهم والحقيقة. لكن الكاتب هنا لا يكذب بل يوهمنا باننا على حافة امر ما. وفي داخل السرد سر. المهم ان وليد دهمان الحقيقي هو ابن موظف كان يعمل في وكالة الاونروا، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، يتهم ظلما بانه يسرق معونات اللاجئين، يوقف ويخسر وظيفته ويموت تاركا وليد واخته رجاء. يتم في النهاية تبرئة ساحة الاب الميت ولكن الام امنة ترفض الرجال بعد ابو وليد، وتكرس حياتها لابنها الذي بات غريبا وبنتها التي ماتت منذ وقت قريب في قطر. ام وليد هي تمثيل للماضي بكل حكاياته. هي الام. لكن هناك حكايات اخرى وشائعات عن سوسن اليافاوية التي يقال ان قلب الاب كان يرفرف لها لكنه كان بعيدا عن الحرام. هذه بداية السر اولا. ومن هنا تبدو حكاية المدهون قائمة على مجموعة من الاسرار التي يتحرك فيها النص الروائي لكنها ليست مهمة تماما مثل حكاية الفنانة الاسرائيلية دانا اهوفا، التي يلتقي بها وليد في رحلة العودة للوطن عبر تل ابيب. تبدو حكاية دانا مركبة على تمن من البطل وهو ان تكون الى جانبه فتاة جميلة وليس عجوزا مهذارة ويبدو وكأن السماء قد استجابت له في مطار هيثرو، حيث جلست دانا الى جانبه، فتاة جميلة تفرض حضورها وأنوثتها على كل من يراها. هنا يبدو الامر وكأنه مصادفة او ضربة حظ لابن خانيونس العائد لكن الاسئلة تصبح مشروعة عندما نكتشف من هي دانا، وطبيعة علاقتها بجنرال ابن حاكم عربي واهميتها في المشهد الثقافي الاسرائيلي. التساؤلات تبدو مشروعة لان اختيارها الجلوس الى جانب كاتب في منتصف العمر جاء مع انها كانت قادرة على الجلوس في الدرجة الاولى اذا اخذنا بالاعتبار مكانتها. الكاتب لا يترك شيئا للصدفة فهو يتذكر ان عملية تخليص تذكرته اخذت وقتا اكثر مما يتوقع. هنا سر اخر يزرعه لنا الكاتب. دانا ربما تكون عميلة موساد.

القصة
في قصة دانا والرحلة الطويلة لتل ابيب نتعرف على وليد، نعرف انه يعيش في لندن منذ 12 عاما وقبل ذلك تنقل في عواصم متعددة منها روسيا، تقدمي في تفكيره، داعية للسلام او قل محب للسلام، مثقف مطلع على الثقافة الحديثة، روائي يعمل في صحيفة عربية دولية، المهم في الامر ان وليد لم يوقف حال وصوله الى مطار بن غوريون بل مررت معاملته بسهولة، لا سؤال ولا جواب، فجأة كان في الخارج بانتظاره ابو فارس، فلسطيني من 'عرب اسرائيل' رغم شهامة ابو فارس الا ان وليد القادم من ارض بعيدة لا يلاحظ ان سائق فولسفاكن الذي نقله الى معبر ايريز 'ضحك عليه' فهو من ريحة البلاد، ابو فارس لكنه ضحك علي لانه كما يقول العائد يحب رائحة 'مصاري' تلك البلاد، وليد في موقفه من ابن بلده يؤكد رؤيتنا انه لم يعد اصيلا يتصيد مثل الاجنبي تصرفات ابن بلده. لكن هنا ملحظ مهم ان وليد يقول لنا ان عادل البشيتي، مهندس فلسطيني، كان في المانيا، احب فتاة من عائلة دهمان اسمها ليلى ولكن السفر منعه من الزواج منها، وظلت رغم زواجه من امرأة المانية على العهد، يعود سالكا نفس الطريق الى غزة باحثا عنها. ويتم التحقيق معه في بن غوريون لساعات. في رواية اخرى يقول وليد، الكاتب ان عادل عاد بحثا عن ليلى عن طريق معبر رفح حيث الغبار والتعب والذباب. التناقض هنا يعود الى وجهين لعادل. عادل الحقيقي وعادل الشخصية الرئيسية في الرواية.

من المطار للمعبر
وليد دهمان يمر مثل الشعرة من العجين من مطار بن غوريون لكنه ينتظر ساعات مع المعذبين الغزيين عند المعبر، لا ينفعه جواز سفره البريطاني. الاشكالية في صورة وليد دهمان هي انه وان اظهر بعض المظاهر من الاشتياق للوطن البعيد الا انه يظل شخصية باردة بعيدة عن الواقع لا حميمية في صورته وعلاقاته. حتى لقاؤه مع امه المنتظر منذ سنوات طويلة جاء باردا حتى لو سقطت دموع قليلة من عينيه. كيف يمكن ان نفهم ان صديقا يرى صديق طفولته وهو يمارس التسول يعطيه دولارات ويعده ان يرسل له بضعا اخرى كل شهر دون ان يكشف عن هويته؟ الغموض في شخصية البطل والكاتب والسارد ينبع كما اشرنا او هكذا نعتقد من ان الحقيقة ليست كما تبدو فلها اكثر من وجه، لا ينبع من حكاية كل واحد من المشاركين في الرسم الروائي لكن من مصداقية كل رواية. دانا تصادق فترة صديق وليد، اليهودي الاوكراني بوريس ابراموفيتش الذي تعرف عليه اثناء دراسته الانكليزية في كلية هامرسميث في لندن، تقنعه بالسفر لاسرائيل ويهاجر معها لكنه يعود للندن بعد ان يكتشف الوجه البشع للاحتلال. يترك مغلفا لدانا تقرأه لاحقا. يختفي بوريس من القصة مثلما تظل قصة نور الدين، الجنرال ابن الحاكم العربي غامضة في علاقتها مع دانا. مصادفة! لقاء وليد بها في الطائرة جاء لانها لم تستطع مقابلة نور الدين الغامض هذا في شقة الحب في سويس كوتيج/ لندن. المهم في هذه الشخصيات المركزية انها توفر للكاتب المبرر الذي يمكنه من خلاله عكس افكاره، الايديولوجيا عليها فمن خلالها وعبر اهله وقبيلته يتمكن المدهون من توجيه النقد 'النمطي' للاسلام التقليدي كما في قصة الشيخ سعيد مع صبحة الهاربة من عائلتها بعد ارتكابها المعصية مع علي وافي لتجد نفسها في حضن الشيخ نفسه 'الذي ستر عليها!' والاسلام السياسي المؤدلج القائم على تناقض في الممارسة، حكاية ابو مشعل مثلا الذي كان متزمتا في بريطانيا اثناء دراسته الجامعية ثم تحول الى 'مودرن' بعد عودته الى القطاع. ويبدو الكاتب على الرغم من 'حياديته' الظاهرة يحمل موقفا من الاسلام المؤدلج على الرغم من نقده للسلطة وفوضى الممارسة فيها. ويبدو واضحا من الليلة الاولى التي لم ينم فيها بسبب تداخل اصوات المؤذنين في المدينة. على الرغم من حميمية وليد وكونه ابن التراب وابن القبيلة الدهمانية الا انه ظل مراقبا ومشاهدا للاحداث لم يحمل معه كاميرا فيديو على عادة العائدين ولم يصور. كان يحمل معه فقط جهاز تسجيل صغيرا يلتقط كل الاصوات والثرثرات التي تدور في المجالس.

من ابن التراب
الى مراقب
اذن فالروائي، المثقف، والمواطن المنفي، والفنان من الطرف الاخر، والمواطنون العاديون من المطروحين على نقاط التفتيش، والاهل كانت خلفية كافية لكي يرسم فيها المشهد الفلسطيني، تاريخ اقل بحدود وتشريح للواقع من انتشار الفساد والمحسوبية والعشائرية ونقد الاحتلال، لكن صرخة وليد عند معبر ايريز لم تكن كافية لاحداث صدمة على القارئ، فهو مثل البقية، قطيع في الانتظار لكن عندما يعترف الاخر بقسوته نعثر على قوة النص، بوريس يقرأ كتاب الزمن الاصفر لديفيد غروسمان عن الاحتلال وادانته. في النهاية وليد لم يعد مرتبطا بالارض ما بقي له فيها ذاكرة وكل رحلته بحثا عن هذه الذاكرة التي وجد بقاياها في ام عاجزة واصدقاء فرقتهم الخطوط السياسية والولاءات. ولانه لم يكن مهتما ببناء جسور مع الزمن الماضي قبل برهانات العائلة ولم يبحث عن صديقه الاعز لا لسبب بل لأن هناك دماً بين العائلتين. يؤكد ملاحظتنا ان الكاتب/ وليد لم ير من الفضاء الماضي الا ما بقي منه على حاله مثل السوق الذي بناه العثمانيون في خانيونس اما ما صار اليه القطاع فلم يكن مهتما به. الغريب ان رحلة العودة اي الدخول الى غزة كانت رهيبة وطويلة اما الخروج من ايريز فلم يأخذ سوى فترة قصيرة وبعدها كان في مطار بن غوريون، ما عكر عليه الوضع انه تعرض لتحقيق لسبب بسيط هو انه قادم من غزة. في الدخول الى المكان الرهيب ما عوق الرحلة ان انتحارية كانت تحاول تفجير نفسها مستخدمة اوراق الزيارة لوالدها االذي يعالج في اسرائيل. ايا كان الامر فان غزة وان كانت حاضرة في حواديث وثرثرات الناس والاقارب الا انها كفضاء لا وجود له غير واضح، غامض وكأن وليد رحالة اجنبي عينه مركزة على مواقف معينة.

الخيارات والابطال
ماذا حدث لدانا هو جزء من خيارات الابطال. عادل قرر البقاء والعمل في غزة لانه عثر على ليلاه، دانا كانت تخطط للكشف عن سر لوليد وفي نفس اليوم وجدت جثة هامدة امام نفس الشقة التي كانت افتراضيا تقابل فيها نور الدين او اي شخص والقاتل مجهول. وليد لم يقابل دانا فهو وان اوهمنا بمعرفة خبر مقتلها من صحيفة للمترو الا انه هرب من مكان اللقاء، مما يجعلنا في النهاية امام قصة تجسس بسرديات مختلفة.
في لعبة السرد يترك الكاتب الحقيقي للشخصية 'الحقيقية' ان تشكل تاريخها. وليد دهمان يكتب الجزء الثاني من الرواية بناء على تفضل كريم من الكاتب 'ربعي المدهون' امعانا في تكريس لعبة السرد والغاء الحدود. وهنا نقول انه وان حددنا الزمن باعوام الانتفاضة والسلطة، لم تسيطر حماس بعد على القطاع الا ان الزمن هلامي يتحرك للامام والخلف، يتداعى بطريقة لا تنضبط الا بمنطق ابطالها. غزة، اسرائيل بالنسبة لوليد دهمان التي عاد منها واكمل في الطائرة كتابا حمله مع 'العرس الوحشي' لكيفيليك، هي مصح عقلي. وهو مصح عقلي يبدو ان بطلنا يحلل نفسه من الالتزام له وبه، اين ذهب اليساري القديم؟ اين ذهب الالتزام؟ اين ذهب المثقف الحامل هموم الامة معه؟ وليد دهمان يكتب في زمن فوضى، وهو لم يفهم حتى في اليوم الاول ان فوضى الشوارع والاذان هي تعبير عن غياب السلطة التي ذهبت وبقيت وراءها كما يضحك السكان من مسألة تكرير مياه العوادم. لكن وليد دهمان العائد لبلده القديم يعرف ان المحرمات سقطت، هو نفسه له علاقات مع اسرائيليين يحبون الحمص والفلافل، ويكتشف ان اقاربه يقيمون علاقات مع اسرائيليين، مستوطنين يحضرون الاعراس ويرقصون احسن من اهل غزة.
في النهاية تطرح الرواية اسئلة على معنى ان تكون فلسطينيا فالتائه يحمل معنى الهوية لكنه ينسى تفاصيلها ويحتاج لوقت كي يتكيف معها. لكن وليد دهمان هل يصلح ان يكون صورة عن هذا الفلسطيني التائه، ابن الايديولوجيا المتحرر منها. في جانب اخير من هذا العرض. يقدم الكاتب ايا كان، المدهون او دهمان، خلطة من اللغات، ربما يريد ان يستعرض ثقافته المتراكمة عبر الرحيل، الماني، ايطالي، روسي وانكليزي وعبري. وما يهم في طريقة السرد انها زاوجت بين العربية المعاصرة واللهجة الغزية التي اراد ان يقنعنا بأصالة ابطالها وبأصالته هو العارف باسرارها حتى نكاتها التي لا تتحرج عن استخدام الكلمات 'السافلة'. وهنا ايضا احتفاء بالاصوات، لنقل العالم الحقيقي لما يحدث او المد الطويل تعبيرا عن الفرح وحالة النشوة وعن الغضب المقموع في نفوس الابطال. تظل رواية 'السيدة من تل ابيب' في بنائها السردي واللغوي وصور ابطالها محاولة ذكية لمساءلة البطل الروائي كاتبه وهو ما حاوله قبل ذلك جي ام كويتزي في 'رجل بطيء' لكن هناك اسئلة تطرح على الارضية ومجمل الافكار والايديولوجيا التي تبشر بها. المشكلة ان وليد دهمان يحتفظ بحياديته او هكذا يبدو لكننا نعرف انه يراوغ وان حياديته هذه تفصح عن موقف ايديولوجي واضح، لا علاقة له بالسلام وحبه وخيارات التاريخ وان كان مع حماس او مع السلطة التي تظل مبررات يتكئ عليها.
ربعي المدهون: صحافي وكاتب من مواليد المجدل عسقلان يعيش ويعمل في لندن له سيرة ذاتية 'طعم الفراق' ومجموعة قصصية 'ابله خانيونس' ودراسة عن الانتفاضة الفلسطينية.

' كاتب من اسرة 'القدس العربي'
السيدة من تل ابيب
ربعي المدهون
المؤسسة العربية للدراسات والنشر
عمان/بيروت 2009.

عن القدس العربي

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

'وقت الصيف' لكويتزي: اعترافات كاتب هامشي في آخر أجزاء السيرة الذاتية

06-تشرين الأول-2009

"السيدة من تل ابيب": رواية الكاتب والبطل والسارد... حيث تتغير الادوار وتتلاشى الحدود

03-تموز-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow